البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

الزيادة كالنقصان

كاتب المقال د. ضرغام الدباغ - ألمانيا    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 874


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


هذا المثل / الحكمة، العربية الرائعة، وفي السياسة يقابلها التطرف (وقد كتبنا عن مخاطر الانزلاق للتطرف في مجال السياسة)، والزيادة مبالغة والمبالغة مأزق لا يقل ضررا بل ويصل لدرجة الخطورة وسوف أشرح ذلك.

إذا أردنا أن نصل بسرعة فائقة لبيان جوهر أمر ما نقصده، يمكن أن نضرب مثلاً بنوع من الأدوية التي تسمى "المنقذة للحياة"، " life-saving medicines " وتحدد الوصفات التي تحتوي على الاستخدام الدقيق جداً للدواء، فقرة تنص، أن المريض وفق درجة حالته، عليه أن يأخذ نصف حبة، أو ربع حبة، أو نصف حية، أو حبة، أو حبة ونصف أو حبتين، وحين يأخذ نصف حبة يجب أن تقسم الحبة إلى نصفين متساويين بدقة تامة، وأي زيادة ولو بالمليغرام الواحد قد تكون مميتة ..!

وكمثال أقرب أن هناك من أنواع الدواء ذا فعالية شديدة، ما أن يتناوله المريض يكون فعالاً في الشفاء، ولكن حبتان أو أكثر قد تؤدي إلى وفاته ..! وكم سمعنا وقرأنا من المشاهير انتحروا بتناول كميات كبيرة من حبوب العلاج ...!

إذا كان المثالان أعلاه واضحان بدرجة حاسمة، فإن الزيادة والنقصان في التعامل الإنساني يقترب أيضاً من الحسم بهذه الدرجة. وسأضرب بعض الأمثلة. فألتهام كمية كبيرة من الطعام اللذيذ سيؤدي للتخمة، ومراجعة المستشفى، وربما بحالة خطرة، كذلك فأن المحبة المفرطة وتدليل الطفل هي أفضل طريقة لإفساده وتدميره، والأم وأحيانا الأب يفعلان ذلك بدوافع المحبة الزائدة .. ولكنهما لا يدركان فضاعة ما يفعلان وغالبا بسبب الجهل.

بوسعي أن أضرب الكثير من الأمثلة المدهشة، الاجتماعية والصحية والتربوية. ولكنني أريد هنا أن أتوجه للموضوعات السياسية، فأقول، أن الزيادة في السياسة هي المبالغة، والمبالغة في الشيئ تعني التطرف فيه، وقد نصل إلى ذات النتائج العكسية كما في العملية الاجتماعية والتربوية. فالتطرف اليساري، يؤدي إلى موقف يميني، والتطرف في اليمين، يقود إلى الرجعية، والقبول بالبراغماتية كدليل نجاح أسليب العمل، سيؤدي إلى التنازل عن المبادئ، واليساري حين يصبح براغماتياً، يحلل لنفسه ما يتناقض مع الآيديولوجيا. فبحر السياسة فيه تيارات ودوامات مغرقة مهلكة.

أريد القول، أن على الذي يتعرض لموقف مهم وحاسم، عليه أن يقيم توازناُ بين الواقع الموضوعي ومعطياته، وبين المصالح العليا التي يريد السياسي تحقيقها ومعضلاتها. وإذا كان تحقيق المصالح العليا هي الهدف الاستراتيجي العام، فعلى السياسي أن يضع خططه، بحيث لا يتعرض موقفه إلى مأزق، بحيث يضطره التنازل عن جزء (غير معروف حجمه)، ولكي تكون خطواته موزونة مدروسة بعمق، (والسياسي المتمكن من مهنته)، عليه أن يدرس ردود فعل الطرف المقابل/ الأطراف، وحتى ردود الفعل المحتملة، وتفاصيل الموقف برمته بكافة عناصره.

وإذا كنت تمتلك عناصر القوة، فلا تبالغ في أستخدامها، ولا تظهر التطرف والغلو، ولا تميل إلى إطلاق التصريحات السخية فكلمة لا داع لها قد تتسبب لك بمشكلة، أنتق عبارت حديثك، وتأمل دائماً موقف خصمك، وضع نفسك مكانه، ودع له فرصة ليجلس على طاولة المفاوضات، والخصومة حالة مؤقتة، والأفضل أن تتمكن من أن تحيلها إلى تعاون ومراعاة مصالح الطرفين.

استخدام القوة ستكون سببا مؤكداً أن تستخدم القوة ضدك وربما بقوة مضاعفة، وعليك أن تعلم أن لا أحد يسلم بحقوقه، ويتنازل عنها بالقوة، وحتى الأتفاقات تحت الإرغام هي اتفاقات لا أمد طويل لها، وضعت بكم ظروف سياسية، وسيعاد النظر بها في ظروف سياسية، بل وقد تخسر أكثر منها ...


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

السياسة الدولية، العالم، الوضع الدولي،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 25-09-2022  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  أقفاص الأسر على مر التاريخ
  مأزق هنية
  ماذا يحدث في بلاد العم سام
  الوضع الثقافي في شبه الجزيرة قبل الاسلام
  سوف تكسبون ... ولكنكم لن تنتصروا Sie werden gewinnen aber nicht siegen
  صبحي عبد الحميد
  الخطوط الدفاعية
  غيرترود بيل ... آثارية أم جاسوسة ..؟
  أمن البعثات الخارجية
  الحركة الوهابية
  ماذا يدور في البيت الشيعي
  الواقعية ... سيدة المواقف
  زنبقة ستالينغراد البيضاء هكذا أخرجت فتاة صغيرة 17 طائرة نازية من السماء
  اللورد بايرون : شاعر أم ثائر، أم بوهيمي لامنتمي
  حصان طروادة أسطورة أم حقيقة تاريخية
  دروس سياسية / استراتيجية في الهجرة النبوية الشريفة
  بؤر التوتر : أجنة الحروب : بلوشستان
  وليم شكسبير
  البحرية المصرية تغرق إيلات
  كولن ولسن
  الإرهاب ظاهرة محلية أم دولية
  بيير أوغستين رينوار
  المقاومة الألمانية ضد النظام النازي Widerstand gegen den Nationalsozialismus
  فلاديمير ماياكوفسكي
  العناصر المؤثرة على القرار السياسي
  سبل تحقيق الأمن القومي
  حركة الخوارج (الجماعة المؤمنة) رومانسية ثورية، أم رؤية مبكرة
  رسائل من ملوك المسلمين إلى أعدائهم
  وليم مكرم عبيد باشا
  ساعة غيفارا الاخيرة الذكرى السادسة والستون لمصرع البطل القائد غيفارا

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
رافد العزاوي، حسني إبراهيم عبد العظيم، صباح الموسوي ، محمد شمام ، ضحى عبد الرحمن، عبد الله زيدان، الناصر الرقيق، عبد العزيز كحيل، عبد الغني مزوز، د. مصطفى يوسف اللداوي، أ.د. مصطفى رجب، عواطف منصور، منجي باكير، د- جابر قميحة، سفيان عبد الكافي، محمد العيادي، رافع القارصي، عراق المطيري، أشرف إبراهيم حجاج، مصطفى منيغ، عمار غيلوفي، صلاح الحريري، علي عبد العال، المولدي الفرجاني، كريم السليتي، محمد الياسين، سليمان أحمد أبو ستة، حميدة الطيلوش، أحمد بن عبد المحسن العساف ، حسن الطرابلسي، بيلسان قيصر، د- محمد رحال، د.محمد فتحي عبد العال، فتحي الزغل، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، صفاء العربي، سامح لطف الله، د - محمد بن موسى الشريف ، سيد السباعي، محمد عمر غرس الله، إياد محمود حسين ، صالح النعامي ، المولدي اليوسفي، مجدى داود، محمد يحي، د - المنجي الكعبي، صفاء العراقي، د. أحمد محمد سليمان، سعود السبعاني، سلوى المغربي، د. صلاح عودة الله ، محرر "بوابتي"، العادل السمعلي، رشيد السيد أحمد، عبد الرزاق قيراط ، صلاح المختار، الهيثم زعفان، محمود سلطان، خالد الجاف ، محمد أحمد عزوز، أحمد بوادي، محمد علي العقربي، د. طارق عبد الحليم، أحمد ملحم، علي الكاش، د - صالح المازقي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، تونسي، حاتم الصولي، د- هاني ابوالفتوح، د. عادل محمد عايش الأسطل، مصطفي زهران، د - عادل رضا، أبو سمية، فهمي شراب، طارق خفاجي، د. كاظم عبد الحسين عباس ، د- محمود علي عريقات، حسن عثمان، الهادي المثلوثي، إسراء أبو رمان، فتحي العابد، نادية سعد، د - محمد بنيعيش، د - الضاوي خوالدية، محمد اسعد بيوض التميمي، خبَّاب بن مروان الحمد، د - شاكر الحوكي ، أنس الشابي، فوزي مسعود ، محمود طرشوبي، د. خالد الطراولي ، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، مراد قميزة، رمضان حينوني، محمود فاروق سيد شعبان، فتحـي قاره بيبـان، يزيد بن الحسين، سامر أبو رمان ، جاسم الرصيف، كريم فارق، د. عبد الآله المالكي، عزيز العرباوي، محمد الطرابلسي، د - مصطفى فهمي، ياسين أحمد، ماهر عدنان قنديل، يحيي البوليني، وائل بنجدو، طلال قسومي، أحمد النعيمي، رضا الدبّابي، أحمد الحباسي، د. أحمد بشير، عبد الله الفقير، سلام الشماع، رحاب اسعد بيوض التميمي، إيمى الأشقر، عمر غازي،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة

سياسة الخصوصية
سياسة استعمال الكعكات / كوكيز