الناصر الرقيق - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 7362
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
صدق صاحب القول حينما قال " يفعل الجاهل بنفسه ما لا يفعله العدو بعدوّه " فالجاهل كثيرا ما يرتكب حماقات قد تؤدي به إلى مساوئ الأمور في الخاص والعام و الجهل كما يعرّف ليس عدم معرفة القراءة و الكتابة بل هو عدم الوعي بمتطلبات الواقع الذي يفرض على العاقل قراءته قراءة متأنية و معمّقة حتى يتسنى له إتخاذ القرار الصحيح فرسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان لا يحسن القراءة و لا الكتابة و مع ذلك كان اعلم الناس و كان ذو عقل راجح و حكيم يحسب لكل شيء مهما صغر حجمه ألف حساب و قد تعلمنا من خلال سيرته الشريفة أن الجهل لا ينجلي عن عقل الإنسان بمجرد قراءة كتاب أو إثنين بل بالكثير من الإنصات و التحلّي بالخلق السمح الكريم في المعاملة و هو ما تجلّى في قول الله تعالى " و إنك لعلى خلق كريم" و في حديثه الشريف "الدين المعاملة" و كذلك حديث " أدبني ربي بأحسن تأديبي".
صحيح أن الغيرة على رسول الله صلى الله عليه و سلم و الذبّ عن عرضه الشريف هو من صميم ديننا الحنيف و عقيدتنا السمحاء و لا يختلف فيه أحد لكن يبقى السؤال الكبير هنا هو كيف يكون ذلك؟
فهل بمشاهد الحرق و التخريب و السرقة و الإعتداء على أملاك الأخرين ننتصر لرسول الله صلى الله عليه و سلم أكيد لا لأن ما حدث أمام السفارة الأمريكية لا يعدو أن يكون حلقة جديدة من ذاك المسلسل القديم الذي ألفناه منذ مئات السنين و هو مسلسل الغباء العربي الإسلامي حيث أن هذه الشعوب العربية و الإسلامية أو البعض منها ألفت لعب دور الكومبارس الذي يتم إستدعاءه في كل حلقة عنوانها التدمير أو الإساءة لصورة من الصور الجميلة في أوطاننا فيقوم بلعب دوره بكل إتقان ثم يعود دون أن يحصل على أجرته بل على العكس يكون قد ساهم بشكل ما في تمويل هذا المسلسل و دعونا نستذكر البعض من الحلقات الحديث من هذا المسلسل.
فأولى الحلقات كانت مع الكاتب الإيراني سلمان رشدي الذي كتب "أيات شيطانية" حتى صدرت الفتاوى بقتله و هو ما جعل الرجل أشهر الشخصيات في العالم و أيبح رمزا لحرية الفكر و كان يمكن لأصحاب هذه الفتاوى التي لم تقدم و لم تؤخر أن يرفعوا دعوى ضد هذا الشخص و كفى أما الحلقة الثانية فكانت مع ممثلة صومالية مغمورة تدعى رشيدة قيل أنها مثلت فيلم يسيء للإسلام و كالعادة إنهالت الفتاوى من كل حدب و صوب ثم مع ذاك النائب الهولندي المتطرف و أيضا القس الأمريكي جونز المعادي للإسلام و كلها في إعتقادي معارك خسرناها بسبب الغباء و عدم قدرتنا على التحكم في أعصابنا حتى نتمكن من إدارة الصراع على النحو الصحيح.
هذا كان خارجيا أما محليا فكانت البداية مع فيلم "لاربي لا سيدي" لزائرة إسرائيل نادية الفاني و كذلك الفيلم الإيراني "برسيبوليس" إضافة لما عرض من لوحات في معرض العبدلية و كان في كل مرة تخرج الجماهير متوعدة بالثأر ممن تعدى على مقدساتنا لكن للأسف الشديد كنا في كل مرة نتحول من ضحايا نطلب حقنا إلى مجرمين مطلوبين للعدالة بسبب ذاك الغباء الذي أدى بالعديد منا للإعتداء على المقار الأمنية و على الأملاك الخاصة و العامة خاصة في حادثة العبدلية و كان الخاسر الأكبر هو نحن الشعب التونسي لأن من أنتجوا أو عرضوا هذه الأفلام لم يتضرروا من أي شيء بل صنعنا منهم نجوما دون أن نعلم و تبقى حادثة السفارة الأمركية أخر حلقات هذا الغباء فالمتضاهرون هم تونسيون و كذا أعوان الأمن و ما تم حرقه و تخريبه هو أملاك الشعب التونسي أما الأنكى من كل ذلك هو أن القتلى تونسيون أيضا إذن هذه الحلقة الجديدة كانت مؤلمة و تراجيدية إلى أبعد حد ّ.
ربما يكون ما حصل إنذارا قويا لنا بأنه علينا مراجعة العديد من الأمور أهمها التصدي لهذه المجموعات التي تقوم بتجنيد شبابنا و دمغجته لإستعماله كوقود في معارك وهمية لن نجني منها سوى الدمار فحربنا الحقيقية الأن هي ضد البطالة و عدونا الرئيسي هو الفقر و نصرة رسولنا صلى الله عليه و سلم تتثمل في العمل بجد على النهوض بوطننا للمساهمة في مرحلة ثانية من النهوض بأمتنا العربية و الإسلامية إنه فعلا تحدي كبير لكن ليس مستحيلا خصوصا على شعب كان و لازال له من الإرث الحضاري و الثقافي ما يمكنه من إمتصاص الصدمات مهما كان حجمها و القليص من حجم تأثيرها على سير حياته الطبيعية.
بقي أن نشير أنه من المفارقات أن الدول التي شهدت إنفلاتات أمنية في أعقاب نشر بعض اللقطات من الفليم المسيء للرسول عليه الصلاة و السلام هي بلدان الربيع العربي بالإضافة للسودان و كأني بأصحاب هذا العمل الحقير حققوا ما أرادوه و هو التشويش على هذه البلدان و ربما إدخالها في فوضى مقصودة و حتى تعكير علاقاتها بالولايات المتحدة الأمريكية هذا المعلوم أما ما خفي كان أعظم .
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: