البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

الحرب على غزة واتجاهات الفكر الإسلامي في الصراع الدولي

كاتب المقال سامر أبو رمان    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 8060



تعددت أراء مدارس العلاقات الدولية في وصفها لطبيعة النظام الدولي هل تتصف بالفوضى أم النظام ؟ بالسلم أم بالحرب ؟ وهل هي فوضى طبيعية مؤقتة أم دائمة ؟ وهل يمكن للبشرية أن تعيش في مرحلة اللاصراع ؟

وتبعا لذلك تعددت المداخل المنهجية التي حاولت تفسير ظاهرة الصراع في العلاقات الدولية, ولم يخل الفكر الإسلامي من هذه الجدلية، حيث انقسم المفكرون الإسلاميون في ذلك لاتجاهات عديدة أبرزها الاتجاه المثالي (المسالم) الذي يرفض أن تكون علاقة الحضارة الإسلامية بغيرها علاقة صراعية، بل تعاونية تحاوريه، وهذا الاتجاه هو الأوسع انتشارا، بسبب مجاراة الموضة الفكرية في السلم والتعاون الدوليين، و تبني الدول هذه الأفكار لغايات عديدة، وتسخير المؤسسات الحكومية لذلك، كما عمقت أحداث الحادي عشر من أيلول هذا الاتجاه نظرا لما سببته من نقمة دولية غربية واسعة تجاه الفكر الإسلامي في العالم، فرأى أصحاب هذا الاتجاه ضرورة التصدي لهذه الحملة بتدعيم أفكارهم خروجا من قفص الاتهام.

وينطلق هذا الاتجاه من عدة أصول شرعية وأسس فكرية، فهو يستند إلى أن التعاون والحوار ضرورة إنسانية ووسيلة لبقاء البشرية وحقن الدماء, وان التعاون والسلم والحوار هو مطلب من مطالب الدعوة الإسلامية، قال تعالى : "ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن ....".

ويرون إن الأصل في العلاقات الدولية السلم وان الجهاد إنما شرع كوسيلة للدفاع عن النفس فقط، وفي هذا ما يقول الشيخ محمد الغزالي – رحمه الله - : " ... وفي العلاقات الدولية يشيع المتدينون الكذبة أن الجهاد الإسلامي هو الحرب الهجومية..."

كما يستدلون بقوله تعالى:"... ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين..."، وقوله :"... وان جنحوا للسلم فاجنح لها.." ويحاولون إبطال فكرة الصراع انطلاقا من الواقع المعاصر وموازين القوى التي يكون فيها خيار الصراع في غير مصلحة المسلمين.

إما الاتجاه الثاني فهو الاتجاه الجهادي (الصراعي) فيتميز بعمق أصوله في الفكر الإسلامي. وهو كسابقه يستند إلى أصول شرعية وأسس فكرية من أهمها إن أصل البشرية بدا بالصراع مع الآخر ومما يدلل على أن صفة الصراع من طبيعة البشر قال تعال :"واتل عليهم نبا ابني ادم بالحق إذ قربا قربانا فتقبل من احدهما ولم يتقبل من الأخر قال لاقتلنك ..." ويستدلون عليه بمبدأ الدفع القرآني :"... و لولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض.."

وكذلك فان اختلاف الناس في معتقداتهم واختلاف مصالحهم يفضي إلى الصراع، قال تعالى :" ولو شاء ربك لجعل الناس امة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم .." ويرون إن وجود حق وباطل شأن دائم للبشرية مما يسبب صراعا لا يمكن معه التعايش إلا وفق أسس وضوابط شرعية تشكل إطارا في العلاقات الدولية، ويرون أن طبيعة الإسلام تحتم ألا يسالمه الباطل إذ إن مجرد وجود دين يعلن الوحدانية لله وربوبيته لخلقه ويدعو إلى تحرير الإنسان من العبودية لغيره ولا يعترف لأحد من البشر بالتشريع، وان على البشرية كلها أن تفيء إليه وان تسالمه ولا تقف في وجه دعوته بأي حائل من نظام سياسي أو قوة مادية وان تخلي بينه وبين كل فرد في اختياره دون إكراه بشرط الخضوع لأحكامه وعدم مقاومته. وخاصة إذا تمثل ذلك بنظام سياسي يختلف عن الأنظمة الأخرى مما يسبب خلافا يقود للصراع.

ويرون إن مجرد وجود الإسلام بصورته الحقيقية العالمية سيدفع الدول الأخرى إلى محاولة سحقه دفاعا عن الوجود الذاتي لها, ففي خضم هذه الحركة الطبيعية لا بد للإسلام من خوض صراع الدفاع عن الذات . وهنا قد يحار القارئ بوجهتي النظر السابقتين وتحت ضغط الواقع, وما يقراه للمفكرين المعاصرين, وتحت وطأة الإعلام والهجمة الفكرية قد يجد نفسه ميالة إلى قبول الفكر المثالي.

وبغض النظر عن أدلة كل طرف في هذه الجدلية فان الأحداث المتسارعة والتطورات السياسية وما نشهده الآن من مؤامرات دولية وانتهاكات إسرائيلية وإبادة جماعية في قطاع غزة تجعلنا لا نقتنع إلا باتجاه الذين لا يرون غير الصراع لغة للتفاهم بين الأمم وغير الراديكالية طريقا للتغيير .

إن ما يجري في غزة من تقتيل وتشريد وظلم واضطهاد أمام أعين العالم اجمع وبتعاون وتكالب دولي على الأمة الإسلامية والعربية و تجاهل مطالبها وحقوقها وازدواجية التعامل معها يحتم على العلماء المعاصرين من إعادة النظر في العلاقة مع الأخر الباغي وما ينبغي إن تكون عليه هذه العلاقة .

إن جريمة غزة تحتم على الحكام إيقاف مسلسل التنازلات لإسرائيل وللعالم الغربي فكم عام مر على مسلسل التفاوض والتنازل عن الحقوق والرضا العربي الرسمي بالقليل من حقوق الشعب الفلسطيني ولا ترى من ردود أفعال قادة اليهود سوى نقض العهود واللعب بالزمن و حلاوة اللسان ومراوغة الثعلب .

يعطيك من طرف اللسان حلاوة *** ويروغ منك كما يروغ الثعلب

كل هذا يدفعنا إلى رفض الأفكار المثالية و الفكرة الأساسية لكتاب (تحريم الحروب في العلاقات الدولية )، فلقد بات واضحا أن هذه الأفكار ما هي إلا أفكار انهزامية يسوقها القوي على الضعيف ليحافظ على موازين القوى .

إلى متى ونحن نشاهد دمار غزة نبقى نستدعي نصوص السلم والتعاون فقط ونستبعد نصوص الجهاد ؟ إلى متى نبقى نحلم بما ينبغي أن يكون, ولا نفكر بما هو كائن في طبيعة العلاقات بين الأمم.

أسباب كثيرة كلها تؤدي للصراع، أسباب ليس من السهل إزالتها عن طريق الحركة البشرية ولكن ما هو الصراع المطلوب وكيف تمتلك لأدواته وتنجح في إدارته.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

إعلام، غزو فكري، حرب، دعاية، حركات إسلامية، غزة،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 15-01-2009   موقع قاوم qawim.net

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  استطلاعات الرأي الدموية !
  الوحدة الوطنية في الحوارات الدينية
  مسار التأييد الشعبي الأمريكي للحروب واحتلال العراق
  في ذكرى وفاته:الداعية ديدات، نموذج مختلف في الحوار الديني
  التبرير الأمريكي للقتل
  الرأي العام الأمريكي وإشكالية العلاقة مع العالم الإسلامي
  فن صناعة الولاء الأمريكي وزارعة الحقد العربي
  الموظفون .... الحاجات الإنسانية أولاً
  الجنسية ... الدين ثم التراب
  قياس أراء الموظفين، أكبر من مجرد السؤال عن الرضا
  الصومال الصومال... قبل فوات الأوان
  وزارات التعليم العالي والتناقض مع تكنولوجيا العصر
  الهيمنة الإستراتيجية، والمسامحة التكتيكية.. الصهاينة والفاتيكان
  لماذا أعلن الفاتيكان الحوار مع المسلمين ؟
  فلسطين : خطيئة الفاتيكان السياسية – الدينية
  الدراسات والأبحاث الميدانية
  استطلاعات السلام في الصومال
  الاستهزاء بالمسيح .. استمرار للتنكر الإسرائيلي لمعروف المسيحية
  الحكومات والتغيير
  منتدى أمريكا والعالم الإسلامي إستراتيجية المحافظة على موازين القوى
  "إسرائيل" نموذج شاذ في العلاقات الدولية
  الأخلاق على المستوى الدولي بين الإسلام و الصهاينة
  الحرب على غزة واتجاهات الفكر الإسلامي في الصراع الدولي

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
الردود على المقال أعلاه مرتبة نزولا حسب ظهورها  articles d'actualités en tunisie et au monde
أي رد لا يمثل إلا رأي قائله, ولا يلزم موقع بوابتي في شيئ
 

  17-01-2009 / 09:47:48   عبد الفتاح
هؤلاء مساكين اصحاب افكار السلام

فعلا انهم مثاليون وهل في العالم سلام الا كما يريدوه اصحاب القوة
يجب ان نتعلم درسا في حرب ابادة غزة فعلا
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
سلام الشماع، نادية سعد، حميدة الطيلوش، رضا الدبّابي، الناصر الرقيق، محمد أحمد عزوز، ياسين أحمد، د - الضاوي خوالدية، أشرف إبراهيم حجاج، د - عادل رضا، د - محمد بنيعيش، سيد السباعي، د. عادل محمد عايش الأسطل، سليمان أحمد أبو ستة، فتحي العابد، حسن الطرابلسي، يزيد بن الحسين، صفاء العربي، سامح لطف الله، المولدي الفرجاني، أبو سمية، عبد الرزاق قيراط ، عزيز العرباوي، ماهر عدنان قنديل، فتحـي قاره بيبـان، عبد الله الفقير، مجدى داود، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، طلال قسومي، سامر أبو رمان ، محمد الطرابلسي، د.محمد فتحي عبد العال، فهمي شراب، صلاح المختار، د. ضرغام عبد الله الدباغ، أحمد النعيمي، د. مصطفى يوسف اللداوي، كريم فارق، رافع القارصي، رافد العزاوي، عبد الله زيدان، محرر "بوابتي"، حسن عثمان، عواطف منصور، محمد الياسين، أحمد ملحم، صلاح الحريري، الهادي المثلوثي، د. أحمد محمد سليمان، العادل السمعلي، تونسي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، إسراء أبو رمان، صالح النعامي ، د- هاني ابوالفتوح، صباح الموسوي ، مصطفي زهران، إيمى الأشقر، د - شاكر الحوكي ، د. خالد الطراولي ، حاتم الصولي، عبد الغني مزوز، محمد اسعد بيوض التميمي، سفيان عبد الكافي، فوزي مسعود ، محمود فاروق سيد شعبان، كريم السليتي، الهيثم زعفان، محمد يحي، ضحى عبد الرحمن، د - مصطفى فهمي، د - المنجي الكعبي، د - صالح المازقي، د- جابر قميحة، رحاب اسعد بيوض التميمي، د. أحمد بشير، د. عبد الآله المالكي، عراق المطيري، محمود سلطان، سلوى المغربي، عمار غيلوفي، حسني إبراهيم عبد العظيم، وائل بنجدو، أحمد بوادي، د. كاظم عبد الحسين عباس ، أ.د. مصطفى رجب، محمد العيادي، محمد شمام ، أحمد الحباسي، خالد الجاف ، محمد عمر غرس الله، أحمد بن عبد المحسن العساف ، عمر غازي، رشيد السيد أحمد، يحيي البوليني، منجي باكير، إياد محمود حسين ، د - محمد بن موسى الشريف ، محمود طرشوبي، علي الكاش، علي عبد العال، د- محمد رحال، مراد قميزة، خبَّاب بن مروان الحمد، سعود السبعاني، صفاء العراقي، د. طارق عبد الحليم، د- محمود علي عريقات، مصطفى منيغ، أنس الشابي، رمضان حينوني، د. صلاح عودة الله ، فتحي الزغل، جاسم الرصيف،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة