سامر أبو رمان - الأردن
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 6829 samirrumman@hotmail.com
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
ساهمت الصراعات والنزاعات في نماء استطلاعات الرأي، وفي مثل هذه الأيام من كل عام تقفز في الذهن ذكرى إلقاء قنبلتي ما سميتا -حسب قاموس التبجح الأمريكي- "ليتل بوي" Little Boy و"فات مان" Fat Man " "! على هيروشيما وناغازاكي، واللتين أودتا بحياة مئة ألف ياباني، ومثلهم بعد ذلك متأثرين بالتسمم الإشعاعي، وتدمير 90% من البنية التحتية لكلتا المدنيتين .
بينت استطلاعات الرأي الستة التي أجرتها مؤسسة غالوب Gallupعلى مدار أكثر من 60 عاما استمرار تأييد أغلبية الشعب الأمريكي لهذه الجريمة التاريخية والقتل العشوائي؛ مما يجعل من هذا التأييد اتجاها وتيارا وليس مجرد رأي – كما هو معلوم في دراسة الاتجاهات - .
في الحرب اللبنانية الإسرائيلية عام 2006 أيدت الأغلبية اليهودية الساحقة سحق الشعب اللبناني بنسبة حوالي 85 %، حسب استطلاعات الرأي الصهيونية، وفي حرب غزة، وفي أوج وذروة القتل والتدمير، أيد شعب الكيان الإسرائيلي الاعتداء خلال الفترة 2-912009 بنسبة تراوحت ما بين 91-94 % كما بينت العديد من الاستطلاعات، مثل: Independent Media Review & Analysis, Tel Aviv University !!!!
ربما نجد بعض المبررات _ وإن كانت غير كافية ـ للإجرام الأمريكي بحق اليابان والتأييد الشعبي له، بأن اليابان تجرأت على خدش الأمن القومي الأمريكي في الحرب العالمية الثانية، وعدم رسوخ قيم الديمقراطية، وحقوق الإنسان، والسلم العالمي، وغيرها من فلسفات التخدير التي يسوقها القوي على الضعيف، كما هي في وقتنا الحاضر. أما نتائج استطلاعات الرأي الأمريكية ضد أمتنا في الحروب التي أسالت دماء العرب والمسلمين فهي مسلسل طويل مؤلم، وأكثر مرارة و استفزازاً وأشد غرابة من تأييد الأمريكيين للحروب التي خاضتها دولتهم، فمنذ بدء الصراع العربي الإسرائيلي والتعاطف الأمريكي مع الصهاينة يقارب ثلاثة أضعاف التعاطف مع العرب والفلسطينيين؛ مما صنع ما يسمى بالاتجاه الداعم " Support Trend -.
في الاعتداء الإسرائيلي على لبنان عام 2006 بينت نتائج استطلاع معهد غالوب Gallup بتاريخ (26/7/2006)، أن 83% من الأمريكيين يعتبرون أن الحرب على لبنان حرب عادلة(Justified)، في حين اعتبر 7% منهم فقط أنها غير عادلة!! وبنفس الاستطلاع، تلوم نسبة 15% فقط من الشعب الأمريكي "إسرائيل"!
وفي حرب غزة حددت الاستطلاعات مسؤولية العنف على حماس بنسبة 41%، وعلى إسرائيل بنسبة 12%، واعتبر 50% من الأمريكيين أن رد إسرائيل مقبول، في حين ذكر 24% أنهم تجاوزوا الحد!
ولم يرغب 75% من الأمريكيين من أوباما أن يكون له موقف في الحرب على غزة، وفضلوا أن ينتظر لحين تنصيبه رئيسا رسمياً للولايات المتحدة، وأوقع الأمريكيون اللوم بالحرب على الفلسطينيين بنسبة 56%، ونسبة 17% على الإسرائيليين.
إذن شعوبٌ، وليس فقط حكومات، تؤيد قتلنا! شعوب بعيدة عنا آلاف الكيلومترات! شعوب لم يقتل أي من جنودها، ولم تتعرض أرضها لقصف صاروخي وتفجير القنابل العنقودية!
إشكالية خطيرة في علاقة العالم الإسلامي والعربي بالولايات المتحدة، وخاصة عندما يدخل في المعادلة الكيان الصهيوني بشكل مباشر.
على إعلام وحكومات العالم الغربي، وخاصة الأمريكية، أن تدرك أن ظلمها للعالم الإسلامي يزيد من تأييد شعوبها للقتل ـ كما تبينه هذه الاستطلاعات الدموية ـ، ومن خطورة ذلك ـ أيضا ـ أنها تقدم مبررا للتنظيمات التي تؤمن بالعنف للتوسع في قتل المدنيين الذين أيدوا سياسات حكوماتهم من خلال انتخابهم، ونتائج استطلاعات الرأي المؤيدة لهم، بحجة أن صفة المدنيين غير محصورة بالمقاتلين أو العسكريين، فالقتال ليس فقط بالسلاح، بل أشمل من ذلك؛ فقد يكون بالقول والفعل والتصويت، وكذلك آراؤهم في استطلاعات الرأي، فهم مشتركون معهم بالجريمة.
فهذه استطلاعات دموية من جهتين: دموية في تأييدها لقتلنا، ودموية في دفعها الآخرين وإعطائهم التبريرات لقتل شعوبهم في كافة أنحاء المعمورة.
***********
نقلا عن جريدة النبأ البحرينية
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: