البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

الجنسية ... الدين ثم التراب

كاتب المقال سامر أبو رمان - الأردن    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 6358 samir@kwcpolls.net



كم أشعر بالأسى في كل مرة يدور الحديث فيها عن الجنسية في عالمنا العربي والإسلامي، ومتعلقاتها وقوانينها وإشكالياتها من ناحية، والاعتزاز والافتخار بها، وجعلها هي الحكم والمعيار في التشريعات والسلوك والتفرقة بين المسلمين من ناحية أخرى.

تقرأ لأحدهم يحلل الآثار السلبية للعمالة الوافدة ( أبناء دينه، ولكن ليس لديهم جنسيته ) على الاقتصاد الوطني ( يعني الكيان الجغرافي الذي قسمه "سايكس وبيكو" )، وحجم تحويلاتهم المالية الخارجية. وبين الحين والآخر تُرفع شعارات هنا وهناك لرفع شأن بلادنا و قضايانا، وتفضيل أبناء ترابنا على أبناء ديننا! تبريرات شتى لتجزئتنا وتفضيل ذواتنا بحجة - كما يرى بعض مفتي السلاطين - أن هذا من باب المصالح و حسن التنظيم الإداري، أو من باب التعامل مع الواقع وإفرازاته، أو لمصلحة أخواننا الفلسطينيين وللقضية الفلسطينية ـ كما هو حاصل حاليا عند الحديث عن جدلية سحب الجنسية الأردنية من بعض مواليد فلسطين . مدعمين بذلك قوانين وضعية، شكلت مصلحة شخصية لأناس وسلبية لآخرين، ولكنها بالمحصلة دقت مسمارا في إيقاف نهضة أمتنا.

في ظل تغيرات دولية و توجهات عالمية، وتجارب ناجحة ورائدة في الوحدة بين أجناس مختلفة، أذابوا الفروق و الحدود والحواجز بينهم، ونبذوا الخلاف، وبدلوا العملات التي عليها صور رؤسائهم وحكامهم بعملة واحدة مشتركة، وفي ظل ازدياد هذه الوتيرة العنصرية في الأزمات والأحداث البارزة؛ كل ذلك جعل الموضوع لا يحتمل السكوت عنه.

لم تفرق النصوص الشرعية بين كيان إسلامي وآخر في الحقوق والامتيازات، ولا بين أبناء الدين الواحد في التنقل والجنسية، التي لم تكن سوى جنسية العقيدة، فلا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى. ووضع الله ـ سبحانه وتعالى ـ رابطة النسب عندما تناقضت مع العقيدة " قال يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح "، وأقام سيدنا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ التكوين العضوي الإسلامي من بلال الحبشي، وأبي بكر العربي، وسلمان الفارسي ( سلمان منا آل البيت)، وصهيب الرومي.

فقد رفع الإسلام سلمان فارس *** وقد وضع الشرك النسيب أبا لهب

كم يجرم هؤلاء المنظرون لهذه الروابط والوشائج البديلة عن الإسلام بحق نهضتنا وبحق أمتنا في البحث عن مكامن ضعفها، وتربية الأجيال على هذا الهوان بالاعتزاز ببقعة أرض على حساب قاراتنا الواسعة وأمتنا العظيمة. لقد دفّعنا هؤلاء ـ وما زالوا ـ الثمن غاليا في تكريس ضعفنا، وتعطيل تطورنا في كافة الجوانب الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، ففي الجانب الاقتصادي لم نعد نذكر أن المشكلة الاقتصادية – عقدة أهل الاقتصاد، والتي قام عليها وعرف بها هذا العلم – تكمن في تفتيت أمتنا شذر مذر، بكيانات صغيرة لا تستطيع الاعتماد على نفسها، فباعدت بيننا وبين تكاملنا الاقتصادي، بالإضافة إلى نهب خيراتها، وعدم استغلالها لمواردها، و سوء التوزيع والظلم بين فئات المجتمع، أصبح خبراء الاقتصاد المحليون يقتصرون تحليلهم على الفكرة الرأسمالية بأن الموارد أقل من الحاجات (" أكذوبة أن الأرض غير كافية بخيراتها") ، أو أنها- المشكلة الاقتصادية - تكمن (حسب ما تبقى من الشيوعيين) بالتناقض القائم بين قوى الإنتاج وعلاقات الملكية (صراع المالكين وغير المالكين ).

لقد حرمنا هؤلاء من ذاك الشعور النفسي الرائع بان تكون عضوا في كيان له عزته وقيمته بين الأمم ، أمة ينتمي إليها أكثر من مليار نفس بشرية ؛ لا أنسى تلك البائعة الأجنبية التي رأتني مذهولا أمام أصناف عديدة من سلعة واحدة بهذا المتجر الضخم ، فقالت " متحيرا " ،الست كذلك ؟ قلت : " نعم " ، قالت : " هذه أمريكا " بكل فخرا واعتزاز .

في أحداث غزة الفائتة، على ما فيها من مواقف إيجابية للشعوب أو بعض الكيانات، لو تساءلنا: أين كل هؤلاء إذا حكّمنا في هذه المواقف الأصول والأحكام الإسلامية؟ لقد كان من المحزن ذلك الشعور الذي انعكس على السلوك والألفاظ، وخاصة من بعض السياسيين في تحميل أهلنا الغزيين الجمائل بتبرعه المادي أو المعنوي، أو بموقف سلطته السياسية ومقارنتها بسلطة أخرى، ويرفض أن يزاود عليه أحد بهذا الموقف الجريء والدعم السخي!


البعض عندما نكلمهم بهذه الفكرة وننصحهم بأن لا يسخروا أقلامهم لتكريس هذه الأفكار العنصرية في تفتيت الكيان الإسلامي، يقولون بسخرية إن " سايكس بيكو" والتعامل معه أصبح واقعا لا مفر منه، ولا يمكن تغييره! أعتقد أن هذا الرد كان يقال ـ أيضا ـ لجان مونييه و جاك ديلورز وغيرهم ممن ساهم في بذر الأفكار الأولى لوحدة أوروبا بعد خروجها من صراعات طاحنة، وربما اتهموا بأنهم ضد الوطن والكيان الواحد.

ببساطة، فإن الفكرة الإسلامية يجب أن توصلنا إلى تلك الحالة الشعورية بأننا جسد واحد، ويجب أن ينظر كل واحد منا بأن غزة وغيرها من أمصار بلادنا الإسلامية لا تختلف عن مدينة معان للأردنيين، ولا عن القاهرة للمصريين، ولا عن الخرطوم للسودانيين، وهكذا نكون بالفعل حققنا وحدتنا الإسلامية في أنفسنا وطبقنا نصوصنا الشرعية، وهل يا ترى إذا وصلنا لهذه الحالة ستبقى ردة فعلنا بهذا السكون على حصار غزة المستمر لوقتنا الحاضر.
ليس لهؤلاء حد في تفرقتهم،وليتهم بقوا على " بلاد العرب أوطاني من الشام لبغدان؟! " ، فقد قسموا البلاد إلى شمالي وجنوبي، شرقي وغربي، بدوي وحضري، وحتى داخل أبناء العشيرة الواحدة، وتعدت هذه النفسية لتنخر المؤسسات والوزارات والمنظمات الحكومية والخاصة ، فضلا عن الملاعب والشوارع .

لا يعني هذا عدم حب الوطن والكيان الجغرافي الذي ترعرع به الإنسان، وعاش به جل حياته وذكرياته في الدفاع والذود عنه، فالنصوص الشرعية واضحة في هذه الأفضلية، ولكنها ليست أفضلية بالقوانين والحقوق والامتيازات وغيرها ـ كما هو حالنا .

-----------
ينشر بالتوازي مع موقع الحقيقة الدولية


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

الجنسي، التجنيس، القومية، الوطنية، المبادئ،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 26-07-2009   www.factjo.com

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  استطلاعات الرأي الدموية !
  الوحدة الوطنية في الحوارات الدينية
  مسار التأييد الشعبي الأمريكي للحروب واحتلال العراق
  في ذكرى وفاته:الداعية ديدات، نموذج مختلف في الحوار الديني
  التبرير الأمريكي للقتل
  الرأي العام الأمريكي وإشكالية العلاقة مع العالم الإسلامي
  فن صناعة الولاء الأمريكي وزارعة الحقد العربي
  الموظفون .... الحاجات الإنسانية أولاً
  الجنسية ... الدين ثم التراب
  قياس أراء الموظفين، أكبر من مجرد السؤال عن الرضا
  الصومال الصومال... قبل فوات الأوان
  وزارات التعليم العالي والتناقض مع تكنولوجيا العصر
  الهيمنة الإستراتيجية، والمسامحة التكتيكية.. الصهاينة والفاتيكان
  لماذا أعلن الفاتيكان الحوار مع المسلمين ؟
  فلسطين : خطيئة الفاتيكان السياسية – الدينية
  الدراسات والأبحاث الميدانية
  استطلاعات السلام في الصومال
  الاستهزاء بالمسيح .. استمرار للتنكر الإسرائيلي لمعروف المسيحية
  الحكومات والتغيير
  منتدى أمريكا والعالم الإسلامي إستراتيجية المحافظة على موازين القوى
  "إسرائيل" نموذج شاذ في العلاقات الدولية
  الأخلاق على المستوى الدولي بين الإسلام و الصهاينة
  الحرب على غزة واتجاهات الفكر الإسلامي في الصراع الدولي

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
محمود فاروق سيد شعبان، خالد الجاف ، أشرف إبراهيم حجاج، خبَّاب بن مروان الحمد، منجي باكير، د. خالد الطراولي ، د - الضاوي خوالدية، د. أحمد محمد سليمان، رمضان حينوني، فتحي العابد، إيمى الأشقر، ماهر عدنان قنديل، محمد الطرابلسي، د - صالح المازقي، حاتم الصولي، د.محمد فتحي عبد العال، فهمي شراب، أبو سمية، د- محمود علي عريقات، حميدة الطيلوش، الهيثم زعفان، د - شاكر الحوكي ، عبد الرزاق قيراط ، أحمد بوادي، عمار غيلوفي، د. طارق عبد الحليم، محرر "بوابتي"، سليمان أحمد أبو ستة، د. أحمد بشير، عراق المطيري، مجدى داود، عمر غازي، محمد شمام ، محمد الياسين، عواطف منصور، مراد قميزة، صفاء العراقي، فتحـي قاره بيبـان، طلال قسومي، سيد السباعي، سفيان عبد الكافي، حسني إبراهيم عبد العظيم، نادية سعد، وائل بنجدو، محمد العيادي، د- هاني ابوالفتوح، مصطفى منيغ، أ.د. مصطفى رجب، يحيي البوليني، ياسين أحمد، محمد اسعد بيوض التميمي، د - المنجي الكعبي، الناصر الرقيق، صلاح المختار، رضا الدبّابي، إياد محمود حسين ، يزيد بن الحسين، د. ضرغام عبد الله الدباغ، د - محمد بن موسى الشريف ، أنس الشابي، كريم السليتي، د. صلاح عودة الله ، المولدي الفرجاني، د. مصطفى يوسف اللداوي، محمود طرشوبي، د. عبد الآله المالكي، محمود سلطان، فتحي الزغل، سامر أبو رمان ، سلوى المغربي، أحمد ملحم، تونسي، محمد يحي، عزيز العرباوي، د- محمد رحال، سامح لطف الله، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، سلام الشماع، أحمد بن عبد المحسن العساف ، د. كاظم عبد الحسين عباس ، علي عبد العال، د. عادل محمد عايش الأسطل، عبد الله الفقير، عبد الله زيدان، الهادي المثلوثي، علي الكاش، حسن الطرابلسي، صفاء العربي، صالح النعامي ، إسراء أبو رمان، مصطفي زهران، رافد العزاوي، رافع القارصي، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، رشيد السيد أحمد، صلاح الحريري، فوزي مسعود ، د - مصطفى فهمي، جاسم الرصيف، العادل السمعلي، كريم فارق، أحمد الحباسي، ضحى عبد الرحمن، محمد أحمد عزوز، حسن عثمان، صباح الموسوي ، رحاب اسعد بيوض التميمي، سعود السبعاني، محمد عمر غرس الله، عبد الغني مزوز، د- جابر قميحة، د - عادل رضا، د - محمد بنيعيش، أحمد النعيمي،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة