سلام الشماع
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 6214 Salam_alshamaa@yahoo.com
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
صار سجن ابو غريب في بغداد الأشهر بين سجون العالم منذ الاحتلال الأميركي للعراق وإلى يومنا هذا، ولعله سيدخل موسوعة (جينيز) لكثرة التجاوزات والاعتداءات التي مارستها القوات الاميركية المحتلة ومن بعدها قوات الحكومة الحالية ضد نزلائه، ومن الدقيق أن يوصف بأنه غوانتنامو الشرق لتشابه الأساليب ووسائل التعذيب، إلا أن غوانتنامو الشرق أكثر اكتظاظا بالمساجين من أبيه الأصلي.
وآخر التجاوزات ما حصل قبل أيام عندما احتج السجناء على سوء المعاملة فجوبهوا بالضرب وبتمزيق نسخة من القرآن الكريم في شهر نزوله وتمزيق صورة أحد المراجع الدينية، كما أكدت النائبة العراقية عن التيار الصدري زينب الكناني.. ولم نعرف إلى الآن من هو ذلك المرجع الذي مزق الحارس الأمني صورته؟.
وللتذكير فقط فان الإساءة إلى القرآن الكريم في سجن أبو غريب بدأها الجنود الأميركان ويقلدهم الآن رجال الأمن العراقي الجديد.
وتمرد السجناء احتجاجا على الممارسات غير الآدمية التي يعانون منها وأحرقوا جزءا من السجن، وقد عالجت السلطات العراقية الأمر بـ (حكمة وروية)، فكانت كمن يقضي على قطة بمدفع أرض أرض حيث أرسلت القوات الى السجن برا وجوا، ولو كان السجن يقع على بحر لأرسلت قوات بحرية أيضاً.
وسجن أبو غريب يقع قرب مدينة أبو غريب على بعد 32 كلم من العاصمة العراقية بغداد، وقد اشتهر هذا السجن بعد احتلال العراق لاستخدامه من طرف قوات الاحتلال في العراق، وإساءة معاملة السجناء داخله وقد عرضت صور تبين المعاملة المريعة من طرف هذه القوات للسجناء داخل السجن، وبينت تلك الصور طرق تعذيب غير إنسانية للمساجين العراقيين وإذلالهم وتصويرهم وتكديسهم عراة في ممرات السجن، وقد سميت تلك الجريمة بــ "فضيحة أبو غريب".
واثارت تلك الصور موجة عالمية من السخط وساعدت في زيادة رقعة المقاومة العراقية على امتداد الأرض العراقية.
وفي عام 2004 م قامت مجموعات مسلحة باستهداف السجن بالسيارات المفخخة وقصفه وتحرير أكثر من 150 سجيناً، على الرغم من أن قوات الاحتلال كانت متمركزة فيه.
وقد أطلقت القوات المحتلة حزمة من الأكاذيب لتغطية جريمتها في ابو غريب والتخفيف من الغضب الشعبي العراقي والعربي والعالمي الذي جوبهت به، ولعل الاكذوبة الجديدة التي أطلقها قبل أيام نادر سليمان، المستشار الإعلامي للقوات المحتلة في العراق تندرج في عداد تلك الأكاذيب أو هي امتداد لها، فقد صرح لـصحيفة "الشرق الأوسط" بقوله: ان الجيش الأميركي لم يتدخل في العمليات التي جرت داخل سجن أبو غريب، وأن الجانب العراقي لم يطلب مساعدة الأميركيين لإنهاء التمرد، وأن العملية كانت عراقية بحتة، في حين أكدت تقارير صحفية متطابقة ان المروحيات الأميركية أسهمت في الهجوم على السجن لإنهاء ما أسموه "التمرد".. وعلى الرغم من أي شيء فإن هذه أخف وأسهل وأبسط كذبة أميركية، من الأكاذيب التي لن تنطلي على شعب العراق ولا على العالم.
وفي الوقت الذي وصفت النائبة الكناني العملية بأنها "بربرية" واتهم رئيس كتلتها في البرلمان أحمد المسعودي، إدارة السجن بـ"العنصرية والتصرف حسب الانتماءات السياسية لكل سجين"، مؤكداً أن "الكثير من منتسبي السجن يقومون بتنفيذ تعليمات إدارة السجن وضرب السجناء وإهانتهم وإهانة معتقداتهم الدينية والإنسانية"، لم نجد أحداً من المسؤولين والنواب الآخرين ندت شفتاه عن احتجاج ولو خجول.
قد يكون وراء احتجاج التيار الصدري للعملية بهذه الشدة لأن الصورة الممزقة كانت للسيد مقتدى الصدر زعيم التيار، أو قد يكون هذا التيار يريد استخدام احتجاجه هذا ورقة في الانتخابات المقبلة، فلماذا أنتم ايضا أيها المسؤولون والنواب لا تستخدمون هذه الورقة، وتدافعون عن أبناء من انتخبكم؟
وقد كان أمام السيد المالكي، أيضاً، وهو يخوض المعركة الانتخابية التي بدأت مبكرا بتفجيرات الأربعاء الأسود، فرصة أن يثبت للعراقيين أنه ديمقراطي فعلاً وليس "دمـ... قراطيا" ويعالج مشكلة السجن بمنتهى الهدوء بالتفاوض الهادئ مع السجناء والاستجابة لمطاليبهم، لا أن يلجأ إلى ما ينتقده بما يسميه " قمع النظام السابق للانتفاضة الشعبانية".. أم أن له مكيالين يكيل بهما الأمور؟
ان السكوت على الجرائم التي تحدث في ابو غريب والتي حدثت تستوجب احتجاجاً عالميا من منظمات حقوق الانسان وفتح ملفات انتهاكات هذه الحقوق في العراق كله.. فقد شاهدت قبل أيام مقطعاً فيديويا لشخص يعذبونه في دائرة أمنية في مدينة الديوانية وقد جردوه من ملابسه تماماً ويحمل معذبه في يده جهازا كهربائيا يوجهه إلى جسم المواطن الذي كان ينكر التهمة الموجهة إليه فيواجه بالكثير من التعذيب والكلمات النابية التي لم أجد السوقة يستخدمونها، وقد مات هذا المغلوب على أمره جراء التعذيب لكن رجال الأمن لم يصدقوا بموته واستمروا في تعذيبه... وقصص مثل هذه إذا رويتها لعراقي سيقول لك: (يمعوّد) إن هناك قصصا افظع من هذه بكثير!!!.
أية سادية هذه التي يتعاملون بها مع شعب العراق؟..
أنا شخصياً لا أصدق أن عراقياً يمكن له أن يعذِّب عراقياً بمثل هذا التعذيب أيا كانت جريمته، وأعتقد أن أساليب التعذيب والمعذبين (بكسر الذال) قد جيء بها وبهم من خارج العراق، وهذا ما تؤكده الروايات المتطابقة والتقارير الصحفية التي تنشر على الانترنيت يومياً.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: