من ابن باز حتى الكلباني: فقهاء الوهابيّة في خدمة سياسات آل سعود
رشيد السيد احمد - سوريا
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 11689
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
و هنا حديث طويل ذو شجون، و ألم.. و أنت ترى لعبة آل سعود مذ كانوا رأس المشروع البريطاني لنهب نفط المنطقة.. و حتى صاروا رأسا لمشروع أمريكي مهيمن.. صليبي.. قُتل من المسلمين في حروب استنفاذ مشاريعه.. الملايين و ما تزال العراق، و باكستان، و أفغانستان.. تقدمان إلى اليوم جثامين الشهداء.. على مذبح مطامع هؤلاء، و هؤلاء
و في خطّة تم توظيبها مذ رَكب أول ملك على ظهر شعبه في هذه المنطقة .. إلى آخر رئيس جمهوريّة يمثل نظاما حاكما بعيدا عن تطلعات ، و آمال شعبه.. كان هناك بحث عن فقيه.. يبرر للسلطان بغيه، و جوره، و انتهاكاته..يُلبس الآيات القرآنيّة، و أحاديث رسول الله.. لبوسا يرضي سلطان المسلمين، و القائم على أمرهم.. و ليّا، و خليفة و إماما .
و في صورة فاضحة تمّ تركيبها.. في الجزء من جزيرة العرب الذي سميَ زورا " السعوديّة " تم تلازم السلاح، و الفقه المقولب الوهابي، و المؤامرات المخابراتيّة.. لتنفيذ مشاريع استعماريّة.. أنّت تحت وطئتها المنطقة المسماة " العربيّة ".. و امتدت مفاعيلها إلى أفغانستان، و الباكستان، و منطقة البلقان.. و منذ التقاء " محمد بن عبد الوهاب " .بـ " آل سعود ".. تمّ اختيار فقهاء المملكة المطوّبون رسميّا من أسرة " آل الشيخ " باستثناءات بسيطة .. و لربما كان اشهرهم الشيخ " ابن باز " الذي خرج من مرحلته البشريّة.. و دخل في مرحلة " القديسين " المطوبين إسلاميا.. حتى ذهبت آراءه الفقهيّة قانونا ملزما.. رغم جميع المغالطات التي ظهرت فيها.. و التي كانت تكيل بمكيالين.. اعطوا لآل سعود ما لآل سعود.. و أعطوا الفتاوى التي ما أنزل الله بها من سلطان لعموم المسلمين، و بما يرضي آل سعود أيضا.. و كما تميل أهوائهم.. و كان الفقه يوظف هنا لمهاجمة هذا " القطر " أو هذا " القطر " .. تكفيرا هنا.. و خروجا عن الملّة هناك.. و في كل زمان اختلف فيه أحد الراكبين من آل سعود.. مع احد الراكبين من باقي النظام الرسمي العربي.. كانت هناك فتاوى، و أدعية .. و معوذات، و حوقلات ... تهاجم هذا الراكب أو ذاك.. و تدخله في حلبة التكفير هو و عباد الرحمن المنطوين تحت سرجه... و قد دفعني لكتابة هذا المقال.. اندفاع بعض المثقفين العراقيين من غير ذوي " اللحى، و العمامات بلونيها، و اشكالها ".. لتبني مقولات " الكلباني " نكاية بإيران.. رغم أنّ الكلباني.. كان يتحدث بكل وضوح عن " شيعة السعوديّة العرب " قحطانيّون أم عدنانيّون.. بدو أم حضر.. أحياءا كانوا أم أمواتا.
و قد ظهرت أول بوادر هذه الحرب التكفيريّة.. مع بزوغ نجم " جمال عبد الناصر ".. و تبشيره بمشروعه القومي العربي.. و دخوله الى اليمن.. و عندها قامت قيامة " آل سعود " فقد وصل " الرفاق " إلى الحدود الجنوبيّة .. و تمّ التخلص من حكم الإمامة الذي ربض على صدر اليمن من زمان " زيد ابن علي " حتى زمان " الشيوعيين " .. و منعا للتأثر، و التأثير.. كان لزاما على " ابن باز " أن يكفّر " جمال عبد الناصر " من خلال اعتماده على دخول الخبراء السوفييت إلى ارض الكنانة للمساعدة في بناء السدّ العالي.. و عندها خرجت فتوى ذات مكيالين " حيث حرّم هذا الابن باز الاستعانة بالشيوعيين الملحدين من باب فقه " تولّي الكفار ".. و عندها ردّت مصر عبد الناصر بمسرحيّة.. لفؤاد المهندس.. كانت تلمز " قديس الوهابيّة ".. و تتحدث عن كرويّة الأرض، و دورانها.. و كانت تردّد بشكل غير مباشر على فتوى باضها فقيه الزمان في عصره و هي الحكم بـ " كفر من يقول بدوران الأرض ".. و عندما أعدم " جمال عبد الناصر " الشهيد " سيّد قطب " خرجت الفتوى بتكفير " جمال عبد الناصر " بواحا، جهارا نهارا.. و قال فيها : بسم الله الرحمن الرحيم من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلي الرئيس جمال عبد الناصر السلام علي من اتبع الهدي
يقول الله عز وجل " ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم وغضب الله عليه ولعنه واعد له جهنم وساءت مصيرا ".. و في كلتا الحالتين.. كان ابن باز يصمت صمت القبور عن انتهاك الأمريكي لأرض الحرمين.. و انتهاك هيئة الأمر بالمعروف لرقاب الآلاف من المخالفين لنظام آل سعود.. ضربا بالسيف، و على مرآى من الصامتين من باقي ابواق الفقه الوهابي...
ثمّ هبّت رياح الحرب " الإيرانية - العراقيّة " فخرجت أصوات شيوخ الوهابيّة من كل حدب، و صوب تجأر بالدعاء لبطل " القادسيّة " .. الذي كان في وقتها رئيس حزب علماني.. لا علاقة له بدين.. فصل بينه، و بين الدولة بحدّ النار، و الحديد.. و هدأت الحرب.. و كان حصار العراق "عربيا – خليجيّا ".. قد بدأ يدبّر في ليل.. فما كان على سيّد العراق إلاّ الردّ بضم الكويت.. و كان اجتياحا ألّب الدنيا.. و وضع آل سعود في الزاوية الصعبة .. و كان لابد من تهيئة الأرض بقصف دينيّ غير مسبوق كان على رأسه " ابن باز " و من لف لفيفه و كانت الفتوى المشهورة ردّا على سؤال ملتبس : " هل يجوز لعن حاكم العراق.. ما دام ينطق الشهادتين ؟؟ " و حينها ادخل الشيخ " ابن باز " صدام حسين، و معتنقي ايديلوجية حزب البعث " في الصف الكافر " و غرّد قائلا : " هو كافر وإن قال : لا إله إلا الله، حتى ولو صلى وصام، ما دام لم يتبرأ من مبادئ البعثية الإلحادية، ويعلن أنه تاب إلى الله منها وما تدعو إليه، ذلك أن البعثية كفر وضلال، فما لم يعلن هذا فهو كافر. كما أن عبد الله بن أبي كافر وهو يصلي مع النبي - صلى الله عليه وسلم- ويقول : لا إله إلا الله ويشهد أن محمدا رسول الله وهو من أكفر الناس وما نفعه ذلك لكفره ونفاقه فالذين يقولون لا إله إلا الله من أصحاب المعتقدات الكفرية كالبعثيين والشيوعيين وغيرهم ويصلون لمقاصد دنيوية، فهذا ما يخلصهم من كفرهم.... لأنه نفاق منهم، ومعلوم عقاب المنافقين الشديد كما جاء في كتاب الله : إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ، وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا " وصدام بـ "دعواه الإسلام " ودعواه الجهاد أو قوله أنا مؤمن، كل هذا لا يغني عنه شيئا ولا يخرجه من النفاق، ولكي يعتبر من يدعي الإسلام مؤمنا حقيقيا فلا بد من التصريح بالتوبة مما كان يعتقده سابقا، ويؤكد هذا بالعمل، لقول الله تعالى : إِلا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا " وَبَيَّنُوا فالتوبة الكلامية، والإصلاح الفعلي، لا بد معه من بيان، وإلا فلا يكون المدعي صادقا، فإذا كان صادقا في التوبة فليتبرأ من البعثية وليخرج من الكويت ويرد المظالم على أهلها، ويعلن توبته من البعثية وأن مبادئها كفر وضلال، وأن على البعثيين أن يرجعوا إلى الله ويتوبوا إليه ويعتنقوا الإسلام ويتمسكوا بمبادئه قولا وعملا ظاهرا وباطنا، و يستقيموا على دين الله، و يؤمنوا بالله ورسوله، و يؤمنوا بالآخرة إن كانوا صادقين.
و عليه، و بجرّة " فتوى " خرج صدّام حسين، و 90% من الشعب العراقي من حاضرة الإسلام.. و حكم عليه بنفي أركان الإيمان عنه .. و عن محازبي البعث.. و شفعه بدعاء.. اصبح التنويع عليه من منابر الحرمين سنّة.. و كأن قدر هذه الأمة لعن المسلم من على منبر رسول الله.. و قال فيه.: " و لكن نسأل الله بأسمائه الحسنى، وصفاته العلا، أن يقضي عليه، وأن يدير عليه دائرة السوء، وأن يخذل الله أنصاره وأعوانه، وأن يرد من هو حائر في أمره إلى البصيرة والهدى، و أن يقضي على أنصاره الظالمين المعتدين، و أن يهلكهم معه، ويسلط عليهم جندا من عنده إنه جواد كريم. كما نسأله سبحانه أن ينصر المسلمين عليه وحزبه، وأن ينصر من نصر المسلمين عليه وعلى أعوانه حتى يقضي الله على هذا الظالم، وحتى يخرجه من الكويت صاغرا ذليلا. كما نسأل الله سبحانه أن يولي على العراق رجلا صالحا يخلف الله ويراقبه ويحكم في العراقيين شريعة الله، ويبسط فيهم العدل والإحسان ".. و هنا قد تورط هذا الفقيه " الوهابي " بالدعاء.. لتحالف الصليبيين.. الذين كانوا ينصرون المسلمين على حدود الكويت كرمى لعيون الشعب الكويتي.. و حكامه المستعينين بالشيطان لردّ ملكهم..
ثمّ وعلى خلفيّة حرب تموز بين الكيان الصهيوني، و المقاومة اللبنانيّة، و التي كان " لآل سعود " رأيهم المعادي لحزب الله.. الذي بدأ يلعب بتحالفهم الصهيوني – الأمريكي.. لشرق اوسط جديد.. فما كان من عبدة " ابن باز " الاّ نبش فتوى مكفّرة من قبر ابن " جبرين " في مقولته بالرافضة.. حتى " تم البت " في تكفير من يدعوا الى " نصر حزب الله " بل وزاد في الطنبور نغما تكفيريا من مقام " ابن وهاب " فتم تكفير هذا الحزب وتم نصح السنّة بهذه الهرطقة " و نصيحتنا لأهل السنة أن يتبرؤوا منهم، و أن يخذلوا من ينضموا إليهم ، و أن يبينوا عداوتهم للإسلام والمسلمين وضررهم قديماً وحديثا "
و جاءت أحداث المدينة المنوّرة.. مترافقة بردود فعل من " شيعة الجزيرة العربيّة ".. و بظهور فقيه اسمر اللون.. كان " آل سعود " في " خطتهم لتغيير مسرح الفقهاء " قد دفعوا به إلى إمامة الحرم.. و مثله مثل أي بوق " وهابي " اندفع االكلباني للدفاع عن أولياء نعمته.. فهاجم جزءا من أبناء وطنه.. و استلّ سيف التكفير من غمد ضلالات الوهابيّة، و عدائها للإسلام. و انقضّ تكفيرا، و تمزيقا.. و اتكأ على الدين كعادة كل فقهاء السلاطين.. و هو خطّ واضح.. مشى فيه على سنّة من قبله.. القذّة حذو القذّة.. فأجاد، و ابدع.. مما استمال إليه عددا لا بأس به من " مثقفي " العراق.. الذين " تابوا " و فق نصيحة " ابن باز ".. و رحم الله صدّام حسين....
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: