البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

انسحاب، ولكن بالمطرقة والسندان

كاتب المقال د. ضرغام الدباغ - برلين    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 5806


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


من أجل مناقشة مفيدة لمثل هذا العنوان، ينبغي أن نتحقق أولاً، هل يريد الأمريكان أن يخرجوا حقاً من العراق، ثانياً من يريد إخراج قوات الاحتلال الأمريكية.

بتقديري أن العوامل التي تحسم خروج الأمريكان من العراق، هي فقط عندما يشتدد الطرق على رؤوسهم، وقد لاحظنا بدقة أن الأمريكان لم يفروا من المدن إلا بعد أن تكبدوا ألاف القتلى وأضعافهم من الجرحى، وقدر هائل من المعدات، ولاحظوا أيضاً، أن الأمريكان يفرون اليوم من أفغانستان كذلك، والسبب الرئيسي وإن ليس هو الأوحد، يتمثل أيضاً بخسائرهم وخسائر حلفائهم التي فاقت درجة التحمل، وهنا في ألمانيا بلغ حجم رفض تدخل القوات الألمانية في أفغانستان في آخر استفتاء للآراء 80% من المواطنين، واليوم تحديداً قرأت أن الرئيس أوباما أمر بسحب 30 ألف جندي وهو ما يعادل ثلث القوات، وأعلنت فرنسا على الفور بإجراء مماثل.

إذن فأننا نصل إلى النتيجة المنطقية الوحيدة: هي أن الأمريكان لن ينسحبوا طوعاً إلا إذا أرغموا على ذلك فراراً بدرجات متفاوتة من الهزيمة المذلة، فهل تريد الولايات المتحدة الانسحاب حقاً من العراق....؟

العامل الحاسم في مغادرة القوات الأمريكية ساحات القتال كالعراق أو أفغانستان، يتمثل العمل الحاسم بخسائرها بالأرواح والمعدات العسكرية، ولكن إلى جانب ذلك يشتد اليوم تأثير العامل الاقتصادي أيضاً، والأوضاع الاقتصادية في الولايات المتحدة اليوم سيئة للدرجة التي تستحق فعلاً مراجعة شاملة لاستراتيجيتها الشاملة، سواء في المبالغ الطائلة التي تتطلبها إدامة الرؤوس النووية الأمريكية، أو الاحتفاظ بقوات بحرية ضخمة بما في ذلك حاملات الطائرات النووية، وطيران استراتيجي بعيد المدى التي يؤهلها التدخل في بقاع العالم بسرعة فائقة، والديون التي ينوء بحملها الاقتصاد الأمريكي يستلزم مثل هذه المراجعات من جهة، ولتحرير أيدي الولايات المتحدة غير مغلولة من أجل مواجهات ربما مقبلة من جهة أخرى.

الولايات المتحدة هي إذن بصدد إجراء ترقيق للقطعات، وإعادة هيكيلية قواتها المسلحة وإدخال أنظمة تسليحية جديدة ربما تغني عن القوى البشرية، ولكن مع إضافة تكاليف تشغيل باهظة لهذه المعدات، ولكن هل الانسحاب من العراق ضرورة موضوعية في الوقت الحاضر...؟

وبما أن الأمريكان يحسبون لكل أمر عواقبه، فإنهم مع ميلهم لتقليص نفقاتهم العسكرية في الخارج، ولكن ليس للحد الذي قد يلحق الخطر بمصالحهم، ولذلك فإنهم(وفق حساباتهم) قد أعدوا لكل ثغرة غطاءها، فإنهم يعدون حزمة من الإجراءات والتحوطات بحسب ظروف كل بلد، وبحسب الأهمية الإستراتجية له، بالإضافة إلى الفرص المتاحة للبقاء والتأثير في الأحداث الحالية والمحتملة في المستقبل القريب والبعيد.

فعلى سبيل المثال، فإنهم أعدوا قواعد عسكرية في مناطق نائية من العراق، كقاعدة (H3) وأخرى قريبة من المدن كقاعدة البكر قرب بلد، وأخرى تتمتع بأهمية استراتيجية خاصة كقاعدة البغدادي قرب حديثة... وهلم جرا.. هذا بالإضافة إلى سفارة أعدت لتكون قلعة حصينة تضم مدارس ومستشفيات وأسواق، وربما مستلزمات ومعدات دقيقة للتجسس والاتصالات، أو تقديم الدعم السريع لحالة معينة. فوزارة الخارجية الأمريكية تعد العدة أن تتولى سفارتها في بغداد (وهي أكبر سفارة لها في الخارج) القيام بدور المخفر الأمامي والمسؤول عن الوجود الأمريكي في العراق، وسيكون نفقات تشغيل السفارة بعد ضغط النفقات وترشيدها مبلغ (736) مليون دولار، على قطعة أرض بقدر حجم دولة الفاتيكان ومراقبة من الفضاء على مدار الساعة، فيما سيبلغ حجم الموظفين (17,000) منهم (200) فقط في الوظائف الدبلوماسية، و (5,500) مسلحين و(11,300) في وظائف خدمية، فيما تبلغ نفقات حماية السفارة (973) مليون دولار، يدعمهم أسطوا مؤلف من (46) طائرة.

وليس من المستبعد أنهم يعدون للأمر ما يماثله بالنسبة لأفغانستان، رغم أنهم يمنون النفس بأنهم قد يتمكنون من إحداث تطورات تنهي حركة طالبان كخطر داهم، بالإضافة لدعم متوقع من قواعد أمريكية في أوزبكستان، وكازاخستان، وربما في أرمينيا وجورجيا، فمن الطبيعي أن يفكروا ببدائل لمواقع قد يخسروها.

الولايات المتحدة استطاعت أن تختصر نفقاتها وخسائرها بالأفراد والمعدات بالانسحاب إلى قواعد كثيرة حصينة خارج المدن أقاموا فيها قواعدهم، دون أن يحق للجانب العراقي وفق المعاهدات الأمنية أن يعلم ماذا تحتوي وكم من الأفراد والمعدات أو أسلحة بما في ذلك ربما أسلحة دمار شامل.

الكتل السياسية العراقية المشاركة في العملية السياسية، هي أساساً كتل أفرزها الاحتلال ونمت وترعرعت بل ترهلت بحمايته وتحت جناحه، وبه استقووا على شعبهم بحرابه، وما زالوا يفعلون ذلك، فلماذا يطلبون منهم المغادرة...؟ بل أن مصالحهم المادية تقتضي بقائهم، وهناك مهمة إضافية، هي أن قوى الاحتلال تلعب دور الحكم بينهم فيما يتقاسمون من أموال نهب البلاد والشعب، وما أدل على ذلك طلب المتحالف العراقي من الحليف الولايات المتحدة رسمياً مساعدتهم في البحث عن (17) مليار دولار مفقودة من الميزانية العراقية وخزائن الدولة المشرعة أبوابها للريح ولكل من هب ودب حتى الضب......!

ياللبؤس الحليف والمتحالف...!

ــــــــــــــــــــــــــــ
المقال جزء من مقابلة مع إحدى الفضائيات العربية بتاريخ 23 / حزيران / 2011


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

العراق، أمريكا، إحتلال العراق، مقاومة، إنسحاب الإحتلال، الجلاء،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 25-06-2011  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  أقفاص الأسر على مر التاريخ
  مأزق هنية
  ماذا يحدث في بلاد العم سام
  الوضع الثقافي في شبه الجزيرة قبل الاسلام
  سوف تكسبون ... ولكنكم لن تنتصروا Sie werden gewinnen aber nicht siegen
  صبحي عبد الحميد
  الخطوط الدفاعية
  غيرترود بيل ... آثارية أم جاسوسة ..؟
  أمن البعثات الخارجية
  الحركة الوهابية
  ماذا يدور في البيت الشيعي
  الواقعية ... سيدة المواقف
  زنبقة ستالينغراد البيضاء هكذا أخرجت فتاة صغيرة 17 طائرة نازية من السماء
  اللورد بايرون : شاعر أم ثائر، أم بوهيمي لامنتمي
  حصان طروادة أسطورة أم حقيقة تاريخية
  دروس سياسية / استراتيجية في الهجرة النبوية الشريفة
  بؤر التوتر : أجنة الحروب : بلوشستان
  وليم شكسبير
  البحرية المصرية تغرق إيلات
  كولن ولسن
  الإرهاب ظاهرة محلية أم دولية
  بيير أوغستين رينوار
  المقاومة الألمانية ضد النظام النازي Widerstand gegen den Nationalsozialismus
  فلاديمير ماياكوفسكي
  العناصر المؤثرة على القرار السياسي
  سبل تحقيق الأمن القومي
  حركة الخوارج (الجماعة المؤمنة) رومانسية ثورية، أم رؤية مبكرة
  رسائل من ملوك المسلمين إلى أعدائهم
  وليم مكرم عبيد باشا
  ساعة غيفارا الاخيرة الذكرى السادسة والستون لمصرع البطل القائد غيفارا

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
د - الضاوي خوالدية، ماهر عدنان قنديل، فوزي مسعود ، عمار غيلوفي، فتحي الزغل، محمد عمر غرس الله، د- محمود علي عريقات، سامح لطف الله، أشرف إبراهيم حجاج، محمد الطرابلسي، المولدي الفرجاني، إيمى الأشقر، صفاء العربي، فهمي شراب، ياسين أحمد، يزيد بن الحسين، رشيد السيد أحمد، محمد أحمد عزوز، د. كاظم عبد الحسين عباس ، محمود سلطان، الناصر الرقيق، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، د- جابر قميحة، حسن عثمان، د - محمد بنيعيش، سعود السبعاني، نادية سعد، بيلسان قيصر، أحمد بوادي، جاسم الرصيف، منجي باكير، محرر "بوابتي"، د. صلاح عودة الله ، عراق المطيري، د. طارق عبد الحليم، د- محمد رحال، كريم السليتي، تونسي، كريم فارق، رافد العزاوي، وائل بنجدو، خبَّاب بن مروان الحمد، مجدى داود، عبد الرزاق قيراط ، د - مصطفى فهمي، إسراء أبو رمان، حاتم الصولي، حميدة الطيلوش، د. أحمد محمد سليمان، صلاح المختار، سامر أبو رمان ، د. عادل محمد عايش الأسطل، د - شاكر الحوكي ، رضا الدبّابي، العادل السمعلي، سليمان أحمد أبو ستة، محمد الياسين، أحمد الحباسي، د - المنجي الكعبي، محمد العيادي، حسن الطرابلسي، فتحـي قاره بيبـان، خالد الجاف ، د.محمد فتحي عبد العال، حسني إبراهيم عبد العظيم، أحمد ملحم، محمد علي العقربي، رمضان حينوني، عزيز العرباوي، أحمد بن عبد المحسن العساف ، د - عادل رضا، محمود طرشوبي، علي عبد العال، صفاء العراقي، عواطف منصور، مصطفي زهران، عبد الغني مزوز، د- هاني ابوالفتوح، عمر غازي، صالح النعامي ، سلوى المغربي، مصطفى منيغ، د. أحمد بشير، مراد قميزة، د. خالد الطراولي ، ضحى عبد الرحمن، إياد محمود حسين ، محمد شمام ، أ.د. مصطفى رجب، طلال قسومي، عبد الله زيدان، د - صالح المازقي، رحاب اسعد بيوض التميمي، صلاح الحريري، د. مصطفى يوسف اللداوي، عبد العزيز كحيل، سلام الشماع، سيد السباعي، سفيان عبد الكافي، صباح الموسوي ، أبو سمية، علي الكاش، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، أحمد النعيمي، أنس الشابي، الهادي المثلوثي، يحيي البوليني، محمد يحي، طارق خفاجي، د. عبد الآله المالكي، المولدي اليوسفي، فتحي العابد، الهيثم زعفان، محمود فاروق سيد شعبان، د - محمد بن موسى الشريف ، محمد اسعد بيوض التميمي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، رافع القارصي، عبد الله الفقير،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة

سياسة الخصوصية
سياسة استعمال الكعكات / كوكيز