سامر أبو رمان - الأردن
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 8605 samirrumman@hotmail.com
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
يسعد موقع "بوابتي" انضمام المفكر والباحث الأردني سامر ابو رمان، للمساهمين بالنشر بموقعنا، ويدير سامر أبو رمان مراكز بحثية منها: مركز عالم المعرفة لاستطلاعات الرأي، و المركز العلمي للدراسات السياسية.
موقع بوابتي
--------------------
أخذت جدلية الأخلاق في السلوك الدولي مكانة بارزة في أدبيات مدارس العلاقات الدولية المختلفة من حيث مكانتها، ودرجة الالتزام بها في سلوك الدول – وخاصة إبان الحروب – في أعلى درجات الغضب والحقد على الآخر.
وتعتبر المدرسة الواقعية من أكثر المدارس تطرفا في تهميش دور الأخلاق، وإن كانت ترى أنه يمكن أن يكون للالتزام الأخلاقي دعاية في حالة عدم معارضتها للمصلحة القومية للدولة. وإن الناظر إلى السلوك الإسرائيلي، وما تقوم به من حرب إبادة وتقتيل في قطاع غزة، يجد أنها لا تبالي بالقيم الأخلاقية، حتى لو كانت تخدم سمعتها؛ وذلك لأن السلوك الإسرائيلي منبثق عن أبعاد عقائدية متعصبة واستعلائية على الأمم، وخاصة الأمة الإسلامية. في حين نرى عند مقارنة بين هذا الفكر والسلوك مع الفكر و السلوك الإسلامي على مدار التاريخ نرى أن المباديء الأخلاقية الدولية تراعي في الفكر الإسلامي؛ لأنها جزء من كيان وذات الدولة الإسلامية وأهدافها.
فلنأخذ على سبيل المثال مسألة المثلة أو التمثيل "التشويه" بالعدو بعد القتل، فلقد كان الرسول – صلى الله عليه وسلم- يوصي جيش المسلمين بقوله:" إياكم والمثلة.."، حتى لو مثل الأعداء بالمسلمين. وما أجمله من تعليل عند الفقهاء لهذا المبدأ بقولهم:" إن هذه رذيلة، والإسلام لا يجازي أهل الرذائل برذيلتهم". ولم تكن تلك النصوص محصورة "محجورة " في إطارها النظري؛ بل تعدت ذلك إلى واقعها العلمي، حيث مثل المشركون بجثة "حمزة بن عبد المطلب" أشنع تمثيل، ولم يفكر الرسول – صلى الله عليه وسلم – أن يمثل بأحد من قتلاهم، بل كان الرسول –صلى الله عليه وسلم – يأبى أن يمر على جثة كانت ملقاة على الأرض دون أن يأمر أصحابه بدفنها، كما حصل لقتلى معركة بدر. قارن ذلك بما فعله اليهود من ترك جثث الفلسطينيين ملقاة على الأرض دون دفنها، أو حتى السماح للمنظمات الإنسانية بدفنها، بل لقد وصل الأمر بهم إلى أن يعيدوا إطلاق الرصاص على الشهداء؛ لتفريغ أحقادهم في أجساد الفلسطينيين، بل إنهم قصفوا الأموات في مقابرهم دون الاكتراث لحرمة ميت. وقارن ـ أيضا ـ بنهي الرسول – صلى الله عليه وسلم – بوصاياه:" لا تقتلوا شيخا فانيا، ولا طفلا، ولا امرأة، ولا راهبا في صومعته ".
وعندما رأى امرأة مقتولة قال: " ما كانت هذه لتقتل ". فلا يجوز أن تقتل هذه الفئات غير المقاتلة. ويؤكد جمهور العلماء على أنه لا يجوز ذلك حتى لو كان من باب المعاملة بالمثل، وتعليل ذلك أيضا: أن الإسلام لا يجاري الأعداء بهذه الرذائل.
وانطلاقا من هذه القاعدة فإن جَوَّعَ العدوُّ أسرى المسلمين فلا معاملة بالمثل؛ لقوله تعالى:"ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا ". وهذا صلاح الدين الأيوبي عندما أسر عددا ضخما من الجيوش الصليبية ولم يجد عنده طعاما يكفيهم، فكان بين أن يميتهم جوعا، أو يطلق سراحهم، فدعته فضيلة وأخلاق الإسلام أن يطلق سراحهم، فخرجوا وتكاثفوا وكونوا من أنفسهم جيشا يقاتله، فلم يندم صلاح الدين على ما فعل، ورأى أن يقتلهم في الميدان محاربين على أن يقتلهم في الأسر جائعين، وكانت المفارقة الكبيرة بين صلاح الدين وبين قائد الفرنجة الإنجليزي عندما استسلم له جماعة من المسلمين فقبل الشرط، وقتلهم جميعا.
وقارن ذلك ـ أيضا ـ بما تفعله إسرائيل في قطاع غزة من منع الغذاء والدواء وأساسيات الحياة عن الفلسطينيين، واستهداف المسعفين ومجموعات الإغاثة الطبية، وما تفعله من تسويف ونقض للعهود، ويصدق فيها قول الشاعر:
حلفت لنا ألا تخون عهودنا فكأنها حلفت لنا ألا تفي
هذه أخلاقنا المستمدة من نصوص الرحمة والنخوة والعزة، وهذه أخلاقهم المستمدة
من نصوص التوراة المحرفة الباطلة الحاقدة.
----------------
سامر أبو رمان
باحث أردني
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: