البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

حرب على الطائفية في العراق (1 ـ 3)

كاتب المقال سلام الشماع    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 6708


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


الألوان المتعددة أفضل وأحلى وأبهى وأنضر وأحسن وأجمل وأمتع من اللون الواحد.. ولا يظهر حسن اللون وجماله إلا متى اجتمع مع الألوان الأخرى، دعك من حالة استثنائية ونادرة يمتلكها المصابون بعمى الألوان.
والمتطرفون الطائفيون من هذا الاستثناء النادر.

والطائفية سوسة متى تسربت إلى مجتمع نخرته وهدمته وأوقفت عجلة التطور فيه، ولكنها في الأحوال كلها تبقى مساحتها محدودة في أي مجتمع لكنها تسود في ظروف غير طبيعية وسرعان ما تنحسر متى واجهها التفكير الواعي العقلاني، والطائفي لا يطيق رؤية غيره في الوجود ولا يتحمل الرأي الآخر ولا يعرف معنى الحوار، وهو لا يعرف إلا الاجتثاث والإقصاء.. إنه من جماعة (حسبنا ما وجدنا عليه إباءنا).

وما نراه في المجتمع العراقي بعد الاحتلال يمكن أن نتخذ منه نموذجا نفهم من خلاله الآلية التي تعمل من خلالها الطائفية وتسود، فالمجتمع العراقي مجتمع متماسك متفاهم لا يسأل الواحد فيه عن مذهب الآخر أو دينه أو اتجاهه الفكري أو السياسي، وقد تجد فيه أصدقاء يعيشون عشرات السنين من دون أن يسأل أحدهما الآخر من أي دين أنت أو أي مذهب!!. ولذلك تجد ازدهار الزيجات بين أبناء المذاهب المتعددة فيه، بل تجد الكثير من المسلمين تزوجوا مسيحيات، وأكثر من ذلك لا تجد في العراق قبيلة أو عشيرة تتمسك بمذهب واحد، أو، مثلاً، عندما تجتمع اي قبيلة أو عشيرة في مؤتمر تعقده ويقفون لصلاة الجماعة في موعد الصلاة تجد الجميع يصلون كل بصلاته ولا يهمهم إن كان الإمام من هذا المذهب أو ذاك، مع عدم انكارنا وجود عقليات طائفية متطرفة متعصبة، ولكنها محدودة التأثير أو لا تأثير لها في وسط متماسك مثل هذا.

عندما حدث الاحتلال فوجئ العالم كله بمن يريد أن يثبت له أن المجتمع العراقي مجتمع طائفي يقتل السني فيه الشيعي، والشيعي السني، والعربي الكردي، والكردي العربي والمسلم المسيحي، والمسيحي المسلم.. فكيف حدث هذا بين ليلة وضحاها؟.. ثم ضحك العالم ملء شدقيه عندما أصدرت الحكومة بيانات قالت فيها إنها قضت على الطائفية!!!.
أببيان حكومي يقضى على الطائفية؟!!.
والواقع ان المجتمع العراقي ظل يحترم ثوابته الوطنية ويمقت الطائفية لكن الذي حدث أن المحتل ساند الفئة المحدودة جداً في المجتمع بالمال والاعلام وجاء لها بأحزاب طائفية من خارج العراق، سنية وشيعية، تنفذ أجندته وحاول وما يزال إشاعة ثقافة جديدة تقوم على التنابذ والانفصال في مجتمع عاش متماسكاً لآلاف السنين.

وقد أفرحني خبر نشر في أيام عيد الفطر المبارك الماضي يثبت أن الهجوم المضاد على العقلية الطائفية المتطرفة وعلى محاولات الاحتلال في نشر الثقافة الطائفية قد بدأ من طرف قوى المجتمع التي تمقت في مجملها هذه العقلية.
يقول الخبر: (فؤجئ اهالي الفلوجة ضحى يوم الاحد اول ايام عيد الفطر المبارك، بحسب الوقف السني، بزيارة تاريخية كسرت الحواجز التي صنعتها سنوات المحاصصة والعنف الطائفي، عندما وجد الفلوجيون وفدا يمثل رؤساء عشائر الجنوب وعدداًً من المحافظات العراقية يشاركهم الفرحة بعيد الفطر المبارك، ويتجول في المدينة، ويشاركهم باداء صلاة الظهر موحدة في احد مساجد الفلوجة). والأكثر من ذلك، بدأ أناس من داخل العملية السياسية التي فرضها المحتل، من الذين كان خطابهم طائفياً محضاً يعترفون بلا جدوى المضي في تنفيذ الأجندة الطائفية الاحتلالية، فهذا هو الامين العام للتيار الوطني المستقل النائب في مجلس النواب الحالي نديم الجابري يعلن: (ان هناك بعض الاحزاب التي تبنت المنهج الطائفي تحاول ان تعيد صياغته بمنهج وثوب جديدين بعد فشله، وأن هناك خطأ استراتيجيا ارتكبته معظم الكتل السياسية من خلال تبنيها المنهج الطائفي في الانتخابات النيابية السابقة). وهذا هو النائب المسيحي (يونادم كنه) يتهم دولا خارجية لم يسمها بالسعي إلى إفراغ العراق والمنطقة من المسيحيين، موضحا أن هجرة المسيحيين إلى خارج البلد ما تزال متواصلة.

وهذا يذكرنا بافشال العراقيين الاجندة الطائفية التي حاول زرعها الاحتلال البريطاني للعراق في عشرينات القرن الماضي ومع اندلاع ثورة العشرين الكبرى، فقد روى لي العلامة الراحل الدكتور علي الوردي مرة أن مواكب عزاء حسينية نظمها أبناء الأعظمية لمشاركة أبناء الكاظمية عزاءهم بذكرى استشهاد الإمام الحسين في العاشر من المحرم وكانت مواكب الاعظميين تردد: (أرد أناشدكم يشيعة صدك زينب أسروها) فتجيبهم مواكب الكاظميين: (إي وحك جدها وأبوها حتى الخيام احرقوها)، وكانت وفود الكاظميين ومواكبهم تشارك الأعظميين احتفالاتهم ومواليدهم.

والواقع ان مفكرين تنويريين من طراز العلامة الوردي يظلمهم الطائفيون المتطرفون، فهذا هو الأستاذ الدكتور حازم طالب مشتاق يقول عن الوردي: (وكان جريئا شجاعا في رفضه للطائفية على اختلاف وتعدد صورها واشكالها السياسية والاجتماعية. اعتبر الطائفية نوعا من انواع البدع والضلالات. ونظر اليها بوصفها عرضا من اعراض التخلف والانحطاط. والمفارقة هي انه كان شيعيا بالاسم، لكنه لم يكن طائفيا على الاطلاق، وان لم يتنكر للطائفة الشيعية، كما اظهر الاحترام للطائفة السنية. وكان يميز بين الطائفة والطائفية تمييزا واضحا دقيقا. حاربه الطائفيون الشيعيون لانه لم يكن طائفيا مع انه كان شيعيا، وحاربه الطائفيون السنيون لانه كان شيعيا ولو بالاسم فقط على طريقة القتل على الهوية).

وكان عالم عراقي موسوعي كبير، هو الدكتور حسين علي محفوظ رحمه الله، وضع احصائية مهمة للخلافات بين المذاهب الإسلامية كافة، فظهر له أن نسبة الاتفاق بين هذه المذاهب 96 بالمائة، وهي تختلف فيما بينها جميعا على ما نسبته 4 بالمائة، كما ذكر الدكتور محمد عيسى الخاقاني الاستاذ في جامعة البحرين في مقالة نشرها في صحيفة أخبار الخليج في رثاء الدكتور محفوظ، وهذا الاختلاف تركز في الفروع لا في الأصول. وفي المقالة المقبلة سنستعرض جهود البريطانيين في تسريب الطائفية إلى المجتمع العراقي من خلال مذكرات المسز بيل سكرتيرة المندوب السامي البريطاني في العراق السير برسي كوكس أثناء الاحتلال البريطاني للعراق سنة 1917م.

----------
نشر بالتوازي مع صحيفة البلاد البحرينية



 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

العراق، طائفية، نزاعات طائفية،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 1-10-2009  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
أحمد بوادي، محمد اسعد بيوض التميمي، الناصر الرقيق، المولدي الفرجاني، سامر أبو رمان ، د. أحمد بشير، عبد الرزاق قيراط ، د - محمد بن موسى الشريف ، محمود سلطان، وائل بنجدو، د- جابر قميحة، فوزي مسعود ، د. صلاح عودة الله ، العادل السمعلي، عبد الله الفقير، أبو سمية، ياسين أحمد، عواطف منصور، خبَّاب بن مروان الحمد، الهيثم زعفان، كريم فارق، ماهر عدنان قنديل، خالد الجاف ، عزيز العرباوي، رشيد السيد أحمد، صباح الموسوي ، د. عبد الآله المالكي، رافد العزاوي، رمضان حينوني، الهادي المثلوثي، د - مصطفى فهمي، ضحى عبد الرحمن، صلاح الحريري، محمد شمام ، مصطفي زهران، سلوى المغربي، أحمد النعيمي، مراد قميزة، فتحي العابد، أنس الشابي، د.محمد فتحي عبد العال، فتحـي قاره بيبـان، محرر "بوابتي"، عبد الغني مزوز، د - صالح المازقي، صالح النعامي ، محمد يحي، أحمد الحباسي، صلاح المختار، عمار غيلوفي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، د- محمود علي عريقات، عمر غازي، سليمان أحمد أبو ستة، د - محمد بنيعيش، مجدى داود، منجي باكير، طلال قسومي، المولدي اليوسفي، يحيي البوليني، رافع القارصي، د. مصطفى يوسف اللداوي، سلام الشماع، د. طارق عبد الحليم، أحمد بن عبد المحسن العساف ، حسن الطرابلسي، علي الكاش، د. خالد الطراولي ، مصطفى منيغ، محمود طرشوبي، محمد عمر غرس الله، كريم السليتي، محمد أحمد عزوز، د - الضاوي خوالدية، أشرف إبراهيم حجاج، عراق المطيري، د. عادل محمد عايش الأسطل، حسني إبراهيم عبد العظيم، تونسي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، إيمى الأشقر، د - شاكر الحوكي ، أ.د. مصطفى رجب، محمد العيادي، محمد الطرابلسي، عبد العزيز كحيل، طارق خفاجي، علي عبد العال، رحاب اسعد بيوض التميمي، بيلسان قيصر، حميدة الطيلوش، سيد السباعي، فتحي الزغل، إياد محمود حسين ، جاسم الرصيف، صفاء العراقي، محمود فاروق سيد شعبان، سعود السبعاني، د- محمد رحال، سفيان عبد الكافي، محمد الياسين، حسن عثمان، د - المنجي الكعبي، نادية سعد، محمد علي العقربي، حاتم الصولي، د. أحمد محمد سليمان، سامح لطف الله، رضا الدبّابي، د. كاظم عبد الحسين عباس ، إسراء أبو رمان، صفاء العربي، عبد الله زيدان، أحمد ملحم، د - عادل رضا، د- هاني ابوالفتوح، يزيد بن الحسين، فهمي شراب، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة