البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

انسحاب، ولكن بالمطرقة والسندان

كاتب المقال د. ضرغام الدباغ - برلين    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 5443


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


من أجل مناقشة مفيدة لمثل هذا العنوان، ينبغي أن نتحقق أولاً، هل يريد الأمريكان أن يخرجوا حقاً من العراق، ثانياً من يريد إخراج قوات الاحتلال الأمريكية.

بتقديري أن العوامل التي تحسم خروج الأمريكان من العراق، هي فقط عندما يشتدد الطرق على رؤوسهم، وقد لاحظنا بدقة أن الأمريكان لم يفروا من المدن إلا بعد أن تكبدوا ألاف القتلى وأضعافهم من الجرحى، وقدر هائل من المعدات، ولاحظوا أيضاً، أن الأمريكان يفرون اليوم من أفغانستان كذلك، والسبب الرئيسي وإن ليس هو الأوحد، يتمثل أيضاً بخسائرهم وخسائر حلفائهم التي فاقت درجة التحمل، وهنا في ألمانيا بلغ حجم رفض تدخل القوات الألمانية في أفغانستان في آخر استفتاء للآراء 80% من المواطنين، واليوم تحديداً قرأت أن الرئيس أوباما أمر بسحب 30 ألف جندي وهو ما يعادل ثلث القوات، وأعلنت فرنسا على الفور بإجراء مماثل.

إذن فأننا نصل إلى النتيجة المنطقية الوحيدة: هي أن الأمريكان لن ينسحبوا طوعاً إلا إذا أرغموا على ذلك فراراً بدرجات متفاوتة من الهزيمة المذلة، فهل تريد الولايات المتحدة الانسحاب حقاً من العراق....؟

العامل الحاسم في مغادرة القوات الأمريكية ساحات القتال كالعراق أو أفغانستان، يتمثل العمل الحاسم بخسائرها بالأرواح والمعدات العسكرية، ولكن إلى جانب ذلك يشتد اليوم تأثير العامل الاقتصادي أيضاً، والأوضاع الاقتصادية في الولايات المتحدة اليوم سيئة للدرجة التي تستحق فعلاً مراجعة شاملة لاستراتيجيتها الشاملة، سواء في المبالغ الطائلة التي تتطلبها إدامة الرؤوس النووية الأمريكية، أو الاحتفاظ بقوات بحرية ضخمة بما في ذلك حاملات الطائرات النووية، وطيران استراتيجي بعيد المدى التي يؤهلها التدخل في بقاع العالم بسرعة فائقة، والديون التي ينوء بحملها الاقتصاد الأمريكي يستلزم مثل هذه المراجعات من جهة، ولتحرير أيدي الولايات المتحدة غير مغلولة من أجل مواجهات ربما مقبلة من جهة أخرى.

الولايات المتحدة هي إذن بصدد إجراء ترقيق للقطعات، وإعادة هيكيلية قواتها المسلحة وإدخال أنظمة تسليحية جديدة ربما تغني عن القوى البشرية، ولكن مع إضافة تكاليف تشغيل باهظة لهذه المعدات، ولكن هل الانسحاب من العراق ضرورة موضوعية في الوقت الحاضر...؟

وبما أن الأمريكان يحسبون لكل أمر عواقبه، فإنهم مع ميلهم لتقليص نفقاتهم العسكرية في الخارج، ولكن ليس للحد الذي قد يلحق الخطر بمصالحهم، ولذلك فإنهم(وفق حساباتهم) قد أعدوا لكل ثغرة غطاءها، فإنهم يعدون حزمة من الإجراءات والتحوطات بحسب ظروف كل بلد، وبحسب الأهمية الإستراتجية له، بالإضافة إلى الفرص المتاحة للبقاء والتأثير في الأحداث الحالية والمحتملة في المستقبل القريب والبعيد.

فعلى سبيل المثال، فإنهم أعدوا قواعد عسكرية في مناطق نائية من العراق، كقاعدة (H3) وأخرى قريبة من المدن كقاعدة البكر قرب بلد، وأخرى تتمتع بأهمية استراتيجية خاصة كقاعدة البغدادي قرب حديثة... وهلم جرا.. هذا بالإضافة إلى سفارة أعدت لتكون قلعة حصينة تضم مدارس ومستشفيات وأسواق، وربما مستلزمات ومعدات دقيقة للتجسس والاتصالات، أو تقديم الدعم السريع لحالة معينة. فوزارة الخارجية الأمريكية تعد العدة أن تتولى سفارتها في بغداد (وهي أكبر سفارة لها في الخارج) القيام بدور المخفر الأمامي والمسؤول عن الوجود الأمريكي في العراق، وسيكون نفقات تشغيل السفارة بعد ضغط النفقات وترشيدها مبلغ (736) مليون دولار، على قطعة أرض بقدر حجم دولة الفاتيكان ومراقبة من الفضاء على مدار الساعة، فيما سيبلغ حجم الموظفين (17,000) منهم (200) فقط في الوظائف الدبلوماسية، و (5,500) مسلحين و(11,300) في وظائف خدمية، فيما تبلغ نفقات حماية السفارة (973) مليون دولار، يدعمهم أسطوا مؤلف من (46) طائرة.

وليس من المستبعد أنهم يعدون للأمر ما يماثله بالنسبة لأفغانستان، رغم أنهم يمنون النفس بأنهم قد يتمكنون من إحداث تطورات تنهي حركة طالبان كخطر داهم، بالإضافة لدعم متوقع من قواعد أمريكية في أوزبكستان، وكازاخستان، وربما في أرمينيا وجورجيا، فمن الطبيعي أن يفكروا ببدائل لمواقع قد يخسروها.

الولايات المتحدة استطاعت أن تختصر نفقاتها وخسائرها بالأفراد والمعدات بالانسحاب إلى قواعد كثيرة حصينة خارج المدن أقاموا فيها قواعدهم، دون أن يحق للجانب العراقي وفق المعاهدات الأمنية أن يعلم ماذا تحتوي وكم من الأفراد والمعدات أو أسلحة بما في ذلك ربما أسلحة دمار شامل.

الكتل السياسية العراقية المشاركة في العملية السياسية، هي أساساً كتل أفرزها الاحتلال ونمت وترعرعت بل ترهلت بحمايته وتحت جناحه، وبه استقووا على شعبهم بحرابه، وما زالوا يفعلون ذلك، فلماذا يطلبون منهم المغادرة...؟ بل أن مصالحهم المادية تقتضي بقائهم، وهناك مهمة إضافية، هي أن قوى الاحتلال تلعب دور الحكم بينهم فيما يتقاسمون من أموال نهب البلاد والشعب، وما أدل على ذلك طلب المتحالف العراقي من الحليف الولايات المتحدة رسمياً مساعدتهم في البحث عن (17) مليار دولار مفقودة من الميزانية العراقية وخزائن الدولة المشرعة أبوابها للريح ولكل من هب ودب حتى الضب......!

ياللبؤس الحليف والمتحالف...!

ــــــــــــــــــــــــــــ
المقال جزء من مقابلة مع إحدى الفضائيات العربية بتاريخ 23 / حزيران / 2011


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

العراق، أمريكا، إحتلال العراق، مقاومة، إنسحاب الإحتلال، الجلاء،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 25-06-2011  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  صبحي عبد الحميد
  الخطوط الدفاعية
  غيرترود بيل ... آثارية أم جاسوسة ..؟
  أمن البعثات الخارجية
  الحركة الوهابية
  ماذا يدور في البيت الشيعي
  الواقعية ... سيدة المواقف
  زنبقة ستالينغراد البيضاء هكذا أخرجت فتاة صغيرة 17 طائرة نازية من السماء
  اللورد بايرون : شاعر أم ثائر، أم بوهيمي لامنتمي
  حصان طروادة أسطورة أم حقيقة تاريخية
  دروس سياسية / استراتيجية في الهجرة النبوية الشريفة
  بؤر التوتر : أجنة الحروب : بلوشستان
  وليم شكسبير
  البحرية المصرية تغرق إيلات
  كولن ولسن
  الإرهاب ظاهرة محلية أم دولية
  بيير أوغستين رينوار
  المقاومة الألمانية ضد النظام النازي Widerstand gegen den Nationalsozialismus
  فلاديمير ماياكوفسكي
  العناصر المؤثرة على القرار السياسي
  سبل تحقيق الأمن القومي
  حركة الخوارج (الجماعة المؤمنة) رومانسية ثورية، أم رؤية مبكرة
  رسائل من ملوك المسلمين إلى أعدائهم
  وليم مكرم عبيد باشا
  ساعة غيفارا الاخيرة الذكرى السادسة والستون لمصرع البطل القائد غيفارا
  من معارك العرب الكبرى : معركة أنوال المجيدة
  نظرية المؤامرة Conspiracy Theory
  نوع جديد من الحروب
  نبوءة دقيقة
  الولايات المتحدة منزعجة من السياسة المصرية ...!

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
عبد الله الفقير، فتحـي قاره بيبـان، محمد الطرابلسي، رافد العزاوي، علي عبد العال، حسن الطرابلسي، الناصر الرقيق، د. أحمد بشير، د.محمد فتحي عبد العال، سيد السباعي، مجدى داود، صلاح المختار، كريم السليتي، د - محمد بن موسى الشريف ، حميدة الطيلوش، د - عادل رضا، صباح الموسوي ، يزيد بن الحسين، د - المنجي الكعبي، أ.د. مصطفى رجب، مصطفي زهران، مراد قميزة، محمود طرشوبي، رحاب اسعد بيوض التميمي، نادية سعد، رشيد السيد أحمد، د. عبد الآله المالكي، د. خالد الطراولي ، د. كاظم عبد الحسين عباس ، جاسم الرصيف، عبد الله زيدان، عمار غيلوفي، يحيي البوليني، أشرف إبراهيم حجاج، كريم فارق، محمد أحمد عزوز، العادل السمعلي، عواطف منصور، فتحي الزغل، عراق المطيري، د - شاكر الحوكي ، أحمد ملحم، عبد الغني مزوز، سامح لطف الله، فهمي شراب، حسن عثمان، عزيز العرباوي، د. أحمد محمد سليمان، أحمد بوادي، الهيثم زعفان، سلام الشماع، طلال قسومي، أحمد الحباسي، محمود فاروق سيد شعبان، مصطفى منيغ، حاتم الصولي، الهادي المثلوثي، سامر أبو رمان ، خبَّاب بن مروان الحمد، د - مصطفى فهمي، سفيان عبد الكافي، ضحى عبد الرحمن، علي الكاش، محمد يحي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، صفاء العربي، محمد اسعد بيوض التميمي، ياسين أحمد، وائل بنجدو، د. صلاح عودة الله ، محمد شمام ، سلوى المغربي، صالح النعامي ، أحمد النعيمي، ماهر عدنان قنديل، محرر "بوابتي"، د. عادل محمد عايش الأسطل، محمد عمر غرس الله، أنس الشابي، أحمد بن عبد المحسن العساف ، عبد الرزاق قيراط ، رافع القارصي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، محمد الياسين، عمر غازي، د - محمد بنيعيش، سليمان أحمد أبو ستة، المولدي الفرجاني، رضا الدبّابي، خالد الجاف ، إسراء أبو رمان، د- جابر قميحة، محمد العيادي، فتحي العابد، د- هاني ابوالفتوح، إياد محمود حسين ، د- محمد رحال، د - الضاوي خوالدية، د- محمود علي عريقات، إيمى الأشقر، منجي باكير، سعود السبعاني، محمود سلطان، حسني إبراهيم عبد العظيم، رمضان حينوني، تونسي، صلاح الحريري، د. طارق عبد الحليم، فوزي مسعود ، د. مصطفى يوسف اللداوي، أبو سمية، صفاء العراقي، د - صالح المازقي، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة