البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

الخاتون تروج للطائفية في العراق (2 ـ 3)

كاتب المقال سلام الشماع    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 6384 Salam_alshamaa@yahoo.com


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


قلت في القسم الأول من هذا المقال أن لا طائفية في العراق.. والصراع في جوهره سياسي وتنازع على سلطة، ومال، وجاه، ومنصب.. تجاوز به السياسيون والمليشياويون و(الاسلاماويون) سقف المحرمات، التي تمس وحدة المجتمع العراقي ومصالحه العليا، وانتقلوا من التنافس السياسي إلى العزل الطائفي، وهو انتقال غير مسوغ بالصراع من أبعاده المشروعة إلى ما يصب في تفكيك وحدة المجتمع العراقي وتآلفه، ومهما تخفى السياسيون وراء عناوين ظرفية وعابرة، فإنهم لا يتجاوزون أهمية الأداة الصغيرة في العمليات الكبرى، وأعني بها عملية تقسيم الوطن وشرذمة سيادته المعنوية والترابية.. فالعراق الآن عبارة عن مستودع سلاح محرم، أو جموع مستلبة تحت وطأة سلطة غير مكترثة، أو شعب يلهث خلف لقمة العيش، أو بلد قابل للانشطار والتراكم في أية لحظة.

ووعدت أن أعرض لمذكرات جيرترود بيل، وهي المس بيل، التي لم أطلع عليها، من قبل، وإنما اطلعت على مراسلاتها مع أبيها في انكلترا من العراق، والتي نشرت تحت عنوان (صانعة الملوك) في ستينات القرن الماضي، ولكني قبل أيام اطلعت على مذكراتها التي يبدو أنها قد أفرج عنها مؤخراً بوصفها من الوثائق المهمة التي تتعلق بالاحتلال البريطاني للعراق في مطلع القرن الماضي، والعراقيون يطلقون على المسز بيل اسم "الخاتون".

والخاتون كلمة تركية تعني السيدة، ولكن أحد كبار الموسوعيين العراقيين يرى أنها كلمة عربية أصلها (القاطون)، والقاطون هي السيدة لأنها تقطن مع الرجل في البيت.

عملت المسز بيل أول ما عملت موظفة ادارية في شركة الهند الشرقية التابعة لوزارة المستعمرات البريطانية التي تعادل دائرة الاستخبارات الخارجية، وكانت تبدي اهتمامها كباحثة آثارية ومهتمة بالعشائر والعادات العربية والعراقية، وقد أسست تبعاً لاهتمامها هذا المتحف العراقي، ثم صارت المستشارة الأولى للحاكم البريطاني وسكرتيرة المندوب السامي البريطاني في العراق السير برسي كوكس أثناء الاحتلال البريطاني للعراق سنة 1917م، وبقيت في العراق حتى وفاتها فيه عام 1926م، وقد دفنت في العراق.

كانت للمسز بيل علاقات واسعة مع رجالات العراق وكانت تزورهم في بيوتهم وبساتينهم، ولكن أشهر أصدقائها كان الحاج ناجي الكرادي الذي يملك بساتين في منطقة الكرادة ،وكانت تستأنس بآرائه عن المجتمع العراقي وقد عاش 128 سنة، ويبدو أن العراقيين أطلقوا اسم الحاج ناجي على الاستعمار البريطاني ككل نسبة إليه.

في مذكرات المسز بيل اشارات طائفية كثيرة، حاول البريطانيون تسريبها إلى المجتمع العراقي وترسيخها للاستفادة منها في إدارة بلاد ما بين النهرين، لكنهم لم ينجحوا إلا قليلا بسبب تماسك العراقيين ووعي طبقتهم المثقفة آنذاك.

ولعلنا نستفيد من هذه المذكرات أن الاحتلال الأميركي للعراق سار مع النهج الاستعماري البريطاني الذي اتبع آنذاك حذو النعل للنعل في مجال الترويج للطائفية وإدارة البلاد.

في هذه المذكرات حشد من المغالطات والأكاذيب، نقرأ منها في الصفحة 69 قول المسز بيل: (إن سادة الفرات الملاّكين هم مصدر قوة لنا، فكلهم تقريباً ضد الأتراك لكونهم شيعة لايكنّون أيّ حبًّ لكل حكومة سنية)، في حين أن السيد محمد سعيد الحبوبي قائد الجهاد ضد الاحتلال البريطاني ألف جيش المجاهدين سنة 1914 من أبناء هذه العشائر وسار بهم إلى الشعيبة في البصرة لمقاتلة الجيش البريطاني نصرة للدولة العثمانية المسلمة، كما كانوا يعتقدون.. ولكن هؤلاء سيتحولون في نظرها في مكان آخر من المذكرات إلى (مشكلة مزعجة)، ففي الصفحة 188 تقول: (قد تكون مشكلة الشيعة أخطر المشاكل وأشدها إزعاجا في البلاد.. انك لا تستطيع مطلقاً أن تشكل ولايات ثلاثاً مستقلة تمام الاستقلال في حكمها الذاتي، ولذلك يجب أن يُحتفظ بالموصل السنية في ضمن الدولة العراقية من أجل تنظيم التوازن... على أن السلطة النهائية يجب أن تكون في أيدي السنة). وهي هنا تقر بوجود مخطط لتقسيم العراق إلى ثلاث دويلات ولكن الواقع العراقي منعهم من تحقيق ذلك، وها هم قد عادوا إلى المخطط نفسه بعد أن أعطوه اسما جديداً هو الفيدرالية.

وهي تحاول في أكثر من مكان أن توصم شيعة العراق بأنهم من الفرس لإحداث شرخ بينهم وبين إخوانهم السنة، ففي الصفحة 121 تقول: (لأن الموظفين العرب كما تلاحظونهم ـ ويجب أن يكونوا كذلك دوماً ـ من البغداديين السنة بسبب عدم وجود طبقة مثقفة أخرى في البلاد، والعشائر ـ ومعظمها من الشيعة على ما تذكرون ـ تكرههم)، ثم تقول في الصفحة 148: (وأنا متأكدة من أن تسعين بالمئة من أهل السنة ينفرون من الاحتكاك بالشيعة والعكس بالعكس)، ولا أدري من أين جاءت بهذا التأكيد؟!!!.

ثم تضيف في الصفحة 214: (لهذا يحسن بالنقيب “تقصد السيد عبد الرحمن النقيب أول رئيس وزراء عراقي في حكومة الاحتلال” أن يضم احد رجال كربلاء والنجف البارزين إلى عضوية مجلس الوزراء، لكن إحدى الصعوبات هي أن جميع رجال الشيعة البارزين في المدن أو كلهم تقريباً هم من رعايا إيران)!!.

وتقول: (فالشيعة يشتكون من أنهم غير مُمَثَلين تمثيلاً كافياً في المجلس وهم بهذا يتغاضون بالكلية عن أن قادتهم كلهم تقريباً “رعايا إيرانيون”، وعليهم ان يغيّروا جنسيتهم قبل أن يتبوأوا المناصب في الدولة العراقية، إنهم أصعب العناصر انقياداً في البلاد، وهم كلهم متذمرون مستاؤون تقريباً، ولا يبالون بالمصلحة العامة بالمرّة) ص219

وسنرى في الحلقة الثالثة والأخيرة من هذا المقال كيف أن رجالات الشيعة الذين وصمتهم بأنهم فرس إنما هم عرب أقحاح ذنبهم الوحيد أنهم ناهضوا الاحتلال البريطاني، كما يفعل الاحتلال الأمريكي الآن عندما يلصق شتى التهم بالسنة في العراق.. ولكن العراق دائماً ينفض عن نفسه هذه التسميات ويعود عراقاً، مثل طائر العنقاء.

----------
نشر بالتوازي مع صحيفة البلاد البحرينية


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

العراق، بريطانيا، احتلال، طائفية، شيعة،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 2-10-2009  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
عبد الغني مزوز، د - مصطفى فهمي، المولدي الفرجاني، أنس الشابي، د - المنجي الكعبي، سعود السبعاني، د. صلاح عودة الله ، يزيد بن الحسين، علي الكاش، د. كاظم عبد الحسين عباس ، عبد الله الفقير، د. مصطفى يوسف اللداوي، د- جابر قميحة، حسني إبراهيم عبد العظيم، كريم السليتي، فوزي مسعود ، رافد العزاوي، العادل السمعلي، سيد السباعي، رشيد السيد أحمد، د - الضاوي خوالدية، الناصر الرقيق، سليمان أحمد أبو ستة، د- محمود علي عريقات، د. أحمد بشير، ياسين أحمد، نادية سعد، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، أشرف إبراهيم حجاج، سفيان عبد الكافي، د - عادل رضا، وائل بنجدو، منجي باكير، حاتم الصولي، سامر أبو رمان ، خبَّاب بن مروان الحمد، د- محمد رحال، حسن الطرابلسي، محمد يحي، أحمد الحباسي، أحمد النعيمي، د - محمد بن موسى الشريف ، عراق المطيري، إيمى الأشقر، أ.د. مصطفى رجب، يحيي البوليني، سلام الشماع، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، جاسم الرصيف، مراد قميزة، خالد الجاف ، عزيز العرباوي، مجدى داود، د - شاكر الحوكي ، فهمي شراب، حميدة الطيلوش، صلاح الحريري، عمر غازي، محمود فاروق سيد شعبان، سامح لطف الله، د - محمد بنيعيش، فتحي الزغل، محرر "بوابتي"، أحمد بن عبد المحسن العساف ، صباح الموسوي ، د- هاني ابوالفتوح، محمد عمر غرس الله، محمد شمام ، إسراء أبو رمان، محمد العيادي، علي عبد العال، د. عبد الآله المالكي، محمد الطرابلسي، محمود سلطان، د - صالح المازقي، فتحي العابد، الهيثم زعفان، صفاء العراقي، محمد أحمد عزوز، د. خالد الطراولي ، أحمد بوادي، د. طارق عبد الحليم، إياد محمود حسين ، د.محمد فتحي عبد العال، الهادي المثلوثي، محمد اسعد بيوض التميمي، عبد الرزاق قيراط ، عمار غيلوفي، عبد الله زيدان، ماهر عدنان قنديل، د. ضرغام عبد الله الدباغ، سلوى المغربي، محمد الياسين، رحاب اسعد بيوض التميمي، حسن عثمان، فتحـي قاره بيبـان، أحمد ملحم، طلال قسومي، صلاح المختار، عواطف منصور، محمود طرشوبي، د. أحمد محمد سليمان، ضحى عبد الرحمن، د. عادل محمد عايش الأسطل، مصطفي زهران، صالح النعامي ، تونسي، رضا الدبّابي، كريم فارق، صفاء العربي، أبو سمية، رافع القارصي، رمضان حينوني، مصطفى منيغ،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة