البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

من يريد الطائفية ...... ؟

كاتب المقال د. ضرغام الدباغ - برلين    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 4830


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


كنا قد ذكرنا في بحث نشر قبل أيام، كما أن للديمقراطية مؤسساتها، فإن الديكتاتورية والطغيان لها بدورها مؤسساتها المتمثلة بأجهزة القمع والطغيان ومتابعة نشاطات الناس ومراقبتها. والطائفية هي مصطلح وممارسة سياسية في المقام الأول، لها كذلك أطرها المؤسساتية، والنظام السياسي الذي يعتمد على الطائفية سيعتمد على عدة مؤسسات طائفية شكلاً ومضموناً، بل وسيحاول أن يضع ويمارس الطائفية السياسية عبر أحكام يضمنها دستوراً يقبل بالطائفية وقوانين ومحاصصات واضحة للعيان.

كانت قوى الشعب العراقي الوطنية والقومية والتقدمية أول من أعلنت مواقفها الواضحة والصريحة ضد الطائفية، وهذا الموقف مؤسس على أن الطائفية وبدون عناء في التفكير والتحليل، أن من يلجأ إلى الطائفية من يفتقر إلى البرنامج الوطني، والمنهج الاقتصادي، فالطائفية هي تجاوز للولاء الوطني والقومي، وهي بالتالي سلاح قذر لجأ إليه كل من يريد بالعراق شراً، ويهدف من وراء ذلك تمزيق وحدة الشعب، وثقافته وولاؤه الوطني. وإذا كان اليوم في العراق ثمة من يريد العمل ضد الطائفية، حتى من هؤلاء الذين سعوا إليها، ومارسها ولكنهم لمسوا شرورها، فهذه بادرة جيدة وليتوصل جميع العراقيون إلى موقف وطني عراقي موحد يبعد الأيادي الأجنبية من بلادنا والتأثير على مقدراتها السياسية.

ولكن الزعم والعمل بمناهضة للطائفية قولاً وفعلاً، برامجاً، وتشريعات، وهو موقف سيحضى بتأييد الشعب العراقي بغالبيته العظمى، يتطلب بادئ ذي بدء نفض الأيدي وقبلها القوانين التي تأسست على أساس الطائفية : فالطائفية كانت روح الدستور العراقي الجديد الذي كتبه أعداء العراق وضمنوه تصريحاً وتلميحاً إلى الطائفية وإلى تقسيم العراق على أساس طائفي وعرقي، ومن هذا أيضاً مجلس النواب الذي قام على أساس طائفي واضح وملموس، اعتمدت فيه سلطات الاحتلال ومن جاء بعدها، بمبدأ القوة في فرض الأمر الواقع، واعتباره واقعاً نهائياً وعلى الجميع الرضوخ له والعمل بمؤشراته، وهو ما جار العمل به حالياً، وتشكلت كتل سياسية في غالبيتها تنطوي على إشارات طائفية وتعني بهذه التي أرادوا منها جعلها قاعدة للعمل السياسي في العراق، بل وحاربوا دون هوادة الأحزاب والحركات القومية والوطنية التي تناضل صراحة ضد الطائفية، وشرعوا لها مواد وقوانين، ومارسوا عكس ما يدعون اليوم.

في العراق عاش العراقيون معاً، لم تكن هناك حواجز بينهم إلا في زمن ما بعد الاحتلال، وفي العراق الحديث ناضلنا معاً ضد كافة قوى وأشكال الاستعمار والاستبداد، من ثورة العشرين إلى كل الثورات والانتفاضات التي أدت إلى تحرر العراق، من انتفاضة بوتسموث، إلى إسقاط حلف بغداد، إلى تظاهرات نصرة مصر 1956، وكل ثورات وانتفاضات العراق الحديث، وقاتل العراقيون في حرب ضروس أريد لها أن تستمر ثماني أعوام. فالعراقيون اليوم يدركون تمام الإدارك أن الطائفية هي السلاح الأول لمن يريد بعراقنا شراً. والطائفية اليوم تعني في المقام الأول علاقات خارجية مشبوهة، وأندغام في علاقات دولية تجعل من البلاد ملعباً للمصالح الأجنبية، ومن يريد أن يتأكد فلينظر ماذا حل بالقطر العربي السوري وماذا فعلت به طائفية النظام، وكيف أنقلب قادة الممانعة وقلعة العروبة وما إلى ذلك، إلى دعاة الطائفية والمنظرين لها وأذرعها في الوطن العربي. فهي ممارسة طغيانية ديكتاتورية ضمنها مسحة طائفية مقيتة ليضمن ولاء طائفة، وليسعر أحقاد نيران ربما يسهل إشعالها، ولكن يصعب إطفاؤها.

في عراق اليوم حركات طائفية هي برعاية الدولة، وللكثير من هذه الحركات جيوش وميليشيات خاصة بها، بل وتقيم الدولة صلاتها المحلية والعربية والدولية على أساس طائفي، ولكن لكل من هذه الفعاليات أقنعة هي في الواقع أغطيه ملهلهة لواقع واضح وملموس، بيد أن هذه الأقنعة التي لا تقنع أحداً، إذ حتى ضعاف البصر والبصيرة يعلمون ماذا يدور فوق الطاولة وتحتها، وأين تصب القنوات ولمصلحة من، والأمر أصبح مكشوفاً ومفضوحاً لدرجة لا تحتمل اللبس والالتباس، فهناك مؤسسات ووزارات تعتبر اليوم مغلقة، وانتهى تشخيصها الطائفي، وإذا كان المسؤولون اليوم يعترفون بخطأ ما فعلوه طيلة عشرة سنوات فهذا جيد، ولكن عليهم بالعمل كثيراً بل والنضال لتصحيح مسيرة العشرة سنوات المنصرمة، والأقوال والنوايا لوحدها لا تدل على شيئ، ومن يريد أن يعمل فماذا ينتظر، ولكن أولاً الاعتراف بالخطأ، ومن ثم إدانة ممارسات القمع والملاحقة والتصفيات، وفعاليات ذات طابع جوهري والتراجع عنها، والتراجع عن الدستور أو بعض مواده، وقوانين شرعت، وممارسات تكرست عبر إجراءات حكومية كثيرة، فهناك الألوف من الموظفين الذين استغنيت خدماتهم، والمئات من الأساتذة والخبراء، وصودرت المئات من الجوامع، فليلقوا القبض على واحد أو أثنين (على الأقل) ممن ينظمون الاغتيالات بالأسلحة كاتمة الصوت، ويمارسون التصفيات تحت سمع وبصر الدولة. فليغلقوا العديد من محطات التلفزة الطائفية، وأعمال التحريض والتهيج الطائفي.

من يريد النضال ضد الطائفية، وهو أمر ندعو إليه ونشجعه، لديه الكثير ليفعله، ولكن الحديث وإطلاق التصريحات لا تسمن ولا تغني من جوع.


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المقال جزء من مقابلة تلفازية مع إحدى القنوات العربية بتاريخ 7 / أيار / 2013


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

العراق، الطائفية، سوريا، الطوائف، النزاعات الطائفية،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 13-05-2013  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  أقفاص الأسر على مر التاريخ
  مأزق هنية
  ماذا يحدث في بلاد العم سام
  الوضع الثقافي في شبه الجزيرة قبل الاسلام
  سوف تكسبون ... ولكنكم لن تنتصروا Sie werden gewinnen aber nicht siegen
  صبحي عبد الحميد
  الخطوط الدفاعية
  غيرترود بيل ... آثارية أم جاسوسة ..؟
  أمن البعثات الخارجية
  الحركة الوهابية
  ماذا يدور في البيت الشيعي
  الواقعية ... سيدة المواقف
  زنبقة ستالينغراد البيضاء هكذا أخرجت فتاة صغيرة 17 طائرة نازية من السماء
  اللورد بايرون : شاعر أم ثائر، أم بوهيمي لامنتمي
  حصان طروادة أسطورة أم حقيقة تاريخية
  دروس سياسية / استراتيجية في الهجرة النبوية الشريفة
  بؤر التوتر : أجنة الحروب : بلوشستان
  وليم شكسبير
  البحرية المصرية تغرق إيلات
  كولن ولسن
  الإرهاب ظاهرة محلية أم دولية
  بيير أوغستين رينوار
  المقاومة الألمانية ضد النظام النازي Widerstand gegen den Nationalsozialismus
  فلاديمير ماياكوفسكي
  العناصر المؤثرة على القرار السياسي
  سبل تحقيق الأمن القومي
  حركة الخوارج (الجماعة المؤمنة) رومانسية ثورية، أم رؤية مبكرة
  رسائل من ملوك المسلمين إلى أعدائهم
  وليم مكرم عبيد باشا
  ساعة غيفارا الاخيرة الذكرى السادسة والستون لمصرع البطل القائد غيفارا

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
كريم السليتي، محمد الياسين، فتحـي قاره بيبـان، علي عبد العال، د - محمد بن موسى الشريف ، محمد اسعد بيوض التميمي، سيد السباعي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، د. أحمد بشير، رضا الدبّابي، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، يحيي البوليني، محمد شمام ، عواطف منصور، حسن الطرابلسي، رافع القارصي، عراق المطيري، د. مصطفى يوسف اللداوي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، فتحي العابد، عبد الله الفقير، د. كاظم عبد الحسين عباس ، كريم فارق، صلاح المختار، د - محمد بنيعيش، محمد عمر غرس الله، إسراء أبو رمان، د- محمد رحال، أحمد النعيمي، د - عادل رضا، د. عبد الآله المالكي، سعود السبعاني، أنس الشابي، عبد الغني مزوز، أحمد ملحم، عمار غيلوفي، صفاء العربي، محرر "بوابتي"، محمد أحمد عزوز، رشيد السيد أحمد، د. عادل محمد عايش الأسطل، جاسم الرصيف، أشرف إبراهيم حجاج، د - مصطفى فهمي، عبد الله زيدان، خالد الجاف ، د. صلاح عودة الله ، د- محمود علي عريقات، مراد قميزة، حميدة الطيلوش، الهادي المثلوثي، عبد الرزاق قيراط ، مصطفى منيغ، المولدي اليوسفي، محمد يحي، أحمد الحباسي، رافد العزاوي، محمود طرشوبي، إيمى الأشقر، صلاح الحريري، سامح لطف الله، سامر أبو رمان ، عزيز العرباوي، وائل بنجدو، صالح النعامي ، منجي باكير، د.محمد فتحي عبد العال، د. خالد الطراولي ، أحمد بن عبد المحسن العساف ، د- هاني ابوالفتوح، سلوى المغربي، محمد الطرابلسي، صفاء العراقي، حسني إبراهيم عبد العظيم، أبو سمية، د - صالح المازقي، فتحي الزغل، حسن عثمان، حاتم الصولي، د - الضاوي خوالدية، سلام الشماع، صباح الموسوي ، رحاب اسعد بيوض التميمي، طارق خفاجي، د- جابر قميحة، علي الكاش، الناصر الرقيق، د - شاكر الحوكي ، فهمي شراب، مجدى داود، خبَّاب بن مروان الحمد، د. طارق عبد الحليم، ضحى عبد الرحمن، أ.د. مصطفى رجب، رمضان حينوني، ياسين أحمد، يزيد بن الحسين، محمد علي العقربي، محمد العيادي، مصطفي زهران، إياد محمود حسين ، عمر غازي، نادية سعد، فوزي مسعود ، سفيان عبد الكافي، عبد العزيز كحيل، سليمان أحمد أبو ستة، المولدي الفرجاني، د. أحمد محمد سليمان، بيلسان قيصر، ماهر عدنان قنديل، الهيثم زعفان، طلال قسومي، محمود سلطان، أحمد بوادي، محمود فاروق سيد شعبان، د - المنجي الكعبي، تونسي، العادل السمعلي،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة

سياسة الخصوصية
سياسة استعمال الكعكات / كوكيز