الأسرة المسلمة ومعركة المصطلحات الوافدة والمشبوهة - 5 / أ - مصطلح " الجندر " Gender
أ. د/ احمد بشير - مصر
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 5154
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
قال تعالى : - {وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثى من نطفة إذا تمنى} ( النجم : 45 – 46 )
- { ........وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى .....} ( آل عمران : 36 )
تمهيد
- بينا في الحلقات السابقة كيف أن اهتمامنا بقضية المفاهيم والمصطلحات الوافدة إلينا من الغرب، والتي يتنامى نقلها إلى بيئتنا العربية الإسلامية في العصر الحديث، بغرض تبنيها وإدماجها في بيئتنا المعرفية والثقافية، بل وحتى الممارسات العملية، باعتبارها مصطلحات ومفاهيم تطرح حلولا – أو هكذا يروج لها أصحابها، وأولئك المتحمسين لنقلها من أبناء جلدتنا، والذين يريدون لها أن تكون جزءا من نسيجنا الثقافي، والسياق الاجتماعي لمجتمعاتنا العربية والإسلامية، أقول بينا أن هذا الاهتمام مبعثه إيمان كاتب هذه السطور بأهمية ومحورية قضية المفاهيم والمصطلحات وتحديدها وضبطها بشكل إجرائي منهجي دقيق، لإزالة ما قد يكتنفها من لبس أو غموض، وإجراء عملية الفرز الضرورية – في نظرنا - حتى يمكن أولا فهم تلك المصطلحات والحكم على مدى ملاءمتها لواقعنا الثقافي والاجتماعي، وخلوها من أي مضامين أو إيحاءات أو محمولات تتناقض مع هذا الواقع، وثانيا حتى يتسنى لنا تشغيلها وتفعيلها في هذا الواقع للتعامل مع مختلف إفرازاته من ظواهر أو مشكلات،
- وأوضحنا أيضا أن اهتمامنا الرئيس في هذه الحلقات إنما ينصرف إلى إبراز أهمية قضية تحديد المفاهيم والمصطلحات بوجه عام، وبوجه خاص ما تمور به وثائق مؤتمرات وفعاليات الأمم المتحدة الخاصة بالمرأة، والأسرة، والمجال الاجتماعي والعلاقات الاجتماعية من العديد من المفاهيم والمصطلحات التي تُشَكِّل فى ذاتها الوحدات الأساسية لما يطرح في هذه اللقاءات والمؤتمرات من حلول للمشكلات والقضايا الاجتماعية لمختلف بلدان العالم، ومن بينها بطبيعة الحال بلداننا العربية والإسلامية، ومن الطبيعي - كما أسلفنا – أن فهم واستيعاب تلك الحلول المطروحة ( في السوق الاجتماعي ) لا يمكن أن يتم إلا عبر فهم وتحديد معاني ومضامين تلك المفاهيم والمصطلحات ، ومن ثم تصبح مهمة تحديدها تحديدًا إجرائيًّا دقيقًا أمرا من ألزم الواجبات على كل منتسب إلى حقل المعرفة الاجتماعي، ومجالات العمل الاجتماعي المتنوعة،
هذا ويلخص أحد الكتاب المعنيين (1) بقضية المفاهيم، مجموعة من الإشكالات التي تواجه المختصين فيما يتعلق بطبيعة الموقف المطلوب من المفاهيم وبوجه خاص تلك المفاهيم الوافدة، والمصطلحات المستوردة، لعل من أهمها :
- أما الأولى فهي إشكالية " الحاجة إلى تحديد تلك المفاهيم والمصطلحات وضبطها وتحريرها، بدقة وموضوعية ودون أحكام أو مواقف مسبقة "، وهو أمر يحتاج إلى جهد علمي ومنهجية منضبطة، تمكن من الوصول إلى معانيها الحقيقية دون غلو أو جفاء، مع ملاحظة أن المفاهيم الغربية لا يمكن فهمها إلا باستيعاب دلالات نصها فى لغتها الأصلية الإنجليزية،
- والإشكالية الثانية : وتتعلق بنقل هذه المفاهيم والمصطلحات من مجتمع إلى آخر، ومن البيئة التي نبتت فيها إلى بيئة أخرى مغايرة لها ثقافة ولغة ونمط حياة ومستوى حضارة، وسياق تاريخي واجتماعي، ذلك أن إعادة استنبات المفاهيم في بيئة حضارية مغايرة لا يؤتى نفس الثمار التي أتتها في بيئتها الأولى، وهو أمر بات معلوما بالضرورة بالنسبة للمتخصصين في العلوم الاجتماعية والإنسانية على وجه الخصوص، وهو ما أطلق عليه المفكر الإيراني الشهير " على شريعتى " (2) : "جغرافيا الكلام" (3) والتي تعني : أن كلامًا معينًا ( مصطلحات ومفاهيم ورموز ) قد يكون صحيحًا ومفيدا في بيئة ما، فإذا تم نقله إلى بيئة أخرى مغايرة لها ، وإعادة استنباته فيها لم يكن بنفس درجة الصحة التي كان عليها في بيئته الأولى.
- أما الإشكالية الثالثة : فهي تبرز عندما يتم البدء – أو الانطلاق - من كون تلك المفاهيم القادمة من "بيئتها الأولى الأصلية " معيارًا قياسيًّا Standard تفهم به الظواهر الاجتماعية في البيئة الثانية بل وتفسر؛ وأكثر من ذلك يُحكَم به على كل شيء، أى تصير تلك المفاهيم المنقولة أو العابرة للحضارات مفاهيم عالمية تُرد إليها الأمور ويصبح المتخلف الحقيقي هو المتخلف عن تلك المفاهيم، والمتقدم هو المتوافق معها والمتبني لها، وبذلك تصير البيئة الثانية ليست هي، وإنما نسخة مقلدة أو تحاول أن تقلد البيئة الأولى، ويكون الحكم على نجاحها أو إخفاقها بدرجة قربها أو بعدها من النموذج الأول.
- والرابعة : هي أنه في أثناء تلك العملية من جلب المفاهيم استيرادًا أو نقلاً، واعتبارها حكمًا ومعيارًا تنشأ مشكلة أهم من ذلك كله، وهى انزواء المفاهيم الأصيلة للبيئة الثانية، وبقدر ما تتم عملية الإحلال والتبديل هذه يتم تجاهل مفاهيم البيئة الثانية ذاتها وتجاوزها، ورحم الله علماء الإسلام وفقهائه إذ يقولون : " ما ظهرت بدعة ( أي في واقعهم الناس ) إلاَّ حلت محل سنة ( أي من سنن النبي صلى الله عليه وسلم )، وما ذهبت سنة إلاَّ حل محلها بدعة "، والبدعة كما عرفها ابن تيمية رحمه الله بقوله : "البدعة ما خالفت الكتاب والسنة أو إجماع سلف الأمة، من الاعتقادات والعبادات "
- أما الإشكالية الخامسة : فهي تمثل ذروة المأساة، وهى تكون عندما تفهم مفاهيم البيئة الأصلية ( المستقبلة لتلك المفاهيم ) في ضوء – وطبقا لــ - المفاهيم المنقولة استيرادًا أو تقليدًا بحجة أنها مفاهيم عالمية ( عابرة للقارات والحضارات والثقافات والقيم )، والتي يعتقد أنها تمثل المشترك الإنساني العام، الذي لا شأن له بالخصوصيات والهويات الخاصة،
ولعل من أوضح الأمثلة على ذلك " مفهوم العلمانية " Secularism ، الذي ما زال يثير جدلا محتدما، في الغرب والشرق على السواء، وما زالت المطابع تقذف كل يوم بعشرات الكتب والمؤلفات والدراسات حول هذا المفهوم ما بين مؤيد ومعارض، وهو نموذج صارخ للمعارك التي تدور حول المصطلحات والمفاهيم، أقول إذا نظرنا إلى مفهوم العلمانية سنجد أنه وفي بيئة الحضارة الغربية مثلاً، عندما يتكلمون عن علاقة الدين بالعلم وما بينهما من تناقض، فإنهم يقصدون بالدين : " الدين المسيحي "، وعندما يتم التقليد وتناقش قضايا المجتمع على خلفية مفاهيم مجتمع آخر، نجد أن كثيرًا من المفكرين في العالم الإسلامي عندما يتكلمون عن علاقة الدين بالعلم نجد أنهم لا يستبطنون الدين الإسلامي أو الإسلام الذى هو دين المنطقة وشعوبها، ومحور ثقافتها، بل يستحضرون نفس الحجج التي قيلت عن تناقض الدين المسيحي في العالم الغربي مع مكتشفات العلم الحديث، وهذا ما يحدث في كثير من القضايا والإشكالات، وهنا يثور السؤال عن هذا المثقف والمفكر في العالم الإسلامي، المنتمي تكوينًا ووجدانًا وفكرا للعالم الغربي : عن أي نمط يعبر؟ وعن أي نسق معرفي يصدر ؟ هل عندما يتكلم يعبر عن ثقافة ذلك المجتمع الذى يعيش فيه ( المجتمع المسلم )، أم ينطلق من ثقافة ذلك المجتمع الآخر الذى استطبنه وتمثل قيمه ومفاهيمه، ونسقه المعرفي والفكري، وعاداته وطرق حياته؟، لا نقصد هنا بالطبع " المثقف العضوي " (4) الذى تكلم عنه " جرامشى " (5) في مذكراته، وإنما نعني " المثقف المنتمي " عضويًّا لمجتمعه وبيئته الأصلية،
ولأن " اللغة " - كما هو معلوم - ليست مجرد أداة رمزية، وإنما هي جوهر التفاعل الحضاري، ومن أهم محددات هوية أي أمة ؛ ودليل وجودها المادي، ومن ثم فإن من أهم ما يتصل بقضية تحرير المفاهيم هو عدم قبول المفاهيم الغربية الثقافية والاجتماعية كما وفدت إلينا ؛ لأنها ( ليست محايدة ) بل هي محملة بمسَلَّمات فكرية وأسس فلسفية وخلفيات معرفية نابعة من البيئة الحضارية التي أفرزتها، ذلك أنه من المسَلَّم به أن كلمات اللغة التي تنطق بها الأمة هي أفكارها وقيمها ومنهجها في الحياة، وهى ذات صلة عميقة بعقيدتها وتصوراتها الكلية للإنسان والكون والحياة (6)،
وتأسيسا على هذا فإن ثمة حقيقة نحسب أن من المهم إبرازها والتأكيد عليها باعتبارها الأساس الذي ينبغي الانطلاق منه، والبناء عليه فيما يتعلق بالموقف من المفاهيم الوافدة، والأفكار المستوردة، تلك الحقيقة مؤداها أن مفاهيم الغرب لا يمكن فصلها عن ملابساتها الفكرية، وسياقاتها الحضارية والتاريخية، ومن ثم فإن من البديهي القول بأنه لا يمكن التعامل مع المفاهيم والمصطلحات الخاصة بمجال الفكر والشأن الاجتماعي كما نتعامل مع ألفاظ الاختراعات وأسماء الأشياء، إذ أن من أهم ما يتصل بقضية تحرير المفاهيم، هو عدم قبول المفاهيم الغربية كما هي، وخصوصا تلك المفاهيم الخاصة بالمرأة، والأسرة، والعلاقات الاجتماعية، والمجال الاجتماعي بصفة عامة ؛ لأنها محملة بمسَلَّمات فكرية وأسس فلسفية نابعة من البيئة الحضارية التي أفرزتها، إذ أن من المسَلَّم به أن كلمات اللغة التي تنطق بها الأمة، هي أفكارها وقيمها، وهى ذات صلة عميقة بالعقيدة، وتصور هذه الأمة للإنسان والكون والحياة والمجتمع بل والوجود برمته، فالمفاهيم – في حقيقة الأمر - إنما هي أسماء ومفاتيح المعرفة والثقافة والوعي العام، وهي تحمل - فضلاً عن دلالتها اللغوية والاصطلاحية - تاريخها الخاص، ومشفوعة بشحنة أيديولوجية مصدرها الأنساق والخطابات التي اندرجت فيها، واكتسبت من كل نسق أو خطاب دلالة خاصة غلبت عليها، في حين من الأحيان، أو في كثير منها فلا تكاد تعرف إلا بها (7)، وباختصار فهي مفاهيم غير محايدة قيميا وأيديولوجيا، ولقد رأينا ذلك واضحا فيما تحدثنا عنه من مفاهيم في الحلقات السابقة،
وبعد هذا التمهيد الذي نحسب أنه طال قليلا، نأتي إلى موضوع هذه الحلقة والذي يتمثل في الوقوف عند مصطلح آخر من منظومة المصطلحات والمفاهيم التي تتضمنها وثائق مؤتمرات الأمم المتحدة، وأيضا منظومة مصطلحات الحركة النسوية، وهو " مصطلح الجندر " Gender ، وهو من المصطلحات التي حظيت باهتمام واسع في عالمنا العربي والإسلامي، سواء كان ذلك في الأوساط الأكاديمية، والإعلامية، والحركات النسوية ومنظمات المجتمع المدني وغيرها، واحتدم النقاش حول هذا المصطلح – شأنه في ذلك شأن العديد من المصطلحات التي تنتمي إلى نفس الحظيرة - واختلفت الآراء بشأنه، وتباينت وجهات النظر حوله فانقسمت إلى طرفين ووسط، بين مؤيد متحمس لتلك المفاهيم على طول الخط، ومعارض رافض للمصطلح برمته، ومتوقف متوجس، ولعل سر هذا الاهتمام منشؤه إنما يعود إلى :
0 أن مصطلح الجندر بدأ كمصطلح لغوي مجرد، أطلق في الفضاء الاجتماعي على استحياء، ثم سرعان ما تطور استخدامه إلى أن أصبح نظرية وأيديولوجية، يراد لها أن تعم الأرجاء، وأن تتصدر عند تناول قضايا الأسرة والمرأة والشأن الاجتماعي،
0 أن مصطلح " الجندر " Gender أصبح يحتل مكانة خاصة في أدبيات " الحركة النسوية "، وتدور حوله اليوم معظم مصطلحات الأمم المتحدة، ولقد تنبه العديد من الدارسين لتلك الحقيقة فمنهم من أطلق عليه " المصطلح المفصلي " من بين تلك المصطلحات، ومنهم من أسماه " المصطلح المنظومة " The Term System، ومنهم من وصفه بأنه يمثل "قطب الرَّحَى" وتدور حوله معظم مصطلحات الأمم المتحدة، شرحًا على متنه أو تفسيرًا لغامضه، وإن زاده ذلك غموضًا وإبهاما ؛ فهو مفهوم ومصطلح مراوغ وملتبس وموهم، وغير دال، وإن شئنا الدقة لقلنا : إنه مصطلح مضلِّل،
0 أن هذا المصطلح رغم استخدامه بكثرة في الآونة الأخيرة إلا أنه ظل بصفته (مفهوما) غامضاً، إذ يتم تعريبه وترجمته إلى اللغة العربية إلى مصطلحات عدة منها (الجنس البيولوجي Biological sex، الجنس الاجتماعي Social Sex، الدور الاجتماعي Social Role، النوع الاجتماعي Social Type)، وحالياً يستخدم مفهوم النوع الاجتماعي (الجندر) للتعبير عن عملية دراسة العلاقة المتداخلة بين المرأة والرجل في المجتمع، ولا يزال الغموض سائدا حول ترجمة هذا المصطلح إلى اللغة العربية، رغم أن البعض يجعله مرادفاً لكلمة Sex بمعنى الجنس والجنوسة، وهذا الغموض حول تعريب هذا المصطلح كان واضحاً في وثائق مؤتمرات الأمم المتحدة التابعة لها، بل إن النسخة الإنجليزية لمؤتمر بكين الدولي المشهور ذكرت المصطلح 254 مرة دون أن تعربه!! وتحت ضغط الدول المحافظة تم تشكيل فرق عمل لتعريفه وخرجت لجنة التعريف بعدم تعريف المصطلح (8)
* مصطلح الجندر – نشأة وسيرة :
وكما أشرنا فإن فهم المصطلح ( أي مصطلح ) إنما يقتضي معرفة كيفية نشأته، وتتبع مسيرته عبر الزمن، وبالبحث والتنقيب نجد أن مصطلح الجندر إنما نشأ لأول مرة نشأة تثير العجب والدهشة، ففي ندوة عقدتها الجمعية الوطنية للتوعية الاجتماعية بدمشق تحت عنوان : " الرجل والمرأة... مساواة أم تكامل..؟ "، روى الدكتور هيثم الخياط في مشاركة له قصة واقعية يؤكد بأنها كانت الأساس في ظهور " مصطلح الجندر " إلى الوجود ( بمحض الصدفة )، تقول الواقعة : " أن طبيباً عُهد إليه بختان توأم ذكر، غير أنه وأثناء العملية الجراحية لأحدهما كان قد استأصل أكثر من المطلوب من عضو الطفل ( العضو الذكري ) ، إنه خطأ طبي، وكي يتجنب الطبيب غضب الأهل أقنعهم بأن يعتبروا أن التوأمين ذكراً وأنثى ( أي أن يقنعوا أنفسهم أن أحدهما ذكر، والآخر – الذي أجريت له العملية الجراحية – أنثى، وهكذا نشأ ما يسمى بــ " الهوية الجنسية " أو الجندر، غير أن الطفل الذي اعتبر أنثى لم يكن متوازنا مع وضعه الجسدي ( الأنثوي ) ، وكان قد سمع بالحادثة وحاول التحري عنها طبيب آخر يدعى( ميلتون دايمت) إلى أن التقى بالطفل الذي تحوّل لأنثى فوجده غير متلائم مع وضعه الأنثوي، وأنه حاول الانتحار وهو في الرابعة من عمره، لكن بعد أن أخبره الطبيب بما جرى له هدأ نفسياً وخضع فيما بعد لعملية جراحية أعادت له ذكورته المبتورة، غير أن هذه الحادثة لم تُلغِ لفظة أو مصطلح الجندر لأنه كان قد شاع وانتشر،
وبعد حادثة الختان المذكورة هذه ....ظهرت أفكار تقول بان المرأة والرجل هما من صنع المجتمع بأعرافه وتقاليده، أي أنهما لا يولدان هكذا، والهوية الجنسية مردها شعور الشخص بذاته ( أنثى أو ذكر) لذا تمّ اختيار كلمة " الجندر " لتعبر عن الهوية الجنسية لكليهما معاً (9)، ليتحول المصطلح تدريجيا إلى أن يكون أحد أهم المصطلحات التي تتداولها وتروج لها أدبيات الحركة النسوية على مستوى العالم، وبضغوط من تلك الحركة والجمعيات المنتمية إليها وتدور في فلكها كان لها دورها البارز في فرض المصطلح على فعاليات الأمم المتحدة ومؤتمراتها التي تتناول القضايا الاجتماعية، والتي بدأت في نهايات القرن الماضي، واستمر الأمر إلى يوم الناس هذا،
بداية ظهور المصطلح في وثائق مؤتمرات الأمم المتحدة
- وبمراجعة وثائق مؤتمرات الأمم المتحدة في الشأن الاجتماعي والأسري، وشؤون المرأة، والاتفاقيات التي انبثقت عن تلك المؤتمرات والفعاليات، وتتبع سيرة المصطلح في هذا الصدد، يتبين لنا أن " مصطلح الجندر " ظهر لأول مرة في تلك الوثائق، في وثيقة مؤتمر القاهرة في سبتمبر 1994م، ( وكانت هذه هي أول مرة يدخل فيها المصطلح إلى أوساطنا العربية التي لم تعرفه من قبل )، حيث ورد المصطلح في تلك الوثيقة في (51) موضعا، منها ما جاء في الفقرة التاسعة عشرة من المادة الرابعة من نص الإعلان الذي يدعو إلى تحطيم كل التفرقة الجندرية، إلى هذا الحد كان الأمر يبدو طبيعيا، حيث لم يُثِر المصطلح أي نزاع أو اختلاف في مناقشات المؤتمر أو حتى خارجها، وذلك كان بسب ترجمته بما يفيد نوع الجنس (الذكر/ الأنثى)، أي تم النظر إليه كمردف لمصطلح ( الجنس / النوع )، ومن ثم لم يُنتبَه إليه، ولم يتفطن إلى ما يحمله من دلالات خطيرة، خاصة وأنه فهم منه لدى ترجمة الوثيقة ـــ الجندر (ذكر/ انثى) ــ (Gender) هي كلمة إنكليزية تنحدر من أصل لاتيني وتعني في القاموس اللغوي (الجنس) ـ تحديدا من حيث الذكورة والأنوثة ـ وهي تستخدم كمصطلح لغوي لتصنيف الأسماء والضمائر والصفات، أو تستخدم كفعل مبني على خصائص متعلقة بالجنس في بعض اللغات، وفي قوالب لغوية بحتة.
- إلا أنه ومراعاة لخطة تهيئة المناخ المواتي لتقبل المفهوم، والتدرج في فرضه، تم إثارته مرة ثانية - ولكن بشكل أوضح وأكثر إلحاحا هذه المرة - في مؤتمر بكين للمرأة عام 1995م ؛ إذ ظهر مصطلح " الجندر " وتكرر ( 233 ) مرة في وثيقة المؤتمر، وهكذا تقدم الأمر خطوة جديدة نحو فرض المصلح، وهنا تفطن البعض للأمر، وكان لا بد لمعرفته - والوقوف على معناه الحقيقي والغرض من ورائه - من معرفة أصله في لغته التي صُكَّ فيها، والتعرف على ظروف نشأته وتطوره الدلالي، وهنا تجدر الإشارة إلى مفارقة عجيبة، حيث كان لجهود بعض المعارضين لأهداف المؤتمر من النصارى الغربيين الكاثوليك – تحديدًا - دور كبير في كشف النقاب عن مخبآت هذا المصطلح ومحمولاته ودلالاته، وما يومئ إليه وما يشير، وجرت حوارات ومناقشات حول المصطلح، ولقد أسفر بحث بعض الوفود في المعنى الحقيقي للمصطلح إلى صراع استمر أيامًا، واحتدم النقاش، وإزاء تلك المعارضة للمصطلح لم يكون أما الراغبين في تمرير المصطلح سوى الوصول إلى قرار بإنشاء لجنة خاصة لتقوم بتعريفه وتحديده،
والأمر الذي نريد إبرازه والتأكيد عليه هنا أن " الدول الغربية " رفضت وبإصرار تعريف الجندر بالذكر والأنثى، إذ أصرت على وضع تعريف يشمل الحياة غير النمطية كسلوك اجتماعى ( وهو المصطلح الذي سبق لنا تناوله في الحلقة الأولى من هذه السلسلة )، في حين رفضت الدول الأخرى أية محاولة من هذا النوع، والعجيب أن اللجنة التي أنشئت لهذا الغرض باءت بالفشل ولم تنجح في تعريف الجندر، بل خرج أعضاؤها متفقين على عدم تعريفه، " The non definition of the term Gender، وهذا ما يثبت سوء النية، وبعد المرمى، والإصرار الشديد على فرض مفهوم " حرية الحياة غير النمطية " كسلوك اجتماعى، فلو أن الجندر لا يتضمن الحياة غير النمطية كسلوك اجتماعى - فلم الاعتراض على تعريفه بالذكر والأنثى فقط؟!!!!
- وتشير الوثائق إلى أن أمر فرض المصطلح تقدم خطوة أخرى عندما ذكر تقرير لجنة التنمية الاجتماعية فى العالم عام 1997م، - بشكل صريح - أن "الجندر" مفهوم اجتماعى غير مرتبط بالاختلافات الحيوية (البيولوجية)،
- وفي خطوة أخرى للأمام يأتي مؤتمر " روما لإنشاء المحكمة الجنائية الدولية " المنعقد في روما في الفترة من 14/6 - 18/6، عام 1998م، والذي تكشف وثائقه عن محاولة مستميتة من قبل الدول الغربية لتجريم القوانين المضادة للشذوذ الجنسي، إذ أوردت تلك الدول في وثائق المؤتمر : أن كل تفرقة أو عقاب على أساس " الجندر" تشكل جريمة ضد الإنسانية، لينتقل الأمر في هذا السياق من محاولة فرض المصطلح، إلى مرحلة الإلزام والتجسيد العملي في أرض الواقع، لمقتضيات هذا المصطلح في سلوك الأفراد والدول، وفي القوانين التي تحكم هذا السلوك،
- إن إدخال كلمة " Gender " في تعريف الجرائم باللغة الإنجليزية، كان أمرًا غريبًا في حد ذاته لماذا ؟ لأن النَّصَّيْن " العربي " و " الفرنسي " للوثائق استعملا كلمة (الجنس) ولم يستعملا كلمة "الجندر"، حيث لم يكن له تعريف واضح، ومدلول محدد، وهو الأمر دفع الوفود العربية والإسلامية - بقيادة المملكة العربية السعودية وقطر وسورية - إلى استبدال كلمة " الجنس " بدلاً من كلمة " الجندر "، واستمر الخلاف محتدما أيامًا عدة كالعادة، وكان من بين ما قاله أحد المفاوضين العرب في المؤتمر : " إن كنتم تقصدون أن هذه الكلمة ( الجنس ) ترادف تلك ( أي الجندر ) فلماذا الإصرار على الجندر إذا ؟!، وإن كانت تختلف في المعنى فأفهمونا الفرق والخلاف، باعتبارها لغتكم، لنستطيع أن نرى مدى انسجامها مع القانون أم لا "، وهذا الخلاف الشديد دعاهم لأن يعترفوا بأنها تعنى " عدم الحياة النمطية للنوع الواحد "، بمعنى أنه إذا مارس أحدهم الشذوذ الجنسي فعوقب بناء على القانون الداخلي للدولة التي ينتمي إليها، كان القاضي مجرمًا بحق الإنسانية.
- والعجيب أنه وعلى الرغم من المعارضة الشديدة من الدول العربية والإسلامية، لم تنجح تلك الدول – للأسف - في حذف كلمة "الجندر" من النص الإنجليزي - وهو ما يؤكد سوء النية المبيتة، والإصرار - ولكن توصلوا إلى حل وسط، أبسط ما يمكن أن يوصف به أنه " حل مراوغ "،حيث عرف " الجندر" بأنه يعنى " الذكر والأنثى فى نطاق المجتمع " !!!، وهو الأمر الذى رفضه وفد المملكة العربية السعودية أيضا !!! ؛ لأن هذه الإضافة - في نطاق المجتمع - إنما يراد بها أن الفروق بين الذكر والأنثى ليست عضوية ( بيولوجية )، وإنما هي اجتماعية، وهذا - بعينه - هو مصطلح " الجندر"، والأخطر من ذلك هو نجاح الدول الغربية في تعريف كلمة (الجنس)، التي كانت تعنى الذكر والأنثى، إلى تعريف يقربها من مفهوم "الجندر" إذ عرفته - أي مصطلح الجنس - بمعنى " الذكر والأنثى فى نطاق المجتمع "،
- وإتمامًا لهذه المسيرة الطويلة، والمحاولات المستميتة لفرض هذا المفهوم دعا إعلان مؤتمر " لاهاي " للشباب والمنظمات غير الحكومية ، الذي عقد في هولندا خلال الفترة من 6 - 13 فبراير عام 1999م، إلى إنشاء جهاز خاص في كل مدرسة "لتحطيم الصورة التقليدية والسلبية للهوية الجندرية، للعمل على تعليم الطلبة حقوقهم الجنسية والإنجابية بهدف خلق هوية إيجابية للفتيات / النساء، وللفتيان/ الرجال "، كما يدعو الإعلان - بوقاحة مطلقة - الحكومات إلى إعادة النظر، وتقديم قوانين جديدة تتناسب مع حقوق المراهقين والشباب للاستمتاع "بالصحة الجنسية " و " الصحة الإنجابية " بدون التفرقة على أساس "الجندر" (10)، وهو الأمر الذي دفع الأمين العام للندوة العالمية للشباب الإسلامي أن يعلن في مؤتمر صحفي أن مؤتمر لاهاي للشباب يتبنى أطروحات الشواذ جنسياً، وأن مؤتمر لاهاي ما هو إلا امتداد للمؤتمرات المشبوهة التي تشرف عليها الأمم المتحدة (11)، حيث يقول : " ان المتابع يلحظ ان مؤتمرات الأمم المتحدة الاخيرة تجيش كل ادوات التدمير ضد الأسرة ( التي هي الكيان القوي لأي مجتمع، والاساس المتين للتربية، والحصن الحصين لتنشئة الأجيال، بل تسعى بكل جهدها في ترسيخ مصطلحات تحول بها العلاقة الحميمة بين الرجل والمرأة في نطاق الاسرة الى فوضى جنسية عقيمة تصادم الحكمة الالهية البالغة من وراء خلق المخلوقات ازواجاً..."،
ولمزيد من الإيضاح نود أن نورد هنا بعض التوصيات التي انتهى إليها الإعلان الصادر عن هذا المؤتمر والذي تضمن ما يلي : (12)
- يجب أن يكون التعليم الجنسي الشامل Comprehensive Sex Education إلزامياً على جميع المراحل، ويجب أن يغطي المتعة الجنسية، والثقة، والحرية عن التعبير الجنسي، والسلوك الجنسي غير النمطي، ( أي غير الطبيعي أو التقليدي )،
- المطالبة بإنشاء جهاز خاص في كل مدرسة، لتحطيم الصور التقليدية والسلبية للهوية الجندرية، للعمل على تعليم الطلبة حقوقهم الجنسية والإنجابية (المتعلقة بالجهاز العضوي الإنجابي) ولهدف خلق هوية إيجابية "للفتيات / النساء" و"للفتيان / الرجال "،
- يدعو الاعلان الحكومات الى عدم التفرقة بين الشباب على اساس من العرق او الدين او الحضارة او الجنس او التوجه الجنسي (الشذوذ) او السلوك والنشاط الجنسي،
وبعد، فلعلنا أطلنا بعض الشئ في استعراض ظروف نشأة مصطلح " الجندر " ومسيرته العجيبة إلى أن وصل إلى وضعيته الحالية التي يخيل للكثيرين ممن لم يتابعوا تلك المسيرة، وممن درجوا على تلقي العديد من المصطلحات والمفاهيم الغربية النشأة والتكوين، دون أدنى قدر من التدقيق فيما وراءها من معاني ومضامين ودلالات، ما دامت متشحة بوشاح العلم، وخصوصا في ظل أجواء الهزيمة النفسية التي أصبحت من السمات المميزة للشخصية العربية والإسلامية لدى الكثيرين، وأحسب أننا – بفضل الله تعالى – قد تمكنا من إلقاء بعض الأضواء على تاريخ هذا المصطلح، وظروف نشأته، وما قد يكمن خلف الجهود الحثيثة لترويجه في أوساط العرب والمسلمين من أغراض ومقاصد،
وإلى هنا نكتفي بهذا القدر، لنعاود الكرة في الحلقة القادمة حول مزيد من إلقاء الضوء على حقيقة هذا المفهوم وما يكتنفه من غموض، وما يمكن أن يترتب على ترسيخه في وعي الطلاب والدارسين من آثار وأخطار، وإلى ذلك الحين نود أن نذكر باختصار شديد بمجموعة النقاط التي تناولناها في هذه الحلقة والمتمثلة فيما يلي :
- أهمية قضية تحديد المصطلحات والمفاهيم بوجه عام سواء بالنسبة للحياة العامة، لضمان التواصل الفعال، أو بالنسبة للأعمال التي تقع في نطاق العلم والبحث العلمي والمشاريع العلمية بوجه خاص، وتزداد تلك الأهمية وتتضح أكثر بالنسبة للعلوم الاجتماعية والإنسانية، فإذا كانت الرموز والمصطلحات في مجال العلوم الطبيعية تتسم غالبا بالثبات والحصر والوضوح، لأنها في الأغلب ذات درجة دنيا من " التجريد " فإن الأمر بالنسبة للعلوم الاجتماعية – كما هو معلوم - على خلاف ذلك، فالعلوم الاجتماعة تعج بالعديد من المفاهيم والمصطلحات التي تتباين، وتعدد التعريفات والتصورات التي تعطى لها باختلاف المواقع الإيديولوجية والمذاهب السياسية، والمدارس الفكرية، والسياق الثقافي والاجتماعي الذي تنشأ وتتداول فيه،
- وإذا كان هذا هو الأمر بالنسبة للمفاهيم والمصطلحات بوجه عام، فإن الأمر يتأكد أكثر بالنسبة للمفاهيم والمصطلحات الوافدة والمستوردة من بيئات ومجتمعات وثقافات مغايرة للبيئات والمجتمع المستقبلة لها، وهو ما ينطبق – تقريبا - على كافة مصطلحات منظومة الأمم المتحدة التي تسعي إلى عولمتها وإلزام كافة الدول والمجتمعات بمضامينها، وما يترتب على ذلك من ممارسات عملية وقانونية،
- أن المفاهيم والمصطلحات لا يمكن النظر إليها على أنها محايدة قيميا، وأيديولوجيا، وبالتالي فهي غالبا ما تكون متأثرة بالسياق الاجتماعي والثقافي والحضاري الذي نبتت فيه، وخصوصا في ضوء القانون الاجتماعي " جغرافيا الكلام " والذي يعني المصطلح أو المفهوم قد يكون صحيحًا وصوابا ومفيدا في بيئة ما، فإذا تم نقله إلى بيئة أخرى مغايرة لها ، وإعادة استنباته فيها لم يكن بنفس درجة الصحة والصواب التي كان عليها في بيئته الأولى،
- أن مصطلح " الجندر " Gender أصبح يحتل مكانة خاصة في أدبيات " الحركة النسوية "، وتدور حوله اليوم معظم مصطلحات منظومة الأمم المتحدة، حتى أطلق عليه البعض " المصطلح المنظومة "،
- ظهر أول تعريف لمصطلح الجندر، في مؤتمر القاهرة للسكان عام 1994م، الذي دعا لمنع ختان الإناث، وجاء بمعنى (النوع) أو الجنس أي الذكر أو الأنثى، ثم عاد هذا المصطلح للظهور في مؤتمر بكين عام 1995م، وطرح له تعريف يشمل الحياة غير النمطية كسلوك اجتماعى، وثار الخلاف حوله وانتهت اللجنة التي أنشئت لوضع تعريف له إلى عدم تعريفه،
- في مؤتمر " روما لإنشاء المحكمة الجنائية الدولية عام 1998م، ظهر الاتجاه لتجريم القوانين المضادة للشذوذ الجنسي، وورد في وثائق المؤتمر : أن كل تفرقة أو عقاب على أساس " الجندر" تشكل جريمة ضد الإنسانية،
- وازداد الأمر وضوحا، وانكشفت حقيقة النوايا الخفية للمروجين للمصطلح في مؤتمر " لاهاي " للشباب والمنظمات غير الحكومية ، الذي عقد في هولندا خلال الفترة من 6 - 13 فبراير عام 1999م، حيث تضمن إعلان المؤتمر صراحة : " التوصية والمطالبة بعدم التفرقة بين الشباب على اساس من العرق، او الدين، او الحضارة، او الجنس او التوجه الجنسي (الشذوذ)، او السلوك والنشاط الجنسي،
وإلى الحلقة القادمة إنشاء الله .........
****************
الهوامش والحواشي :
============
(1) - عمرو عبد الكريم سعداوى : " الخصوصية الحضارية للمصطلحات - مصطلحات وثائق مؤتمرات الأمم المتحدة الخاصة بالمرأة والمجال الاجتماعى "، اللجنة الإسلامية العالمية للمرأة والطفل، المصدر :
http://wfsp.org/titlesandconcepts/143-women-social-terms-united-nations
(2) – " علي شريعتي " مفكر إيراني شيعي مشهور ويعتبر، ملهم الثورة الإسلامية، ولد في خراسان عام 1933م، حصل على شهادتي دكتوراه في تاريخ الإسلام وعلم الاجتماع،
(3) – إشارة إلى نظرية أو قانون – كما يطلق عليه البعض - " جغرافيا الكلام " في علم الاجتماع لصاحبها عالم الاجتماع الإيراني : " علي شريعتي " أوردها في كتابه المعروف " العودة إلى الذات " وجوهرها : " أن صحة الكلام تختلف باختلاف البيئات والأماكن، حيث أن "هناك كلام يصح في مكان ما، لكن يكون باطلاً في مكان آخر". . يقول " شريعتي " : " الكلمة يمكن أن نحكم عليها من خلال اختيارها بالفلسفة والمنطق ؛ أما الأوضاع السياسية والاجتماعية فيجب أن ندرسها في ظرفها الزماني ؛ فعندما نأخذ الحقائق ونعاملها نفس معاملة الكلام نطبق قاعدة علي رضي الله عنه ( كلمة حق أريد بها باطل)، ومعنى النظرية أن الكلمة والسلوك والفكرة التي تخلق نهضة ومجداً وتقدماً في دولة من الدول، أو شعب من الشعوب، قد تخلق العكس في شعب اخر لا يشابه الاول من ناحية الافكار السائدة والقيم والاخلاق والاسس الفكرية للمجتمع بل وطريقة فهم هذه الكلمة وهذا الشعار،
أنظر : - علي شريعتي : " العودة الى الذات "، ترجمة وتقديم : إبراهيم الدسوقي، الزهراء للإعلام العربي، القاهرة، ط1، 1986 م / 1406هـ،
(4) – " المثقف العضوي " كما يراه ويحدده " جرامشي " هو ذلك المثقف الذي يعيش هموم عصره، ويرتبط بقضايا امته، في مقابل " المقف التقليدي " الذي يعيش في برج عاجي !!، حيث يرى " جرامشي " : ان كل البشر مثقفون بمعنى من المعاني، ولكنهم لا يملكون الوظيفة الاجتماعية للمثقفين، وهي وظيفة لا يمتلكها الا اصحاب الكفاءات الفكرية العالية الذين يمكنهم التأثير في الناس .. ومن هنا يستخلص الفارق بين المثقف التقليدي والمثقف العضوي، الاول : يعيش في برجه العاجي، ويعتقد انه اعلى من كل الناس، في حين ان الثاني : يحمل هموم كل الطبقات وكل الجماهير وكل الفقراء والمحرومين والكادحين .. وعليه، فان المثقف الحقيقي هو المثقف العضوي الذي يعيش هموم عصره ويرتبط بقضايا امته .. ان اي مثقف لا يتحسس الام شعبه لا يستحق لقب المثقف حتى وان كان يحمل ارقى الشهادات الجامعية،
أنظر :
- سيّار الجَميل : " مفهوم المثقف العضوي ودوره في التغيير "، المصدر :
http://www.sayyaraljamil.com/Arabic/viewarticle.php?id=index-20071229-1312
(5) – هو الفيلسوف : " أنطونيو جرامشي " A. Gramsci، أنطونيو جرامشي فيلسوف ومناضل ماركسي إيطالي، ولد في بلدة آليس بجزيرة ساردينيا الايطالية عام 1891م، يعتبر " جرامشي " صاحب فكر سياسي مبدع داخل الحركة الماركسية، ويطلق على فكره اسم " الجرامشية " التي هي فلسفة البراكسيس ( النشاط العملي والنقدي _ الممارسة الإنسانية والمحسوسة )، وتوفي في أبريل عام 1937م، ويعد جرامشي مؤسس مفهوم "الهيمنة على الثقافة كوسيلة للابقاء على الحكم في مجتمع رأسمالي "، واشتهر كثيرا بفلسفته عن المثقف العضوي ودوره في تغيير المجتمع،
(6) – أنظر : - شريف عبدالعزيز : " الدعاة وتحرير المفاهيم .. الوطنية أنموذجا "، ( بتصرف )، المصدر :
http://www.khutabaa.com/index.cfm?method=home.con&ContentID=7721
(7) – " نفس المصدر السابق "،
(8) – أنظر :
- كاميليا حلمي محمد - مثنى امين الكردستاني : " الجندر : المنشأ، المدلول، الأثر "، جمعية العفاف الخيرية، عمان، الأردن، 2004م،
- عمرو عبد الكريم : " الخصوصية الحضارية للمصطلحات "، (رؤية نقدية لاتفاقية السيداو)، اللجنة الإسلامية العالمية للمرأة والطفل، المصدر :
http://wfsp.org/titlesandconcepts/143-women-social-terms-united-nations
(9) - عمرو عبد الكريم : " في نقد مفهوم الجندر "، صحيفة البلاد، في : 01 - 05 - 2009 م، المصدر : http://www.sauress.com/albilad/1002901
(10) - إيمان أحمد ونوس : " الرجل والمرأة... مساواة أم تكامل "، عن موقع الثرى،في 22/7/2008م، المصدر : http://www.nesasy.org/-intro-96/6295-5015
(11) – وهو الدكتور : مانع بن حماد الجهني الأمين العام للندوة العالمية للشباب الاسلامي بالرياض، وعضو مجلس الشورى بالمملكة العربية السعودية، راجع : http://www.al-jazirah.com/1999/19990325/ln4.htm
(12) – أنظر :
- ست البنات خالد : " باسم مكافحة الإيدز الثقافة الجنسية في مناهجنا التعليمية "، المصدر : http://www.umatia.org/2010/aids.html
- http://dialogue-yemen.org/arb/showbooks.php?book=7
- حمدي عبيد : " قراءة في مصطلحات مشبوهة "، مجلة المنار الجديد، دار المنار الجديد للنشر والتوزيع، القاهرة،، العدد (11) ربيع 2000م، ص : (68) .
*******************************
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: