البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

دروس الأربعاء بمسجد الجامعة بصنعاء -3- تابع منزلة العلم في الإسلام

كاتب المقال أ. د/ احمد بشير - مصر    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 4033


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


" العلم يقتنى كما يقتنى المال، فله حال طلب واكتساب، وحال تحصيل يغني عن السؤال، وحال استبصار وهو التفكر في المحصل والتمتع به، وحال تبصير وهو أشرف الأحوال " ( أبو حامد الغزالي : إحياء علوم الدين، ج1/ ص : 55 )

********

الحلقة الثالثة :

الحمد لله رب العالمين، حمد الشاكرين والذاكرين، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير، سبحانك ربنا لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، سبحانك يا الله، يا من كل شيء في الوجود قائم بك، وكل شيء خاشع لك وخاضع لك، يا غنى كل فقير، يا قوة كل ضعيف، يا عز كل ذليل، يا مفزع كل ملهوف، يا رضا كل بائس، يا أمل كل تائب، يا ناصر كل مظلوم، يا كاشف الهم عن المهمومين، ومفرج الكرب عن المكروبين، سبحانك سبحانك ....... من تكلم سمعت نطقه، ومن سكت علمت سره، ومن عاش فعليك رزقه، ومن مات فإليك منقلبه ..... يا من قلت وقولك الحق : {وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }( التوبة : 105)، فاللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما،

سبحانك ربي :
أنت الذي تهب الكثير وتجبر ***القلب الكسير وتغفر الزلات
وتقول هل من تائب مستغفر *** أو سائل أقضي له الحاجات

وأشهد أن سيدنا محمدا عبد الله ورسوله، وصفيه من خلقه وحبيبه، فصلوات ربي وسلامه عليك ياسيدي يا رسول الله، يا من جئت الى دنيانا فأعطيت ولم تأخذ، يا من أطيت القدوة وضربت المثل وعبدت الطريق، علمت المتعلمين، وبعثت الأمل في قلوب اليائسين، وقدت سفينة العالم الحائرة في خضم المحيط الى ملكوت رب العالمين، وتركتنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، عليك وعلى آلك وأصحابك الطيبين الطاهرين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين،
سيدي أبا القاسم يا رسول الله
يا سيدي إنا نسير بقفرة ***زاد الهجير بها وقل الماء
يا سيدي كن للنجاة شفيعنا ***يا خير من شهدت له الشفعاء

أما بعــــد
أيها الإخوة الأحباب

تناولنا في الحلقة الأولى من هذه السلسلة أصول النعم الإلهية على الإنسان ورؤوسها، وبينا أن أصول تلك النعم ثلاثة : نعمة الإيجاد، ونعمة الإمداد، ونعمة الهداية والإرشاد، واعتبرناها أصولا للنعم لأنه ما من نعمة فرعية أنعمها الله على الإنسان إلا وتندرج تحت واحدة من تلك الأصول، وتناولنا في الحلقة الثانية أهمية العلم الشرعي لإدراك هذه النعم، والوعي والإلمام بعظمة المنعم، الذي جعل غاية الوجود الانساني هي تحقيق العبودية الخالصة لله جل جلاله، وعرفته وتوحيده { وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون }، وللعلم أهميته القصوى في التعرف على حقيقة العبادة وما تصح به، ونكمل اليوم من الحديث ما انقطع فنقول، ومن الله العون والتيسير والتوفيق والقبول :

* حاجة الأمة اليوم إلى مراجعة موقفها من العلم والتعليم :

إن حديثنا عن العلم بوجه عام وفضله ومكانته في الاسلام، والعلم الشرعي بوجه خاص يأتي في زمان الكل فيه يستشعر أن ثمة مشكلة كبرى تواجهها الأمة الإسلامية تتعلق بقضية العلم والتعليم، فأمتنا التي هي بنص القرآن { خير أمة أخرجت للناس }، تلك الخيرية التي بنيت على حيثيات ثلاث : الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والإيمان بالله، وكل ذلك لا يتم إلا بالعلم،
وأمتنا الإسلامية هي " أمة أقرأ "، كما يصفها العديد من العلماء والكتاب والمفكرين الإسلاميين، وذلك لأن نشوئها وتكوينها ولحظة البداية فيها إنما تمثل في هذا الأمر السماوي النازل على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في البدايات الأولى لنزول الوحي الشريف : { إقرأ باسم ربك الذي خلق ...}، ولهذا ينبغي التأمل في تأسيس هذه الأمة وتقعيد قواعدها المتينة على هذا الأمر مع أن مقتضى الإعتبارات العادية لو أردنا أن نلاحظها كان ينبغي مثلا أن يأتي الأمر بالإيمان بالله، أو بعبادته، آمن بالله أو أعبد ربك، صلّ، صم...... لكن الحقيقة أن القرآن الكريم تُرك كل ذلك وجاءت هذه الآيات المباركات - وعلى المشهور أنها أول الآيات النازلة على رسول الله صلى الله عليه وآله - وجاءت بصورة الأمر{ إقرأ بأسم ربك الذي خلق* خلق الإنسان من علق* إقرأ وربك الأكرم *الذي علم بالقلم }، وأنظر كيف أن سياق هذا الأمر والتوجيه الإلهي هو سياق تثقيفي تأملي و تدبري وسياق علمي في المقام الأول، فالقراءة سواء كانت قراءة الآيات التكوينية ( أو الكونية )، أو قراءة الآيات التشريعية هي المسؤولية الأساسية لهذه الأمة، قراءة الكتاب التكويني ( الكوني )، أو قراءة الكتاب التدويني، والدعوة إلى التفكر والتدبر في أمر الخلق من علق {خلق الإنسان من علق أقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم )، هذه الأمة التي هي أمة إقرأ، أمة الثقافة والعلم، أمة الابتكار والابداع وصانعة حضارة وقف أمامها التاريخ طويلا وشهد لها الأعداء قبل الأصدقاء، إنها خير أمة، يفترض أنها خير أمة في كل شئ، ولكن مع الأسف الشديد تعيش واقعاً ثقافياً متخلفاً، ووضعاً علمياً متأخراً لا يحتاج المتأمل إلى كثير عناء لكي يلاحظه ويدركه بكل وضوح، ومن هنا فما أحوج الأمة إلى معرفة موقف الاسلام من العلم والعلماء، ومكانة العلم والعلماء في منظور الاسلام،

* من فضل العلم أنه يرفع الصغار إلى مصاف الكبار، ويرفع الموالي إلى مراتب السادة :

فبالعلم يغدوا الصغير كبيرا، والمهمش متصدرا، والذي لا يأبه له ملء السمع والبصر، ومن المواقف التي تدل على مكانة العلم وأهله حتى ولو كانوا أحداثا صغارا ( أي في السن ) ما جاء في الصحيح من أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يقدم الصحابي الجليل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما على شيوخ الصحابة، ومنهم من حضر بدرا، وهو ما يزال بعد غلام يافع، فكلموا في ذلك عمر لأنهم وجدوا في أنفسهم، فدعاهم ودعاه، وسألهم عن تفسير { إذا جاء نصر الله والفتح } ( النصر: 1 ) فسكتوا، فقال ابن عباس : هو أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلمه الله إياه، فقال عمر : ما أعلم منها إلا ما تعلم (1)
فها هو امير المؤمنين عمر الفاروق رضي الله عنه كانت نظرته الى الرجال ثاقبة، فعلم ذكاء ابن عباس ونباهته على صغر سنه فكان يدنيه منه في مجلس الامارة حين يتعرضون لعظائم الامور التي تهم الامة، فكأن بعضا من كبار الصحابة وشيوخهم قد وجدوا في انفسهم، فتقول بعض روايات الحديث أن عبد الرحمن ابن عوف رضي الله عنه وهو من كبار الصحابة الأجلاء قال لعمر في شأن ابن عباس كأنه يراجعه ويعاتبه : يا أمير المؤمنين إن لنا أبناء مثله، فقال عمر : إنه من حيث تعلم، فساله عن سورة النصر على مسمع منهم فقال ابن عباس انما هو اجل رسول الله صلى الله عليه وسلم اعلمه اياه وقرا السورة الى اخرها فقال عمر والله ما اعلم منها الا ما تعلم، وهكذا أدرك ابن عباس ( الغلام ) على صغر سنه أن السورة تشي ضمن ما تشي بأن أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم يوشك أن ينقضي، وهو ما لم يستطع كبار الصحابة ان يدركوه،

وفي رواية عن ابن عباس انه قال : " كان عمر ابن الخطاب رضي الله عنه يدعوني مع اصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ويقول لي ( أي يوصيه ) : لا تتكلم حتى يتكلموا، قال فدعاهم قال فدعاهم وسالهم عن ليلة القدر قال ارايتم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم التمسوها في العشر الاواخر اي ليلة ترونها ؟ قال فقال بعضهم ليلة احدى ( اي احدى وعشرين ) وقال بعضهم ليلة ثلاث، وقال اخر خمس، وانا ساكت فقال مالك لا تتكلم فقلت ان اذنت لي يا امير المؤمنين تكلمت قال فقال ما ارسلت اليك الا لتتكلم قال فقلت احدثكم براي قال عن ما ارسلت اليك الا لتتكلم قال فقلت احدثكم براييقال عن ذلك نسالك قال فقلت السبع رايت الله ذكر سبع سماوات ومن الارضين سبعا وخلق الانسان من سبع وبرز نبت الارض من سبع قال فقال هذا اخبرتني ما اعلم ارايت ما لا اعلم ؟ ما قولك نبت الارض من سبع ؟ قال فقلت ان اللخه يقول ثم شققنا الارض شقا الى قوله وفاكهة وابا والاب نبت الارض مما ياكله الدواب ولا ياكله الناس فقال عنر اعجزتم ان تقولوا كما قال هذا الغلام الذي لم تجتمع شئون راسه بعد ؟ ( شئون الرأس هي عظامه وطرائقه كلما أسن الرجل قويت واشتدت - النهاية : ج2 ص 437،) ولسان الميزان ( شأن )، اني والله ما ارى القول الا كما قلت وقال قد كنت امرتك ان لا تتكلم حتى يتكلموا واني امرك ان تتكلم معهم ( أخرجه البيهقي والحاكم وابن خزيمة )،
وفي رواية أخرى : قال ابن عباس عن " ليلة القدر " : قلت سابعة تمضي، أو سابعة تبقى من العشر الاواخر، قال عمر : ومن أين علمت ذلك ؟قال قلت خلق الله سبع سماوات وسبع ارضين وسبعة ايام وان الهر يدور في سبع وخلق الانسان من سبع وياكل من سبع ويسجد على سبعة اعضاء والطواف بالبيت سبع والجمار سبع - لاشياء ذكرها - فقال عمر لقد فطنت لامر ما فطنا له،
وفي رواية ان عمر رضي الله عنه قال : " كيف خلق الانسان من سبع، وجعل رزقه من سبع، قد فهمت من هذا شيئا لم افهمه، فال ابن عباس : قول الله تعالى : { ولقد خلقنا الانسان من سلالة من طين }، .....الى قوله تعالى : { فتبارك الله احسن الخالقين} (2) - ثم ذكر رزقه فقال : { انا صببنا الماء صبا}، الى قوله تعالى : {وفاكهة وابا } (3)، فالاب مما انببتت الارض للانعام والسبعة رزق لبني ادم، فقال ابن عباس : " لا اراها والله اعلم الا لثلاث يبقين، وسبع يمضين "، وفي رواية واعطى من المثاني سبعا، ونهى في كتابه عن نكاح الاقربين عن سبع، وقسم الميراث في كتابه على سبع،
قال " ابن تيمية " (4) رحمه الله عن قول ابن عباس في سورة النصر : " وهذا باطن الأية الموافق لظاهرها، فانه لما أمر بالاستغفار عند ظهور الدين والاستغفار يؤمر به عندختام الاعمال وبظهور الدين حصل مقصود الرسالة علموا انه اعلام بقرب الاجل مع امور اخرى وفوق كل ذي علم عليم "
وهكذا ومن هذا الموقف نستشف أنه وبسب سعة علم عبد الله ابن عباس رضي الله عنه، وقوة حجته، وصفاء ذهنه، كان عمر رضي الله عنه يدنيه ويعظمه ويعتد به مع حداثة سنه، وكان من الأدب بمكان، فإذا سأله عمر مع الصحابة كان يقول : لا أتكلم حتى يتكلموا، وكان عمر يقول له : إنك لأصبح فتياننا وجها، وأحسنهم خلقا، وأفهمهم في كتاب الله.
وبالجملة فقد ظهر النبوغ العربي في ابن عباس بأكمل معانيه علما وفصاحة وكمالا وألمعية، وكان واسع الاطلاع في نواح علمية مختلفة، يعرف الشعر، والأنساب، وأيام العرب، ويعلم ما ورد في القرآن، وأسباب نزوله، وحساب الفرائض، والمغازي، ويعرف شيئًا من الكتب الأخرى كالتوراة والإنجيل، قال ابن مسعود رضي الله عنه : " نعم ترجمان القرآن ابن عباس "، وكان ابن عمر رضي الله عنه يقول : "ابن عباس أعلم أمة محمد بما نزل على محمد"، وقال عطاء رحمه الله : "ما رأيت أكرم من مجلس ابن عباس"، أصحاب الفقه عنده، وأصحاب القرآن عنده، وأصحاب الشعر عنده، يصدرهم كلهم من واد واسع، وقال عبيد الله بن عبد الله ابن عتبة : ما رأيت أحدًا أعلم من ابن عباس بما سبقه من حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم، وبقضاء أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم، ولا أفقه منه، ولا أعلم بتفسير القرآن وبالعربية وبالشعر، والحساب والفرائض وكان يجلس يوما للفقه، ويما للتأويل، ويوما للمغازي، ويوما للشعر، ويوما لأيام العرب، وما رأيت عالما قط جلس إليه إلا خضع له، ولا سائلا سأله إلا وجد عنده علما، كانت أكثر حياته علمية يتعلم ويعلم، لم يشغل بالإمارة إلا قليلا لما استعمله علي على البصرة، وتوفي بالطائف سنة 68هـ، عن أحد وسبعين عاما، وعلى ابن عباس يدور علم أهل مكة في التفسير والفقه (5)،

* العلم عز وشرف :

وفي فضل العلم بالقرآن وأهله جاء في صحيح مسلم أن نافع بن عبد الحارث لقي عمر بعسفان، وكان عمر يستعمله على مكة فقال : من استعملته على أهل الوادي؟ (أهل الوادي يعني أهل مكة؛ لأن مكة في وادٍ تحيط به الجبال {إني أسكنتُ منْ ذُريتي بوادٍ غير ذي زرعٍ عند بيتك المحرم} (إبراهيم: 37)، فقال : ابن أبزى، فقال : ومن ابن أبزى؟ قال : مولى من موالينا، قال : فاستخلفت عليهم مولى! ( المولى هو العبد الذي أعتق وصار حرا )، قال : إنه قارئ لكتاب الله، وإنه عالم بالفرائض، قال عمر : أما إن نبيكم صلى الله عليه وسلم قد قال : " إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواما ويضع به آخرين " ( أخرجه مسلم في صحيحه عن عامر ابن واثلة، برقم 1897 )،

وهكذا حين تعجب عمر رضي الله عنه واستغرب من استخلاف " نافع " أحد الموالي على أهل مكة، وعلى قريش التي هي أشرف العرب نسبا، وفيها مشايخ العرب وأشرافهم، فكيف يستخلف عليهم رجلا كان عبدا فأعتق؟!، فقال عامله نافع : إنه قارئٌ لكتاب الله، وإنه عالمٌ بالفرائض، يعني أنه حافظٌ لكتاب الله سبحانه وتعالى، وعالم بأحكامه وفرائضه؛ لأن القارئ في عُرف السلف ليس مجرد من يقرأ القرآن، فمجرد القراءة لا يقال لصاحبها: إنه قارئ لكتاب الله، بل لا بد من شيء من الفهم والعلم والفقه والدراية بكتاب الله سبحانه وتعالى، وأيضا هو عالم بعلم الفرائض، الذي هو علم المواريث، وهذا العلم من العلوم العزيزة، أي قلّ منْ يتقن هذا العلم الشريف، بل جاء في بعض الآثار: أن علم الفرائض هو أول علم يرفع وينسى، أو أول علم يتركه الناس فلا يكاد يعلمه إلا القليل، فبين له السبب وهو العلم والفقه والقرآن، فعند ذلك قال عمر رضي الله عنه : أما إن نبيكم صلى الله عليه وسلم قد قال : " إنّ الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً، ويضع به آخرين " يعني أن الله يرفع بالقرآن أقواما منازل عالية في الدنيا والآخرة، حتى يفوقوا غيرهم ممن هو أشرف منهم نسبا وحسبا، كما قال سبحانه وتعالى في كتابه الكريم : {يرفع اللهُ الذين آمنوا منكم والذين أُوتوا العلمَ درجات} ( المجادلة :11)، وقوله " ويضع به آخرين "، يضع يعني يذل ويخفض، أي : يضع منزلتهم فتكون منزلتهم وضيعة أي دنيئة، وسبب الذلة: الإعراض عن القرآن وتعلمه وفهمه، قال العلامة " صديق حسن خان" : وهذا الحديث عَلَمٌ من أعلام النبوة، فقد وقع ما أخبر به صلى الله عليه وسلم في هذا، ورفع الله بكتابه العظيم جمعاً جما من الناس الموالي وغيرهم، وفضلهم على كثير ممن خلق تفضيلا، ووفق عصابةً عظيمة منهم لتفسيره، وضبط معانيه ومبانيه، فارتفعت منازلهم، وهكذا. وترك أقوام إياه - أي تركوا القرآن – قال: كالروافض ومن يحذوا حذوهم، ونبذوه وراء ظهورهم وهجروه، فاتضعتْ مراتبهم، وُنسوا كما نسوه " (6)،
وعن ابن عباس : خير سليمان عليه السلام بين العلم والمال والملك فاختار العلم فأعطي المال والملك معه (7)، وقال الله تعالى : { أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَاب }( الرعد : 19 )، قال " ابن القيم " رحمه الله : " ان الله سبحانه جعل اهل الجهل بمنزلة العميان الذين لا يبصرون فقال افمن يعلم انما انزل اليك من ربك الحق كمن هو اعمى فما ثم الا عالم او اعمى وقد وصف سبحانه اهل الجهل بأنهم صم بكم عمي في غير موضع من كتابه " (8)،

العلماء هم أكثر الناس لله تعالى خشية :

كما أن القرآن الكريم يخبرنا أن أكثر الناس خشية لله تعالى هم أهل العلم به سبحانه , وبصفاته , وبشرعه , وطلاقة قدرته على كل شيء سبحانه , فهم الذين يخشونه ويتقون عقابه وأليم عذابه بطاعته وامتثال أوامره واجتناب معصيته ونواهيه، قال تعالى : { إنما يخشى الله من عباده العلماء } ( فاطر : 28 )، وهكذا أخبر الله سبحانه وتعالى خبرًا مؤكدًا ومحصورًا أن هؤلاء العلماء هم أهل خشية الله سبحانه وتعالى، فالذين يخشون الله على الحقيقة ويخافونه هم أهل العلم، وذلك لمعرفتهم بالله تعالى، ومن كان بالله أعرف كان منه أخوف، ‏قال ابن كثير رحمه الله (9) : أي إنما يخشاه حق خشيته العلماء العارفون به لأنه كلما كانت المعرفة للعظيم القدير العليم الموصوف بصفات الكمال المنعوت بالأسماء الحسنى كلما كانت المعرفة به أتم والعلم أكمل كانت الخشية له أعظم وأكثر، وقال الله تعالى: { يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً } (البقرة 269) ففيها أن أفضل ما يعطى المرء القرآن والسنة.
وقال الله تعالى : { أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ } ( الزمر :9 )، وقال تعالى : {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ }( المجادلة : 11 )،

* فضل العلم والعلماء في السنة النبوية :

رأينا من الآيات التي أوردناها آنفا كيف أن لطلب العلم في منظور الإسلام فضيلة عظيمة ومرتبة شريفة لا يوازيها عمل ؛ ولا تدانيها مرتبة، يبين ذلك – إلى جانب ما ذكرناه من آيات بينات وما لم نذكره - العديد من الأحاديث النبوية الشريفة التي وردت على لسان من لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم في بيان فضل العلم والحث علي طلبه وتحصيله وما للعلماء عند الله من عظيم المثوبة وجليل المكانة، وتلك الأحاديث هي من الكثرة بحيث يصعب الإحاطة بها في هذه العُجالة، غير أننا نذكر بعضا منها إتماما للفائدة :

فضل طلب العلم ومكانته :

- لعل من أعظم ما ورد في السنة في هذا الصدد ما رواه رواه الإمام أحمد رحمه اللّه عن قيس بن كثير قال : قدم رجل من أهل المدينة إلى أبي الدرداء رضي اللّه عنه وهو بدمشق، فقال: ما أقدمك أي أخي؟ قال: حديث بلغني أنك تحدث به عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، قال : أما قدمت لتجارة؟ قال: لا، قال: أما قدمت لحاجة؟ قال" لا. قال : أما قدمت إلا في طلب هذا الحديث؟ قال : نعم، قال ( ابو الدرداء ) رضي اللّه عنه، فإني سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول : " من سلك طريقاً يطلب فيها علماً سلك اللّه تعالى به طريقاً إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضاً لطالب العلم، وإنه ليستغفر للعالم من في السماوات والأرض حتى الحيتان في الماء، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب، وإن العلماء هم ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً وإنما ورثوا العلم، فمن أخذ به أحذ بحظ وافر" ( أخرجه الإمام أحمد ورواه الترمذي وأبو داود وابن ماجه ) (10)

يا سبحان الله وأي فضل أعظم، وأي شرف أرفع، وأي مكانة أرقى، وأي منزلة أسمى، مما بينه هذا الحديث الشريف فيما يتعلق بمكانة العلم والعلماء في الإسلام، من حيث أن :

- طريق طالب العلم انما هو طريق الى الجنة ورضوان الله،
- احتفاء الملائكة بصنيع طالب العلم، ووضعها اجنحتها له رضا بهذا الصنيع،
- استغفار من في السماوات والأرض لطالب العلم حتى الحيتان في البحار،
- فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب،
- العلماء هم ورثة الانبياء،

وغني عن الذكر أن هذه الفضائل والمناقب والعطاءات التي جعلها الله تعالى لطلبة العلم والعلماء توضح مدى أهمية العلم ومكانته ، وأثرِه في تحقيق العبودية الخالصة الله سبحانه وإصلاح أحوال الخلق والخليقة،

- ولمكانة العلم وفضله في الإسلام جعله النبي صلى الله عليه وسلم إحدى خصلتين يحسد فيهما المسلم أخاه المسلم ( أي يغبطه ويتمنى ان يكون مثله فيهما ) ففي الصحيحين عن ابن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم : " لا حسد إلا في اثنتين : رجل آتاه اللَّه مالاً فسلطه على هلكته في الحق، ورجل آتاه اللَّه الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها " ( مُتَّفَقٌ عَلَيهِ )
والمراد بالحسد هنا ليس الحسد المذموم شرعا وإنما هو الغبطة ومعناها : أن يتمنى مثله،

* أصناف الناس إزاء العلم الشرعي :
وفي الصحيحين أيضا من حديث أبي موسى رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال : قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم : " مثل ما بعثني اللَّه به من الهدى والعلم كمثل غيث أصاب أرضاً فكانت منها طائفة طيبة قبلت الماء، فأنبتت الكلأ والعشب الكثير، وكان منها أجادب أمسكت الماء، فنفع اللَّه بها الناس فشربوا منها وسقوا وزرعوا، وأصاب طائفة منها أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماءً ولا تنبت كلأ؛ فذلك مثل من فقه في دين اللَّه ونفعه ما بعثني اللَّه به فعلم وعلّم، ومثل من لم يرفع بذلك رأساً ولم يقبل هدى اللَّه الذي أرسلت به " ( مُتَّفَقٌ عَلَيهِ ) (11)

وكما تلاحظ فإن الحديث يستخدم فيه النبي من وسائل الإيضاح ( الوسائل التعليمية ) ضرب المثل لتجسيد المعاني وتقريبها للأذهان، وهو يشير إلى أن الناس أصناف ثلاثة وهم :

- الصنف الأول : الذين يتلقون العلم ويفهمونه ويعملون به : ويتمثل فيمن يبلغه الهدى والعلم فيحفظه فيحيا قلبه ويعمل به ويعلمه غيره فينتفع وينفع، تماما كذلك النوع من الأرض الذي ينتفع بالمطر فيحيى بعد أن كان ميتاً وينبت الكلأ فتنتفع بها الناس والدواب والزرع وغيرها،

- والصنف الثاني : أولئك الذين لهم لهم قلوب حافظة لكن ليست لهم أفهام ثاقبة ولا رسوخ لهم في العقل يستنبطون به المعاني والأحكام وليس عندهم اجتهاد في الطاعة والعمل به، فهم يحفظونه حتى يأتي طالب محتاج متعطش لما عندهم من العلم أهل للنفع والانتفاع فيأخذه منهم فينتفع به فهؤلاء نفعوا بما بلغهم، وهم يشبهون في ذلك نوع الأرض التي لا تقبل الانتفاع في نفسها لكن فيها فائدة وهي إمساك الماء لغيرها فينتفع بها الناس والدواب،

- والصنف الثالث : وهم أولئك الذين ليست لهم قلوب حافظة ولا أفهام واعية فإذا سمعوا العلم لا ينتفعون به ولا يحفظونه لنفع غيرهم، وهم في ذلك مثل الأرض السباخ التي لا تنبت ونحوها فهي لا تنتفع بالماء ولا تمسكه لينتفع بها غيرها،
قال القرطبي وغيره في هذا الحديث : " ضرب النبي صلى الله عليه وسلم لما جاء به من الدين مثلا بالغيث العام الذي يأتي في حال حاجتهم إليه، وكذا كان الناس قبل مبعثه، فكما أن الغيث يحيي البلد الميت، فكذا علوم الدين تحيي القلب الميت، ثم شبه السامعين له بالأرض المختلفة التي ينزل بها الغيث، فمنهم العالم العامل المعلم، فهو بمنزلة الأرض الطيبة شربت فانتفعت في نفسها وأنبتت فنفعت غيرها،
ومنهم الجامع للعلم المستغرق لزمانه فيه غير أنه لم يعمل بنوافله أو لم يتفقه فيما جمع لكنه أداه لغيره، فهو بمنزلة الأرض التي يستقر فيها الماء فينتفع الناس به، وهو المشار إليه بقوله صلى الله عليه وسلم : " نضر الله امرء سمع مقالتي فأداها كما سمعها ".
ومنهم من يسمع العلم فلا يحفظه ولا يعمل به ولا ينقله لغيره، فهو بمنزلة الأرض السبخة أو الملساء التي لا تقبل الماء أو تفسده على غيرها.
وإنما جمع المثل بين الطائفتين الأوليين المحمودتين لاشتراكهما في الانتفاع بهما، وأفرد الطائفة الثالثة المذمومة لعدم النفع بها.
ويستدرك قائلا : ثم ظهر لي أن في كل مثل طائفتين، فالأول قد أوضحناه، والثاني : الأولى منه : من دخل في الدين ولم يسمع العلم، أو سمعه فلم يعمل به ولم يعلمه، ومثالها من الأرض السباخ وأشير إليها بقوله صلى الله عليه وسلم : " من لم يرفع بذلك رأسا " أي أعرض عنه فلم ينتفع له ولا نفع، والثانية منه : من لم يدخل في الدين أصلا، بل بلغه فكفر به، ومثالها من الأرض السماء الملساء المستوية التي يمر عليها الماء فلا ينتفع به، وأشير إليها بقوله صلى الله عليه وسلم: " ولم يقبل هدى الله الذي جئت به ".
وقال الطيبي : بقي من أقسام الناس قسمان : أحدهما الذي انتفع بالعلم في نفسه ولم يعلمه غيره، والثاني من لم ينتفع به في نفسه وعلمه غيره.
قلت : والأول داخل في الأول لأن النفع حصل في الجملة وإن تفاوتت مراتبه، وكذلك ما تنبته الأرض، فمنه ما ينتفع الناس به ومنه ما يصير هشيما.
وأما الثاني فإن كان عمل الفرائض وأهمل النوافل فقد دخل في الثاني كما قررناه، وإن ترك الفرائض أيضا فهو فاسق لا يجوز الأخذ عنه، ولعله يدخل في عموم : " من لم يرفع بذلك رأسا " والله أعلم (12)،
وباذن الله نكمل من الحديث ما نقطع في الحلقة القادمة،،،،،

*********

الهوامش :
======

(1) - نص الحديث كما جاء في البخاي وغيره : عن ابن عباس قال: كان عمر بن الخطاب يأذن لأهل بدر، ويأذن لي معهم. قال: فوجد بعضهم من ذلك، فقالوا: يأذن لهذا الفتى معنا ومن أبنائنا من هو مثله فقال لهم عمر: إنه من قد علمتم. قال: فأذن لهم ذات يوم، وأذن لي معهم، فسألهم عن هذه السورة: "إذا جاء نصر الله والفتح" فقالوا: أمر الله جل وعز نبيه صلى الله عليه وسلم إذا فتح عليه أن يستغفره، وأن يتوب إليه. فقال: ما تقول يا ابن عباس؟ قلت: ليس كذلك، ولكن أخبر الله نبيه صلى الله عليه وسلم حضور أجله، فقال: "إذا جاء نصر الله والفتح"، فذلك علامة موتك.
(2) – يعني قول الله تعالى في سورة " المؤمنون " : {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ{12} ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ{13} ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ{14}( المؤمنون )،
(3) – يعني قوله تعالى : {فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ إِلَى طَعَامِهِ{24} أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاء صَبّاً{25} ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقّاً{26} فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَبّاً{27} وَعِنَباً وَقَضْباً{28} وَزَيْتُوناً وَنَخْلاً{29} وَحَدَائِقَ غُلْباً{30} وَفَاكِهَةً وَأَبّاً{31}( عبس )،
(4) - انظر : شيخ الإسلام أحمد بن تيمية : " مجموع الفتاوى "، جمع وترتيب : الشيخ عبد الرحمن بن قاسم وابنه الشيخ محمد، مجمع الملك فهد لطباعة المصحف، المدينة النبوية، بدون تاريخ، ١٤١٢ هـ، ج 16 : التفسير 3 : الزمر - تبت، ص : 233
(5) - عبد الوهاب خلاف ( ت : 1375هـ) : " علم أصول الفقه وخلاصة تاريخ التشريع "، مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع، دار الفرقان للنشر والتوزيع , القاهرة، 2004 م، ص ص : 240-241،
(6) - شرح كتاب فضائل القرآن من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري، المصدر : www.al-forqan.net/researchs/print-119.html
(7) - أبو حفص عمر بن علي ابن عادل الدمشقي الحنبلي : " اللباب في علوم الكتاب "، تحقيق : الشيخ عادل أحمد عبد الموجود والشيخ علي محمد معوض، دار الكتب العلمية، بيروت / لبنان، 1419 هـ / 1998 م، ط1، ج18، ص : 546،
(8) - محمد بن أبي بكر أيوب الزرعي أبو عبد الله ابن قيم الجوزية : " مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة "، دار الكتب العلمية – بيروت، ( ب .ت )، ج1، ص : 49،
(9) - أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي ( 700 -774 هـ ) : " تفسير القرآن العظيم "، تحقيق : سامي بن محمد سلامة، دار طيبة للنشر والتوزيع، ط2، 1420هـ / 2000م،
(10) - قال الامام القرطبي في تفسير سورة التوبة : وقوله عليه السلام : ( إن الملائكة لتضع أجنحتها...) الحديث يحتمل وجهين : أحدهما : أنها تعطف عليه وترحمه؛ كما قال الله تعالى فيما وصى به الأولاد من الإحسان إلى الوالدين بقوله : { واخفض لهما جناح الذل من الرحمة }( الإسراء : 24 )، أي تواضع لهما، والوجه الآخر: أن يكون المراد بوضع الأجنحة فرشها ؛ لأن في بعض الروايات (وإن الملائكة تفرش أجنحتها) أي إن الملائكة إذا رأت طالب العلم يطلبه من وجهه ابتغاء مرضات الله وكانت سائر أحواله مشاكلة لطلب العلم فرشت له أجنحتها في رحلته وحملته عليها؛ فمن هناك يسلم فلا يحفى إن كان ماشيا ولا يعيا، وتقرب عليه الطريق البعيدة ولا يصيبه ما يصيب المسافر من أنواع الضرر كالمرض وذهاب المال وضلال الطريق،
أنظر :
- أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح الأنصاري الخزرجي شمس الدين القرطبي، ( ت : 671 هـ) : " الجامع لأحكام القرآن "، تحقيق : هشام سمير البخاري، دار عالم الكتب، الرياض، المملكة العربية السعودية، 1423 هـ/ 2003 م، ج8، ص : 296،
(11) - (الغيث) المطر الذي يأتي عند الاحتياج إليه، (نقية) طيبة، (الكلأ) نبات الأرض، رطبا كان أم يابسا، (العشب) النبات الرطب، (أجادب) جمع أجدب، وهي الأرض التي لا تشرب الماء ولا تنبت. (قيعان) جمع قاع، وهي الأرض المستوية الملساء. (فذلك) أي النوع الأول. (فقه) صار فقيها، بفهمه شرع الله عز وجل. (من لم يرفع بذلك رأسا) كناية عن شدة الكبر والأنفة عن العلم والتعلم. (قيلت الماء) شربته.
(12) - أحمد بن علي بن حجر أبو الفضل العسقلاني الشافعي : " فتح الباري بشرح صحيح البخاري "، دار المعرفة، بيروت، دار المعرفة، بيروت، 1379هـ، ج1، ص : 322،

**********
أ.د. أحمد يوسف محمد بشير، رئيس قسم الخدمة الاجتماعية، جامعة صنعاء


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

دروس دينية، خطب مسجدية، العلم، العلم في الإسلام،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 12-04-2016  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  محاضرة تمهيدية حول مقرر مجالات الخدمة الاجتماعية والرعاية الاجتماعية لمرحلة الدراسات العليا
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -44- الميثاق الاخلاقي للخدمة الإجتماعية Social Work Code Of Ethics
  وقفات مع سورة يوسف - 5 - المشهد الأول - رؤيا يوسف – أحد عشر كوكبا
  من روائع مالك بن نبي -1- الهدف أن نعلم الناس كيف يتحضرون
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -43- خدمة الجماعة المجتمعية : Community Group Work
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -42- مفهوم البحث المقترن بالإصلاح والفعل Action Research
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -41- مفهوم التقويم Evaluation
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -40- مفهوم التجسيد – تجسيد المشاعر Acting out
  نفحات ودروس قرآنية (7) ابن عباس ونماذج من العطاءات القرآنية للأمة 7 ثمان آيات في سورة النساء ....
  نفحات ودروس قرآنية (6) ابن عباس ونماذج من العطاءات القرآنية للأمة 6 ثمان آيات في سورة النساء .... أ
  من عيون التراث -1- كيف تعصى الله تعالى وانت من أنت وهو من هو من نصائح ابراهيم ابن ادهم رحمه الله
  وقفات مع سورة يوسف - 4 - أحسن القصص
  نفحات قرآنية ( 4 ) ابن عباس ونماذج من العطاءات القرآنية للأمة 5 ثمان آيات في سورة النساء ....
  طريقتنا في التفكير تحتاج إلى مراجعة
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -39 - الانتقائية النظرية في الخدمة الاجتماعية Eclecticism
  قرأت لك - 1 - من روائع الإمام الشافعي
  نماذج من الرعاية الاجتماعية في الإسلام – إنصاف المظلوم
  وقفات مع سورة يوسف - 3 - قرآنا عربيا
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -38- مفهوم التقدير في التدخل المهني للخدمة الاجتماعية Assessment
  الشبكات الاجتماعية Social Network
  نفحات قرآنية ( 4 ) ابن عباس ونماذج من العطاءات القرآنية للأمة 4 ثمان آيات في سورة النساء ....
  وقفات مع سورة يوسف - 2 - تلك آيات الكتاب المبين - فضل القرآن الكريم
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -36- مفهوم جماعة النشاط Activity Group
  رؤية تحليلية مختصرة حول الإطار النظري للخدمة الاجتماعية (9)
  وقفات مع سورة يوسف - 1 - مع مطلع سورة يوسف " الر " والحروف المقطعة
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -35- مفهوم الهندسة الاجتماعية Social Engineering
  نفحات قرآنية ابن عباس ونماذج من العطاءات القرآنية للأمة المحمدية 3 ثمان آيات في سورة النساء ....
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -34- مفهوم التثاقف – او المثاقفة - التثقف Acculturation
  من عجائب القران – نماذج وضاءة لجماليات الأخلاق القرآنية
  من عجائب القرآن الكريم والقرآن كله عجائب –1- الأمر بالعدل والندب إلى الاحسان والفضل في مجال المعاملات

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
رشيد السيد أحمد، فتحي العابد، د - المنجي الكعبي، فتحـي قاره بيبـان، إياد محمود حسين ، د- هاني ابوالفتوح، محمد شمام ، رمضان حينوني، محمود طرشوبي، سعود السبعاني، حسن عثمان، حسني إبراهيم عبد العظيم، أشرف إبراهيم حجاج، د- جابر قميحة، فوزي مسعود ، عزيز العرباوي، صفاء العربي، مصطفي زهران، د. أحمد بشير، د- محمد رحال، حاتم الصولي، د - مصطفى فهمي، طارق خفاجي، العادل السمعلي، أ.د. مصطفى رجب، د - محمد بن موسى الشريف ، الهادي المثلوثي، المولدي اليوسفي، وائل بنجدو، عبد الغني مزوز، محرر "بوابتي"، محمد اسعد بيوض التميمي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، عبد الله زيدان، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، د - الضاوي خوالدية، الناصر الرقيق، مراد قميزة، مصطفى منيغ، محمد عمر غرس الله، سامح لطف الله، صالح النعامي ، أبو سمية، رافع القارصي، سليمان أحمد أبو ستة، د. مصطفى يوسف اللداوي، سامر أبو رمان ، محمود سلطان، إسراء أبو رمان، د. صلاح عودة الله ، محمد الطرابلسي، نادية سعد، صباح الموسوي ، د.محمد فتحي عبد العال، فتحي الزغل، عواطف منصور، ياسين أحمد، أحمد ملحم، سيد السباعي، صفاء العراقي، أحمد بوادي، رحاب اسعد بيوض التميمي، د- محمود علي عريقات، علي الكاش، بيلسان قيصر، ماهر عدنان قنديل، خبَّاب بن مروان الحمد، سفيان عبد الكافي، علي عبد العال، د - صالح المازقي، عبد الرزاق قيراط ، تونسي، رافد العزاوي، عبد الله الفقير، د. عبد الآله المالكي، د. أحمد محمد سليمان، محمد يحي، خالد الجاف ، المولدي الفرجاني، سلام الشماع، الهيثم زعفان، عمر غازي، أحمد النعيمي، محمد علي العقربي، محمد العيادي، د. طارق عبد الحليم، منجي باكير، أنس الشابي، د - شاكر الحوكي ، عراق المطيري، جاسم الرصيف، كريم السليتي، د. خالد الطراولي ، محمد أحمد عزوز، أحمد الحباسي، حسن الطرابلسي، يزيد بن الحسين، د. كاظم عبد الحسين عباس ، د. عادل محمد عايش الأسطل، عمار غيلوفي، سلوى المغربي، محمود فاروق سيد شعبان، ضحى عبد الرحمن، عبد العزيز كحيل، رضا الدبّابي، حميدة الطيلوش، د. ضرغام عبد الله الدباغ، كريم فارق، يحيي البوليني، أحمد بن عبد المحسن العساف ، د - محمد بنيعيش، د - عادل رضا، صلاح الحريري، محمد الياسين، مجدى داود، إيمى الأشقر، صلاح المختار، طلال قسومي، فهمي شراب،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة