الناصر الرقيق - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 5925
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
ما إن تهدأ الأمور و تحل أزمة ما إلا و تندلع أخرى في مكان آخر من البلاد و هذا يتنزل ضمن إستراتيجية إحباط الشعب التي تعتمدها بعض المجموعات الفوضوية لتحقيق هدف محدد سنعود للحديث عنه لاحقا و لعل ما حدث في سيدي بوزيد يوم 17 ديسمبر و المتمثل في قذف منصة الإحتفال بذكرى إندلاع الثورة بالحجارة لإفساد هذه التظاهرة مما أضطر الوفد الرسمي لقطع مشاركته و الإنسحاب الذي من المؤكد أنه لا يمثل سيدي بوزيد و لا أهاليها يندرج في هذا الإطار.
فما حدث من تعمد لبث البلبلة و الفوضى في سيدي بوزيد و قبله ما حصل في سليانة و قبل ذلك في منزل بوزيان و في قرقنة و في كثير من المناطق لم يكن عفويا بالمرة فجميع هذه التوترات التي قد تجد ما يبررها نتيجة المطالب المشروعة لسكان تلك المناطق التي تتخذ كشعارات رئيسية لكن للأسف فإن ما نشاهده في كل مرّة من صور لا تمت بأي صلة إلى مشروعية تلك المطالب قد يثير الشك و الريبة في النفوس ذلك أن جميع هذه المشاكل تصب في مصلحة طرف بعينه و هي تلك المجموعات الفوضوية من اليسار الراديكالي المتطرف التي تسعى جاهدة لتأزيم الأوضاع كلما سنحت لها الفرصة و ذلك لعقيدة إيديولوجية تؤمن من خلالها بالحتمية التاريخية التي تعتمد أساسا على ممارسة العنف الثوري و أيضا لقناعة راسخة لديها أنه لا مجال بالنسبة إليها للوصول إلى السلطة بالطرق الطبيعية و هي الإنتخابات.
فأفتعال المشاكل و إطالة أمد حالة الإحتقان الإجتماعي في جهات متفرقة من البلاد يخدم مصالح هذه المجموعات الإرهابية التي تسعى من خلال ذلك للوصول إلى بث شعور عام بالإحباط لدى الشعب و الجيش و الأمن بإعتبار أن جميع هذه الأطراف هي المتضرر الرئيسي من جميع الأزمات التي تفتعلها هذه المجموعات الفوضوية فالشعب في عمومه يريد المرور في أقرب وقت ممكن من المرحلة الإنتقالية إلى المرحلة الدائمة لتجاوز عديد المصاعب خاصة الإقتصادية منها و كذلك الأمن و الجيش الذين تعبا نتيجة الإنفلاتات الأمنية المتكررة و ما تتطلبه من مجهودات إضافية مبذولة.
فهذه المجموعات التي تدرك جيّدا أنّ الدفع نحو المواجهة و عدم فسح المجال أمام سلم إجتماعي من شأنه أن يحقق بدوره سلم إقتصادي يستفيد منه الشعب هو السبيل الوحيد لتحقيق مبتغاها و هدفها الرئيسي المتمثل في إزاحة خصم إيديولوجي عن سدّة الحكم بأي الوسائل كانت لذلك فهذا الهدف يتطلب إحدى أمرين الأول يتمثل في القيام بثورة ثانية و الإطاحة بالحكومة و بالمجلس التأسيسي المنبثقة عنه و هذا السيناريو مستبعد جدّا أما الأمر الثاني فهو دفع الجيش الوطني للقيام بإنقلاب عسكري و تسلّم مقاليد السلطة و بالتالي يتحقق مبتغاهم لكن ما فات هؤلاء الأغبياء أن الشعب التونسي أثبت أن درجة وعييه السياسي أرقى مما لدى النخب السياسية و خاصة المتطرفة منها مما يجعله قادرا على التمييز بين ما ينفع و ما يضرّ الوطن و الثورة أكثر من غيره.
فمتى تعي هذه المجموعات من الحمقى و مرضى الإيديولوجيات المتعفنة أن الزمن تغيّر و أن العقول تغيّرت و أنه لم يعد هناك مكان في هذا الربيع الجديد لظلمات الشيوعية و أن الإسلاميون لم يأتوا من الفضاء بل أبناء و أحفاد صانعي مجد هذا الوطن و هم رفقة شركاءهم في الإنتماءإليه أحق من غيرهم بقيادة مشروع تونس الحديثة المتصالحة مع هويتها الإسلامية و عمقها العربي دون نسيان إنفتاحها على شعوب و ثقافات العالم المختلفة فمتى يفهم بعض أصحاب العاهات الفكرية المتعددة أن هذه الشعوب مسلمة و هي تحن لتاريخها المجيد المليء عزّا و شرفا عكس تلك الشعوب التي قاست ولايات الشيوعية القاتمة التي لم تنتج إلا ديكتاتوريات مرعبة و رهيبة فنحن أحفاد الكبار و العظماء لن تثنينا هذه المجموعات المنبتة عن المضيّ قدما في بناء الوطن و المواطن و في إعادة مجد الأمة من جديد.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: