البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

نفحات قرآنية (3) ابن عباس ونماذج من العطاءات القرآنية للأمة المحمدية 2

كاتب المقال د. أحمد يوسف محمد بشير - مصر    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 5014


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


الحلقة الثانية :

الحمد لله رب العالمين ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ،

أما بعد :

مازال الحديث موصولا حل نماذج من العطاءات الإلهية ، والمنح الربانية لأمة سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم في القرآن الكريم ، تلك العطاءات التي جاءت فيما يروى عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال : " في سورة النساء ثماني آيات لأمة محمد هي خير مما تطلع عليه الشمس وتغرب " ، وإذا ما أردنا أن نوجز هذه العطاءات الإلهية ، والمنح الربانية ، للأمة المحمدية في تلك الآيات ، فإننا نضع بعض رؤوس الأقلام بتدبرنا لكل آية من تلك الآيات الثمانية وذلك على النحو التالي :

* الآية الأولى : هي قول الله تعالى :
{ يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ }( النساء: 26 ) ،

وفيها ثلاث عطاءات إلهية للأمة كريمة المحمدية نوجزها فيما يلي :

* البيان والتبيين :

1- إرادة البيان والتبيان والإيضاح من الله تعالى لما تحتاجه الأمة ، فالله تعالى يريد ( إرادة شرعية ) أن يبين للأمة – بالأحكام والشرائع التي جاءت في القرآن الكريم - ليبصرها بمعالم دينه القويم ، وشرعه الحكيم ، وبما لها وما عليها ، أي أن القرآن بيان لما بالأمة الحاجة إلى معرفته ووعيه واستيعابه قال تعالى : { يريد الله ليبين لكم } ، قيل في معنى ذلك : " يريد الله أن يبين لكم ما هو خفي عنكم من مصالحكم وأفاضل أعمالكم ويوضح لكم أصلح السبل " ، وقال ( الجصاص ) في أحكام القرآن : " والبيان من الله تعالى على وجهين أحدهما بالنص ، والآخر بالدلالة ولا تخلو حادثة صغيرة ولا كبيرة إلا ولله تعالى فيها حكم إما بنص ، وإما بدليل ، وهو نظير قوله تعالى : { ثم إن علينا بيانه } ، وقوله تعالى : { هذا بيان للناس ...} وقوله عز وجل : { ما فرطنا في الكتاب من شيء } (1) ، وقيل : أن الله تعالى يريد أن يبين للأمة في كتابه ما حرم عليهم ، وما أحل لهم ، ما يكملهم ويسعدهم في دنياهم وأخراهم ، قال تعالى : { .....وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ } (النحل89 ) ، وإذا كان ذلك كذلك فإن الأمة إن تمسكت بالقرآن الكريم واتبعت ما فيه من البيان استطاعت - بعون من الله تعالى وتوفيق - إقامة دولة ثابتة الأركان شامخة البنيان ، لأن القرآن الكريم تبيان لكل شيء وهدى ورحمة لقوم يوقنون ، ولأن كل شيء فصله الله تعالى فيه تفصيلًا، قال تعالى : {.......وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلاً }( الإسراء : 12 ) وقال سبحانه : {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَى وَلَـكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ }( يوسف : 111 ) ،
ويقول ( الإمام الشعراوي ) في قوله تعالى : " ليبين لكم " : " ماذا يبين لنا ؟ إنه - سبحانه - يبين القوانين الحاكمة لانتظام الحياة ، وقلنا إنه لا يمكن أن يوجد تجريم إلا بنص ولا توجد عقوبة إلا بتجريم ، فيريد الله أن يبصركم ببيان ما تصلح به حركة حياتكم ، والله آمن عليكم من أنفسكم ، لأنه هو سبحانه الذي خلق ، وهو يعلم من خلق ، إنه سبحانه - وحده - الذي يقنن ما يصلح مخلوقه ، أما أن يخلق هو وأنت تقنن فهذا اعتداء ، لأنه سبحانه يقنن لما يعلم - ولله المثل الأعلى - وقلنا سابقا: إن المهندس الذي يصنع التليفزيون هو الذي يضع له قانون الصيانة ، ( ولا يمكن للمستهلك – مثلا - أن يفعل ذلك لأنه لا يعلم سر الصنعة ) لأنه هو الذي صمم الآلة ، وهو الجدير بأن يضع لها قانون صيانتها ( ما يسمى بالكتالوج ) ، فيعلمنا : المفتاح هذا لكذا ، وهذا للصورة وهذا للصوت ، إن الذي خلق الإنسان هو الذي يضع قانون صيانته المتمثل في " افعل ولا تفعل " ، وترك سبحانه أمورا لم يرد فيها افعل ولا تفعل ، وهي متروكة على الإباحة ، تفعله أو لا تفعله " ( 2) ،

وعندما يبين الله تعالى لنا ما ينفعنا وما يضرنا ، وما نحن في حاجة ماسة إليه لتستقيم حياتنا على النحو الذي يحق لنا الفوز والسعادة والصلاح والفلاح والنجاح في المعاش والمعاد ، فلا تبقى لنا حجة في مخالفة منهج الله تعالى ،

وبعد التبيان والتبيين والإيضاح الذي لم يترك صغيرة ولا كبيرة ، إلا أتى عليها وجلاها في أوضح صورة ، وأكمل بيان ، يأتي بعد ذلك أمر آخر وهو في غاية الأهمية متمثلا في التبصير والهداية إلى سنن الله في الأمم الماضية ، وكيف كان موقفها وحالها مع دعوات الرسل ، ومنهج الله تعالى عز وجل ، وكيف عاملهم الله تعالى ، وهو ما تتضمنه النقطة التالية :

* التعريف بأحوال الأمم السابقة :

2- إرادة الهداية من الله تعالى لهذه الأمة إلى سنن وطرائق الأمم الماضية ، ومن مضى من قبلنا من الأنبياء والصالحين ، قال تعالى { ويهديكم سنن الذين من قبلكم } ، وذلك في بيان ما للأمة فيه من المصلحة كما بينه لهم ، لتنهج الأمة نهجهم ، وتكمل وتفلح وتسعد مثلهم ، وقيل : سنن الذين من قبلكم من أهل الحق وغيرهم لتعرفوا الباطل وتبغضوه وتجتنبوه ، وتعرفوا الحق وتحبوه وتتبعوه ، وذلك أن بيان أحوال الأمم الماضية ، وموقفها ، وما انتهت إليه مما قصه القرآن الكريم من شأنه أن يسدد مسيرة الأمة في واقعها وحاضرها اتباعا وتأسيا بمن كانوا على الحق ، واجتنابا لأحوال أهل الباطل والضلال ، وفي هذا ما فيه من الخير والهدى ، والفلاح والصلاح والنجاة في الدنيا والآخرة ، و" السنن " جمع سنة أي طريقة ، قال الشعراوي رحمه الله : " والسنة هي الناموس الحاكم لحركة الحياة ، ( وقيل هي الشريعة والنهج والطريقة ، والحق سبحانه يقول :{ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً }( الأحزاب : 62 ) ، وقال عز من قائل : { .....سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَّقْدُوراً }( الأحزاب : 38 ) ، وقال تعالى : {سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً }( الفتح : 23 ) ، والرسل سبقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم.. وعرفنا الذين أطاعوا رسلهم ماذا حدث لهم ، والذين كذبوا رسلهم ماذا حدث لهم ، لقد قال الحق في شأنهم:{ فَكُلاًّ أَخَذْنَا بِذَنبِهِ فَمِنْهُم مَّن أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِباً وَمِنْهُمْ مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَّنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَـاكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ }( العنكبوت : 40 ) ، فالله يريد أن يبين لنا سنن من قبلنا، أي الطرائق التي حُكموا بها ، وماذا حدث لأهل الحق وماذا حدث لأهل الباطل ، إذن فهو ليس تقنينا أصم ، بل هو تقنين مسبوق بوقائع تؤكده وتوثقه (3) ،
وقال ( ابن كثير ) في تفسيره لقوله تعالى : " ويهديكم سنن الذين من قبلكم " يعني : طرائقهم الحميدة واتباع شرائعه التي يحبها ويرضاها " (4) ، ولذلك فكثيرة هي قصص القرآن التي حكاها الله – تعالى - لنا عن بعض أنبيائه ورسله ودعوتهم لأقوامهم، كما قص علينا أحوال الأمم السابقة ومواقفها من دعوات أنبيائها ونهاية تلك الأمم وذلك لنأخذ العبرة ، ونستفيد من دروس الماضي ، قال تعالى : { فاعتبروا يا أولي الأبصار }( الحشر :2 ) ، قال عبد الكريم بكار :" هذه آية جليلة الشأن في الكتاب العزيز سرت مسرى المثل ، وذاعت على الألسنة والأقلام ؛ لأنها تعني وجوب الاستفادة من تراكم الخبرات البشرية ، وأخذ العظة والعبرة من أحوال الأمم السابقة ، والمعاصرة ، وتوفيراً للجهد ، واختصاراً للطريق ، وفراراً من عذاب الله تعالى " (5) ،
وبعد البيان والتبصير ، والهداية لسنن الماضين من الأمم ، تأتي إرادة الله لهذه الأمة بالتوبة والمغفرة من كل تقصير أو ذنب يتلبسون به بحكم الطبيعة البشرية ، فشرع لهم التوبة ، وفتح أبوابها أما المذنبين والمخطئين ، ووعد سبحانه بقبول توبة التائبين ، ومغفرة ذنوب المذنبين ،

* فتح أبواب التوبة والإنابة :

3- إرادة التوبة والمغفرة للأمة : أن الله تعالى يريد أن يتوب على هذه الأمة ، من كل المعاصي والآثام والتجاوزات والأخطاء التي سبق لهم ارتكابها ، فشرع لهم التوبة ، وفتح لهم أبوابها ، ولذلك قال تعالى : { ويتوب عليكم } ، وقيل : أن المعنى : ويرجع بكم عما كنتم عليه من ضلال الجاهلية إلى هداية الإسلام ، ففتح لكم أبواب التوبة والرجوع إليه على مصاريعها ، إنه يريد لكم ( يا أمة محمد ) أن تتوبوا عن جميع أعمالكم السابقة في الجاهلية ، فيرجع بكم إلى طريق طاعته ، فهو سبحانه يبين ويوضح ليبصر ، ويتوب ليغفر ، وهذا عطاء رباني كريم للأمة المحمدية ،

وأشار بعضهم إلى ملمح كريم في الآية وهو أن الله تعالى يقول لهذه الأمة : أمَّا أنتم فأتوب عليكم ، أمّا من تقدَّم من الأمم الذين ضلوا عن الهدى فلقد دمّرتُ عليهم ، فإذا كان أهل الضلال من الأمم السابقة قد أخذ هم الله بذنوبهم حيث قال تعالى {فَكُلّاً أَخَذْنَا بِذَنبِهِ فَمِنْهُم مَّنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِباً وَمِنْهُم مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُم مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُم مَّنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ }( العنكبوت : 40 ) ، وفي التفسير الميسر أن المعنى : فأخذنا كلا من هؤلاء المذكورين بعذابنا بسبب ذنبه: فمنهم الذين أرسلنا عليهم حجارة من طين منضود, وهم قوم لوط, ومنهم مَن أخذته الصيحة, وهم قوم صالح وقوم شعيب, ومنهم مَن خسفنا به الأرض كقارون, ومنهم مَن أغرقنا, وهم قومُ نوح وفرعونُ وقومُه, ولم يكن الله ليهلك هؤلاء بذنوب غيرهم, فيظلمهم بإهلاكه إياهم بغير استحقاق, ولكنهم كانوا أنفسهم يظلمون بتنعمهم في نِعَم ربهم وعبادتهم غيره (6) ، فأنتم ( يا أمة محمد ) أريد أن أتوب عليكم وأغفر لكم ما سلف من ذنوبكم ، وقيل أيضا في قوله تعالى " ويتوب عليكم " أي يتقَبَّلُ توبتكم بعدما خلقَ توبتكم ، ثم يُثيبُكُم على ما خلق لكم من توبتكم ، " والله عليم حكيم " ، فهو سبحانه عليم لأنه خالق ، وحكيم يضع الأمر في موضعه ، والنهي في موضعه ، فالحكمة هي : وضع الشيء في موضعه ، وسبحانه يضعه عن علم ، فالعلم يقتضي اتساع المعلومات ، والحكمة هي وضع كل معلوم في موقعه ،
إن التوبة في حقيقتها وكما شرعها الله لعباده هي ببساطة تتمثل في : الرجوع عما يكرهه الله ظاهراً وباطناً ، إلى ما يحبه الله ظاهراً وباطناً ، وهي فرض عين على كل مسلم ومسلمة ،

وهكذا تضمنت هذه الآية نعمة البيان ، ونعمة الهداية لسنن وطرائق الأمم السابقة لنعتبر ونتعظ ونستفيد ، ونعمة تشريع التوبة مما سلف من الذنوب والأخطاء ، وفتح أبوابها ليعود المذنب إلى رحاب ربه ، وفي هذا ما فيه من الرحمة والفضل الإلهي لأمة محمد صلى الله عليه وسلم ، فبالبيان نعلم ونفهم ونعي منهج الله تعالى ، وبتعريفنا أحوال الأمم الماضية وما وقع لهم يتبين لنا الطريق الأمثل الذي ينبغي أن نسير فيه لإصلاح البلاد والعباد ، واستقامة المعاش والعباد ، وبتشريع التوبة تتفتح أمام الذين زلت بهم القدم من هذه الأمة أبواب العودة إلى المنهج ، والاستقامة عليه والاقلاع عن الذنوب والخطايا والندم عليها ، والعزم على عدم العودة إليها ،

* الآية الثانية : قول الله تعالى :
{ وَاللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ ، وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيماً }( النساء: 27 ) ، وتبين الآية الكريمة أن الله تعالى يريد أن يتوب عليكم , ويتجاوز عن خطاياكم , ويغفر لكم ذنوبكم ، ويكفر عنكم سيئاتكم التي تقترفونها في لحظات ضعفكم ، بينما يريد أهل الضلال والانحراف ، الذين ينقادون لشهواتهم وملذاتهم أن تنحرفوا عن الدين انحرافًا كبيرًا ،

والله سبحانه يحب أن يرحم عباده ، فرحمته سبقت غضبه ، ولذلك فهو سبحانه من ناحية : يبين لهم أنه يريد لهم التوبة ( إرادة شرعية ) ويدعوهم إليها ويحثهم عليها ، ولا يريد لهم الإصرار على المعاصي ، واتباع الأهواء والشهوات ، ومن ناحية أخرى يبين لهم أن أصحاب الشهوات – على النقيض من ذلك - يريدون لهم أن يميلوا وينحرفوا عن جادة الصواب ، ويسلكوا طريق الشهوات ، وبهذا يتبين للمؤمنين الفرق الشاسع بين طريق التوبة الذي هو طريق الفوز والرشد ، وطريق الشهوات الذي هو طريق الخسار والنكد ،

* الفرق الشاسع بين ما يريده الله لهذه الأمة ، وما يريده أهل الضلال والانحراف والمتبعين لشهواتهم :

وعلى هذا فالآية بينت أمرين : الأول أن الله تعالى يريد لنا التوبة والاستقامة والإنابة إلى الله تعالى ، وفي هذا دعوة إلى التوبة والاستقامة ، وبشارة لأهل التوبة ، وبيان لفيض رحمة الله تعالى بهذه الأمة ، والثاني : أن أهل الزيغ والانحراف يريدون لنا أن ننحرف عن الدين القويم ومنهج الله السديد ، وفي هذا تحذير لنا من أهل الضلال وإنذار ووعيد لكل من يتبعهم ، ويسير خلفهم ، ويستجيب لدعواتهم الباطلة ،
وفيما يلي بيان ذلك :

4- إرادة الله قبول توبة التائبين من هذه الأمة بعد أن شرع لهم التوبة : ، والترغيب في اتباع هدي القرآن الكريم الذي يريد الله تعالى به لهذه الأمة أن تعود إليه جل جلاله ، وتستقيم على أمره لتسعد في الدنيا والآخرة ، { والله يريد أن يتوب عليكم } ، أي إذا تبتم ورجعتم إليه تقبل توبتكم ، وهنا يقول الشيخ الشعراوي رحمه الله : " فلماذا جاء أولا بـ { يَتُوبَ عَلَيْكُمْ } - أي في الآية السابقة - وجاء هنا ثانيا بـ { وَاللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ }؟ ، نقول: التوبة لا بد أن تكون مشروعة أولا من الله ، وإلا فهل لك أن تتوب إلى الله من الذنب لو لم يشرع الله لك التوبة؟ أتصحُّ هذه التوبة؟ إنه سبحانه إذن يشرع التوبة أولا ، وبعد ذلك أنت تتوب على ضوء ما شرع الله تعالى ، ويقبل هو التوبة ، وبذلك نكون أمام ثلاث مراحل ( تتعلق بقضية التوبة ) : أولا مشروعية التوبة من الله رحمة منه بنا ، ثم توبة العبد ، وبعد ذلك قبول الله التوبة ممن تاب رحمة منه - سبحانه - إذن فتوبة العبد بين توبتين من الرب : توبة تشريع، وتوبة قبول ، { وَاللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ } ، ما دام سبحانه قد شرع التوبة أيشرعها ولا يقبلها؟! لا، فما دام قد شرع وعلمني أن أتوب فمعنى ذلك أنه فتح لي باب التوبة ، وَفْتَحُ باب التوبة من رحمة العليم الحكيم بخلقه ، والإنسان مخلوق على صلاحية أن يفعل وألا يفعل ، فيما يتعلق بمنهج الله تعالى ، وما تركه المنهج دون أن يقول للإنسان فيه " افعل " ولا " تفعل " فإن فعله على أي وجه لا يفسد به الكون ، ولا تفسد به حركة الحياة فهذا هو المباح للإنسان أن يفعله أو لا يفعله ، وحينما شرع الحق سبحانه التوبة أوضح : أنه إذا انفعل مريد لعمل شيء فوجه طاقته لعمل شيء مخالف ، قد تكون شهوته أو شٍرّته قد غلبت عليه ، فتوجه في ساعة ضعف إلى عمل شرّ؛ لذلك شرعت التوبة لماذا؟ لأننا لو أخرجنا هذا الإنسان من حظيرة المطيعين بمجرد فعل أول عمل شرّ لصارت كل انفعالاته من بعد ذلك شروراً، وهذا هو الذي نسميه " فاقداً " ، فيشرع الحق: إن فعلت ذنباً فلا تيأس ، فنحن سنسامحك ونتوب عليك ، فساعة شرع الله التوبة رحم المجتمع من شراسة أول عاصٍ ، فلو لم تأت هذه التوبة لكثرت المعاصي بعد أول معصية (7) ،

ومقابل قول الحق : { وَاللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ } وتنبيهه أن الذنوب التي فعلت قبل ذلك ، يطهرك منها بالتوبة ، مقابل ذلك يبين لنا أن الذين يتبعون الشهوات إنما يريدون منك أن تظل على حالك متلبسا بالذنوب ، بل ويريدون منك أن تأتي بذنوب جديدة ، وهو ما حذر منه القرآن الكريم ،

5- التحذير الشديد من أهل الغواية والضلال من الذين يتبعون أهواءهم وشهواتهم وما يريدونه للمؤمنين من الانحراف والضلال :

وهو تنبيه من الله تعالى لإدراك خطر أهل الضلال والغواية من الذين يتبعون الشهوات في كل زمان ومكان ، أولئك الذين لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة ، فإن غاية ما يريدونه لأهل الإيمان أن يميلوا عن الحق ميلا عظيما ، ويتنكبوا طريق الاستقامة ، ويحيدوا عن طريق الطهر والصفاء إلى طريق الخبث والكدر ، بارتكاب المحرمات من المناكح والشهوات والآثام وغيرها ، إنهم يريدون للمؤمنين أن يضلوا مثلهم ، ويبتعدوا عن الرشد والهدى والحق بعداً عظيماً ، وبين القرآن الكريم هذا الأمر بيانا شافيا فقال تعالى : { ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما } ، وهو أمر مشاهد في واقع الحياة ولا يخفى على لبيب ، ولقد جاء في تفسير الشعراوي (8) قوله : والميل هو مطلق عمل الذنوب ، إنك بذلك تميل عن الحق ، لأن الميل هو انحراف عن جادة مرسومة لحكيم ، والجادة هي الطريق المستقيم ، هذه الجادة من الذي صنعها؟ إنه الحكيم.. فإذا مال الإنسان مرة فربنا يعدله على الجادة مرّة ثانية ، ويقول له : " أنا تبت عليك " ، إنه - سبحانه - يعمل ذلك كي يحمي العالم من شرّه ، لكن الذين يتبعون الشهوات لا يحبون لكم فقط أن تميلوا لمرّة واحدة ، بل يريدون لكم ميلاً موصوفاً بأنه ميل عظيم. لماذا؟.. لأن الإنسان بطبيعته - كما قلنا سابقاً - إن كان يكذب فإنه يحترم الصادق ، وإن كان خائناً فهو يحترم الأمين ، بدليل أنه إن كان خائناً وعنده شيء يخاف عليه فهو يختار واحداً أميناً ليضع هذا الشيء عنده ،

إذن فالأمانة والصدق والوفاء وكل هذه القيم أمور معترف بها بالفطرة ، فساعة يوجد إنسان لم يقو على حمل نفسه على جادة القيم ، ووجد هذا الإنسان واحداً آخر قدر على أن يحمل نفسه على جادة القيم فهو يصاب بالضيق الشديد ، وما الذي يشفيه ويريحه؟ إنه لا يقدر أن يصوِّب عمله وسلوكه ويقوّم من اعوجاج نفسه ؛ لذلك يحاول أن يجعل صاحب السلوك القويم منحرفاً مثله ، وإن كانت الصداقة تربط بين اثنين ، وانحرف أحدهما فالمنحرف يستخذي أمام نفسه بانحرافه ، ويحاول أن يشد صديقه إلى الانحراف كي لا يكون مكسور العين أمامه ، وهو لا يريده منحرفاً مثله فقط بل يريده أشد انحرافاً ؛ ليكون هو متميزاً عليه ، إذن فالقيم معترف بها أيضاً حتى لدى المنحرفين ، واذكروا جيداً أننا نقرأ في سورة يوسف هذا القول الحكيم:{ وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ قَالَ أَحَدُهُمَآ إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْراً وَقَالَ الآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ } ( يوسف : 26 ) ،

هم في السجن مع يوسف ، لكن لكلٍ سبب في أنَّهم سجنوه ، فسبب هؤلاء الذين سألوا يوسف هو أنهم أجرموا ، لكن سبب وجود يوسف في السجن أنه بريء والبريء كل فكره في الله ، أما الذين انحرفوا ودخلوا معه السجن عندما ينظرون إليه يجدونه على حالة حسنة ، بدليل أن أمراً جذبهم وهمّهم في ذاتهم بأن رأوا رؤيا ، فذهبوا لمن يعرفون أنه إنسان طيب برغم وجوده معهم في السجن ، فقد أعجبوا به بدليل أنهم قالوا له: { إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ } ، ومن يقول: { إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ } لا بد أن تكون عنده قدرة على تمييز القيم ، ثم قاسوا فعل يوسف عليها فوجدوها حسنة ، وإلا فكيف يُعرف؟ ، إذن فالقيم معروفة عندهم ، فلما جاء أمر يهمهم في ذاتهم ذهبوا إلى يوسف ،

ومثال ذلك : هناك لص لا يمل من السرقة ولا يكف عنها ، وبعد ذلك جاء له أمر يستدعيه للسفر إلى مكان غير مأمون ، فاللص في هذه الحالة يبحث عن إنسان أمين ليقضي الليل عنده ولا يذهب للص مثله ، إذن فالقيم هي القيم ، وعندما قال أصحاب يوسف في السجن: { إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ } ، استغل سيدنا يوسف هذه المسألة ووجدهم واثقين فيه فلم يقل لهم عن حكايتهم ابتداء ويؤول لهم الرؤيا ، بل استغل حاجتهم إليه وعرض عليهم الإيمان قال :{ ياصَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُّتَّفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ } ( يوسف : 39 ) ،
لقد نقلهم من حكايتها لحكايته ، فما داما يريدان استغلال إحسانه فلماذا لا يستغل حاجتهما له ويعظهما ويبشرهما بدين الله؟ وكأنه يقول لهما : أنتما جئتما إلي لأنكما تقولان إنني من المحسنين ، وأنتما لم تريا كل ما عندي بل إن الله أعطاني الكثير من فيضه وفضله ، ويقول الحق على لسان يوسف : { لاَ يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلاَّ نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ } ( يوسف : 37 ) ، أي أن يوسف الصديق عنده الكثير من العلم ، ويقر لهما بفضل الله عليه : فليس هذا العلم من عندي :{ ذالِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي }( يوسف : 37 ) ،

وبعد ذلك يدعوهما لعبادة الإله الواحد كي يستنجدا به بدلاً من الآلهة المتعددة التي يتخذانها معبودا لهما وهي لا تضر ولا تنفع{ أَأَرْبَابٌ مُّتَّفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ } ( يوسف : 39 ) ،
إذن فالقيم واحدة ، والله يريد أن يتوب عليكم ، ولكن الذين يتبعون الشهوات يريدون أن تميلوا ميلاً عظيماً، حتى لا تكونوا مميزين عليهم تميزاً يحقّرهم أمام أنفسهم ، فهم يريدون أن تكونوا في الانحراف أكثر منهم ، لأنهم يريدون أن يكونوا متميزين في الخير أيضاً ويقولون لأنفسهم : " إن كنا شريرين فهناك أناس شرٌّ منا ".

* الآية الثالثة : وهي قول الله تعالى :
{يُرِيدُ اللّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفاً }( النساء : 28 ) ،

* التخفبف والتيسير :
أخبرنا القرآن الكريم أن رسالة الإسلام رحمة كلها ، وأن الرسول الخاتم صلى الله عليه وسلم ما بعث وأرسل إلا رحمة للعالمين : { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ } ( الأنبياء : 107 ) ، وقال تعالى : { لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ } ، (التوبة : 129 ) ، وفي الحديث : " إن الله لم يبعثني معنتًا ولا متعنتًا ، ولكن بعثني معلمًا ميسرًا " ( رواه مسلم عن عائشة ، وصححه الألباني ، انظر حديث رقم : 1806 في صحيح الجامع ) ، والنصوص المقدسة التي تؤكد ذلك أكثر من أن تحصى ، وهذا يعني أن منهاج الإسلام مبني على اليسر، ورفع الحرج ، قال الله تعالى : { يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ }(البقرة : 184 ) ، وقال سبحانه : { وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ } ( الحج : 76 ) ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم : يترك بعض الأفعال خشية المشقة على أمته ، وكان إذا خُيِّر بين أمرين اختار أيسرهما ما لم يكن إثمًا ، ولما بَعث صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل ، وأبا موسى الأشعري إلى اليمن قال لهما : " يسرا ولا تعسرا وبشرا ولا تنفرا " ( متفق عليه ) ، ومن أقواله المشهورة صلى الله عليه وسلم : " إن الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه ، فسددوا وقاربوا ...... الحديث " ، ( رواه البخاري ) (9) ،

وفي نفس السياق تأتي الآية التي نحن بصددها ، لتؤكد على التخفيف والتيسير على هذه الأمة ، فالآية تؤكد على أمرين : ألأول : أن الله يريد أن يخفف عن الأمة في التشريع والتكليف ، والثاني : أن علة هذا التخفيف هي أن الإنسان خلق ضعيفا بطبيعته ،

6- أن الله تعالى يريد أن يخفف عن هذه الأمة في التكليف ، قال تعالى : { يريد الله أن يخفف عنكم } ، والإرادة هنا إرادة شرعية ، والتخفيف هو تسهيل التكليف ، وهو خلاف التثقيل ونظائر ذلك في القرآن متعددة ، فإضافة إلى ما سبق إيراده ، قال تعالى : { .....وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ....}( الأعراف : 157 ) ، وقوله تعالى : { ......مَا يُرِيدُ اللّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَـكِن يُرِيدُ لِيُطَهَّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }( المائدة : 6 ) ، فنفى الضيق والثقل والحرج عنا في تلك الآيات ، ونظيره قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث : " بعثت بالحنيفية السمحة " (10)،

وفي الحديث عن أبي هريرة ، وابن عباس رضي الله عنهما أن النَّبي صلى الله عليه وسلم لما قرأ خواتم سورة البقرة " رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا " قَالَ : قال اللَّهُ قَدْ فَعَلْتَ " ، في رواية ابن عباس ، وفي رواية أبي هريرة قال : نعم ، ولقد بين الإسلام أن من التخفيف عن هذه الأمة ورفع الحرج في هذه الشريعة : الرخصة في قصر الصلاة في السفر ، والإفطار في رمضان فيه ، وصلاة العاجز عن القيام قاعداً ، وإباحة المحظور للضرورة ، كما قال تعالى " وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ " ، إلى غير ذلك من أنواع التخفيف والتيسير ، ولاشك أن ما تضمنته هذه الآية الكريمة والآيات الأخرى من رفع الحرج ، والتخفيف في شريعة نبينا صلى الله عليه وسلم ، هو إحدى القواعد الخمس ، التي بنى عليها الفقه الإسلامي وهذه الخمس هي : (11) ،

- الأولى : الضرر يزال ومن أدلتها حديث : ( لا ضرر ولا ضرار ) ، (12)

- الثانية : المشقة تجلب التيسير : وهي التي دل عليها قوله هنا { وَمَا جَعَلَ عَلَيْكمْ فِى الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ }، وما ذكرنا في معناها من الآيات ،
- الثالثة : لا يرفع يقين بشك ، ومن أدلتها ما جاء في الحديث أن من أحس بشيء في دبره في الصلاة ، لا يقطع الصلاة حتى يسمع صوتاً أو يشم ريحاً " ، لأن تلك الطهارة المحققة لم تنقض بتلك الريح المشكوك فيها (13) ،

- الرابعة : تحكيم عرف الناس المتعارف عندهم في صيغ عقودهم ومعاملاتهم ، ونحو ذلك ، واستدل لهذه بعضهم بقوله تعالى : {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ }( الأعراف : 199 ) ،
- الخامسة : الأمور تبع المقاصد ، ودليل هذه حديث : ( إنما الأعمال بالنيات ) الحديث (14) ،

7- بيان أن الإنسان بطبعه خلق ضعيفا ، ومن ثم فالضعف طبيعة في تكوينه ، قال الشعراوي : (15)

" .... وما هو ضعف الإنسان؟ الضعف هو أن تستميله المغريات ، ولا يملك القدرة على استصحاب المكافأة على الطاعة أو الجزاء على المعصية ، لأن الذي تتفتح نفسه إلى شهوة ما يستبعد غالباً - خاطر العقوبة، وعلى سبيل المثال، لو أن السارق وضع في ذهنه أن يده ستقطع إن سرق، فسيتردد في السرقة، لكنه يقدر لنفسه السلامة فيقول: أنا أحتال وأفعل كذا وكذا كي أخرج ، إذن فضعف الإنسان من ناحية أن الله جعله مختارا تستهويه الشهوات العاجلة، لكنه لو جمع الشهوات أو صعد الشهوات فلن يجد شهوة أحظي بالاهتمام من أن يفوز برضاء ولقاء الله في الآخرة ، وقول الحق: { يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفاً } نلحظ فيه أن التخفيف مناسب للضعف ، والضعف جاء من ناحية أن الإنسان أصبح مختاراً وخاصة في أمور التكليف ، فالذي جعل فيه الضعف جعله مختاراً يفعل كذا أو يفعل كذا ولكل أمر مغرياته ، ومغريات الشهوات حاضرة ، ومغريات الطاعة مستقبله فهو يغلب دائماً جانب الحاضر على جانب المستقبل " ،

قال صاحب البحر المديد (16) : والإنسان ضعيف في كل شيء ، لأنه خُلق من ضعف ، ويؤول إلى ضعف ، أسير جَوعة ، صريع شبعة ، وخصوصًا عن شهوة النساء ، فإنه لا يصبر عن الجماع ، ولا يكون في شيء أضعفَ منه في أمر النساء ، وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أنه قال: (ألا تروني أني لا أقوم إلا رفدًا، ولا آكل إلا ما لُيِّن لي ، وقد مات صاحبي ـ يعني ذكره ـ منذ زمان ، وما يسرني أني خلوت بامرأة لا تحل لي ، وأن لي ما تطلع عليه الشمس ، مخافة أن يأتيني الشيطان فيحركه ، على أنه لا سمع ولا بصر) ،


الهوامش والاحالات :
===========
(1) - أحمد بن علي الرازي الجصاص أبو بكر : " أحكام القرآن " ، تحقيق : محمد الصادق قمحاوي ، دار إحياء التراث العربي - بيروت ، 1405هـ ، ج3 ، ص : 126 ،
(2) - محمد متولي الشعراوي : " تفسير الشعراوي " ، مطابع أخبار اليوم ، القاهرة ، ج 1 ، تفسير الآية رقم ( 26 ) سورة النساء ،
(3) – محمد متولي الشعراوي : " نفس المصدر السابق " ، ( بتصرف ) ،
(4) – أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي ( 700 -774 هـ ) : " تفسير القرآن العظيم " ، تحقيق : سامي بن محمد سلامة ، دار طيبة للنشر والتوزيع ، ط2 ، 1420هـ / 2000م ، ج2 ، ص : 267 ،
(5) - عبدالكريم بكار: " فاعتبروا يا أولي الابصار " ، المصدر : http://www.saaid.net/Doat/bakkar/03.htm
(6) - عبد الله بن عبد المحسن التركي (إشراف ) : " التفسير الميسر " ، إعداد : مجموعة من العلماء ، مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف ، تفسير الآية ، المصدر : موقع مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف
http://www.qurancomplex.com
(7) – محمد متولي الشعراوي : " مرجع سبق ذكره " ، تفسير الآية ،
(8) - محمد متولي الشعراوي : " تفسير الشعراوي " ، مطابع أخبار اليوم ، القاهرة ، ( تفسير سورة النساء الآية رقم : 27 ) ،
(9) - الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن الدين يسر و لا يشاد الدين أحد إلا غلبه فسددوا و قاربوا و أبشروا و استعينوا بالغدوة و الروحة و شيء من الدلجة " ، ( قال الشيخ الألباني : ( صحيح ) انظر حديث رقم : 1611 في صحيح الجامع ) ،
(10) - الحديث عن أبي أمامة : " إني لم أبعث باليهودية و لا بالنصرانية ، و لكني بعثت بالحنيفية السمحة ، والذي نفسي بيده لغدوة أو روحة في سبيل الله خير من الدنيا و ما فيها ، و لمقام أحدكم في الصف خير من صلاته ستين سنة " ( أنظر : الألباني في " السلسلة الصحيحة " ج6 : 1022 ) ،
(11) - محمد الأمين الشنقيطي : " أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن " ، الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد ، الرياض ، 1983م ، ج25 ، ص : 82 ،
(12) - الحديث عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا ضرر و لا ضرار " ، ( صححه الألباني : صحيح ، انظر حديث رقم : 7517 في صحيح الجامع ) ،
(13) – الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إذا كان أحدكم في الصلاة فوجد حركة في دبره أحدث أو لم يحدث ؟ فأشكل عليه فلا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا " ، ( قال الشيخ الألباني : ( صحيح ) انظر حديث رقم : 750 في صحيح الجامع ) ،
(14) - الحديث عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أوامرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه " ( قال الشيخ الألباني : ( صحيح ) انظر حديث رقم : 2319 / 1 في صحيح الجامع ) ،
(15) - محمد متولي الشعراوي : " تفسير الشعراوي " ، تفسير سورة النساء ،
(16) - أحمد بن محمد بن المهدي بن عجيبة الحسني أبو العباس : " البحر المديد " ، دار الكتب العلمية ـ بيروت ، الطبعة 2 ، 2002 م ـ 1423 هـ ، ج1 ، ص : 44 ،


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تأملات، الإسلام، حقيقة الإسلام،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 5-06-2013  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  محاضرة تمهيدية حول مقرر مجالات الخدمة الاجتماعية والرعاية الاجتماعية لمرحلة الدراسات العليا
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -44- الميثاق الاخلاقي للخدمة الإجتماعية Social Work Code Of Ethics
  وقفات مع سورة يوسف - 5 - المشهد الأول - رؤيا يوسف – أحد عشر كوكبا
  من روائع مالك بن نبي -1- الهدف أن نعلم الناس كيف يتحضرون
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -43- خدمة الجماعة المجتمعية : Community Group Work
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -42- مفهوم البحث المقترن بالإصلاح والفعل Action Research
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -41- مفهوم التقويم Evaluation
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -40- مفهوم التجسيد – تجسيد المشاعر Acting out
  نفحات ودروس قرآنية (7) ابن عباس ونماذج من العطاءات القرآنية للأمة 7 ثمان آيات في سورة النساء ....
  نفحات ودروس قرآنية (6) ابن عباس ونماذج من العطاءات القرآنية للأمة 6 ثمان آيات في سورة النساء .... أ
  من عيون التراث -1- كيف تعصى الله تعالى وانت من أنت وهو من هو من نصائح ابراهيم ابن ادهم رحمه الله
  وقفات مع سورة يوسف - 4 - أحسن القصص
  نفحات قرآنية ( 4 ) ابن عباس ونماذج من العطاءات القرآنية للأمة 5 ثمان آيات في سورة النساء ....
  طريقتنا في التفكير تحتاج إلى مراجعة
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -39 - الانتقائية النظرية في الخدمة الاجتماعية Eclecticism
  قرأت لك - 1 - من روائع الإمام الشافعي
  نماذج من الرعاية الاجتماعية في الإسلام – إنصاف المظلوم
  وقفات مع سورة يوسف - 3 - قرآنا عربيا
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -38- مفهوم التقدير في التدخل المهني للخدمة الاجتماعية Assessment
  الشبكات الاجتماعية Social Network
  نفحات قرآنية ( 4 ) ابن عباس ونماذج من العطاءات القرآنية للأمة 4 ثمان آيات في سورة النساء ....
  وقفات مع سورة يوسف - 2 - تلك آيات الكتاب المبين - فضل القرآن الكريم
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -36- مفهوم جماعة النشاط Activity Group
  رؤية تحليلية مختصرة حول الإطار النظري للخدمة الاجتماعية (9)
  وقفات مع سورة يوسف - 1 - مع مطلع سورة يوسف " الر " والحروف المقطعة
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -35- مفهوم الهندسة الاجتماعية Social Engineering
  نفحات قرآنية ابن عباس ونماذج من العطاءات القرآنية للأمة المحمدية 3 ثمان آيات في سورة النساء ....
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -34- مفهوم التثاقف – او المثاقفة - التثقف Acculturation
  من عجائب القران – نماذج وضاءة لجماليات الأخلاق القرآنية
  من عجائب القرآن الكريم والقرآن كله عجائب –1- الأمر بالعدل والندب إلى الاحسان والفضل في مجال المعاملات

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
أحمد بوادي، فوزي مسعود ، فتحـي قاره بيبـان، د - عادل رضا، د. خالد الطراولي ، عبد الله زيدان، إياد محمود حسين ، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، إيمى الأشقر، محمد أحمد عزوز، كريم فارق، سلوى المغربي، حميدة الطيلوش، سفيان عبد الكافي، يزيد بن الحسين، د - محمد بنيعيش، د - محمد بن موسى الشريف ، محمد عمر غرس الله، د - صالح المازقي، فتحي العابد، كريم السليتي، مصطفى منيغ، إسراء أبو رمان، رشيد السيد أحمد، عواطف منصور، د.محمد فتحي عبد العال، رحاب اسعد بيوض التميمي، ضحى عبد الرحمن، د. عبد الآله المالكي، علي الكاش، أشرف إبراهيم حجاج، د. صلاح عودة الله ، الهادي المثلوثي، العادل السمعلي، خالد الجاف ، أحمد النعيمي، عبد الرزاق قيراط ، ياسين أحمد، تونسي، د. عادل محمد عايش الأسطل، د- جابر قميحة، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، صفاء العراقي، محمد علي العقربي، محمد الطرابلسي، جاسم الرصيف، عمار غيلوفي، حاتم الصولي، الناصر الرقيق، مجدى داود، د - مصطفى فهمي، د- محمد رحال، رضا الدبّابي، سيد السباعي، د. أحمد محمد سليمان، المولدي اليوسفي، مصطفي زهران، رافد العزاوي، سامح لطف الله، أبو سمية، صلاح الحريري، د. أحمد بشير، د - الضاوي خوالدية، منجي باكير، عمر غازي، أ.د. مصطفى رجب، علي عبد العال، حسن عثمان، أحمد ملحم، يحيي البوليني، د. ضرغام عبد الله الدباغ، سلام الشماع، سامر أبو رمان ، عراق المطيري، سليمان أحمد أبو ستة، محمد اسعد بيوض التميمي، محمد يحي، د - شاكر الحوكي ، د. مصطفى يوسف اللداوي، عزيز العرباوي، فهمي شراب، خبَّاب بن مروان الحمد، صلاح المختار، أنس الشابي، محمد الياسين، رافع القارصي، طلال قسومي، فتحي الزغل، ماهر عدنان قنديل، أحمد بن عبد المحسن العساف ، الهيثم زعفان، حسن الطرابلسي، أحمد الحباسي، محرر "بوابتي"، عبد العزيز كحيل، محمود سلطان، عبد الله الفقير، د- هاني ابوالفتوح، المولدي الفرجاني، سعود السبعاني، د - المنجي الكعبي، رمضان حينوني، محمد العيادي، صالح النعامي ، محمود طرشوبي، عبد الغني مزوز، طارق خفاجي، مراد قميزة، نادية سعد، د- محمود علي عريقات، محمود فاروق سيد شعبان، وائل بنجدو، د. طارق عبد الحليم، بيلسان قيصر، د. كاظم عبد الحسين عباس ، صفاء العربي، محمد شمام ، صباح الموسوي ، حسني إبراهيم عبد العظيم،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة