البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

هل يتجه العالم لتصفية آثار ونتائج الحرب العالمية الثانية

كاتب المقال د. ضرغام الدباغ - ألمانيا    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 594


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


مثل التوسع هدف الحروب الاستعمارية في ظاهرها وجوهرها، التوسع والضم والإلحاق، ونهب ثروات البلدان المستعمرة، وفي حالات كثيرة كان سكان وشعوب البلدان التي تتعرض للغزو الاستعماري يستخدمون جنوداً بالسخرة ووقوداً لحروب وفتوحات استعمارية، وضحايا مجانية للحروب الاستعمارية.

وكما في معطيات الطبيعة، هناك ما يطلق عليه في علم الجيولوجيا، الهزات الارتدادية (Aftershock) فكثيرا ما تقود الحروب الاستعمارية إلى حروب أخرى، ذلك أن المنتصرون في الحرب غالباً ما لا يحكمون العقل بقطف ثمار انتصارهم، فيبالغون في الاستيلاء على ممتلكات المنهزم، من منقولات: ممتلكات مصانع، وأموال وذهب، يتحولون بعدها إلى تقاسم ما يمتلك من مصادر ثروات غير قابلة للنقل، أراض ومصادر ثروات طبيعية ومناطق استراتيجية، موانئ، منافذ بحرية، إطلالات استراتيجية ...الخ
وإذا كانت الثروات والغرامات قضية يمكن أن تتجاوزها الدول بمرور الزمن، ولكن المناطق المستولى عليها (عبر اتفاقيات الإذعان) ستمثل عقدة يصعب حلها في العلاقات بين الدول، ولا سيما بعد زوال الظروف السياسية التي أدت إلى الصراع المسلح، وقيام معطيات جديدة وآفاق جديدة تستلزم العمل والتعاون السياسي/ الاقتصادي، وبالتالي العمل كفريق حيال مهمات ومستحقات حديثة، ستحول تلك العقد دون المضي في قدما في مجالات التعاون، وستمثل عائقاً، وقد تقود إلى بؤر خلاف تحتمل الالتهاب والتطور إلى أزمة، والأزمة قابلة للتصعيد إلى حالات ومواقف قد لا تنجح الدبلوماسية في نزع فتائلها.

في أروقة الأمم المتحدة (ولابد من قول أنها لم تنجح تماماً في حل المشكلات وبؤر التوتر)هناك دوائر مختصة بدراسة الملفات العالقة، والتي تمثل قنابل موقوتة قابلة للألتهاب والانفجار في أي وقت، ومن يقرأ هذه الملفات يلاحظ أولاً كثرة عددها، وثانيا أنها تعود للعصور الاستعمارية والحربين العالميتين الأولى والثانية، فالمستعمرون حين اضطروا إلى مغادرة البلاد، خلفوا ورائهم مشكلات تستعصي الحلول، فيندر وجود إقليم في أوربا وآسيا (شبه القارة الهندية) وأفريقيا وأمريكا اللاتينية(جزر المالوين / فوكلاند)، تخلو من هذه المشاكل. ورغم مرور عقود على بعض تلك المشاكل إلا أن الملفات الشائكة ما تزال على الطاولة يمكن طرحها في أي وقت، وتلقي بظلالها القاتمة على العلاقات بين الدول.

وكان الروس قد اضطروا في الحرب العالمية الأولى وبعد ثورة أكتوبر الاشتراكية الكبرى، إلى عقد معاهد صلح إذعان (معاهدة صلح بريست) مع ألمانيا، تنازلوا فيها عن أراضي واسعة ومدن، وثروات طبيعية، ولكنهم في سياق تطور الحرب العالمية الثانية، تمكنوا من استعادتها، وهناك مقاطعات أخرى تنازل عنها الروس طوعا، (فنلندة، بولونيا)، أو بسبب قيام الكيان السوفيتي التي استلزم بعض التعديلات الهامة، فتنازل الاتحاد السوفيتي (طوعاً) عن أقليم القرم (شبه جزيرة القرم) لصالح اوكرانيا وخلق كيان لم يكن موجوداً، وافق الروس على إنشاؤه (أوكرانيا). ولكنها اليوم بعد تفكك الاتحاد السوفيتي، تطرح جمهورية روسيا الاتحادية في خضم توتر دولي، مسألة إعادة النظر في تلك التعديلات.
في أوربا مسألة أخرى تطرح نفسها بوصفها ملفا ساخناً، هي جزر بحر إيجة المتنازع عليها بين تركيا واليونان، فهذه أخذتها من تركيا (بعد الحرب العالمية الأولى)رغم أن معظمها لا يبتعد علن الساحل التركي سوى مئات الأمتار أحياناً، وهو ما يخالف القانون الدولي، ومنح بعضها الآخر لإيطاليا، وبعد الحرب العالمية الثانية اعتبرت إيطاليا من الدول المنهزمة، أخذت منها الجزر وسلمت لليونان، ولكن القرار الدولي نص أن تكون الجزر وكثير منها غير مأهولة، أن تكون غير مسلحة، ولكن اليونان أخذت تدريجيا مستفيدة من أجواء التوتر الدولي، تسلحها وتعتبرها من ضمن ملكيتها، وتضمها للمناطق الاقتصادية لها، بما قد تتوفر بها والمياه المحيطة بها من ثروات طبيعية، وهنا تتفاقم مشكلة من غير المستبعد أن تقود لنزاعات دولية.
وتعسف المنتصرون في ختام الحروب، قد يتجاوز في مداه ما هو محتمل ومقبول، لذلك يشتهر المثل " الحروب تلد حروب أخرى ". والمقصود بنتائجها وآثار ها الجائرة، وهذه تجلت بشكل متعسف في معادة فرساي بعد الحرب العالمية الأولى في أوربا والشرق الأوسط، ومن تلك إضعاف ألمانيا بدرجة متطرفة وسلبها أراض وطنية عريقة تاريخياً مثل بروسيا الشرقية، فدولة بولونيا لم تكن موجودة قبل الحرب العالمية الأولى، ولكن بأراض اقتطعت من روسيا وألمانيا تأسست دولة بولونيا كما أن دولة جيكوسلوفاكيا لم تكن موجودة، وكذلك دولة المجر ويوغسلافيا.
وإذا كانت الحروب فرصة للتوسع، وتحقق الدول المنتصرة من خلالها إرادتها ليس في التوسع فحسب، بل وإضعاف الدول المنهزمة إلى أقصى درجة ممكنة بحيث لا تشكل خطرا في المستقبل القريب والبعيد. ولكن لا شيئ كالسياسة موضوعة قابلة للتغيير والتطور، فالضعيف لن يبقى ضعيفاً إلى الأبد، وكذلك الصغير، فهذه معطيات قابلة للتغيير، وتطرح نفسها كمستحقات بعد تغير ملموس على مسرح العلاقات الدولية.
والحقيقة أن كل من هذه الملفات تحتاج لبحوث معمقة ولكن ما نريد قوله، أن النظام العالمي بدأ يتفتت، والدول التي سلبت منها أراض بنتيجة الحروب العالمية(الأولى والثانية) تلمح اليوم مطالبة بتسويات جديدة، وأن المنتصرون تعسفوا كثيراُ وألحقوا أضرارا جسيمة آن اليوم وقت تصحيحها. فالأراضي الألمانية التي انتزعت من ألمانيا وضمت لبولونيا خاصة، اليوم تلمح الحكومة البولونية أن ألمانيا ترمقها بعين المطالب بعودتها للوطن الألماني. وكذلك تركيا تطالب بجزرها في بحر إيجة القريبة من سواحلها، وهي مطالب تبدو عادلة وتستحق إعادة التسوية.
وكما في أوربا، فهناك ملفات وبؤر قابلة للأشتعال في آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية، من مخلفات الحربين العالميتين، والعهود الاستعمارية، تم تصفية بعضها، ولكن ما تزال أخرى مطروحة تنذر بهبوب العواصف .
هذه ملفات نعد قراءنا بأن نبحث كل منها على حدة. في اليوم من الملفات التي وضعت تحت المجهر ...!


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

الحرب العالمية الثانية، الحرب، أوربا، أمريكا،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 18-09-2022  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  الوضع الثقافي في شبه الجزيرة قبل الاسلام
  سوف تكسبون ... ولكنكم لن تنتصروا Sie werden gewinnen aber nicht siegen
  صبحي عبد الحميد
  الخطوط الدفاعية
  غيرترود بيل ... آثارية أم جاسوسة ..؟
  أمن البعثات الخارجية
  الحركة الوهابية
  ماذا يدور في البيت الشيعي
  الواقعية ... سيدة المواقف
  زنبقة ستالينغراد البيضاء هكذا أخرجت فتاة صغيرة 17 طائرة نازية من السماء
  اللورد بايرون : شاعر أم ثائر، أم بوهيمي لامنتمي
  حصان طروادة أسطورة أم حقيقة تاريخية
  دروس سياسية / استراتيجية في الهجرة النبوية الشريفة
  بؤر التوتر : أجنة الحروب : بلوشستان
  وليم شكسبير
  البحرية المصرية تغرق إيلات
  كولن ولسن
  الإرهاب ظاهرة محلية أم دولية
  بيير أوغستين رينوار
  المقاومة الألمانية ضد النظام النازي Widerstand gegen den Nationalsozialismus
  فلاديمير ماياكوفسكي
  العناصر المؤثرة على القرار السياسي
  سبل تحقيق الأمن القومي
  حركة الخوارج (الجماعة المؤمنة) رومانسية ثورية، أم رؤية مبكرة
  رسائل من ملوك المسلمين إلى أعدائهم
  وليم مكرم عبيد باشا
  ساعة غيفارا الاخيرة الذكرى السادسة والستون لمصرع البطل القائد غيفارا
  من معارك العرب الكبرى : معركة أنوال المجيدة
  نظرية المؤامرة Conspiracy Theory
  نوع جديد من الحروب

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
أنس الشابي، سفيان عبد الكافي، حسن عثمان، محمد أحمد عزوز، د - محمد بن موسى الشريف ، نادية سعد، طلال قسومي، إيمى الأشقر، أحمد الحباسي، د - محمد بنيعيش، د - المنجي الكعبي، فتحـي قاره بيبـان، د. عبد الآله المالكي، أحمد بن عبد المحسن العساف ، جاسم الرصيف، د- هاني ابوالفتوح، محمد شمام ، د.محمد فتحي عبد العال، محمد يحي، حميدة الطيلوش، علي الكاش، صلاح المختار، د- محمد رحال، د. أحمد محمد سليمان، د. كاظم عبد الحسين عباس ، إياد محمود حسين ، الناصر الرقيق، رضا الدبّابي، د. أحمد بشير، كريم السليتي، ضحى عبد الرحمن، عمار غيلوفي، سلام الشماع، مجدى داود، سامح لطف الله، محرر "بوابتي"، رافع القارصي، محمد العيادي، حسن الطرابلسي، ماهر عدنان قنديل، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، رمضان حينوني، عواطف منصور، عزيز العرباوي، صباح الموسوي ، فهمي شراب، رحاب اسعد بيوض التميمي، كريم فارق، صفاء العربي، صالح النعامي ، خبَّاب بن مروان الحمد، سليمان أحمد أبو ستة، محمد عمر غرس الله، د. عادل محمد عايش الأسطل، محمود سلطان، د - صالح المازقي، حسني إبراهيم عبد العظيم، د. خالد الطراولي ، د - الضاوي خوالدية، أحمد ملحم، محمود فاروق سيد شعبان، سيد السباعي، عبد الغني مزوز، أحمد بوادي، تونسي، المولدي الفرجاني، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، يحيي البوليني، صفاء العراقي، إسراء أبو رمان، د. ضرغام عبد الله الدباغ، خالد الجاف ، عراق المطيري، فتحي الزغل، مصطفى منيغ، رافد العزاوي، رشيد السيد أحمد، فوزي مسعود ، سعود السبعاني، أحمد النعيمي، عبد الرزاق قيراط ، د - مصطفى فهمي، منجي باكير، د. مصطفى يوسف اللداوي، الهيثم زعفان، أبو سمية، سلوى المغربي، عمر غازي، أ.د. مصطفى رجب، الهادي المثلوثي، د- جابر قميحة، علي عبد العال، وائل بنجدو، محمود طرشوبي، يزيد بن الحسين، عبد الله زيدان، مراد قميزة، العادل السمعلي، محمد الطرابلسي، فتحي العابد، حاتم الصولي، مصطفي زهران، د- محمود علي عريقات، أشرف إبراهيم حجاج، سامر أبو رمان ، صلاح الحريري، د - عادل رضا، ياسين أحمد، محمد اسعد بيوض التميمي، محمد الياسين، د - شاكر الحوكي ، عبد الله الفقير، د. طارق عبد الحليم، د. صلاح عودة الله ،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة