هل سرقة الباك و تدنيس المقدّسات و الهجومات الأخيرة صدفة أم مؤامرة؟
فتحي الزغل - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 8319
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
تابعتُ ككلّ التونسيين الأحداث التي تسارعت هذه الأيام أو لأقُل هذه الأسابيع. و التي بدأت منذ إعلان الحكومة عن قائمة المشاريع المُدرجة لتنمية مختلف الجهات بالبلاد، و شروع أعضائها في الزيارات الميدانية لهذه الجهات لتقديم تلك المشاريع و إعلان انطلاقها، مع ما مثّل ذلك من شعور غالبٍ بالأمل و التوجّه نحو العمل و البناء.
لكن تسارع الأحداث التي تشتركُ كلّها في أنها تعكس إرادة مستميتةً في تخريب البلاد و إرباك القائمين عليها، لم تُخفِ خيطا رفيعا تشترك كلّها في وجوده رغم تنصّل كلّ الظاهرين على الساحة العامّة منه. الخيط الذي يبدأ – و كالعادة – بجسّ نبض الرأي العام أو ما يُعبّر عنه بالشارع بحركة أو بتصريحٍ أو بتظاهرة، ليتحوّل الفعل المبرمَج إلى ردّة فعل يظهر فيها الفاعل ضحيّةً مسكينًا يستحقّ الشفقة، و ينتهي بإثارة فوضى هنا و هناك تتغذّى بحطب بعض الإعلام الذي لا يتوانى عن القيام بهذه المهمّة بقصدٍ أو بغير قصدٍ.
فهل من الصّدفة أن تنتفض مجموعاتٌ بعينها في عديد المناطق في نفس التوقيت؟ رغم اختلاف هدفها الذي أرادت تخريبه؟ فمن و قع إيقافه يحرق محكمة في منطقة السيجومي تزامن مع من مُسِك يُخرّب مقهى في سوسة... و من هجم على معرض العبدلّيّة بالمرسى تقاطع زمنا مع من هجم على مقرّ حزب في جندوبة، رغم المسافة الطويلة بينهما.
و هل من الصّدفة أن يتنكّر عديد المُخرّبين في هذه الجهات المتباعدة بموضة اللحى الاصطناعيّة؟ و هل مازالت هذه الخدعة تنطلي على النّاس؟ و هل من الصّدفة أن يكون هؤلاء المُخرّبون هم من خرّيجي السّجون في مناطقهم؟ و هل من الصّدفة أن يجتمع هؤلاء على أعمال كتلك، و هم الشريحة التي لا تهتمّ عموما بالسياسة و بالتّوجّهات الفكرية؟ و هل من الصّدفة أن يخرج علينا منذ يومين أحد الذين حوصروا في اعتصام بإحدى المدن في الجنوب ليُدهشنا بأنّ مُنظّمي قطع الطريق زوّدوه بعدّةِ اعتصامٍ قِوامُها أكلٌ و ماء و ورقةٌ نقدية بثلاثين دينار خطأً فيه أنّه من منفّذي خطّة الاعتصام؟
و هل من الصّدفة أن تظهر لنا بعض الأطراف النّقابية بمظهر الضحيّة عندما يقع طردُها من الاجتماعات الشعبيّة العامّة، و تدّعي كلّها في رواية موحّدة أنّ من طردها هم ميليشيات حزب بعينه؟ و هل من الصّدفة أن يُسرق امتحان باكالوريا العربية لشعبة الآداب بعينها؟ لأننا نعرف أن المنتسبين لهذه الشعبة هم أكثر التلاميذ قربا للسياسة و أكثرهم عددا في المعاهد.
و هل من الصّدفة أن يقع تنظيم معرض لمنتوجاتٍ قيل عنها أنّها فنّيّة، و هي خطابات فكرية صريحة و ضمنيّة تشترك كلّها في تدنيس مقدّساتنا في هذه الفترة بالذّات؟ و هل من الصّدفة أن يجتمع السّلفيّون الجهاديّون و هم المُتديّنون حتى النّــــــخاع مع خرّيجي سجون يُعرف عنهم بُعدُهم عن الدّين و التّديّن، على هدف واحدٍ في زمن واحد و في موقع واحدٍ؟
و هل من الصّدفة أن تندلع هذه الأحداث بعد موجة التطهير التي بدأنا نسمع عنها مسّت قطاعات حيويّة في الإدارة كالعدل و الدّيوانة و الأمن و الإعلام؟
كلّ هذه الأسئلة تنتظر أجوبة سريعة ترسي بنا نحو الإقرار بالصّدفة... أو الإقـــــرار بأنّ ما حدث و يحدُث هو تنفيذٌ لمخطّط يستهدف إرباك البلد بإرباك القائمين عليه، عبر نشر الفوضى و حرق الملعب... لأنّه و في غياب الأجوبة ستبقى التّخمينات هي سيّدة الموقف.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: