البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

العاقل من يعرف أهون الشرين

كاتب المقال د. ضرغام الدباغ - برلين    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 5133


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


اليوم 18 / تموز / 2012 بينما الأخبار في كافة المحطات تشير إلى التهاب الوضع في سورية، بلاد تحترق بدون أن يكون لذلك مصلحة حقيقية للبلاد أو للشعب فلماذا هذه الخسائر إذن ...؟ لماذا يعيش العراق أزمات لا نهاية لها، ألا يستحق الأمر منا البحث عن منبع الازمات، أو جوهر الأزمة وباعثها الحقيقي.

ترى أين يكمن جوهر الإشكالية، فالأمر وإن أختلف في العراق عن الموقف السوري، فهو اختلاف شكلي، ولكن الجوهر متشابه. إذ بتقديري أن الإشكالية الرئيسية العامة هي أن الشعوب في منطقتنا والعالم اليوم لم تعد تقبل بإرادة أجنبية في الحياة السياسية، ونحن لم نعد على أعتاب، بل في قلب ثورة مواطنية / ديمقراطية ستأخذ اقطارنا العربية ومنها العراق، وربما أقطار أخرى شرق أوسطية غير عربية إلى عصر جديد، ثم أن الموقف المعاصر والثقافة السياسية في العالم اليوم في مرحلة تداعت فيها امبراطوريات شمولية لم تعد تحتمل الاستئثار بالسلطة كيفما كان وأينما كان. هذه مرحلة جديدة ندعو جميع السياسيين المخضرمين منهم خاصة والشباب، والحركات السياسية أن تستوعب الدروس التاريخية والفلسفية البليغة للثورات العربية وأن تفعل ما يلزم للتلائم مع هذه المعطيات، وهي ليست مسألة مستحيلة، لا مراء ولا جدال ... العالم ومنه أقطارنا في قلب مرحلة تاريخية جديدة.

الاستئثار بالسلطة للفرد أو للحزب عصر أنتهى، سواء كان استئثاراً يجري تحت شعارات طبقية / اجتماعية أو قومية أو دينية أنتهى لأنه يخالف الحياة ويعاكس وعي الشعب وإرادته. فالاستئثار عدا كونه مدخلاً عريضاً رحباً للفساد المالي / الحكومي وللإثراء غير المشروع، فإنه يعني أن فئة معينة تتحكم بالحياة، وأنها تملي على المجتمع بأسره وجهة نظرها وتفرض طريقة حياة سياسية واجتماعية وهو لم يعد مقبولاً، وإن ما يجري هو املاء لسياسة القوة، سيان سواء بطريقة ناعمة مرنة أو فظة، قد تبدأ ناعمة تحت شعارات أئتلاف، جبهة، تحالف، ولكنها تنطوي في الحقيقة على رغبة في الاستئثار، والانفراد. ثم أن سياسة الاستئثار بالسلطة تقود كنتيجة حتمية إلى سياسة مواجهة الاحتجاج الشعبي بالقوة الأمنية أولاً ثم تصعيداً وصولاً إلى استخدام القوات المسلحة، وهي سياسة فاشلة بامتياز سقطت في كل المجتمعات، والباقي منها ينتظر السقوط، وإذا طال انتظار سقوطه فهذا لا يعني أنه سيستمر، بل سيكون سقوطه مدوياً أكثر.

حل الأزمة جوهرياً يكمن في قبول الانسحاب من مسرح السياسة، بل إذا تم الانسحاب اختيارياً فقد لا يكون انسحاب نهائي، بل يبقيه شخصاً كان أم حركة سياسية، لاعباً مهماً في الحياة السياسية، ولكن الاستئثار وبالتالي الدكتاتورية والطغيان تطرح حلولاً أقلها وأكثرها تواضعاً هو رحيل الطاغية. الحل الأفضل هو العودة للشعب. وهذا ليس بعيب، ولا عار، ونحن مواطنون عراقيون والعار هو أن ندع الأجنبي يتحكم في بلادنا، لنعد إلى الشعب، فعندما يقع الفاس بالراس لا يفيد الندم ولا المراجعة، والحكمة كل الحكمة في اختيار الحلول التي تستبعد الكارثة.

لا أعلق اهمية كبيرة على صفقات سياسية لا تعالج الوضع بصفة شاملة، أنا أدعو كل السياسيين العراقيين إلى التحلي بنظرة بعيدة عميقة الغور، وإلى العودة للجذور، أما المعالجات الوقتية السطحية فستخلق الحاجة إلى معالجات جديدة، لا أريد أن أقلل من أهمية أية شخصية سياسية عراقية، فنحن ننظر للمحتوى وإلى ركائز الحلول وآفاقها، ومن هنا ندرك أن الحلول السطحية ستخلق بالطبع نتائج سطحية، والتناقضات في العراق أعمق من أن تحلها صفقات أو تفاهمات كهذه، الأوضاع الداخلية إذا فكر أحد أو جهة بمعالجته بالوسائل السياسية وعبر تفاهمات وتوافقات، فينبغي أن يكون ذلك البحث جدياً، ومقنعاً وعميق الأثر بحيث لا يترك أي خلية مهما كانت صغيرة دون أن يعالجها بحكمة. الإبعاد والإقصاء والتهميش والاجتثاث، واستطراداً القمع الامني أو المسلح هو آخر ما يمكن أن ينفع في علاج إشكالية مزمنة كإشكالية الوضع في العراق كنتيجة للاحتلال وتواصل تعقيداته.

أي سياسي ذا خبرة بسيطة يدرك تماماً أن العراق سوف لن يشهد تقدماً في أي مجال، لا اليوم ولا بعد قرن، ما لم نتوصل إلى دولة تضمن ولاء جميع المواطنين لها، تضمن قناعتهم ومحبتهم وإخلاصهم، انطلاقاً من قناعة راسخة أن البلاد ملك الجميع بدرجة متساوية تماماً، سوف لن تحصل تنمية ولن نتوصل إلى تقدم علمي، دون زج كافة طاقاتنا لبناء الوطن الذي نحب.

الأفراد زائلون، سوف لن يبقى في النهاية سوى العراق، ومن أجله وله ينبغي أن تتجه الأنظار والعقول، وبالطبع الحلول. فالعاقل هو ليس من يعرف الخير من الشر، بل هو من يعرف أهون الشرين.

سوى ذلك قبض ريح وحرث في الماء

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المقال جزء من مقابلة تلفازية مع إحدى القنوات العربية بتاريخ 18: تموز / 2012



 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

سوريا، الثورة السورية، بشار الأسد، مقتل القيادة السورية، آصف شوكت،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 19-07-2012  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  أقفاص الأسر على مر التاريخ
  مأزق هنية
  ماذا يحدث في بلاد العم سام
  الوضع الثقافي في شبه الجزيرة قبل الاسلام
  سوف تكسبون ... ولكنكم لن تنتصروا Sie werden gewinnen aber nicht siegen
  صبحي عبد الحميد
  الخطوط الدفاعية
  غيرترود بيل ... آثارية أم جاسوسة ..؟
  أمن البعثات الخارجية
  الحركة الوهابية
  ماذا يدور في البيت الشيعي
  الواقعية ... سيدة المواقف
  زنبقة ستالينغراد البيضاء هكذا أخرجت فتاة صغيرة 17 طائرة نازية من السماء
  اللورد بايرون : شاعر أم ثائر، أم بوهيمي لامنتمي
  حصان طروادة أسطورة أم حقيقة تاريخية
  دروس سياسية / استراتيجية في الهجرة النبوية الشريفة
  بؤر التوتر : أجنة الحروب : بلوشستان
  وليم شكسبير
  البحرية المصرية تغرق إيلات
  كولن ولسن
  الإرهاب ظاهرة محلية أم دولية
  بيير أوغستين رينوار
  المقاومة الألمانية ضد النظام النازي Widerstand gegen den Nationalsozialismus
  فلاديمير ماياكوفسكي
  العناصر المؤثرة على القرار السياسي
  سبل تحقيق الأمن القومي
  حركة الخوارج (الجماعة المؤمنة) رومانسية ثورية، أم رؤية مبكرة
  رسائل من ملوك المسلمين إلى أعدائهم
  وليم مكرم عبيد باشا
  ساعة غيفارا الاخيرة الذكرى السادسة والستون لمصرع البطل القائد غيفارا

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
أبو سمية، د. عادل محمد عايش الأسطل، محمد علي العقربي، العادل السمعلي، محمد اسعد بيوض التميمي، صلاح الحريري، أحمد النعيمي، د - محمد بن موسى الشريف ، بيلسان قيصر، د - محمد بنيعيش، الهيثم زعفان، علي عبد العال، ياسين أحمد، عزيز العرباوي، خالد الجاف ، عبد الله زيدان، حميدة الطيلوش، رافع القارصي، د. مصطفى يوسف اللداوي، سليمان أحمد أبو ستة، سعود السبعاني، رحاب اسعد بيوض التميمي، محمد يحي، د. صلاح عودة الله ، صفاء العراقي، مجدى داود، فهمي شراب، فتحـي قاره بيبـان، محمود فاروق سيد شعبان، أشرف إبراهيم حجاج، عبد الله الفقير، عبد الغني مزوز، سامح لطف الله، محمد أحمد عزوز، إسراء أبو رمان، أحمد بوادي، صفاء العربي، الناصر الرقيق، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، د - عادل رضا، د.محمد فتحي عبد العال، مصطفي زهران، محمود سلطان، فوزي مسعود ، المولدي الفرجاني، محمد شمام ، صالح النعامي ، سيد السباعي، سلوى المغربي، فتحي العابد، د- محمد رحال، د - شاكر الحوكي ، رمضان حينوني، أ.د. مصطفى رجب، تونسي، فتحي الزغل، أحمد الحباسي، سلام الشماع، يحيي البوليني، عمر غازي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، حاتم الصولي، د. أحمد بشير، خبَّاب بن مروان الحمد، كريم فارق، د. طارق عبد الحليم، حسن عثمان، د - صالح المازقي، د- هاني ابوالفتوح، نادية سعد، علي الكاش، عمار غيلوفي، محمد الطرابلسي، محمد الياسين، رشيد السيد أحمد، سفيان عبد الكافي، عواطف منصور، محرر "بوابتي"، د. أحمد محمد سليمان، د- محمود علي عريقات، المولدي اليوسفي، محمد العيادي، أحمد بن عبد المحسن العساف ، مصطفى منيغ، حسني إبراهيم عبد العظيم، د - الضاوي خوالدية، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، د - المنجي الكعبي، طارق خفاجي، عبد الرزاق قيراط ، د. عبد الآله المالكي، إياد محمود حسين ، حسن الطرابلسي، كريم السليتي، عراق المطيري، صباح الموسوي ، د. كاظم عبد الحسين عباس ، جاسم الرصيف، مراد قميزة، الهادي المثلوثي، أنس الشابي، يزيد بن الحسين، عبد العزيز كحيل، أحمد ملحم، طلال قسومي، د. خالد الطراولي ، وائل بنجدو، د - مصطفى فهمي، د- جابر قميحة، منجي باكير، صلاح المختار، ماهر عدنان قنديل، إيمى الأشقر، محمد عمر غرس الله، ضحى عبد الرحمن، رضا الدبّابي، سامر أبو رمان ، رافد العزاوي، محمود طرشوبي،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة

سياسة الخصوصية
سياسة استعمال الكعكات / كوكيز