مجال رعاية الطفولة من المنظور الحقوقي في محيط الخدمة الاجتماعية: Childhood Welfare
أ.د / أحمد بشير - مصر
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 24613
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
" الأطفال هم البداية الصحيحة لتكوين شعب " ( دون هيرولد )
" ان تربية الطفل تبدأ بعشرين عاما قبل ولادته : بتربية أمه " ( سيمور )
" يعد الطفل البشري الرضيع اضعف الرضع بين كل الكائنات ، فهولا يستطيع العيش مستقلا لضعفه الشديد وقلة حيلته "
" الانسان هو الاطول طفولة بين سائر المخلوقات وهذه ميزة حباه الله إياها واختصه بها ، حتى يكتسب الخبرات التي تيسر له سبل العيش بعد ذلك ، لعظم رسالته في الحياة ، ولخطورة الامانة التي اختصه بها الله وحمله إياها "
-----------------------------------------------------------------
تمهيـــد :
إيمانا من الخدمة الاجتماعية بأهمية مرحلة الطفولة وخطورتها في حياة الإنسان والمجتمع ، باعتبارها المرحلة التي تتأسس فيها شخصية الانسان التي تصاحبه طوال حياته ، فلقد أولتها اهتماما خاصا منذ البدايات الأولى من نشأتها كمهنة ، فاهتمت بكافة أوجه الرعايه والحماية والتوجيه النفسي والاجتماعي والثقافي للطفولة ، والعمل على توفير المؤسسات المتخصصة في الرعاية ، والسبل التي يجد الطفل في إطارها إشباعاً لحاجاته الاجتماعية والثقافية المختلفة ، وتوفير الرعاية الاجتماعية العلاجية والوقائية والإنمائية للأطفال المشكلين من كل مظاهر وأشكال الانحراف الاجتماعي أو الاغتراب الثقافي أو أشكال الصراع والقلق وعدم الامان والاطمئنان ، والمساهمة بدور فاعل بالتعاون مع غيرها من التخصصات والمهن في رعاية الطفولة التي تتمثل في تصميم وتخطيط وتنفيذ مجموعة من الخدمات المهنية المتضمنة لمجموعة من العمليات والمجهودات منظمة ذات الصبغة وقائية والانشائية والعلاجية ، والتي توجه لمرحلة الطفولة وتهدف الى مساعدتهم على النمو السليم وتنشئتهم تنشئة اجتماعية صالحة ،
ولذلك ينظر إلى الخدمة الاجتماعية في مجال رعاية الطفولة على أنها تلك الممارسة المهنية التي تهتم بتزويد الاطفال بألوان الرعاية المتكاملة ، والخدمات الاجتماعية ، وامدادهم بالمساعدات التي تعمل على حمايتهم ، وعلاج مشكلاتهم الاجتماعية والنفسية ( ذات الأسباب الاجتماعية ) ، وذلك من خلال عمل الاخصائيين الاجتماعيين في عدد كبير من مؤسسات الرعاية الاجتماعية للأطفال ، حيث يستفاد من تخصصهم المهني ومعرفتهم العلمية في هذا المجال ،
* اعتبارات هامة للممارسة المهنية في مجال الطفولة :
وتستند ممارسة الخدمات الاجتماعية في مجال رعاية الطفولة إلى مجموعة من العوامل والاعتبارات التي تشكل مبررات هامة لتلك الممارسة وتتمثل في :
0 أن الطفل هو أضعف حلقات مراحل النمو الإنساني ، ومن ثم فهو لا يستطيع أن يعبر عن احتياجاته ومطالبه بالشكل الصحيح ، وخصوصا في مراحل نموه الباكرة ، كما أنه لا يستطيع حماية نفسه ضد أي انتهاكات تمارس ضده ، وخصوصا من أولئك المسؤولين عن رعايته وحمايته كالوالدين والإخوة الكبار في محيط الأسرة ، والمشرفين والممارسين في مؤسسات الرعاية وخصوصا المؤسسات الإيوائية ، ومن هنا فهو في حاجة ماسة إلى حمايته من كل ما يتهدد حياته ومستقبله من ممارسات ، أو انتهاكات لحقوقه ، أو قصور في أوجه الرعاية المطلوبة ،
0 تنوع وتعدد الحاجات الخصة بالطفل مما يتطلب تعاون مختلف التخصصات لمقابلة هذه الاحتياجات.
0 أن اطفال اليوم هم رجال الغد الذي يعتمد عليهم المجتمع في صناعة مستقبله
0 اصبح التغير سمة العصر وينجم عن هذا التغير مؤثرات اجتماعية ونفسية وفسيولوجية ومعرفية والخدمات الاجتماعية
0 خطورة مرحلة الطفولة تتطلب تعاون مختلف المهن والتخصصات العلمية لا عداد الطفل أعدادا سليما لضمان توفير الرعاية الاجتماعية السليمة.
0 أهمية الانتقال بالطفل من مرحلة الطفولة إلى مراحل النمو الأخرى بطريقة امنة
0 أهمية العمل على تحقيق فرص النمو السوي للأطفال مما يقتضي التعامل مع الانساق المختلفة المحيطة بالطفل ،
0 ما أثبتته العديد من الدراسات الميدانية ، والتقارير الجادة حول أوضاع الطفولة في العصر الحديث ( محليا وإقليميا ودوليا ) ، من أن الوضعية الراهنة لأطفال العالم بوجه عام وأطفال العالم النامي والمجتمعات الفقيرة ( وخصوصا في أفريقيا وآسيا ) تشير إلى العديد من جوانب النقص والقصور في سياسات وبرامج رعاية الأطفال ، فضلا عن ظهور العديد من المشكلات الجديدة التي أصبحت تقض مضاجع المعنيين بالطفولة على مستوى العالم الأمر الذي يفرض على الخدمة الاجتماعية كمهنة مساعدة إنسانية أن تولي عناية خاصة بتلك القضايا والمشكلات وأن تبتكر من السياسات والاستراتيجيات والأدوار ما يمكنها من تفعيل ممارساتها المهنية في هذا المجال ،
طبيعة العمل المهني للخدمة الاجتماعية في مجال رعاية الطفولة من المنظور الحقوقي :
لقد أسفر التغير الاجتماعي السريع الذي أصبح السمة المميزة لعالمنا المعاصر عن العديد من المشكلات التي يتعرض لها أطفال العالم ويعانون منها وبخاصة في مجتمعاتنا النامية ، وهي مشكلات متعددة ومتنوعة منها : العنف الموجه ضد الأطفال، إساءة المعاملة ، الإهمال ، التسول ، أطفال بلا مأوى(أطفال الشوارع) ، مشكلات الأيتام ، اللقطاء ( مجهولي النسب ) ، المتاجرة بالأطفال ، تشغيل الأطفال (عمالة الأطفال) ، استغلال الأطفال في الحروب (تجنيد الأطفال) ، الانعكاسات السلبية للحروب والنزاعات الأهلية والدولية على الأطفال ، الأمراض والإعاقات ، الفقر ونقص إشباع الاحتياجات ، التسرب من التعليم ، إنحراف الأحداث .......وغيرها من المشكلات ،
وللتعامل المهني مع تلك المشكلات والصعوبات بغرض مواجهتها أو الحد منها ، أو التخفيف من آثارها ، فإن هناك نموذجان لوظائف الخدمة الاجتماعية – كما حددهما " سيجال " يمكن الاستعانة بهما في هذا الصدد هما : (1)
* الأول: نموذج الضبط الاجتماعي Social Control Model (خدمة الفرد وخدمة الجماعة خدمات مباشرة).
* الثاني: النموذج الإقتصادي والاجتماعي Social And Economic Model ( تغيير النظم الاجتماعية وتعديلها ) ،
وفيما يلي نتناول طبيعة العمل المهني للخدمة الاجتماعية في مجال رعاية الطفولة من المنظور الحقوقي في ضوء أبعاد الاطار التحليلي الذي اعتمدناه لتناول قضايا العمل المهني فيما يتعلق بميدان حقوق الانسان وذلك على النحو التالي : (2)
(أ) - جوانب وأبعاد العمل المهني مع الأطفال :
تتعدد الجوانب التي ينبغي ينصب عليها العمل المهني مع مرحلة الطفولة في محيط الخدمة الاجتماعية ، وبخاصة من المنظور الحقوقي ، تلك الجوانب التي يمكن أن يتمثل أهمها فيما يلي :
0 معدل وفيات الرضع Infant Death Rate ، ويقصد به عدد حالات وفاة الرضع تحت جيل السنة لكل 1000 ولادة في سنة محددة ،
0 الصحة Health ،
0 التعليم Education ،
0 الأطفال والأسرة بما في ذلك لم شمل الأسر ،
0 وضع الأطفال في المؤسسات / الحضانة ،
0 التبني Adoption ، بما في ذلك التبني الدولي International adoptions ،
0 المسائل المتعلقة بالجنسين ،
0 أطفال مجتمعات الأقليات ، والسكان الأصليين ،
0 الأطفال المعاقين سمعيا وبصريا Handicapped children ،
0 الأطفال المهجرون Displaced children ،
0 الإيذاء والاستغلال Abuse and exploitation بما في ذلك الايذاء والاستغلال الجنسي Sexual abuse ، وإنتاج المواد الإباحية Pornography ، والدعارة Prostitution،
0 بيع الأطفال والاتجار بهم وخطفهم Sale and Trafficking of Children - Child abduction،
0 حمل المراهقات Adolescence Pregnancy ،
0 جنوح الأحداث Juvenile Delinquency ،
0 الأطفال في النزاعات المسلحة Children in Armed Conflict ،
0 الأطفال اللاجئون Refugee Children ،
0 الأطفال العاملون Children Working ،
0 أطفال الشوارع / الأطفال بلا مأوى ، Street Children
0 أطفال التوحد Autistic Children ،
0 تهريب الأطفال Child Trafficking
0 جوانب وأبعاد أخرى ،
(ب) - التحليل :
ونعني به دراسة وتحليل وتقدير واقع المشكلة ، وحجمها ، ودرجة انتشارها ، والآثار المترتبة عليها وهنا :
- قد يكون مدى الانتشار ( انتشار المشكلة ) ، وأماكن ومناطق انتشارها ، ونوعية الفئات المتضررة منها ، والبيانات الإحصائية المتعلقة بها ، والتدابير التشريعية والحمائية ، وثغرات القانون ، والسياسات والبرامج والخدمات الحكومية ، واستجابات قطاع العمل التطوعي والمهنة .........وغيرها ، مؤشرات مفيدة لدراسة مختلف أوجه وجوانب الموضوع المذكورة أعلاه ،
- ويمكن أيضا أخذ أوجه القصور في توفير الخدمات والمؤسسات ، ومستوى الخدمات والبرامج المقدمة للأطفال في الاعتبار ،
- وبالرغم من أن العديد من الأطفال لم يبلغوا سنا تسمح لهم بالمطالبة بحقوقهم ، يمكن للأكبر سنا من بينهم أن يفعلوا ذلك ( الطفولة المتأخرة ) إذا ما أتيحت لهم الفرصة ، وتلقوا المساعدة المهنية اللازمة ، وهناك الكثير من الإمكانات غير المستغلة لإشراكهم في تصميم وتسليم الخدمات
(ج) - التدخل المهني للخدمة الاجتماعية مع الأطفال من منظور حقوقي :
- تمكين الاخصائيين الاجتماعيين من العمل في شراكة مع الشباب ، والمساعدة على تنظيم صفوفهم ،
- ان تتجه برامج الاعداد المهني للأخصائيين الاجتماعيين نحو اعداد الأجيال المستقبلية من المهنيين القادرين على تجاوز نموذج " الطفل في الأسرة " ونماذج الانحراف التقليدية ،
- اعتبار الطفل كشخص له حقوق اصيلة ينبغي حمايتها والدفاع عنها ،
- العناية من قبل المشتغلين بالخدمة الاجتماعية ببلورة أبعاد التصور الإسلامي لرعاية الطفولة ، بما يتسق مع طبيعة الانسان بوجه عام والطفل ومرحلة الطفولة بوجه خاص في هذا التصور ، وكيف أن الإسلام أوجب على الأسرة والمجتمع وولي الأمر القيام بكل ما من شأنه أن يحفظ الطفل من كلّ ما يضرّه ، والقيام بلوازمه وشؤونه على أكمل وجه ممكن ، بما يحقّق حاجاته المتنوّعة ونمو شخصيته بشكل سليم ومتوازن وفق منهج الإسلام وتعاليمه ، وكيف أن رعاية الأطفال واجبةٌ شرعا ، وحبُّهم قرب إلى الله ، وأن الطفل في الإسلام أمانة في يد المسؤول عنه ، ووديعة أودعها الله الأبوين ، ولذَا فعلى الأبوين أن يقومَا بما يحفظ عليه سلامته وأمنه وصحته ودينه ، إنطلاقا من القاعدة التي أرساها النبي الكريم صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف : " كلُّكم راع ، وكلّكم مسؤول عن رعيته ، الرّجل راع في بيته وهو مسؤول عن رعيته ، والمرأة راعية في بيت زوجها وهي مسؤولة عن رعيتها ...."
(د) - الصكوك الدولية وحقوق الأطفال :
وتتألف الصكوك الدولية الرئيسية التي تتناول موضوع الفقر من : الإعلان العالمي لحقوق الانسان ( 1948) ، والعهدين الدوليين الخاصين بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ، وبالحقوق المدنية والسياسية (1966م) ، وإعلان حقوق الطفل (1959م ) ، واتفاقية حقوق الطفل (1989م ) ، الإعلان العالمي وخطة العمل المعتمدين في مؤتمر القمة العالمي من أجل الطفل (1990م) ، وقواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لإدارة شؤون قضاء الاحداث ( قواعد بكين ) (1985م) ، واتفاقية لاهاي عن الجوانب المدنية لاختطاف الأطفال على الصعيد الدولي ( مؤتمر لاهاي للقانون الدولي الخاص 1980م) ، والاتفاقية بشأن حماية الأطفال والتعاون في مجال التبني على المستوى الدولي (1993م) ، والاعلان بشأن حماية النساء والأطفال في حالات الطوارئ والمنازعات المسلحة (1974م) ، واتفاقيات /توصيات منظمة العمل الدولية ،
(هـ) - الصكوك الإقليمية وحقوق الأطفال :
وتتألف الصكوك الإقليمية الرئيسية في هذا الصدد من : الميثاق الافريقي لحقوق الانسان والشعوب (1981م) ، الاتفاقية الأمريكية لحقوق الانسان (1969م) ، والاتفاقية الأوروبية لحقوق الانسان (1950م) ، ووثيقة هلسنكي الختامية (1975م) ، والميثاق الاجتماعي الأوروبي " المعدل " (1996م) ،
(و) - الصكوك الوطنية في مصر :
قانون الطفل رقم 12 لسنة 1996 والمعدل بالقانون رقم 126 لسنة 2008
(ز) - أسئلة هامة تؤخذ في الاعتبار لتطوير وتفعيل الممارسة المهنية مع الأطفال من منظور حقوقي :
- ما مسائل حقوق الانسان التي تثار فيما يتعلق بالأطفال ؟ :
0 كالحق في الحياة والبقاء والنمو السليم ، وهو حق أساسي أقرته المواثيق الدولية وأكدت عليه وألزمت الدول بضمان بقاء الطفل ونموه ، ويشمل حق الطفل في الحياة والاحتياجات الأساسية للبقاء التي تكون أهم أسس الوجود ، وفق معايير معيشية ملائمة كالسكن والغذاء والخدمات الصحية ،
أما عن حق الحياة للطفل في المنظور الإسلامي وحمايته وتأمينه فلقد تجلى في العديد من تعاليم الإسلام ونصوص القرآن والسنة ، ويكفي أن نشير إلى قول الله تعالى : { ....وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ .....} ( الأنعام : 151 ) ، أي : ولا تقتلوا أولادكم مِن أجل فقر نزل بكم; فإن الله يرزقكم وإياهم ، وقوله تعالى : { وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم إنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْءاً كَبِيراً } ( الاسراء : 31 ) ، أي : وإذا علمتم أن الرزق بيد الله سبحانه فلا تقتلوا -أيها الناس- أولادكم خوفًا من الفقر؛ فإنه -سبحانه- هو الرزاق لعباده، يرزق الأبناء كما يرزق الآباء، إنَّ قَتْلَ الأولاد ذنب عظيم ، وفي السنة الصحيحة نرى كيف كفل النبي صلى الله عليه وسلم حق الحياة للطفل وهو لا يزال جنينا في بطن أمه ، فخفف عن الحامل والمرضع الصيام حتى لا يتضرر جنينها ، وسئل صلى الله عليه وسلم : أي الذنب أعظم فقال :" أن تجعل لله ندا وهو خلقك." قيل: ثم أي؟ قال:" أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك " ، بل إن النبي صلى الله عليه وسلم احترم حق الطفل في الحياة وان كان لقيطا، فقرر أن يؤخر الحد على المرأة الزانية حتى تضع جنينها وحتى ترضعه، كما في قصة المرأة الغامدية ، وأوجب النبي صلى الله عليه وسلم الدية على من اعتدى على الجنين في بطن أمه، تقديسا منه للحياة، وعقوبة لمن استخف بها.
0 والحق في الصحة ، وفي الخدمات الصحية ، أي حق الطفل في الصحة سواء كانت عقلية أو جسدية ، أو نفسية ، وذلك بأن يتلقى كل طفل أعلى مستوى ممكن من الرعاية الصحية الشاملة الدائمة والمستمرة ، بتمكينه من العلاج و الدواء إن كان مريضا ، ومن الرعاية الصحية الخاصة إن كان معوقا ، وتوفير كافة الخدمات الوقائية التي تحمي الطفل من الإصابة بالأمراض ، ومن أي أطار صحية تهدد صحته وحياته ، وثمة مسائل عدة تثار في هذا الصدد مثل : ما معنى الحق في الصحة للطفل؟ ، من يضمن حق الطفل في الصحة؟ ( الحق في الصحة حق أساس تضمنه الدولة والأسرة والمدرسة ) ، ما هي الإجراءات اللازمة لتوفير هذا الحق؟ كتوفير شروط الوقاية من الأمراض : عبر التلقيح ، والتغذية المتوازنة ، ومياه الشرب النقية ، والبيئة السليمة ، بمحاربة النفايات ، والمحافظة على نظافة المحيط والماء والهواء من التلوث ، والتوعية والتربية الصحية بالحصول على المعلومات المتعلقة بالصحة والتغذية والنظافة والوقاية من الأمراض والتدخين والمخدرات ...وغيرها من الأخطار الصحية ، ومن ناحية أخرى : توفير شروط العلاج المناسب للطفل : بتوفير المرافق والخدمات الطبية من مستشفيات و تجهيزات و أطباء و ممرضين ، و بتوفير الأدوية الكافية.
وفي المنظور الإسلامي تقع مسؤولية تأمين الحق في الصحة والرعاية الصحية للطفل على كل من له صلة بالطفل بدءا بالوالدين وانتهاءا بمسؤولية الحاكم والدولة والمجتمع ككل ، باعتبار هذا الحق يرتبط ارتباطا وثيقا بمقصد " حفظ النفس " ، و" حفظ العقل " ، و" حفظ النسل " وهي من المقاصد الأساسية للشريعة الإسلامية ،
0 والحق في التعليم ،
- من السهل أن ندرك من خلال متابعتنا لوثائق حقوق الانسان الدولية والإقليمية أن التعليم يشغل مكانة مركزية في مجال حقوق الإنسان ، ويُعتبر أمراً أساسياً لضمان التمتع بـ/ وممارسة حقوق الإنسان الأخرى ، حيث يعزز التعليم الحريات والقدرات الفردية ، ويعود بفوائد إنمائية مهمة ، بيد أن الواقع يشهد ، ونتائج الدراسات والبحوث العلمية تؤكد أن ملايين الأطفال والكبار في العالم – وعلى الأخص في العالم النامي أو المتخلف - لا يزالون محرومين من الفرص التعليمية ، ومن بين هؤلاء كثيرون لا يتمتعون بهذه الفرص نتيجة للفقر والتخلف ،
هذا على الرغم مما تؤكده الوثائق التقنينية للأمم المتحدة ، واليونسكو ، حيث تحدد الالتزامات القانونية الدولية المتعلقة بالحق في التعليم ، وتعزز هذه الوثائق وتطور حق كل شخص في الانتفاع بتعليم جيد النوعية ، بدون أي تهاون أو تمييز أو استبعاد ، وتدل هذه الوثائق على الاهتمام الكبير للدول الأعضاء ، والمجتمع الدولي بالعمل التقنيني ( التشريعي ) من أجل تطبيق الحق في التعليم لكل إنسان ، وأن على الحكومات أن تفي بالتزاماتها القانونية والسياسية على السواء فيما يتعلق بتوفير التعليم للجميع بحيث يتسم بالجودة ، وأن تقوم بتنفيذ ومرافبة الإستراتيجيات التعليمية على نحو أكثر فعالية ،
ومن المعلوم أن التعليم يمثل أداة قوية من شأنها أن تتيح الفرصة لانتشال الكبار والأطفال المهمشين اجتماعياً واقتصادياً من الفقر بحيث يُمكن لهم المشاركة الكاملة والفعالة كمواطنين في المجتمع يتمتعون بكامل حقوقهم ،
ويتضمن الحق في التعليم مسؤولية توفير التعليم الأساسي للأفراد الذين لم يكملوا التعليم الابتدائي ، و الالتزام بإبعاد التمييز عن جميع مراحل النظام التعليمي ، ووضع معايير للحد الأدنى ، وتحسين جودة التعليم ،
وهناك العديد من القضايا المتعلقة بالحق في التعليم ، بالنسبة لمرحلة الطفولة ، والتي تؤثر سلبا على تمتع الأطفال بهذا الحق ، كالتسرب من التعليم ، حرمان الأطفال من التعليم بسبب الفقر والتخلف الاقتصادي للأسر ،عمالة الأطفال ، أطفال الشوارع ، التشرد والجنوح ، الأطفال والمخدرات والادمان ، ......وغير ذلك من القضايا التي تعاني منها بعض الأسر والمناطق المتخلفة وخصوصا المناطق العشوائية في الحضر ، والمجتمعات الريفية ، والبدوية ، وغيرها ،
0 المسائل والمشكلات المتعلقة بحق أطفال السكان الأصليين ، أو الأقليات في الحفاظ على ثقافتهم الأصلية ،
0 القضايا المتعلقة بالحق في الحماية من الإيذاء والإهمال والعنف بكافة صوره ،
0 مسائل الحق في الحماية من الاستغلال للأطفال بشتى صوره ومظاهره ،
0 مسائل الحق في الحماية والرعاية أثناء النزاعات المسلحة ؟،
- ما الذي يعتبره معلموا أو ممارسو أو طلاب معاهد وكليات الخدمة الاجتماعية انتزاعا غير عادل للطفل من أسرته ، وكيف يستجيبون لهذه المشكلة ؟،
- كيف يعرف المشتغلون بالخدمة الاجتماعية ( معلمين أكاديميين وممارسين ، ودارسين ) مفهوم " مصلحة الطفل المثلى " ؟ وكيف يتوقعون تطبيق هذا المعيار في حال انتزاع الطفل من رعاية والديه ، أو في حالات أخرى ؟
- كيف يمكن للاخصائيين الاجتماعيين أن يضمنوا للأطفال الذين بلغوا سنا كافية ، ويستطيعوا أن يقولوا فعلا كلمتهم عن الكيفية التي يجب أن تطبق بها حقوقهم عمليا ، وإمكانية الإعراب عن هذا الرأي وأخذه في الاعتبار ؟ ،
- كيف يمكن للأخصائيين الاجتماعيين أن يتدخلوا لتحسين أوضاع أشد الأطفال فقرا وحرمانا في أي من الفئات المذكورة أعلاه ؟ ،
- ما النهج الذي يحبذه الاخصائيون الاجتماعيون في عملهم مع أطفال الشوارع ؟،
- ما التدابير والإجراءات التي يوصي بها الاخصائيون الاجتماعيون لحماية الأطفال المعرضين لخطر ادمان المخدرات والانحراف واي سلوك مدمر اخر ؟،
- تساؤلات أخرى يمكن إضافتها من خلال الصكوك والمواثيق وخاصة تلك التي ترتبط بمناطق وأقاليم معينة ،
هذا ويمكن للخدمة الاجتماعية أن تسهم بدور هام في ميدان حقوق الطفولة والقضايا والمسائل المتفرعة عنه والمرتبطة به وذلك من خلال العديد من الجهود المهنية وبرامج التدخل المهني على مختلف مستويات الممارسة ( الأفراد ، الأسر ، الجماعات ، المنظمات ، المجتمعات المحلية ، المجتمع القومي ، المجتمع الإقليمي ، المجتمع الدولي ) ، ومن خلال مجالات الممارسة المهنية المرتبطة بقضايا الطفولة إلى جانب مجال الأسرة والطفولة ، ومن تلك المساهمات نشير إلى :
- العمل على دعم حصول الطفل على كامل حقوقه فى كافة أرجاء المجتمع وذلك وفقاً للمواثيق والاتفاقيات الدولية والإقليمية والوطنية ذات الصلة ، والعمل على تفعيل النصوص التي تحويها تلك المواثيق والاتفاقيات ،
- المساهمة في تنسيق كافة الجهود والإجراءات التي تستهدف العمل على رصد ودعم وتنفيذ القوانين والتشريعات المعنية بالطفولة مع الجهات المعنية الغير حكومية والحكومية ، والمطالبة بإجراء التعديلات اللازمة في تلك التشريعات في حال الحاجة إلى ذلك ،
- المساهمة من خلال برامج التدخل المهني في بناء الوعي الحقوقي ، رفع مستوى الوعي العام بحقوق الطفل داخل المجتمع ومؤسساته المعنية ،
- العمل على دعم وبناء قدرات المؤسسات والمنظمات العاملة فى مجال رعاية الطفولة ،
وتجدر الإشارة هنا إلى ما صدر عن الائتلاف المصرى لحقوق الطفل ، في مطالبته لمرشحى الرئاسة عام 2014م ، بضرورة أن تتضمن برامجهم الانتخابية ورؤيتهم لمستقبل مصر ، بنوداً محددة لحماية حقوق الطفل المصرى ، ومواجهة موجة الانتهاكات التى يعانى منها أطفال مصر منذ ثورة الـ 25 من يناير فى كافة المواقع - حسب ما جاء عن الائتلاف - فى ظل تنامى الانتهاكات التى يتعرض لها الطفل المصرى !!! وهنا يطالب الائتلاف بأهمية جدولة أولويات الحكومة ، وإعادة النظر فى ترتيب الاهتمام بأوضاع الاطفال فيها الذين يمثلون ما يقرب من 40 % من إجمالى عدد السكان (3) ،
والائتلاف المصرى لحقوق الطفل هو كيان تنسيقي يعمل على تنسيق الجهود غير الحكومية والحكومية فى مجالات الطفولة المختلفة ، ودعم حقوق الطفل المصرى بكل فئاته ، ويضم فى عضويته منظمات المجتمع المدنى ، والهيئات المعنية بالطفولة ، والشخصيات العامة المعنية بحقوق الطفل ، والاكاديمين ، والمهنيين ، والباحثين المعنيين بأوضاع الطفولة ، أنشئ الائتلاف عام 2008م ، بعد صدور تعديلات قانون الطفل ، ليراقب مدى التزام الدولة ومؤسساتها بمعايير حقوق الطفل ، ويضم الائتلاف فى عضويته أكثر من مائة جميعة اهلية موزعة على كافة محافظات الجمهورية ،
*****************
الهوامش والحواشي :
============
(1) - Brain Segal ; " The Politicalization of Deviance ", Social Work, Vol. 17,No. 4, N.Y. : NASW, July ,1972,pp: 45-46
(2) - اعتمد الكاتب في هذا الجزء – بدرجة كبيرة مع كثير من التصرف - على : -
- United Nations ; Center For Human Rights Geneva : " Human Rights and Social Work - A Manual For Schools Of Social work and the social work Profession " .Professional Training Series no.1, N.Y. and Geneva , 1994, PP :60-75
(3) - الائتلاف المصري لحقوق الانسان : " مطالبات الائتلاف المصرى لحقوق الطفل من مرشحى الرئاسة فى مصر 2014 م " ، المصدر :
http://www.eccregypt.org/ar/news/item/136-2014
********************
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:
24-10-2017 / 02:51:32 نورالدين غنانوة