مسار التأييد الشعبي الأمريكي للحروب واحتلال العراق
سامر أبو رمان - الأردن
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 6939 samirrumman@hotmail.com
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
كان من ردود الأفعال الجديرة بالاهتمام ـ بعد أن كتبت قبل أيام حول تبرير القتل الأمريكي و المزاج الشعبي الأمريكي في تأييد الحروب بمناسبة ذكرى جريمتي هيروشيما وناغازاكي ـ أن الاحتلال الأمريكي للعراق قد شذ عن هذا المسار الذي ذكرته في المقال، كما نرى في احتجاجات الرأي العام الأمريكي ورفضه للحرب، و ما عكسته نتائج الاستطلاعات منذ سنوات حتى وصلت نسبة الرافضين للاحتلال ضعف المؤيدين ـ كما هو واضح في pollingreport.com المختص في متابعة اتجاهات الأمريكيين.
ودون تعقيد القاريء بجداول وأرقام استطلاعات رأي، نذكر ببساطة نتائج بعضها ضمن محطات زمنية مختلفة؛ لنرى ما أثبتته العديد من الدراسات، وتم تطبيقه على الحالة العراقية، كدراسة نسمة شرارة وغيرها من الباحثين، والتي أشارت إلى تأييد الرأي العام الأمريكي للصراع في بدايته أو عند تحقيق نصر، ثم لا يلبث أن يتناقص هذا التأييد عندما يطول النزاع وتزيد الخسائر.
في بداية الاحتلال في 2003 وما قبله كانت استطلاعات الرأي الأمريكية تشير إلى تأييد الإدارة الأمريكية واستخدامها العمل العسكري، فقبل دخول العراق كان 83% من الشعب الأمريكي رافضا للتقرير الذي قدمه العراق في تأكيد خلوه من أسلحة الدمار الشامل، وتراوحت نسبة تأييد الحرب للإطاحة بنظام صدام 62-66% منذ البداية وحتى بدء الحرب ـ حسب ما تشير بنوك استطلاعات Polling Reports ، وتأييد رئيسها في ذلك، حتى لو دخل في الحرب دون موافقة الأمم المتحدة، ثم ازدادت نسبة التأييد للرئيس أثناء الحرب لتصل إلى 75%، وهي استمرار لظاهرة تاريخية أمريكية في الالتفاف حول الرئيس في الأزمات.
وبعد سقوط بغداد أعطى أغلبية الأمريكيين تقييما إيجابيا للرئيس، واعتبروه قرارا صائبا بنسبة 76% ( 92% من الجمهوريين، و58 من الديمقراطيين )، وبين 58% من الأمريكيين أن الحرب لها تأثير إيجابي على الوضع الدولي للولايات المتحدة. وبقيت نسبة المعارضين أثناء الحرب وما بعدها ما يقارب 15 % فقط!!
وبعد أن امتد الصراع، وبدأ يتذوق المارد الأمريكي مرارة طول الأمد، وتكبد الخسائر، ومواجهة الصعوبات، ظهرت ملامح التحول في الرأي العام الأمريكي، وإعادة النظر، وتبددت الكثير من المسلمات أو الأفكار التي حازت على الأغلبية في الاستطلاعات السابقة، كالربط بين النظام العراقي والقاعدة، وأن النظام العراقي السابق شكل تهديدا للأمن القومي الأمريكي، وبدأت تنخفض شعبية بوش والثقة به، وانخفض تأييد طريقة بوش في إدارة الشأن العراقي إلى ثلاثة أضعاف، وزادت المطالبات في إعادة ترتيب الأولويات لدى المواطن الأمريكي؛ لتتراجع نسبة تأييد الحروب لمصلحة الاهتمام بالاقتصاد والشأن المحلي، وتنامى الخوف لدى 80% من الرأي العام الأمريكي من تورط الولايات المتحدة في عملية حفظ سلام طويلة ومكلفة في العراق!
بغض النظر عن جدلية أن الرأي العام الأمريكي عامل تابع لوسائل التأثير المختلفة كالإعلام وغيره أو هو مستقل أو بينهما، فإن الرأي العام الأمريكي يؤيد الصراع في بدايته، ويزيد تأييده عند تحقيق النصر، ويلتف حول رئيسه أكثر في الأزمات، وربما يؤيد ويتلذذ في حال قيامه بضربة تاريخية قاضية ـ كما حدث مع اليابان. وفي حال طال النزاع، وزهقت أرواح جنوده، وزادت خسائره؛ يتراجع عن مزاجه الحربي، ويقدم أولويات أخرى، وربما تكون هذه ميزة ليست فقط للرأي العام الأمريكي، بل عند أي رأي عام تقوم دولته بحرب ظالمة ومفتعلة.
---------
نقلا عن موقع قاوم qawim.net
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: