د. أحمد يوسف محمد بشير - مصر
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 4385
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
محتويات :
* الأسرة هي الحصن الأخير للأمة :
* واقع الأمة وحملات الهجمة الغربية والغزو الثقافي:
* الأمة الإسلامية تمرض لكنها أبدا لن تموت :
==================================
* الأسرة هي الحصن الأخير للأمة :
- قد يصاب القارئ بالصدمة ويستولي عليه الدهشة والاستغراب حين يعلم أن عبارة ما وردت في التقرير الصادر عن هيئة الأمم المتحدة عام 1975م بمناسبة العام العالمي للمرأة، تقول تلك العبارة " إن الأسرة بمعناها الإنساني المتحضر، لم يعد لها وجود إلا في المجتمعات الإسلامية، رغم التخلف الذي تشهده هذه المجتمعات في شتى المجالات الأخرى "، وحقا " شهد شاهد من أهلها " فهذه العبارة تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن الأسرة هي الصرح الأخير، والحصن الحصين الباقي للمسلمين في عصر تهاوت فيه كافة الحصون أو كادت،
ومن هنا فلقد صار لزامًا على الأمة الإسلامية اليوم أن تضع السياسات وتسن القوانين وتتخذ من الإجراءات ما يمكنها من الحفاظ على هذا الحصن، إذا أرادت أن تحمي نفسها من الفناء والزوال، بل والانطلاق منه للنهوض من كبوتها،
صحيح ان الأمة الإسلامية قد تأخذها سنة من النوم في بعض الأحيان، وقد تضعف، وتتقهقر، وتنكسر، وتتراجع، إلا أنها ما تلبث أن تفيق من غفوتها، وتسترد عافيتها شيئًا فشيئا، وتفئ إلى دينها وحضارتها وأصالتها سالمة غانمة، بل فى كثير من الأحيان تصبغ هى الغازي والمستعمر بصبغتها، ويحلو له ان ينتمى الى دائرتها العربية الإسلامية طائعا غير مكره (1)،
* واقع الأمة وحملات الهجمة الغربية والغزو الثقافي:
إن مجتمعاتنا الإسلامية اليوم – وعلى الرغم من تعرضها خلال عقود طويلة لحملات مستمرة ودؤوبة من الغزو الأجنبي الهمجي بصوره المختلفة : العسكري، والسياسي، والاقتصادي، ..... وأخيرا العولمة الثقافية، والغزو الفكري (2)، بذل فيها المستعمرون، ومن دار معهم، ولف لفهم من المثقفين والحكام والمفكرين جهودا جبارة في جعل الإسلام صورة باهتة في أدمغة المسلمين، وإبعاده تماما كمنهج حياة،
إلا أن الشعوب الإسلامية – ومن فضل الله عليها انها - امتلكت طوال تاريخها خاصية فريدة وعجيبة، وهى استعصائها على الغازي المستعمر أيا كان لونه، او جنسيته، ومهما كانت قوته وجبروته، ولذلك فهي لا زالت - بحمد الله تعالى – تقاوم وهي تحتفظ بقيمها الأصيلة، ومبادئها المتميزة، التي تؤصلها تعاليم دينها الحنيف، وهي وإن كانت اليوم تغط في سباتها العميق، إلا أنها لن تلبث أن تفيق وتسترد عافيتها شيئًا فشيئًا، وتفيء إلى أصالتها وحضارتها، ولن تبقى في سباتها إلى الأبد (3)
* الأمة الإسلامية تمرض لكنها أبدا لن تموت :
وما أكثر النماذج والوقائع التي سجلها التاريخ بأحرف من نور، والتي تدل على أن الأمة الإسلامية أمة لا تموت ولا تفنى ولا تزول، فتلك هي إرادة الله تعالى ووعده الكريم،
يقول " السرجاني " في كتابه الرائع " أمة لن تموت " (4) : لقد حفل القرآن العظيم والحديث الشريف بالعشرات - بل المئات - من الحقائق المبشرة التي تؤكد حتمية عودة هذه الأمة لصدارة العالمين.. هذا أمر لا ينكره من يدرك طبيعة هذا الدين، وطبيعة هذه الأمة.. كل ما نرجوه أن يعود المسلمون لدينهم، وأن يأخذوه من مصادره الصحيحة لا من مصادر المستشرقين أو المستغربين، وأن يستمعوا وينصتوا لكلام ربهم ونبيهم، ولكلام من يثقون بدينهم ويعرفون إسلامهم وأخلاقهم لا لدعاة العلمانية والتحرر من قيود الدين كما يدعون!! ولقد اخترت لكم عشر حقائق فقط من الحقائق المبشرة، ومن أراد الزيادة فليعد إلى الكتاب والسنة، فإن عجائبهما لا تنتهي، وكنوزهما لا تنقطع!!.. "صنع الله الذي أتقن كل شئ"،
ومن تلك الحقائق والبراهين على أن هذه الأمة أبدا لن تمون : قول الله تعالى : {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ }( التوبة : 33 )، وقوله تعالى : {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً }( الفتح : 28 )، وقوله تعالى : {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ }( الصف : 9 )،
وفي الحديث : " إن الله زوي لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها وإن امتى سيبلغ ملكها مازوى لي منها "، زوي : أي ضم وجمع، ( رواه مسلم وصححه الألباني )، وفي الحديث : " ليبلغن هذا الدين ما بلغ الليل والنهار ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا ادخله هذا الدين بعز عزيز وذل ذليل عزا يعز الله به الإسلام وذلا يذل الله به الكفر " ( صححه الألباني )،
- وما أنموذج " الجزائر " الباسلة في ثورتها المباركة ضد الاستعمار الفرنسي عنا ببعيد، حين تمكن أبناؤها المسلمون البواسل من طرد المحتل الفرنسي الغاشم ودحره، رغم ما تم من محاولات مستميتة " لفرنسة " المجتمع الجزائري وتغيير هويته الإسلامية، على مدار مائة واثنين وثلاثين عامًا من الاحتلال ؛ وفي نهاية المطاف كان النصر حليفا للشعب الجزائري بفضل الله تعالى أولا، وبفضل تماسك الأسرة وتمسكها بالهوية الإسلامية، والحفاظ على الدين الإسلامي وقيمه وتعاليمه، الأمر الذي يرجع ضمن ما يرجع إلى " الأسرة المسلمة " التي تمثل الحصن الأخير الذى كان ولايزال قلعة الصمود امام اى محاولة للتغريب، بل ونقطة الإنطلاق لإصلاح الكثير من دفاعات العالم الإسلامى التى تصدعت فى أكثر من موقع........وكذلك ما حدث في " تركيا "، وأيضا " شعوب الاتحاد السوفيتي سابقًا "، ودول " جنوب شرق آسيا "، " ودول البلقان " الأمر الذي حدا بـ"هنتنجتون" (5) أن يقول : " أخطأتُ وأخطأ قبلي كثيرون حين ظنوا أن الإسلام انتهى كدولة ودين بسقوط الخلافة، فتركيا عادت اليوم أقوى .. هناك شواهد على إمكانية عودة الإسلام لقيادة العالم مرة أخرى"(6)
وهكذا ..مرة أخرى، وشهد شاهد من أهلها، والحق ما شهدت به الأعداء، فهل آن لأبناء الأمة أن ينفضوا عن كواهلهم غبار الإحباط، واليأس الذي يحاول أن يسيطر على قلوبهم، ويقتحم عليهم أسوار نفوسهم المؤمنة، ولله در القائل : المستقبل للإسلام "، ولو كره الكارهون،
************
الهوامش والحواشي :
============
(1) – أنظر : سيدة محمود محمد : " الغزو الثقافي والفكري الموجه للمرأة والأسرة والطفل - الحياة الإجتماعية "، مؤتمر الاتحاد النسائي الإسلامي العالمي بعنوان : " الأسرة والتحديات المعاصرة "، المنعقد في : الخرطوم – السودان : 13 -15 يوليو 2011م،
: http://shamsawy1.blogspot.com/2009/07/blog-post_8810.html
فهؤلاء هم التتار ( المغول ) وا اتصفوا به – في وعي المسلمين – من وحشية وقسوة وإبادة وقضاء على الأخضر واليابس في هجمتهم على بلاد الإسلام ؛ وذلك لما بدر منهم في البداية، عندما اجتاحوا العالم الإسلامي بجيوشهم الجرارة، حتى ظن الكثير من الناس في ذلك الوقت أن نهاية المسلمين قد بدأت، وأن الفناء في انتظارهم، وكتب الكثير من علماء المسلمين ومؤرخيهم يرثون العالم الإسلامي عاجزين عن الوصف والتعبير عما يحدث، أنظر في ذلك : وصف العلامة " ابن كثير " في كتابة " البداية والنهاية " في نهاية الدولة العباسية،
وتشير المصادر التاريخية إلى أن المغول بدءوا يدخلون في الإسلام بعد خمسة وثلاثين عامًا من دخولهم ديار المسلمين، بل لم يمض نصف قرن على دخولهم ديار المسلمين إلا وأصبحت الغالبية العظمى منهم مسلمين، وأعز الله بالكثير منهم الإسلام، وفتحوا الكثير من البلاد وثبتوا بها أقدام المسلمين لفترة كبيرة من الزمن، بل حارب الكثير منهم أبناء جلدته في سبيل الإسلام.
أنظر : - راغب السرجاني : " قصة الاسلام - دخول المغول في الإسلام "، المصدر : http://islamstory.com/ar/
(2) - الغزو الفكري ( الثقافي ) : مصطلح أطلق في الثلث الأخير من القرن الرابع عشر الهجري، الموافق للثلث الثالث من القرن العشرين الميلادي، على المخططات والأعمال الفكرية والتثقيفية والتدريبية والتربوية والتوجيهية وسائر وسائل التأثير النفسي والخلقي والتوجيه السلوكي الفردي والاجتماعي، التي تقوم بها المنظمات والمؤسسات الدولية والشعبية من أعداء الإسلام والمسلمين، بغية تحويل المسلمين عن دينهم تحويلاً كليَّاً أو جزئيَّاً، وتجزئتهم وتمزيق وحدتهم وتقطيع روابطهم الاجتماعية، وإضعاف قوتهم لاستعمارهم فكرياً ونفسياً، ثم استعمارهم سياسياً وعسكرياً واقتصادياً استعماراً مباشراً أو غير مباشر، أنظر :
- عبد الرحمن حبنكة الميداني : " أجنحة المكر الثلاثة وخوافيها التبشير الاستشراق الاستعمار دراسة وتحليل وتوجيه "، دار القلم، دمشق، 2000م، ص : 25،
(3) - سيدة محمود محمد : " الغزو الثقافي والفكري الموجه للمرأة والأسرة والطفل - الحياة الإجتماعية "، مؤتمر الاتحاد النسائي الإسلامي العالمي بعنوان : " الأسرة والتحديات المعاصرة "، المنعقد في : الخرطوم – السودان : 13 -15 يوليو 2011م،
: http://shamsawy1.blogspot.com/2009/07/blog-post_8810.html
(4) – راغب السرجاني : " أمة لن تموت "، المصدر : www.islamstory.com
(5) – هو : " صامويل فيليبس هنتنجتون " (18 أبريل 1927 - 24 ديسمبر 2008)، Samuel Phillips Huntington، كان عالماً سياسياً أميركياً، بروفسور في جامعة هارفارد لـ 58 عاماً، ومفكر محافظ، عمل في عدة مجالات فرعية منبثقة من العلوم السياسية والأعمال، تصفه جامعة هارفارد بمعلم جيل من العلماء في مجالات متباينة على نطاق واسع، وأحد أكثر علماء السياسة تأثيراً في النصف الثاني من القرن العشرين، ولعل أكثر ما عُرف به على الصعيد العالمي كانت أطروحته بعنوان " صراع الحضارات "، والتي جادل فيها بأن صراعات ما بعد الحرب الباردة لن تكون متمحورة حول خلاف آيديولوجيات بين الدول القومية، بل بسبب الاختلاف الثقافي والديني بين الحضارات الكبرى في العالم، وهو جدال تمسك به حتى وفاته، وكتاب هنتنغتون الأول لا يزال مقياساً لدراسة كيفية تقاطع الشؤون العسكرية مع المجال السياسي، كما عُرف عنه تحليله للتنمية السياسية والاقتصادية في العالم الثالث، وصدر آخر كتبه في العام 2004م وكان تحليلاً للهوية القومية الأميركية، وحدد ما اعتبرها مخاطر تهدد الثقافة والقيم التي قامت عليها الولايات المتحدة، أنظر : ويكيبيديا – الموسوعة الحرة،
(6) - سيدة محمود محمد : " الغزو الثقافي والفكري الموجه للمرأة والأسرة والطفل - الحياة الإجتماعية "، مؤتمر الاتحاد النسائي الإسلامي العالمي بعنوان : " الأسرة والتحديات المعاصرة "، المنعقد في : الخرطوم – السودان : 13 -15 يوليو 2011م،
: http://shamsawy1.blogspot.com/2009/07/blog-post_8810.html
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: