البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

استطلاعات السلام في الصومال

كاتب المقال سامر أبو رمان - الاردن    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 10086 samirrumman@hotmail.com


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


خرجت من ترددي في الكتابة بالشأن الصومالي الشائك، بعد أن صرفت النظر عن الحكم على الرئيس الصومالي الجديد - شيخ شريف - فيما إذا كان قد وصل للحكم بإرادة أمريكية، أو لأنه أخف الضرر بين الطوائف الصومالية الأخرى-حسب تصنيفات الادارة الأمريكية - ، أو غيرها من جوانب الجدل.

فهي محاولة لإضاءة شمعة في الظلام الذي يعيشه الشعب المنسي الصومالي المسلم منذ أكثر من ثمانية عشر عاما من قتل وتدمير وفقر وغيرها من مظاهر الضعف، مع استثناء العصر الذهبي في الأمن عندما قادت المحاكم الإسلامية الصومال في ظل الشريعة الإسلامية، لمدة ستة شهور في عام 2006، قبل أن تتدخل القوى الإقليمية والدولية لإعادة الصومال إلى الصفر من جديد.

بُذلت جهود متنوعة لإنقاذ الصومال من حاله المأسوي، وإن كانت لا ترتقي إلى المستوى المطلوب، ولا تتناسب مع حجم المصيبة، منها ما انتشر مؤخرا من رسائل ونداءات إيجابية من قبل العديد من العلماء والمفكرين إلى الإخوة الفرقاء، يذكرونهم بتحكيم شرع الله عند الاختلاف، والنظر في مقاصد الشريعة التي دعت إلى حفظ الأرواح والنفس البشرية.

وباستمرار شلال الدماء حتى اللحظة، وبعد التطورات السياسية الأخيرة، أصبح من الواجب على الجهات المخلصة أن لا تألو جهدا في تقديم مقترحات و وسائل لحقن الدماء وحفظ الأمن وتحقيق الاستقرار في الصومال، مستفيدين من علوم وتقنيات شتى، منها علم فض النزاعات الذي غدا من العلوم المهمة بأدواته وتقنياته ومراحله وابتكاراته ومواضيعه الدقيقة، والاستفادة ـ كذلك ـ من علاقته بعلم استطلاعات الرأي من حيث توظيفه في حل النزاع و استخدامه في فهم مكونات ومراحل الصراع المختلفة.

ومن هذه التقنيات ما يسمى أداة "استطلاعات السلام" (Peace Polls)، والتي تقوم ببساطة على أساس تضمين الأطراف المتنازعة في الحل من خلال تنفيذ استطلاعات رأي للشعوب داخل الكيان الجغرافي المتنازع عليه في مواضيع مختلفة من شأنها خدمة تحقيق السلام والأمن والاستقرار، كالتعرف على السياسيات المناسبة لإحلال السلام، واختيار وقياس مدى دعم الرأي العام لمقترحات وحلول معينة، و تحديد الأولويات، وتحفيز الرأي العام لمناقشة الحلول، والكشف عن جوانب واقتراحات مهمة في تحقيق السلام، مثل معرفة مدى قبول الطرف المحايد والوسيط في تحقيق الاستقرار، أو الكشف عن اقتراحات مفيدة غير متوقعة، مثل مدى اشتراط خروج القوات الإفريقية لإيقاف العنف في حالة الصومال، وغيرها من الفوائد العامة التي يمكن تحقيقها من خلال استطلاعات الرأي العام، والتي يمكن تطبيقها على حالة الصراع في الصومال.

ولهذه الأداة شروط إجرائية وتقنية تضمن نجاحها وتزيد من تأثيرها، منها: أن تتفق كل الأطراف على صياغة الأسئلة، والاتفاق أن تنشر كل النتائج بشكل علني، واختيار الزمن المناسب لتنفيذ الاستطلاع، وتطبيق الخطوات العلمية، وحسن اختيار للجهات التي يمكن أن تدعم هذا المشروع، واختيار الجهة المحايدة المقبولة من كل الأطراف، واختيار الجهة المنفذة ذات المهنية العالية، بالإضافة إلى تطبيق خطوات تهيئة مجتمع الاستطلاع، وتقنيات أثناء تنفيذ الاستطلاعات المتكررة وبعد نشر النتائج، وحتى بعد توقيع اتفاقيات السلام؛ سعيا لبناء ما يشبه الإجماع الشعبي لتأييد السلام والاستقرار، وبالتالي الضغط والتأثير على الأطراف المتنازعة.

ولتعقُّد المشهد الصومالي وأمكانية تطبيق هذه الأداة هناك ؛ تواصَلْتُ قبل أيام مع المنظر والممارس العالمي لاستطلاعات السلام د. كولن أيرون(Colin Irwin ) - الذي سبق أن استخدم هذه الأداة في أكثر من نزاع مثل: إيرلندا الشمالية، وكشمير، وسيرلانكا ، فسعدت بردِّه الإيجابي بأن لا شيء يمنع من استخدامها في المساهمة في حل الصراع. كما تواصلت مع الخبير في الشأن الإفريقي د. حمدي عبد الرحمن الذي أبدى تحمسه للفكرة في إطار إشراف عربي فاعل.

لا ينبغي الاستهانة بهذه الوسيلة أو غيرها لتحقيق الاستقرار في الصومال بحجة أن هذا الشعب فقير ومتخلف، ولا يقبل مثل هذه الأدوات الحديثة في صنع السلام ، أو أنها وسيلة تحكيم عقول البشر بدل شريعة الله (كما قد تراها بعض أطراف النزاع، مثل: حركة شباب المجاهدين، التي اتهمت الرئيس شيخ شريف بالبعد عن هدف تطبيق الشريعة). ولعل ما يخفف من حده الاتهام السابق ما جاء على لسان شيخ شريف من حرصه على تطبيق الشريعة، وإنها أولى أولوياته، عقب أول اجتماع للحكومة الصومالية الجديدة قبل أيام. فعلى العكس، يمكن أن يكون الاتفاق العام على موضوع تطبيق الشريعة الإسلامية دافعا كبيرا قل أن تجده في بلد أخر - وليس معوقا- لاستخدام أداة " استطلاعات الرأي "، وخاصة في ظل إرادة شعبية تريد الإسلام وأحكامه، بعد أن ذاق الصوماليون حلاوته. و ربما لو كانت بيئة أخرى بغير هذه الخصائص لما تحمست شخصيا لاقتراح هذه الوسيلة.

وحرصا على غاية تطبيق الشريعة أثناء تنفيذ " استطلاعات السلام "، يجب أن تشرف على هذه الاستطلاعات جهات مخلصة حريصة على هذا الهدف، وليست جهات من شأنها إخراج نتائج تؤيد بناء دول علمانية ـ كما جرى في بعض النزاعات مثل العراق وغيرها.

وبالرغم من ضبابية المشهد الصومالي، وتداخله القبلي والديني، والتوازنات السياسية الحالية، والاستقطابات الإقليمية والدولية، فإن الصومال يحتاج إلى الدعم في تحقيق الأمن والاستقرار، فأية خطوة نحو السلام ستسهم في حفظ أرواح مسلمة بريئة، وتقنية " استطلاعات السلام " من أهم الوسائل المنسية التي تستحق التطبيق لتحقيق السلام المنشود.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

استطلا عات الرأي، الصومال، الرأي العام،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 10-03-2009  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  استطلاعات الرأي الدموية !
  الوحدة الوطنية في الحوارات الدينية
  مسار التأييد الشعبي الأمريكي للحروب واحتلال العراق
  في ذكرى وفاته:الداعية ديدات، نموذج مختلف في الحوار الديني
  التبرير الأمريكي للقتل
  الرأي العام الأمريكي وإشكالية العلاقة مع العالم الإسلامي
  فن صناعة الولاء الأمريكي وزارعة الحقد العربي
  الموظفون .... الحاجات الإنسانية أولاً
  الجنسية ... الدين ثم التراب
  قياس أراء الموظفين، أكبر من مجرد السؤال عن الرضا
  الصومال الصومال... قبل فوات الأوان
  وزارات التعليم العالي والتناقض مع تكنولوجيا العصر
  الهيمنة الإستراتيجية، والمسامحة التكتيكية.. الصهاينة والفاتيكان
  لماذا أعلن الفاتيكان الحوار مع المسلمين ؟
  فلسطين : خطيئة الفاتيكان السياسية – الدينية
  الدراسات والأبحاث الميدانية
  استطلاعات السلام في الصومال
  الاستهزاء بالمسيح .. استمرار للتنكر الإسرائيلي لمعروف المسيحية
  الحكومات والتغيير
  منتدى أمريكا والعالم الإسلامي إستراتيجية المحافظة على موازين القوى
  "إسرائيل" نموذج شاذ في العلاقات الدولية
  الأخلاق على المستوى الدولي بين الإسلام و الصهاينة
  الحرب على غزة واتجاهات الفكر الإسلامي في الصراع الدولي

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
عبد الرزاق قيراط ، د. صلاح عودة الله ، عراق المطيري، أحمد بن عبد المحسن العساف ، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، أنس الشابي، محمد الياسين، مصطفي زهران، د - مصطفى فهمي، رشيد السيد أحمد، حسني إبراهيم عبد العظيم، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، أحمد بوادي، فتحـي قاره بيبـان، حسن عثمان، أشرف إبراهيم حجاج، ماهر عدنان قنديل، نادية سعد، د. كاظم عبد الحسين عباس ، د. عبد الآله المالكي، سليمان أحمد أبو ستة، حميدة الطيلوش، عواطف منصور، محمد الطرابلسي، سلوى المغربي، محمود فاروق سيد شعبان، محمود سلطان، المولدي الفرجاني، د. أحمد بشير، محمد عمر غرس الله، محمود طرشوبي، د- جابر قميحة، سامح لطف الله، فتحي الزغل، صالح النعامي ، صباح الموسوي ، د - محمد بنيعيش، حاتم الصولي، العادل السمعلي، كريم فارق، عبد الغني مزوز، مصطفى منيغ، أبو سمية، محمد أحمد عزوز، فهمي شراب، إيمى الأشقر، إياد محمود حسين ، رافع القارصي، الهادي المثلوثي، الناصر الرقيق، يحيي البوليني، يزيد بن الحسين، د - شاكر الحوكي ، د. ضرغام عبد الله الدباغ، سيد السباعي، علي عبد العال، ياسين أحمد، صفاء العراقي، محمد شمام ، فتحي العابد، د - صالح المازقي، خالد الجاف ، محمد اسعد بيوض التميمي، د. خالد الطراولي ، عمار غيلوفي، د - المنجي الكعبي، د - محمد بن موسى الشريف ، د. أحمد محمد سليمان، علي الكاش، عبد الله زيدان، د - الضاوي خوالدية، محمد يحي، أ.د. مصطفى رجب، مراد قميزة، رمضان حينوني، سعود السبعاني، صفاء العربي، تونسي، د. مصطفى يوسف اللداوي، حسن الطرابلسي، الهيثم زعفان، رضا الدبّابي، مجدى داود، عبد الله الفقير، جاسم الرصيف، د - عادل رضا، سلام الشماع، أحمد ملحم، محرر "بوابتي"، خبَّاب بن مروان الحمد، أحمد النعيمي، د. عادل محمد عايش الأسطل، رافد العزاوي، د.محمد فتحي عبد العال، د. طارق عبد الحليم، وائل بنجدو، إسراء أبو رمان، ضحى عبد الرحمن، رحاب اسعد بيوض التميمي، د- محمود علي عريقات، سامر أبو رمان ، محمد العيادي، صلاح المختار، سفيان عبد الكافي، طلال قسومي، د- هاني ابوالفتوح، منجي باكير، فوزي مسعود ، أحمد الحباسي، عمر غازي، صلاح الحريري، عزيز العرباوي، كريم السليتي، د- محمد رحال،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة