البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

رؤية تحليلية مختصرة حول الإطار النظري للخدمة الاجتماعية(8) A brief Analytical Vision on the Theoretical Framework of Social Service

كاتب المقال أ. د/ احمد بشير - مصر    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 4696


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


الحلقة الثامنة :

* عملية إعادة التنظيم الاجتماعي، والإصلاح الاجتماعي :

إن ما يعنينا بالنسبة للمناقشة السابقة بشكل أساسي أن ندرك أن الناس عندما يشعرون بوطأة المشكلات الاجتماعية (حسب تقييمهم للموقف وتقديرهم له ) يتولد لديهم شعور بالضيق، والرغبة في عمل شيء لمواجهة هذه المشكلة، ولولا هذا الشعور بالضيق لما بذلت جهود للإصلاح الاجتماعي Social Reform بالمعنى الواسع، ولكن الذي يحدث عادة أن الناس يسعون بدرجة من القوة (تختلف شدة وضعفا) لإعادة الأمور إلى نصابها، أي لإشباع الحاجات غير المشبعة، وهو ما نسميه بعملية إعادة التنظيم الاجتماعي. وعملية "إعادة التنظيم الاجتماعي" Process of Social Reorganization والتي تتمثل إما في إنشاء مؤسسات، أو وضع سياسات، أو اتخاذ إجراءات جديدة من خلالها يمكن إشباع الحاجات غير المشبعة، أو في تعديل المؤسسات والسياسات والإجراءات الحالية لتحقيق نفس الغرض، مما يؤدى إلى إعادة التنظيم الاجتماعي إلى حالة أقرب ما تكون إلى التوازن Equilibrium - Balance ، ومواجهة حالة الاختلال الجزئي Partial imbalance التي ارتبطت بمشاعر الضيق أو السخط لدى قطاعات مهمة من المواطنين،
ويجب أن ندرك أن النسق الاجتماعي لا يضره وجود درجة من السخط وعدم الرضا لدى بعض الفئات في بعض القطاعات ولفترات محدودة، فهذا أمر محتوم لا يكاد يخلو منه أي نسق اجتماعي في أي مكان، ولكن انتشار السخط على نطاق واسع أو بشكل عميق، ولفترات طويلة يهدد استقرار بل واستمرار النسق الاجتماعي كوحدة حية متكاملة، مما يتطلب إتخاذ إجراء ما يضمن مواجهة تلك الحالة،
ولاشك أن عملية إعادة التنظيم الاجتماعي هذه تتطلب المشاركة الفاعلة من قبل الفاعلين الأساسيين في المجتمع بحيث تشمل مشاركة كل من الدولة State، والقطاع الخاص Private Sector والمجتمع المدني Civil Society، وكافة المواطنين All Citizens في مكافحة المشكلات الاجتماعية، وإيجاد الخدمات اللازمة لإشباع الاحتياجات غير المشبعة، فمشاركة هذه الأطراف تسمح لصانعي القرار للتعرف على أوجه القصور القائمة، وعلى رغبات المواطنين لتوصيلها للمسؤولين الذين يؤثرون في عملية صنع القرار بما يخدم مصالحهم، وبالتالي تحقيق التوازن الاجتماعي المطلوب، كما أن تحقيق التنمية الوطنية لابد أن يمر من القاعدة باعتبارها اقرب لمعرفة أولويات وحاجات التنمية ، حيث نجد أن المواطن أصبح اليوم من منظور الحكم الراشد الفاعل الأساسي في صنع القرار، باعتباره الهدف الأساسي للتنمية، وبذلك فالمشاركة أصبحت شرط أساسي في نظر مختلف المدارس والباحثين، حيث أشار العديد من الباحثين إلى قضية المشاركة الجماهيرية ودورها في مكافحة المشكلات الاجتماعية، وتجسيد العملية التنموية، إذ أن الوعي الحقيقي بالتخلف وأهمية التنمية، يعد مقدمة ضرورية لدفع عملية المشاركة، وهذا لكون مشاركة الجماهير في عمليات التغيير خلال المرحلة الراهنة، قد أصبحت من أهم الركائز التي تعتمد عليها عملية تنمية مجتمع ما، لأن لها أثرها في إعادة التنظيم الاجتماعي، والربط بين الفرد والمجتمع، وتعميق الممارسة الديمقراطية، إذ أن الحياة الديمقراطية السليمة ترتكز على اشتراك المواطنين في تحمل مسؤوليات التفكير والعمل من أجل مجتمعهم.
وكذلك لابد من تفعيل الدور الرقابي للمواطنين، فالمواطن العادي مهما ارتفعت أو انخفضت قدراته الثقافية والاجتماعية يستطيع أن يرصد ويقيم بمصداقية أداء المشاريع التنموية وهذا ما يسمح من الوقاية من المشكلات الاجتماعية،
ولكن ما الجهة التي يقع على عاتقها انجاز عملية إعادة التنظيم الاجتماعي ؟ إنه النظام السياسي باعتباره النسق الحاكم في المجتمع الذي تصدر عنه القرارات المحورية للمجتمع،
* النظام السياسي : Political System
يرى بعض الباحثين المعاصرين أن كلمة " سياسة " من الكلمات ذات المضمون الغامض، وأنها كثيرا ما تستعمل لدى الناس دون أن يكون لها معنى محدد،
السياسة في اللغة؛
تعرّف السياسة لغةً بأنها عبارة عن معالجة الأمور، وهي مأخوذة من الفعل ساسَ ويسوس، وهي على مصدر فعالة،
أما اصطلاحاً : فتعرف بأنها رعاية كافة شؤون الدولة الداخلية، وكافة شؤونها الخارجية، وتعرف أيضاً بأنها سياسة تقوم على توزيع النفوذ والقوة ضمن حدود مجتمع ما.
وتعرف كذلك بأنها العلاقة بين الحكام والمحكومين في الدولة،
وعرفت أيضاً بأنها طرق وإجراءات مؤدية إلى اتخاذ قرارات من أجل المجتمعات والمجموعات البشرية،
وقد عرفها هارولد بأنها عبارة عن دراسة السلطة التي تقوم بتحديد المصادر المحدودة،
وعرفها ديفيد إيستون بأنها عبارة عن دراسة تقسيم الموارد الموجودة في المجتمع عن طريق السلطة،
أما الواقعيّون فعرفوها بأنها فنٌّ يقوم على دراسة الواقع السياسي وتغييره موضوعياً.(1)
وإذا كان علماء اللغة يحددون معنى هذه الكلمة بالقيام على الشيء بما يصلحه، فإن فقهاء القانون يختلفون في تحديد معناها الدقيق، وهي تعطي دائما معنى السلطة، ويدخل ضمنها كل ما يدخل ضمن كلمة سلطة الدولة من مباحث، كتنظيم السلطة وتحديد أشكال ممارساتها ومجالات نشاطها،
تعريف النظام السياسي
التعريف التقليدي للنظام السياسي هو نظام الحكم بمعنى المؤسسات الحكومية الثلاث: تنفيذية وتشريعية وقضائية، والتي تقوم بمهمة الدفاع عن الوطن ضد التهديدات الخارجية وضمان الترابط الداخلي،هذا التعريف للنظام يربط النظام السياسي بالدولة، وهو تعريف مستمد أساسا من التعريف التقليدي لعلم السياسة بأنه علم الدولة، إلا أن التطور الذي عرفه علم السياسة مع تطور وتعقد الحياة السياسية وتجاوزها لحدود الدولة، دفع بعلماء السياسية إلى تعريف علم السياسة كعلم السلطة، وعليه،أصبح النظام السياسي يعرف كمفهوم تحليلي أكثر مما هو نظام مؤسساتي مضبوط كما توحي كلمة نظام،وضمن هذه الرؤية عرفت موسوعة العلوم السياسية،النظام السياسي هو " مجموع التفاعلات والأدوار المتداخلة والمتشابكة التي تتعلق بالتخصيص السلطوي للقيم، أي بتوزيع الأشياء ذات القيمة بموجب قرارات سياسية ملزمة للجميع (دايفد استون )، أو التي تتضمن الاستخدام الفعلي أو التهديد باستخدام الإرغام المادي المشروع في سبيل تحقيق تكامل وتكيف المجتمع على الصعيدين الداخلي والخارجي (جابرييل الموند )، أو التي تدور حول القوة والسلطة والحكم (روبرت دولُ )، أو التي تتعلق بتحديد المشكلات وصنع وتنفيذ القرارات السياسية " (2)
وهذا يعني أن النظام السياسي قد يشمل الدولة ولكنه قد يتجاوزها ليستوعب علاقات وتفاعلات سلطوية إما مشمولة بالدولة كالأحزاب والجماعات العرقية والطائفية ذات الثقافات المغايرة والمضادة للدولة، وإما تتعدى حدود الدولة كظاهرة الإرهاب الدولة أو العنف متعدي القوميات أو حركات التحرر الوطني أو التداعيات السياسية للعولمة.
وفي جميع الحالات،فان مؤشرات وجود الظاهرة أو التركيبة السياسية التي يمكن تسميتها بالنظام السياسي هي التالي :
- قيادة سياسية ذات سلطة أكراهية – بدرجة ما-
- مؤسسات سياسية شرعية
- هدف محل توافق وطني
- إستراتيجية عمل وطنية – ثوابت قومية

- ويرى البعض أن مضمون النظام السياسي قد اتسع في العصور الحديثة، ولم يعد مقصورا على نشاط السلطة الضيق، وإنما أصبح شاملا لكل ما يتعلق بفلسفة الحكم وما يرتبط بالحاكم من مسئوليات، هدفها إعادة التنظيم الاجتماعي والاقتصادي في المجتمع بما يتلاءم مع فلسفة الحكم القائم وأهدافه (3)
وهنا نعود لموضوعنا الأساس حول عملية إعادة التنظيم الاجتماعي في المجتمع، فنقول تأسيسا على كل ما سبق أنه لما كان النظام السياسي Political System هو الجهاز الموكول له اتخاذ القرارات المجتمعية الأساسية Take the basic societal decisions، وهو الذي يملك القوة الجبرية لتنفيذ القرارات نائبا عن المجتمع ككل، كما أنه يوكل إليه اتخاذ القرارات المتصلة بتوزيع الموارد المجتمعية العامة على مختلف القطاعات، فان التنظيمات أو المؤسسات السياسية (التشريعية والتنفيذية) تتولى الدور الأساسي في عملية إعادة التنظيم الاجتماعي . فإنشاء مؤسسات أو سياسات جديدة أو تعديل ما هو قائم منها يقتضى تخصيص موارد لإنشاء ما نسميه بالبرامج Programs اللازمة لمواجهة المشكلة، وهذا قرار لابد أن يتخذه الجهاز السياسي، كما أن تحديد المشكلات التي تتطلب الحل أصلا، واختيار الحلول لتلك المشكلات، كل هذا يتم من خلال قرارات سياسية، فكما ذكرنا فإن الجهاز السياسي هو النائب عن الجماهير ويفترض أنه يمثلها، ومعنى هذا أنه يقوم بتحسس الحاجات "ويضع يديه على نبض الجماهير" كما يقولون، ثم إن من واجبه أيضا أن يقرر أي هذه الحاجات قابل للإشباع بالوسائل التكنولوجية المتاحة، ثم هو يفاضل بين تلك الوسائل البديلة للحل، ويتخذ القرارات لوضع الحلول موضع التنفيذ بتخصيص البنود اللازمة في الميزانية Allocation لهذه الأغراض، وبإصدار القرارات التي تحدد جهات الاختصاص بتنفيذ البرامج،
- وبطبيعة الحال فإنه كلما كانت تلك القرارات مبنية على القيم الدينية المستمدة من وحي السماء القائم على العدل الذي لا يحابي أي فئة اجتماعية على حساب الأخرى، والصادر عن رب السموات والأرض، الذي أحاط بكل شيء علما، كلما كانت القرارات محققة لما فيه إشباع حاجات المواطنين أفرادا وجماعات في المدى القريب والمدى البعيد بل فيما وراء هذه الحياة الدنيا، فتتضاءل المشكلات الاجتماعية، والمشكلات الفردية إلى أدنى حد ممكن،
وذلك بعكس الحال عما إذا بنيت القرارات الخاصة بالسياسات والمؤسسات والبرامج على أساس وضعي، من اجتهادات البشر ( مستقلة ومنفصلة عن وحي لسماء ) الذين تحكمهم في كثير من الأحيان مصالحهم الذاتية، وانحيازاتهم الشخصية، ففي تلك الحالة فلا بد أن تتفاقم المشكلات الاجتماعية والمشكلات الفردية وتزداد تعقيدا بظهور مضاعفاتها نتيجة لفشل تلك الجهود (والإصلاحات غير المهتدية بنور الله) في تحقيق الأهداف المرجوة، فيعاني الناس جميعا مغبة اتباع الأهواء في إدارة شؤون مجتمعاتهم في غيبة توجيه السماء، وهو ما حذرنا منه ربنا بأوضح عبارة في قوله تعالى في سورة الروم : { ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون } ( الروم : 41 )،
ونحن نتصور أن عملية إعادة التنظيم الاجتماعي تلك تتم على كل مستويات النسق الاجتماعي الأكبر أي على المستوى القومي، والمستوى الإقليمي، أو المستوى المحلي،
ولما كان المستوى المحلي هو الذي يعنينا هنا أكثر من غيره باعتبار أن المجتمع المحلي هو في النهاية المستوى الذي ينتهي إليه المطاف في الشعور بالمشكلات الاجتماعية ومعاناة آثارها، فإننا نميل إلى استخدام اصطلاح خاص يعبر عن عملية إعادة التنظيم الاجتماعي عندما تتم على المستوى المحلي ألا وهو "عملية تنظيم المجتمع، وتنميته " Community Organization Process.
فسكان المجتمع المحلي (قرية – أحد الأحياء – مدينة) عندما يحسون بمشكلات اجتماعية فإنهم لا يقفون مكتوفي الأيدي عادة وإنما يبدؤون – أحيانا بمبادرة من الجهاز السياسي، وأحيانا بالضغط على الجهاز السياسي من قبل المواطنين العاديين، وأحيانا دون مبادرة أو التزام من جانب الجهاز السياسي خاصة فيما يسمى بالجهود الذاتية – في اتخاذ إجراءات لمواجهة المشكلات وإشباع الحاجات على أي مستوى من المستويات، وقد تفلح تلك الجهود التلقائية في الوصول إلى حل وقد لا تفلح، ولكن ما يعنينا أنه في كل المجتمعات المحلية تكون هناك تلك النواة من الجهود التلقائية التي تبذل لمواجهة المشكلات وإشباع الحاجات، وأنه بدون وجود بذرة لتلك الجهود التي يدفعها ويحفز إليها الشعور بالضيق من وجود المشكلات لما كان في الإمكان تصور نجاح أي جهود مهنية نبذلها نحن الأخصائيون الاجتماعيون في هذا السبيل.
ويمكننا القول هنا بأنه فيما يسمى بالمجتمعات التقليدية (4) (خصوصا قبل الثورة الصناعية) كانت سرعة التغير الاجتماعي أبطأ نسبيا، وبالتالي فإن عملية إعادة التنظيم الاجتماعي و عملية تنظيم المجتمع المحلي بالمعنى المشار إليه آنفا كانت لديها فرص أكبر لمواجهة المشكلات قبل أن تتراكم وتتفاقم آثارها (وإن كان الوضع في هذه الحالة يسمح نتيجة للاستقرار النسبي بتكريس الفوارق الناجمة عن اختلاف القوة الاجتماعية المتاحة لمختلف الفئات – أي أننا لا نتصور خلو المجتمعات التقليدية من المشكلات)، أما منذ الثورة الصناعية وبسبب سرعة التغير الهائلة وبسبب تعقد المجتمعات وازدياد درجة التخصص وتقسيم العمل والاعتماد المتبادل لكل الأنساق الفرعية في المجتمع على بعضها البعض فإن الجهود التلقائية التي تبذل لمواجهة المشكلات المتزايدة لم تعد كافية وحدها للقيام بهذه المهمة.

ومن هنا فإننا نجد أنه منذ قيام الثورة الصناعية (5) ظهرت مشكلات عديدة مرتبطة بالتحضر السريع كانتشار الأحياء المتخلفة التي تجتاحها الأمراض والأوبئة وألوان الانحراف الاجتماعي بصورها المختلفة والتي عجزت الحكومات عن إصلاح الأحوال فيها، ولهذا فإننا سنجد أيضا أن هذا الموقف تحديدا كان وراء قيام مهنة الخدمة الاجتماعية بشكلها الحديث لمساعدة النظم الاجتماعية التقليدية والحادثة على إشباع الحاجات الاجتماعية بشكل أكثر كفاءة وفاعلية.
* نشأة طريقة تنظيم المجتمع
نستخلص مما تقدم أنه في العصر الحديث ومنذ الثورة الصناعية وبشكل أخص منذ منتصف القرن التاسع عشر مع ظهور الآثار البعيدة للتصنيع والتحضر، فقد صار للتغير الاجتماعي من السرعة ما أصبح معه من الصعب على النظم الاجتماعية أن توائم نفسها بكفاءة مع متطلبات التغير، كما أن التخصص وتقسيم العمل المتزايدين قد كرسا الاعتماد المتبادل للنظم الاجتماعية على بعضها البعض، وإلى زيادة تعقيدها بحيث أصبح من الصعب تتبع أسباب المشكلات وردها إلى أصولها، كما أصبح من الصعب وصف الحلول المناسبة لمواجهتها، ونتيجة لهذا كله فقد بدأت المجتمعات – وخصوصا في القرن العشرين – تدرك حاجاتها إلى استخدام أسلوب علمي منظم في مواجهة تلك المشكلات والمعضلات المتتابعة .
وقد صاحب هذا أن القرن العشرين شهد من التقدم الكبير في العلوم الاجتماعية والسلوكية وظهرت فنون التخطيط والإدارة المبنية على تلك الأسس العلمية، وقد جدد هذا أمل المجتمعات في الغرب في قدرة العلم على حل المشكلات الإنسانية. (صحيح أن تقدم العلوم الاجتماعية بصفة خاصة كان في مجال النظريات الكبرى قليلة الاتصال والنفع بالنسبة للحل المباشر للمشكلات، إلا أن هذا لم يتبين بوضوح إلا فيما بعد – وتبذل بعض الجهود الآن لمواجهة المواقف)، وقد تبين للكثيرين أن أحد الأسباب الأساسية لفشل جهود حل المشكلات يرتد إلى عدم وجود تنسيق بين الهيئات والمؤسسات والجماعات التي تسعى لحل المشكلات المحلية مما يؤدى إلى الجزئية والتفتت، وفي بعض الأحيان إلى الازدواج والتداخل وتضارب الجهود مما نبه إلى ضرورة وجود جهود واعية مقصودة – تقوم على أساس علمي – للتخطيط للخدمات وتنسيق الجهود، وكان هذا هو البداية لنشأة ما يسمى اليوم بطريقة تنظيم المجتمع (6) أو العمل على المستوى المحلي أو التخطيط الاجتماعي على المستوى المحلي حسب تعبير " أرماند لوفر "،
وطريقة تنظيم المجتمع إذن تمثل تدخلا مهنيا Professional Intervention لترشيد عملية إعادة التنظيم الاجتماعي على المستوى المحلي والتي أطلقنا عليها عملية تنظيم المجتمع بشكل يتلافى عيوبها أو صعوباتها (ويلاحظ أنه إذا كانت طريقة تنظيم المجتمع يمكن أن تتم بفاعلية على المستوى المحلي فإنها يمكن أن تتم أيضا على المستوى الإقليمي أو القومي)، وتتمثل تلك الصعوبات كما ذكرنا في الجزئية والتفتت في مواجهة المشكلات المعقدة ونضيف هنا ضعف المشاركة الديمقراطية Participatory Democracy وتأثير التمايز في القوة والنفوذ Power and Influence ، أي أن لدينا في الحقيقة أربع مشكلات تتصل اثنتان منها بطبيعة المشكلات الاجتماعية المعاصرة وأساليب مواجهتها، وتتصل الآخريان بطبيعة النسق السياسي Political System في أي مجتمع، وسنشير فيما يلي إلى كل من تلك المشكلات بشيء من التفصيل.
يتبع،،،،،،


الهوامش والاحالات :
============
(1)- http://mawdoo3.com/
(2) - محمد محمود ربيع - إسماعيل صبري مقلد : " موسوعة العلوم السياسية "، تصدير شعيب عبد الله شعيب ؛ مقدمة صادق محمد البسام، جامعة الكويت : مؤسسة الكويت للتقدم العلمي , الكويت، 1993-1994م،
(3) - http://vb.mediu.edu.my/showthread.php?t=44653
(4) - يعرف علم الأجتماع " المجتمعات التقليدية " بانها مجموعة من البشر التي تعتمد الأساليب غير العلمية والعملية والتي ترتيط باسس تاريخية لها قد تكون اسطورية لتكوين أسس ارتباط بين أفرادها , أنها نقيض للمجتمعات المتمدنة الحديثة , مايميز كلمة تقليديةهي ارتباطها بالتاريخ التراثي و بنزعة من محاولة احلال ذاك التاريخ في الحاضر المعاصر تمهيدا لتكوين مستقبل يماثل " ذاك الماضي الذهبي " الذي كانت تحتله تلك المجتمعات "، أنظر :
- فراس الحمداني : " نقد المجتمعات التقليدية.... العراق نموذجا "، الحوار المتمدن- العدد : 2429 – 9/10/ 2008 م، المصدر :
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=149484
(5) - شهدت أوروبا الغربية تقدما علميا وتقنيا أحدث ثورة صناعية بدأت في النصف الثاني للقرن (18) تغيّرت بموجبها كل الهياكل الاقتصادية والاجتماعية واعتبرت هذه الثورة ركيزة ومرجعا لأسس ومبادئ الحرية وحقوق الإنسان والحكم الديمقراطي في التاريخ الحديث، مرّت الثورة الصناعية بعدة مراحل دعمّت خلالها أوروبا الغربية قدراتها الاقتصادية التي أصبحت ترتكز على التصنيع بعد أن كانت تعتمد على الفلاحة وأدخلت تحولات جذرية على مجتمعاتها ووفرت لها في القرن (19) آليات للتوسع الاستعماري، و كان من أهم النتائج الاجتماعية للثورة الصناعية هي نمو المدن وزيادة الهجرة من الريف الى المدن او الحضر حيث ساد جو من التنافس والفردية العنيفة وطغت العلاقات الثانوية، وضعفت العلاقات الاجتماعية وضعف الضبط الاجتماعي، فظهرت المشكلات الاجتماعية مثل التسول والانحراف والتشرد والجريمة،
(6) – تنظيم المجتمع طريقة من طرق الخدمة الاجتماعية اعترف بها المؤتمر القومي للخدمة الاجتماعية عام 1946م كطريقة أساسية وتكونت في نفس العام الجمعية الامريكية لدراسة تنظيم المجتمع،
عرف " آرثر دانهام " طريقة تنظيم المجتمع بأنها : "عملية الموازنة بين الموارد والاحتياجات"، بينما عرفها " جيمس داهير " بأنها : "نشاط يقوم به الناس الذين يحاولون الموازنة بين احتياجات مجتمعهم والمواد المتاحة أو قد تتاح".
وعرفها " عبد المنعم شوقي " : "طريقة يستخدمها الأخصائيون الاجتماعيون والمتطوعون من الشعب المتعاونون معهم لتنظيم الجهود المشتركة الحكومية والأهلية في مختلف المستويات لتعبئة الموارد الموجودة أو التي يمكن إيجادها لمواجهة الحاجات الضرورية وفقاً لخطة مرسومة، وفي حدود سياسة المجتمع".
وتعرفها " هدى بدران " بأنها : "طريقة يستخدمها الأخصائي الاجتماعي للتأثير في القرارات المجتمعية التي تتخذ على جميع المستويات، وتنفيذ برامج التنمية الاجتماعية والاقتصادية، بحيث يؤدي هذا إلى تقوية الترابط بين أهل المجتمع الواحد وبين المجتمع المحلي والمجتمع الأكبر".
أنظر :
- Harper E.B. and Dunham Arthur , “Community Organization in Action” Association Press, New York, 1959,
- Siddiqui H.Y. , “Working with Communities”, Hira Publications, New Delhi, 1997,
- هدى بدران : " تنظيم المجتمع "، مطبعة المليجي، القاهرة، 1999م،
- عبد المنعم شوقي : " تنمية المجتمع وتنظيمه "، دار النهضة العربية، بيروت،1992م،

******************************

أ.د / احمد بشير – جامعة حلوان، القاهرة،


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

الخدمة الإجتماعية، علم الإجتماع،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 14-06-2016  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  محاضرة تمهيدية حول مقرر مجالات الخدمة الاجتماعية والرعاية الاجتماعية لمرحلة الدراسات العليا
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -44- الميثاق الاخلاقي للخدمة الإجتماعية Social Work Code Of Ethics
  وقفات مع سورة يوسف - 5 - المشهد الأول - رؤيا يوسف – أحد عشر كوكبا
  من روائع مالك بن نبي -1- الهدف أن نعلم الناس كيف يتحضرون
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -43- خدمة الجماعة المجتمعية : Community Group Work
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -42- مفهوم البحث المقترن بالإصلاح والفعل Action Research
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -41- مفهوم التقويم Evaluation
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -40- مفهوم التجسيد – تجسيد المشاعر Acting out
  نفحات ودروس قرآنية (7) ابن عباس ونماذج من العطاءات القرآنية للأمة 7 ثمان آيات في سورة النساء ....
  نفحات ودروس قرآنية (6) ابن عباس ونماذج من العطاءات القرآنية للأمة 6 ثمان آيات في سورة النساء .... أ
  من عيون التراث -1- كيف تعصى الله تعالى وانت من أنت وهو من هو من نصائح ابراهيم ابن ادهم رحمه الله
  وقفات مع سورة يوسف - 4 - أحسن القصص
  نفحات قرآنية ( 4 ) ابن عباس ونماذج من العطاءات القرآنية للأمة 5 ثمان آيات في سورة النساء ....
  طريقتنا في التفكير تحتاج إلى مراجعة
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -39 - الانتقائية النظرية في الخدمة الاجتماعية Eclecticism
  قرأت لك - 1 - من روائع الإمام الشافعي
  نماذج من الرعاية الاجتماعية في الإسلام – إنصاف المظلوم
  وقفات مع سورة يوسف - 3 - قرآنا عربيا
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -38- مفهوم التقدير في التدخل المهني للخدمة الاجتماعية Assessment
  الشبكات الاجتماعية Social Network
  نفحات قرآنية ( 4 ) ابن عباس ونماذج من العطاءات القرآنية للأمة 4 ثمان آيات في سورة النساء ....
  وقفات مع سورة يوسف - 2 - تلك آيات الكتاب المبين - فضل القرآن الكريم
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -36- مفهوم جماعة النشاط Activity Group
  رؤية تحليلية مختصرة حول الإطار النظري للخدمة الاجتماعية (9)
  وقفات مع سورة يوسف - 1 - مع مطلع سورة يوسف " الر " والحروف المقطعة
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -35- مفهوم الهندسة الاجتماعية Social Engineering
  نفحات قرآنية ابن عباس ونماذج من العطاءات القرآنية للأمة المحمدية 3 ثمان آيات في سورة النساء ....
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -34- مفهوم التثاقف – او المثاقفة - التثقف Acculturation
  من عجائب القران – نماذج وضاءة لجماليات الأخلاق القرآنية
  من عجائب القرآن الكريم والقرآن كله عجائب –1- الأمر بالعدل والندب إلى الاحسان والفضل في مجال المعاملات

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
رمضان حينوني، يحيي البوليني، الهيثم زعفان، إيمى الأشقر، حاتم الصولي، فتحي العابد، أحمد النعيمي، د. طارق عبد الحليم، عبد الله زيدان، د. خالد الطراولي ، رافع القارصي، د - عادل رضا، عزيز العرباوي، أشرف إبراهيم حجاج، أحمد الحباسي، محمد العيادي، جاسم الرصيف، محمد شمام ، د. ضرغام عبد الله الدباغ، علي عبد العال، طارق خفاجي، فهمي شراب، فتحـي قاره بيبـان، صالح النعامي ، صفاء العراقي، يزيد بن الحسين، طلال قسومي، رحاب اسعد بيوض التميمي، حسن الطرابلسي، د - صالح المازقي، أحمد بن عبد المحسن العساف ، حسن عثمان، سلوى المغربي، خالد الجاف ، عواطف منصور، محرر "بوابتي"، د- محمود علي عريقات، سامر أبو رمان ، د - مصطفى فهمي، د. عبد الآله المالكي، سلام الشماع، عمر غازي، رشيد السيد أحمد، كريم السليتي، د- محمد رحال، محمود طرشوبي، أبو سمية، مصطفى منيغ، فتحي الزغل، محمد علي العقربي، سيد السباعي، د - محمد بنيعيش، صفاء العربي، أحمد بوادي، حميدة الطيلوش، محمد أحمد عزوز، ياسين أحمد، د- هاني ابوالفتوح، أحمد ملحم، محمد الطرابلسي، عبد الغني مزوز، د - شاكر الحوكي ، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، ماهر عدنان قنديل، محمد يحي، عبد الرزاق قيراط ، مجدى داود، د. أحمد بشير، ضحى عبد الرحمن، علي الكاش، إسراء أبو رمان، مراد قميزة، العادل السمعلي، أنس الشابي، محمود فاروق سيد شعبان، د.محمد فتحي عبد العال، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، الهادي المثلوثي، تونسي، محمد عمر غرس الله، د. كاظم عبد الحسين عباس ، رافد العزاوي، مصطفي زهران، د - الضاوي خوالدية، د. أحمد محمد سليمان، المولدي الفرجاني، د - محمد بن موسى الشريف ، عبد العزيز كحيل، د. صلاح عودة الله ، منجي باكير، نادية سعد، إياد محمود حسين ، عمار غيلوفي، محمد الياسين، محمود سلطان، سامح لطف الله، خبَّاب بن مروان الحمد، سعود السبعاني، سفيان عبد الكافي، كريم فارق، صباح الموسوي ، صلاح المختار، د- جابر قميحة، الناصر الرقيق، عراق المطيري، وائل بنجدو، عبد الله الفقير، سليمان أحمد أبو ستة، أ.د. مصطفى رجب، د. مصطفى يوسف اللداوي، محمد اسعد بيوض التميمي، المولدي اليوسفي، رضا الدبّابي، حسني إبراهيم عبد العظيم، فوزي مسعود ، د - المنجي الكعبي، بيلسان قيصر، صلاح الحريري، د. عادل محمد عايش الأسطل،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة