كتاب منظومة حقوق الإنسان من منظور الخدمة الاجتماعية (19)
د. أحمد يوسف محمد بشير - مصر
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 13315
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
الحلقة التاسعة عشرة :
(4) - دور الخدمة الاجتماعية في مجال حقوق الإنسان :
رأينا كيف أن حقوق الإنسان في الحقيقة ليست منفصلة عن نظريات الخدمة الاجتماعية وقيمها وأهدافها وممارساتها ، فالحقوق ذات العلاقة بالحاجات الانسانية ، والمشكلات الاجتماعية للأفراد والجماعات والمجتمعات التي هي محور اهتمام الخدمة الاجتماعية ، كما أن الخدمة الاجتماعية بطبيعتها تجد نفسها وسيطا بين الإنسان والبيئة ، وبين الناس والحكومات والمسؤولين من أجل ضمان عدم انتهاك أو تجاهل السياسات والقرارت الحكومية لحقوق وحريات الأشخاص والجماعات ، لذلك يجب أن يدرك القائمون على تعليم الخدمة الاجتماعية والممارسون لها أن اهتماماتهم ذات علاقة وطيدة بحقوق الانسان ، ولا تنفك عنها ،
4-1الخدمة الاجتماعية وثقافة حقوق الانسان :
ومن الضروري في ضوء هذا الفهم أن يتسلح المهنيون في الخدمة الاجتماعية بالمعرفة العميقة والموضوعية بكافة مباديء حقوق الإنسان والقضايا المرتبطة بها ، والإشكاليات المثارة حولها ، ولن يتأتى ذلك إلا بتنمية الوعي بتلك الحقوق لدى الاخصائيين الاجتماعيين ، عن طريق مجموعه من البرامج والأنشطه التى تهدف لزيادة وعى الاخصائين الاجتماعيين بالقيم والمعتقدات والمعارف والتقاليد والممارسات الاجتماعيه المرتبطه بحقوق الانسان , من خلال ذاته كأخصائى اجتماعى ، ومن خلال مجتمعه الذي يعمل فيه ، وزيادة وعيه بالتراث وطابع الحياة اليومية ومساعدة الأخصائيين لمحاولة صياغة هذه الثقافه كواقع لممارسة المهنه فى دراسة حقوق الانسان ،
إن الإهتمام بثقافة حقوق الانسان ليس فقط من أجل إقناع الناس – مسؤلين ومواطنين - باحترام هذه الحقوق ، بل أيضا، وهذا أهم، من أجل توعية أصحاب الحقوق الضائعة ليطالبوا بحقوقهم المفقودة أو المهدرة ، وبالمطالبة المستمرة المتواصلة سيحصلون عليها ، وحقا: "ما ضاع حق وراءه طالب" ،
كما أن الإهتمام بالعمل على نشر ثقافة حقوق الإنسان تساعد على نشر القيم والاتجاهات الإنسانية المتمثلة في الحرية والكرامة والعدالة والمساواة والتسامح وتقبل الرأى الاخر....الخ ، وبوجه عام يمكن القول بأن الهدف من نشر ثقافة حقوق الإنسان يتمثل في :
- خلق مجال حيوى لكافة أفراد المجتمع وجماعاته وفئاته المختلفة للحوار والتغيير داخل المجتمع ،
- العمل على دمج مبادئ حقوق الإنسان فى الحياه اليوميه ،
- العمل على وضع السياسات والخطط والبرامج والأنشطة للتنمية المتكاملة والشاملة للشخصية الإنسانية بجميع أبعادها وجوانبها ،
- العمل على تنمية وعي الناس بحقوقهم ، مما يساعد على تحويل مبادئ حقوق الانسان الى حقيقة وواقع سياسى واجتماعى وثقافى ،
- تقرير إحترام حقوق الآخرين وإحترام التعددية ( الثقافية والعرقية والدينية ) فى المجتمع من خلال إحترام ثقافة الحوار مع الاخرين ،
- تقرير ثقافة اللا عنف القائمة على العدل والمساواة واحترام حقوق الانسان ،
- مساعدة الأشخاص على الحصول على حقوقهم من خلال العمل على تفعيل القوانين والتشريعات التى وضعت لحماية حقوق الانسان ،
4-2أبرز قضايا حقوق الانسان التي يتفاعل معها الأخصائيون الاجتماعيون
يطرح الاتحاد العالمي للأخصائيين الاجتماعيين أبرز قضايا حقوق الانسان التي يتفاعل معها الأخصائيون الاجتماعيون من خلال ممارساتهم المهنية ومن تلك القضايا والحقوق :
- حق الحياة:
فقيمة الحياة مسألة جوهرية وحورية في موضوع حقوق الإنسان ، والأخصائيون الإجتماعيون لا يقفون فقط ضد إنتهاكات حقوق الانسان ، التي تهدد أو تضعف جودة الحياة ولكنهم يساهمون في تخطيط وتنفيذ البرامج والنشاطات المعززة والمغذية للحياة ، والصحة الجسدية والنفسية تمثل وجها مهما من أوجه جودة الحياة ، وأية محاولات لتشويه البيئة وغياب الرعاية الصحية ، يرون أنها تهدد حياة الانسان ، والأخصائيون الاجتماعيون يؤكدون على حق الأشخاص والجماعات والمجتمعات المحلية في الحماية من الأمراض والاعاقات القابلة للمنع والوقاية ،
- حق الحرية:
كل الناس يولدون أحرارا، والحريات الأساسية تتضمن الحرية من الإستعباد والعبودية والإعتقال العشوائي ، والتعذيب والمعاملة اللاإنسانية وحرية التفكير والتعبير ،
- المساواة وعدم التمييز:
المبدأ الجوهري للمساواة يرتبط كثيرا بمباديء العدالة بغض النظر عن الميلاد والنوع والعمر والإعاقة والعنصر واللون واللغة والدين والملكية والتوجهات الجنسية والمكانة والطبقة الاجتماعية ............. إلخ ، فالجميع يجب أن يحظوا بالمعاملة العادلة ، والحماية المتساوية أمام القانون ، والأخصائيون الاجتماعيون يجب أن يضمنوا الحق المتساوي للجميع للحصول على الخدمات العامة والصحة الاجتماعية حسب المصادر الحكومية على مستوى الدولة أو المنطقة ، وأن يقفوا ضد محاولات التمييز من أي نوع في ممارساتهم المهنية ،
- الحق في العدالة :
كل إنسان له الحق في الحماية ضد الإعتقال التعسفي والعشوائي أو التدخلات التي لا تضمن وتكفل للإنسان الحماية المتساوية والمعاملة العادلة أمام القانون ، وعندما يتم انتهاك القانون فإن لكل شخص الحق في محاكمة عادلة وموضوعية من قبل السلطة القضائية ، وحتى المدانون يجب حمايتهم من المعاملة اللاإنسانية ، كما أن القانون الحيادي وغير المتحيز يعد ضروريا جدا لحماية المواطنين ، والعدالة الاجتماعية تقتضي ما هو أكبر من عدالة النظام القانوني، فبالإضافة الى ذلك لابد أن تتضمن العدالة الإجتماعية إشباع الإحتياجات الأساسية للإنسان ، والتوزيع العادل للثروة والمصادر والحصول على الرعاية الصحية المناسبة ، والتعليم التي تساعد الإنسان على تطوير قدراته واستغلال إمكاناته ،
- التضامن والمساعدة المتبادلة :
كل انسان تتعرض حرياته للانتهاك والاختراق فله الحق في الدعم من قبل مواطنين آخرين ، والتضامن يعني الدعم المتبادل بين أعضاء المجتمع والعالم بأسره ، والأخصائيون الاجتماعيون يعبرون عن تضامنهم من خلال دعم حقوق الآخرين كالفقراء والمضطهدين والمشردين والمعاقين والعجزة والأرامل والمطلقات والأطفال ، والمرأة واللاجئين والمظلومين، بالإضافة إلى المشاركة في حملات العدالة الاجتماعية ،
- المسؤولية الاجتماعية:
فالكل منا يملك مسؤولية تجاه الأسرة والجماعة والمجتمع المحلي والعالم بأسره ، للإسهام في تعزيز حقوق الانسان ، اذ يجب على الإنسان توظيف قدراته الذهنية والمالية لمساعدة ذوي الظروف الحياتية السيئة في كل مكان ، وعمل الأخصائيين الاجتماعيين مع الفئات المسحوقة والمستضعفة بصورة جلية وواضحة عن المسؤولية الاجتماعية ، وكل شخص له الحق في الوقوف ضد العنف والحروب والأفكار العدائية ،
- السلم وعدم العنف:
والسلم لا يعني مجرد غياب الصراع ، ولكنه الهدف الذي يتحقق من خلاله الإنجاز الذاتي والجماعي، ويلتزم الأخصائيون الاجتماعيون بمساندة السلم ومناهضة العنف ، ويتوسطون بين الخصوم لحل الخلافات والمنازعات بطرق سلمية ، ويطالبون بنظام قضائي عادل ويساندون الجهود السلمية والبناءة التي تهدف إلى رفعة الإنسان وتحقيق كرامته ،
- البيئة:
كل الناس مسؤولون عن حماية الكرة الأرضية ، فالتلوث البيئي يهدد الحياة نفسها ، فالبرامج التنموية الخاطئة قد تتسبب في كوارث بيئية مدمرة ، أو تؤدي إلى الإفراط في استهلاك المصادر البيئية كالمياه والأشجار وصيد الحيوانات ، والأخصائيون الاجتماعيون يبذلون جهودا مضنية لخدمة البيئة بوقوفهم ضد كل ما يدمر البيئة أو يشوهها ،
4-3وسائل الخدمة الاجتماعية في خدمة حقوق الإنسان:
وتستفيد الخدمة الإجتماعية بالعديد من الإدوات والوسائل التي تتمكن من خلالها من خدمة حقوق الإنسان :
- نشر التقارير والبحوث والمؤلفات والنشرات والأدلة حول قضايا ومباديء حقوق الانسان ،
- نشر الوعي بين المنتمين للخدمة الاجتماعية بأهمية الإلتزام بحقوق الإنسان ومناصرتها ، والتي تمثل المنطلق الأساسي للخدمة الاجتماعية ،
- العمل مع مؤسسات الخدمة الاجتماعية والمنظمات الإقليمية والعالمية ، ومنظمات الأمم المتحدة المعنية بحقوق الانسان ،
- دعم حقوق المنتمين لمهنة الخدمة الاجتماعية والدفاع عنهم والمطالبة بحقوقهم ، والدفاع عنها أمام الجهات المختلفة ،
- الزيارات الميدانية للفئات المسحوقة والمهضومة والمعرضة للخطر ، وإيصال صوتها للمسؤولين وصناع القرار وتزويدهم بتقاريرعن أوضاع تلك الفئات ،
- إستغلال الإعلام لنشر ثقافة حقوق الإنسان وكشف الإنتهاكات التي تتعرض لها تلك الحقوق ،
- تدريس وتعليم حقوق الانسان ضمن نطاق الخدمة الاجتماعية ،
- عقد الندوات والمحاضرات والمؤتمرات وعقد ورش العمل ذات العلاقة بحقوق الانسان ،
- حث الطلاب والمعلمين ورموز المجتمع على الإسهام في خدمة حقوق الانسان ،
- تزويد المهتمين بمصادر ذات علاقة بحقوق الإنسان والتواصل مع المعنيين بحقوق الإنسان في العلوم الأخرى لتبادل الخبرات على المستوى الداخلي والخارجي.
- العمل على وضع كافة مواثيق حقوق الإنسان في الاعتبار ، وإدراك ما حوته تلك المواثيق من مباديء وحقوق ، وما يثار حولها من تحفظات أو إعتراضات في بعض الثقافات والمجتمعات المتنوعة ، تلك المواثيق - وما انتهت إليه بعض المؤتمرات - التي يتمثل أهمها فيما يلي :
1- ميثاق الأمم المتحدة ( 1945م ).
2- الإعلان العالمي لحقوق الانسان ( 1948م ).
3- اجتماعات حقوق الانسان ( 1966م ).
4- اللقاء العالمي للحقوق المدنية والسياسية.
5- اللقاء العالمي لحقوق الانسان الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
6- المؤتمر العالمي لازالة كل اشكال التمييز العنصري.
7- مؤتمر ازالة كل اشكال التمييز ضد المرأة.
8- مؤتمر مناهضة التعذيب والمعاملة اللاانسانية ( 1984م ).
9- مؤتمر حقوق الطفل ( 1989م ).
10- المؤتمر العالمي لحماية حقوق العمال المهاجرين ( 1990م ).
11- المؤتمر الأوروبي لحقوق لانسان (1950م ).
12- المؤتمر الأمريكي لحقوق الانسان ( 1969م ).
13- ميثاق أفريقيا لحقوق الانسان وحقوق الناس ( 1981م ).
14- حقوق المعاقين عقليا ( 1971م ).
15- حماية المرأة والأطفال في مناطق النزاع ( 1974م ).
16- إزالة كل أشكال عدم التسامح الديني ( 1981م ).
17- الحق في التنمية ( 1986م ).
(5) - الخاتمة :
عرضنا في هذه الوحدة لعلاقة الخدمة الاجتماعية كمهنة مساعدة إنسانية بحقوق الإتسان ، وكيف أن تلك العلاقة علاقة ذات اتجاهين – أي علاقة تبادلية – حيث نشأت الخدمة الاجتماعية في أجواء المباديء والاتجاهات الإنسانية من ناحية ، وهذا يعني أن الأفكار المتعلقة بفكرة حقوق الإنسان قد لعبت دورا هاما في نشأة المهنة ، والاعتراف الرسمي بها ، ومن ناحية أخرى فللمهنة منذ بدايات نشأتها دورها الهام والحيوي في ترسيخ حقوق الإنسان وحمايتها والمطالبة بها والدفاع عنها وتعزيزها في واقع الناس ، وكان من الضروي لتجلية جوانب وأبعاد تلك العلاقة الوثيقة بين حقوق الانسان والخدمة الاجتماعية أن نتعرض للجذور التاريخية لنشأة المهنة والمتمثلة في جهود وأنشطة الرعاية الاجتماعية الممتدة في أعماق التاريخ الإنساني ، ثم عرضنا لبعض الملامح البارزة فيما يتعلق بقضايا حقوق الإنسان التي يتفاعل معها الأخصائيون الاجتماعيون ، والوسائل والأدوات التي تستخدمها الخدمة الاجتماعية لتعزيز تلك الحقوق ،
(6) – تدريبات على الوحدة
تدريبات الوحدة
التدريب الأول :
حدد تعريف كل من المصطلحات والمفاهيم التالية :
-المفهوم التقليدي للرعاية الاجتماعية
- المفهوم الحديث للرعاية الاجتماعية
- مفهوم الخدمة الاجتماعية
- حركة تنظيم الاحسان
- حركة المحلات الاجتماعية
التدريب الثاني :
ناقش العبارات التالية في ضوء دراستك للعلاقة بين الخدمة الاجتماعية وحقوق الانسان :
- الإنسان مدني بطبعه ،
- الرعاية الاجتماعية في صورتها الأولي هي احدي آليات النسق الاجتماعي (المجتمع) محدود الحجم لتوفير الإحساس بالأمن والطمأنينة وسد احتياجات أفراده
- إن الخدمة الاجتماعية في مفهومها العام إنما تعني تلك المهنة الإنسانية القائمة على العلم والفن معاً والتي تعتمد على المعرفة العلمية المتراكمة ، وتعمل مع الإنسان بهدف تحسين نوعية الحياة الإنسانية
التدريب الرابع
علل صحة أو خطأ العبارات التالية :
- كان التدخل المهني في المرحلة التقليدية للخدمة الاجتماعية يتم على مستوى الوحدات الكبرى والمتوسطة
- كان المدخل الإصلاحي الذي يهتم بتغيير النظم والسياسات والتشريعات موجوداً بدرجة أو بأخرى في تاريخ الخدمة الاجتماعية وإن لم تكتب له السيادة
- المساهمة في عملية التنشئة الاجتماعية وتوجيه التفاعل الجماعي يمثل جانبا من الأهداف العلاجية للخدمة الاجتماعية
- لقد تبلورت مباديء الخدمة الاجتماعية من خلال الخبرات التي مرت بها ممارسة الخدمة الاجتماعية ، والمواقف التي صادفها الأخصائيون الاجتماعيون في عملهم الميداني
التدريب الثالث :
أكمل الفراغات في العبارات التالية بما يناسبها :
أ - استندت الرعاية الاجتماعية التقليدية إلي عاملين أساسيين أعطياها قوة وعزما في المجتمعات صغيرة الحجم, أولهما:
.............................................................................................. ................................................. ........................................................
ب - أصبح ينظر اليوم إلى الرعاية الاجتماعية على أنها نظام اجتماعي جديد هو نظام الرعاية الاجتماعية مهمته الأساسية هي
.................................................................. .................................................................... ........................................................................... ..................................................................................
ج - المتتبع لمسيرة الرعاية الاجتماعية وتطورها التاريخي من السهل عليه أن يرصد عدة تحولات أساسية طرأت علي الرعاية الاجتماعية في العصر الحديث ، والتي ترتبط ارتباطا وثيقا بفلسفة ومباديء حقوق الإنسان ، ومن تلك التحولات :
د - تتجلى أهم أبعاد العلاقة الوثيقة بين الرعاية الإجتماعية وحقوق الانسان في النقاط التالية :
...................................................................................... .......................................................................................... ......................................................................................... ...................................................................... ...................
التدريب السادس
أجب عن الأسئلة التالية :
- حلل أبرز قضايا حقوق الإنسان التي يتفاعل معها الأخصائيون الاجتماعيون في العصر الحاضر ،
- ناقش أهم الملامح الأساسية لارتباط الخدمة الاجتماعية بمنظومة حقوق الإنسان
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: