الناصر الرقيق - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 8042
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
يحكى أن أحد الأولاد كان منذ صغره خلال بداية القرن الماضي طفلا مشاغبا و مشاكسا لذلك كانت أمّه دائما ما تضربه على قفاه " بالسبركة " ضنّا منها أن ذلك سيصلح من حاله لكنه و رغم بلوغه سنّ الرشد إلا أنه تمادى في أفعاله إذ دائما ما سبب الكثير من المشاكل لعائلته نتيجة خصوماته المتكررة مع أبناء حيّه بإعتباره المسكين كان يسكن حيّا شعبيّا فقيرا من أحياء العاصمة لذلك لقّبه أقرانه في ذلك الوقت " بالرجلة " نظرا لقوّته و أيضا لكونه شهما و نبيلا فقد كان رغم جبروته يعطف على المساكين و " الزواولة " بل أنه وصل لدرجة جعلته يفتكّ من الأغنياء ليعطي الفقراء يا سلام على هذا البطل.
و مع تقدّمه في السنّ قرر أن يتوب إلى الله فأصبح بطلنا من أهمّ روّاد المساجد و داعية إلى الله حتى أطلق عليه أحد علماء عصره فضيلة الشيخ شوكات الشوكاني قُدِّسَ سِرُّهُ لقبا لازال يعرف به إلى اليوم و هو مبعوث العناية الإلاهيّة فأصبح منذ ذلك اليوم يعرف بهذا الإسم فذاع صيته في المدائن و الأمصار و صار حديث الخاصّة و العامّة لدرجة جعلت الحاكم يخشى من شهرته فقرر سجنه و تحديدا " بصبّاط الظلام " و هكذا أصبح المبعوث أوّل سجين سياسي في تاريخ تونس القديم و الحديث و المعاصر و قد لاقى المسكين ألوانا من العذاب على يد المخلوع الأوّل لاكنه مع ذلك لم يستسلم فقد كان يؤمن بعدالة قضيّته و ما إن سقط المخلوع الأوّل ذهب في ظنّ محبّي و مريدي مبعوث العناية الإلاهيّة أن محنته إنتهت إلا أنه تبيّن لهم العكس فقد أبى المخلوع الثاني إلا أن يواصل سجنه لما رأى فيه من صلاح و تقوى و ورع و هو ما من شأنه أن يجعله ندّا له لينافسه في شعبيّته و خوفا من أن يفتتن به الناس لو أطلق سراحه.
غير أنه و مع تواصل الظلم و القهر و الإستبداد الذي كان يمارسه المخلوع الثاني تجاه شعبه قرر مبعوث العناية الإلاهيّة إطلاق ثورة شعبية من داخل محبسه و هذه حقيقة لم ندري كيف قام بها لذلك فإننا لازلنا ننتظر إلى اليوم مؤتمرا صحفيّا كان قد وعد أن يقوم به على كوكب زحل لتوضيح كلّ الملابسات التي حفّت بالثورة و اليوم هاهو مبعوث العناية الإلاهيّة شيخا طاعنا في السنّ قد قضّى زهرة شبابه في تناول حلوى " فلفول " إلى أن " تسوست " جميع أسنانه و بدأت بالتساقط الواحدة بعد الأخرى و حتّى ضرس العقل سقطت هي أيضا لكنه مع ذلك ليس نادما على كلّ هذا التضحيات بالضروس و الأنياب في سبيل الكرسي و هومازال أيضا يتميّز برجاحة عقل قلّ وجودها في هذا الزمان إذ أنه نجح بقدرة لا يعلمها إلا هو في إحباط مخططات الذين يكيدون للثورة و تمكّن بقوّته من القصاص لجميع شهدائها و جرحاهاالذين ساندوه خلال إطاحته بنظام المخلوع كما أفلح في إلغاء قانونا سمّاه أعداء الثورة قانون الردّة عنها و لكن يبقى إنجازه الأكبر نجاحه في جعل شيخهم يرضى عنه و هذا لعمري لا يستطيع القيام به إلا كبار الكهنة من أمثال مبعوث العناية الشيطانيّة.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: