الناصر الرقيق - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 7067
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
ذهب رئيس الحكومة لفرنسا و عاد ليقول لنا أنّه لن يسمح بعد اليوم بتسمية جولاته الخارجيّة بجولات التسوّل...أحسست من خلال كلامه كأنّه يقصدني و أنا الذي كتبت بعد جولته الخليجيّة مقالا بعنوان " و عاد بخفيّ حنين "...طبعا سألتزم بكلام دولة رئيس الوزراء المظفّر و سأكتب عن رحلته الباريسية لكن ليس كما يريده بل كما رأيت جولته...فدولته قدّس الله سرّه له الحقّ فيما قال إذ هل يُعْقَلُ أن يتعب و هو يجول العالم شرقا و غربا من أجل أن يحافظ على الدولة و هيبتها و خصوصا على لقمة عيش التونسي و في المقابل نقوم نحن تلك الفئة التي تعتبر نفسها شبه مثقّفة بالكتابة و نقده..." عيب و الله عيب "...
ألم يكن من المفترض أن نشمّر على ساعد الجدّ و نقدّم العون للحكومة أو بالأحرى " نخلّي الحكومة تخدم على روحها "...justement سي المهدي... هذا ما كان يحب أن نفعله لكن لا ندري لماذا تعطّلت فينا جينات العمل...ربّما عليك بطرح هذا السؤال على مائدة حواركم الوطني في المرّة القادمة فقد تلقى إجابة هناك...لكن قبل ذلك عليك أن تخبرنا بما جلبته من " العكري " و ماذا قدّم لك الإليزيه ؟...أم كما هي العادة...سنستثمر...سنقدّم...سنفعل...سنساعد...
يبدو أن الجوع الذي يُوَلّدُ الشراهة المتوحّشة لم يُبْتَلَى به فقراء تونس على فقرهم بل أصاب قوم إمتلأت جيوبهم من أموالنا و كروشهم من أرغفتنا فلم تُشْبِعْهَا خمسون سنة خلت من حكم المخاليع لذلك تراهم بنفس شراهة الأمس يقبلون على مرافقة فخامة رئيس الحكومة أينما أرتحل طمعا في عقد نفطيّ من هنا أو عقد غازي من هناك...أو ربّما وساطة فقط تفضي للحصول على " قهيوة " تطفئ ظمأ ما بعد الثورة...إلى حدّ الساعة لم أجد تفسيرا واحدا لملازمة الوداد بوشماوي للمهدي جمعة في حركاته و سكناته...لم أفهم الدور الذي تريد أن تلعبه أو بالأحرى الذي تحاول إقناعنا أنّها تقوم به...أليست إحدى رعاة الحوار و هل هذا الحوار تجاوزت مهامه حدود الوطن ليصبح عابرا للقارات حتى نراها تسافر على حساب خزينتنا...
ربّما تكون هذه المسائل أكبر من تفكيري و أنا المسكين البسيط الذي آمنت بالثورة و حلمت كما حلم كلّ أبناء جيلي بأن نجد مكانا في وطننا و أن تحفظ كرامتنا و أن لا نضيع بين رفوف النسيان فيتحوّل معظمنا نحن خرّجي الجامعات الذين لم نشتغل يوما إمّا لمتطرّفين يقاتلون الأوهام و يطاردون الأحلام الضائعة و إمّا لمهاجرين في بلدهم و من بلدهم يعيشون غربة عن وطن لا كرامة فيه إلاّ لأبناء " العكري " لذلك تراهم يلقون بأنفسهم بين أمواج المتوسّط ليغدو معظهم طعاما لعدّة أنواع فاخرة من الأسماك التي ستزيّن فيما بعد موائد رؤساء الحكومات المتعاقبة على حكم محميّة فرنسا المسمّاة عُرْفا بتونس...
لا أدري هل مثل هذا الكلام سيفرح المهدي جمعة أم سيحزنه لكن ما أنا متأكّد منه أن الجماعة المحيطين به خاصّة فريقه الإعلامي يقرؤون كلّ كلمة تُكْتَبُ في شأنه لأنّه غير صحيح ما يُرَوّجُ أنّه ليست للرجل طموحات سياسية بعد الإنتخابات فكلّ ما نشاهده يوحي بالعكس تماما و من يدري بالسيناريوهات المستقبليّة فقد يبقى سيادته رئيسا للحكومة حتى بعد الإنتخابات حيث يوجد من يُرَوِّجُ للفكرة و بطبيعة الحال الأحزاب التي لا تقول " لا " ليس لديها مشكل في ذلك...و ما كثرة سفرات رئيس الحكومة دمّر الله حسّاده إلاّ لترتيبات ما بعد الإنتخابات و كذلك حرصا على تثبيت مصالح تخصّ دائرة ضيّقة جدّا من لوبيات المال و لا علاقة لها بمصالح الشعب التونسي و كم كنت أمنّي النفس أن كلّ هذه الجولات هي فعلا للتسوّل من أجل الشعب التونسي لكن يبدو أنّها لما هو أقذر من ذلك فهل يقدر رئيس حكومة المهمّات المحدّدة أن يكشف لنا بالتفصيل و بالوثائق نتائج كلّ رحلاته و في إنتظار أن يفعل سنبقى نتوجّس خيفة منه و من " كرابيل " حكومته.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: