كتاب منظومة حقوق الإنسان من منظور الخدمة الاجتماعية (11)
د. أحمد يوسف محمد بشير - مصر
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 5528
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
الحلقة الحادية عشرة :
(3) - أنواع وفئات حقوق الانسان :
Human Rights Categories & kinds
تعدد الأنواع والأشكال التي تظهر بها حقوق الإنسان ، وهذا التنوع يأتي من تنوع الاحتياجات والمطالب الإنسانية الجوهرية التي تأتي تلك الحقوق لإشباعها والوفاء بها ، وفي هذا الإطار فإن هناك عدة معايير يمكن وفقا لها تصنيف حقوق الإنسان ، حسب نوع التقسيم ومعيار التقسيم وآثار التفريق بين هذه الأنواع ، وتشير أدبيات حقوق الإنسان إلى أن هناك تصنيفان أساسيان يمكن اعتبارهما أهم تصنيفات حقوق الإنسان السائدة في تلك الأدبيات هما :
- الأول : يعتمد معيارا قانونيا للتصنيف فيميز بين الحقوق الأساسية والحقوق الأخرى ،
- الثاني : يعتمد معيارا زمنيا فيقسم حقوق الإنسان إلى ثلاثة أجيال :
• جيل أول : ويتمثل في الحقوق السياسية والمدنية ،
• وجيل ثان : ويتمثل في الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ،
• وجيل ثالث : يعرف بحقوق التضامن الإنساني حيث السلم والتنمية والإرث الإنساني المشترك ، وحق الأجيال المقبلة في بيئة نقية وحيط سليم ،
ولما كانت مفاهيم حقوق الإنسان لا يصح النظر إليها بوصفها حقوقا مجردة ، وإنما هي تتطور من حيث نطاقها ومضامينها بتطور الحياة الإنسانية ، والعلاقات الاجتماعية ، ودرجة التوافق بين المجتمعين المجتمع السياسي Political Society ، والمجتمع المدني Civil Society في إطار هذه العلاقات الاجتماعية ، لذلك كان من الطبيعي أن تتباين اجتهادات الباحثين ومقترحاتهم وتصوراتهم بشأن تصنيفات وأنواع هذه الحقوق وتقسيماتها المختلفة ، وفي هذا الصدد يمكن أن نميز بين عدة مجاميع بارزة ومحددة من تلك الحقوق وذلك على النحو التالي : (1)
3-1حسب موضوع الحق : Right Subject
لما كان موضوع الحق هنا ومحله هو الإنسان ، وإذا ما جرى النظر إلى حقوق الإنسان من حيث إقرارها للأفراد ، فإننا نستطيع أن نميز بين مجموعتين أساسيتين من الحقوق بحسب موضوع الحق هما : الحقوق الفردية و الحقوق الجماعية :
* الحقوق الفردية ( الشخصية ) Individual Rights
وهي الحقوق المتعلقة بالإنسان من حيث كونه فردا ، ونعني بها تلك الحقوق الفطرية المقررة للإنسان مراعاة لمكوناته ولخصائصه الإنسانية كفرد ، يجب أن يتمتع بمجموعة من الحقوق التي لابد منها ، وهذا النوع من الحقوق يشكل الإطار العام للحقوق الجوهرية والأساسية للإنسان ، كالحق في الحياة ، والحق في التملك ، والحق في التعليم ، والحق العمل ، والحق في الأمن والسلامة في بدنه ، وألا يعتقل إلا وفقا للقانون مع احترام الإجراءات والضمانات المقررة ، حرمة المساكن ، سرية المراسلات ، حق التنقل ...... وغير ذلك من الحقوق التي تختص بالإنسان حال كونه فردا ،
* الحقوق الجماعية Collective Rights
نستطيع أن نعرف هذه الحقوق بأنها " مجموعة الحقوق التي لا تقر إلا للكيانات الإنسانية التي تحمل الوصف القانوني للجماعة " فهي تقر للشعوب وللمجتمعات الإنسانية المنظمة وللدول ذاتها ، وهذا – في الواقع - ما يميزها عن الحقوق الفردية التي يكون إقرارها محصوراً بحدود ضيقة تنحصر في إطار الفرد الواحد أو مجموعة الأفراد ، وتشكل الحقوق الجماعية النمط الأكثر أهمية من حقوق الإنسان بسبب شمولها واتساع نطاقها ، إضافة إلى أنها لا تخص فئة معينة بل هي مقررة لمجتمع ما ، أو لشعب من الشعوب ، ومن أبرز الأمثلة على الحقوق الجماعية الحق في التنمية ، والحق في العيش في بيئة نظيفة خالية من التلوث والمضار ، وحق تقرير المصير .....وغيرها ،
3-2حسب ظروف تطبيق الحق : The Right Application Circumstances
وتقسم حقوق الإنسان من حيث الظروف التي تطبق فيها إلى قسمين رئيسيين هما : حقوق الإنسان في ظل حالات السلم ، وحقوق الإنسان في ظل الحروب :
* حقوق الإنسان في السلم : Human Rights In Peace
لاشك أن التمتع بحقوق الإنسان في ظل حالة السلم هو الشكل الطبيعي والوضع الأمثل لتلك الحقوق ، حيث تكون المنظومة الحقوقية مصانة ، وتكون وسائل إعمال الحقوق متاحة بسهولة ويسر ، فالأصل العام أن يحصل الإنسان على حقوقه في ظل حياة يسودها السلم والأمن والأمان والاستقرار ، وهذه المعطيات تكفل للجهات المعنية باحترام حقوق الإنسان أداء مهامها بسهولة ويسر.
* حقوق الإنسان في الحرب : Human Rights In The Ware
ولقد اصطلح على تسمية هذه الحقوق بـ ( القانون الدولي الإنساني ) International & Human Law والذي يضمن الحد الأدنى من الحقوق الإنسانية التي يجب احترامها في حال قيام النزاعات العسكرية المسلحة بين الجماعات والدول ، ويأتي إقرار هذه الحقوق كاستثناء على الوضع العام ، والقاعدة التي تحكم هذا الموضوع هي أن الاستثناء لا يجوز التوسع فيه بأي حال من الأحوال ،
3-3حقوق الإنسان حسب تطورها التاريخي : Historical Development
يميز المعنيون بمجال حقوق الإنسان بين ثلاث فئات من الحقوق التي ظهرت بحسب التطور التاريخي لحقوق الإنسان عبر مسيرتها الطويلة ، ويصطلح البعض على مراحل ظهور تلك الحقوق بما يسمى بـ (أجيال حقوق الإنسان) Human Rights Generations وهذه الحقوق بحسب ظهورها تاريخيا هي كما يأتي :
* الجيل الأول : الحقوق المدنية والسياسية : Civil & Political Rights
وهي مرتبطة بالحريات بوجه عام ، وتشمل هذه المجموعة طائفة واسعة من الحقوق أهمها : الحق في الحياة والحرية والأمن ، والحق في السلامة البدنية وعدم التعرض للتعذيب ، والتحرر من العبودية ، والحق في المشاركة السياسية بكافة صورها : كالحق في الانتخاب ، والترشيح للمناصب العامة ، والتصويت ، والحق في التعبير عن الآراء واعتناق الأفكار ، والحرية الدينية ، والحق في التنقل والحصول على الجنسية ، والحصول على اللجوء في دولة أخرى ، وحرية تكوين والاشتراك في الأحزاب السياسية ، والجمعيات والتجمع السلمي ، والحق في التملك ، والحق في المساواة أمام القانون وأمام القضاء ، والحق في التمتع بالضمانات القانونية ، وشغل الوظائف والحق في احترام الخصوصية الشخصية ، والحق في التجمع السلمي ، وغير ذلك من الحقوق ،
ولكن هل يوجد ثمة اختلاف وتمييز بين الحقوق المدنية ، والحقوق السياسية ضمن منظومة حقوق الإنسان ؟ الإجابة بالإيجاب ، ونحاول فيما يلي - إلقاء الضوء بشيء من التفصيل – على كل منها :
أولها - الحقوق المدنية : Civil Rights
وتختلف عن الحقوق السياسية في كونها حقوقا يتمتع بها الفرد كإنسان ، أي تثبت له باعتباره عضو ضمن مجتمع إنساني ، بغض النظر عن جنسيته وانتمائه وولائه القومي ، إذ يستوي في ذلك أن يكون وطنيا أو أجنبيا ، بمعنى أنها تثبت لأي إنسان بغض النظر عن جنسه ولونه أو عرقه ، وهي حقوق ضرورية له ، بل ضرورية حتى لممارسة الحقوق السياسية ،
وبهذا المعنى تنقسم الحقوق المدنية إلى حقوق عامة وحقوق خاصة :
(أ) - الحقوق العامة (حقوق الشخصية أو الحقوق اللصيقة بشخصية الإنسان ): Personal Rights
هذه الحقوق لها طابع خاص وفريد كون محلها أو موضوعها لا يخرج عن صاحب الحق نفسه ، وهي حقوق تنصب على مقومات الشخصية ذاتها في مظاهرها المختلفة ، تقررت للشخص كونه إنسانا بغض النظر عن كونه مواطنا أو أجنبيا ، و تسمى كذلك بالحقوق اللصيقة بشخصية الإنسان أو حقوق الشخصية ، و هي حقوق تقررت للمحافظة على الكيان المادي و المعنوي للإنسان ، إذ بدونها لا يكون الإنسان آمنا على حياته ، وحريته ونشاطه ، وهي حقوق تثبت للكافة بغض النظر عن انتمائهم إلى وطن أو دولة ومثالها حق الحياة ......وغيرها من الحقوق ،
وعليه فالحقوق العامة هي : " مجموعة من القيم التي تثبت للشخص بإعتبارها مقومات لشخصيته " ، وهي حقوق تولد مع الإنسان فتكون لصيقة به وتستمد أصلها من مقتضيات ضرورة حماية الشخصية الإنسانية ، كحماية كرامة الإنسان ، وكيانه الأدبي والمعنوي و شرفه و سمعته . . . و هي كلها حقوق تكون مضمونة دستوريا في باب الحريات العامة ،
هذا وبتعبير متكافئ يمكن وصف الحقوق العامة على أنها مجموعة الحقوق التي تكفل للشخص الانتفاع بنفسه ، و بكل ما هو مرتبط بنفسه ارتباطا لا انفصام له ( قواه الفكرية ، والجسدية التي منحها له الخالق عز و جل ) ، و هي حقوق ليست بسلطات مقررة للشخص على نفسه يتصرف فيها كيفما يشاء ، وإنما هي حقوق – بالتعبير القانوني - في مواجهة الغير ، القصد منها الاعتراف من قبل الغير بوجود هذا الشخص ، وكفالة حماية هذا الوجود ، ومن أمثلة هذه الحقوق نذكر : الحق في حرية المعتقد ، الحق في الحياة وحرمتها ، وحرمة الشرف ، حرمة المسكن ، الحق في التعليم ، الحق في الرعاية الصحية ،
وعلى ذلك يمكن لنا أن نوجز أهم خصائص الحقوق العامة :
- أنها حقوق مطلقة : Absolute Rights بحيث يحتج بها في مواجهة الكافة ، وليس على فرد بذاته ، بحيث يقع عليهم واجب الامتناع عن كافة أشكال الاعتداء على هذا الحق تجاه صاحب الحق ، وبالتالي فحق الفرد يقابله واجب عام سلبي مفاده أن يمتنع الكافة عن الاعتداء على هذا الحق ( هذا هو المقصود بحق يحتج به في مواجهة الكافة ) ،
- أنها حقوق لا تقوم بمال : بمعنى أنها ليست حقوقا مالية ولا تعد أموالا ، لكن لا يعني ذلك أن الاعتداء عليها لا يستحق التعويض النقدي ، وإنما ينظر لهذا التعويض على أنه ليس مقابل للحق ، وإنما تعويضا عن الضرر الناجم عن التعدي على هذا الحق ،
- أنها حقوق غير قابلة للنزول عنها : فطالما هي حقوق غير مالية ، وكونها لصيقة بشخصية الإنسان فهي خارجة عن دائرة التعامل ، فعلى سبيل المثال لا يجوز لأحد التنازل عن حريته بمحض إرادته ،
- أنها حقوق لا يجوز التصرف فيها :
- أنها حقوق لا تخضع لنظام التقادم : سواء المكسب أوالمسقط وذلك تطبيقا لقاعدة : أن كل ما يكون غير قابل للتصرف فيه لا يخضع للتقادم ،
- أنها حقوق لا تنتقل عن طريق الميراث : لأنها متصلة بالشخص نفسه ، ولا تعد جزءا من الذمة المالية له ،
(ب) - الحقوق الخاصة : Special Rights
فهي حقوق لا تثبت لكافة الناس بالمساواة التامة أو المطلقة ، وإنما يوجد تفاوت في بعض الحقوق بين الأفراد بحسب الحالة الشخصية والمدنية ، وبالتالي فهي حقوق تتعلق بعلاقات قانونية معينة يحكمها القانون الخاص ، أو بمعنى آخرهي تلك الحقوق التي تكفل للشخص مزاولة نشاط قانوني معين (2)، وهي حقوق منها ما يثبت للشخص باعتباره عضوا في الأسرة فتسمى حقوق الأسرة كما قد تثبت له في نطاق المعاملات المالية ، هذه الحقوق تهدف إلى حماية المصالح الخاصة للشخص ، وهي حقوق تختلف عن الحقوق العامة ومن ثم فهي حقوق يختص بها الشخص الذي تتوفر فيه شروط التمتع بها ، عكس الحقوق العامة التي تثبت للكافة ، و الحقوق الخاصة تنقسم إلى حقوق أسرية ، وأخرى حقوق مالية .
وثانيها – الحقوق السياسية : Political Rights
وهي تلك الحقوق التي تتقرر للشخص فتمكنه من المساهمة في إدارة شؤون حكم بلاده ، فهي حقوق مقررة للشخص باعتباره عضوا ضمن مجتمع سياسي ( دولة ) ، ومن ثم فهي تثبت للمواطن دون الأجنبي ، فتكون فيها الجنسية هي معيار ثبوت تلك الحقوق ( رابطة الجنسية شرط أساسي للتمتع بها ) ،
وهي حقوق مقررة لمصلحة الفرد و الجماعة معا ، وتسمى أيضا بالحقوق الدستورية لأنها تقرر في الدساتير عادة، ومحل دراستها هو ( القانون الدستوري ) Constitutional Law ، وهذا النوع من الحقوق ليس لازما لحياة الفرد ، إذ قد يعيش الإنسان بدونها ، فالشخص لا يتأثر وجوده بعدم ممارسة حق الانتخاب مثلا ، ومن أبرز تلك الحقوق السياسية نجد مثلا : حق الانتخاب والترشح ، وحق تقلد الوظائف العامة في الدولة ، حق حريات التعبير وإنشاء الجمعيات ، حق إنشاء الأحزاب السياسية والمشاركة في عضويتها ،
ونود التنويه هنا إلى أن الغاية من معرفة الحقوق السياسية والإطلاع عليها والوعي بها إنما تتمثل في أنها تعتبر بمثابة تكوين لكوادر مستقبلية ، تأخذ على عاتقها مسؤولية قيادة الأمة ، كما تقوي شخصية المواطن الفاعل المتفاعل مع قضايا مجتمعه ، بالإضافة إلى أنها تساعد على إزالة النظرة المسبقة بصعوبة اقتحام عالم السياسة ، مع بلورة الحس النقدي إزاء الأشياء التي تبدو مسلمة أو يصعب فهمها ، ناهيك عن أنها تسهل الانخراط في تحولات المجتمع والدولة وتحولات العالم ، و تطوير التفكير الإنساني بخصوص تعامله مع الحدث السياسي اليومي بما هو حدث طارئ أو معزول إلى مستوى فهم العوامل والعناصر المحيطة به والمولدة له . ..
وللحقوق السياسية أبعادا عديدة يمكن تلخيصها في الأتي :
- البعد الفلسفي: Philosophical Dimension حيث أن الحقوق السياسية مرتبطة بالمحيط الذي يقرر مصير الفرد كمواطن ،
- البعد التاريخي: Historical Dimention فالحقوق السياسية نتاج للمعارك البشرية الطويلة ، والكفاح الإنساني المرير ضد الظلم والطغيان ، والحكم المستبد والرأي الواحد ،
- البعد المجتمعي: Society Dimention حيث الحقوق السياسية تعيد بناء العلاقات بين الحاكم والمحكوم ، بين المواطن وسلطة الدولة ، وتعيد الاعتبار للفئات الأكثر تضررا وللمستضعفين ولمعذبي الأرض.
- البعد القانوني: The Legal Dimention الحقوق السياسية حقوق تتمتع بضمانات القانون الدولي لحقوق الإنسان، وبإقرار الدساتير والنص الصريح للقوانين الوطنية ،
وأخيرا فإن الحقوق السياسية كمنظومة متكاملة تتميز بجملة من الخصائص يمكن إجمالها على النحو التالي :
- أنها قاصرة عادة على الوطنيين أي التابعين لجنسية الدولة ،
- ليست حقوقاً خالصة بل تخالطها الواجبات ،
- عدم قابليتها للتجزئة ،
- عدم قابليتها للتصرف ،
- عالمية بمعنى أنها مكفولة لكل شعوب دول العالم على الأقل من الناحية النظرية .
وفي نهاية حديثنا عن الحقوق المدنية والسياسية ، نود التأكيد على أن المجتمع الدولي المعاصر أولى اهتماما كبيرا لتلك المجموعة من الحقوق سواء كان ذلك في مجال وضع المعايير والمواثيق ، أو مراقبة تطبيقها ، هذا وتتميز الحقوق المدنية والسياسية بصفة عامة بميزتين أساسيتين هما :
أولا: أنها حقوق للتطبيق الفوري ، Immediate Application والمقصود بذلك أنه يجب أن تطبق وتحترم فورا ، ولا تحتمل أي تأجيل أو تدريج في تطبيقها ، وذلك بالنظر إلى الخطورة الكبيرة التي ينطوي عليها عدم إعمالها الكامل على الأفراد وكرامتهم ، فهي بعكس الحقوق الاقتصادية والاجتماعية التي سنأتي على ذكرها لاحقا، لا تحتمل أي تدريج في إعمالها وتطبيقها ،
وثانيا: أنها حقوق سلبية ، Nigative أي أنها لا تتطلب من الدولة موارد كبيرة أو تخصيص مبالغ طائلة ، وبعبارة متكافئة يمكن وصفها بأنها لا تتطلب تدخل الدولة الفعال والمكلف ، ولإعمالها فإن الأمر لا يتطلب من الدولة سوى عدم انتهاكها ، فمثلا للوفاء بالحق في عدم تعرض المواطنين للتعذيب ، لا يتطلب ذلك سوى امتناع الدولة عن القيام بالتعذيب لمواطنيها والتنكيل بهم وانتهاك حرماتهم ،
ومن أبرز الحقوق المدنية والسياسية التي نص عليها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان هي ما يلي:
- المساواة وعدم التمييز في التمتع بالحقوق والحريات الأساسية على أساس العنصر أواللون أو الجنس أواللغة أو الدين أو الرأي أو الأصل الوطني أو الثروة أو المولد أو أي وضع آخر.
- الحق في الحياة والحرية والأمان الشخصي.
- حظر الاسترقاق أو الإستعباد والاتجار بالرقيق بجميع الصور.
- حظر التعذيب والمعاملة والعقوبة القاسية أو اللا إنسانية أو الحاطة بالكرامة.
- الحق بالاعتراف بالشخصية القانونية. .......إلخ
* الجيل الثاني : الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية: Social ; Economic & Cultural Rights
وهي مجموعة الحقوق المرتبطة أساسا بالأمن ، ولعل من أبرز تلك الحقوق التي تقع في هذا الإطار الحق في العمل ، والحق في الحصول على أجر ، والحق في التنمية ، والحق في الاستفادة من الثروات الطبيعية والبشرية للبلد ، والحق في المستوى اللائق للمعيشة ، وتحسين ظروف العمل ، والحق في الضمان الاجتماعي ، وإعالة البطالة والرعاية الاجتماعية ، والحق في تكوين أسرة ، والحق في التعليم والاستفادة من وسائل العلم والتقنية ، والحق في التمتع بالعلوم والمعارف والفنون واكتسابها والحصول عليها .
* الجيل الثالث : الحقوق البيئية والتنموية والفكرية : Environmental ; Developmental & Intellectual
وتعد هذه الحقوق حديثة العهد في الظهور والإقرار حيث ظهرت نتيجة الجهود الدولية الرامية إلى تطوير المجتمعات المتخلفة ، وذلك من خلال إقرار الحق في التنمية – الثقافية والسياسية والاقتصادية - كأحد الحقوق الأساسية لشعوب تلك الدول ، وأصبح الحق في العيش في بيئة نظيفة ومصونة من التدمير من الحقوق الملحة التي ظهرت في أعقاب تزايد مخاطر التلوث الذي يهدد الحياة الإنسانية بأسرها ، أما الحقوق الفكرية فيراد بها الحقوق المقررة لحماية الملكية الفكرية كحقوق المؤلف وغيرها .
وهكذا تأتي حقوق الشعوب ضمن الأولويات التي تحظى باهتمام متزايد في العصر الحديث وعلى رأسها الحق في التنمية ، بعد أن كانت الأولوية للحقوق الفردية والجماعية خلال مراحل تاريخية سابقة ،
(4) - المبادىء الأساسية لحقوق الانسان :
ثمة مجموعة من المبادئ الأساسية التي ترتكز عليها منظومة حقوق الإنسان ، (3) نوجزأهمها فيما يلي :
1- المساواة: Equality
ويشير مبدأ المساواة إلى الفكرة القائلة أن جميع البشر لهم الحق في نفس الحقوق بدون تمييز ، كما أن فكرة المساواة لا تعني بالضرورة أن يتم التعامل مع البشر جميعا بالمثل، بل تعني اتخاذ جميع الإجراءات الضرورية من أجل الترويج إلى مجتمع أكثر عدلا وإنصافا للإنسان .
2- عدم التمييز: Non - Discrimination
وهو مبدأ متمم لمفهوم المساواة ، إذ أن هذا المبدأ يشتمل على فكرة أن الناس يجب ألا يتعرضوا للمعاملة المختلفة على أساس معايير عشوائية أو جائرة ، ولذلك فإن التمييز المبنى على أساس العرق أو اللون أو الإثنية ، أو النوع الاجتماعي أوالعمر أو اللغة أو الإعاقة أو التوجهات الجنسية أوالدين ، أو الآراء السياسية أو الأصل الاجتماعي أو الجغرافي أو الملكية ، أو المولد أو أي وضع آخر مبين في المعايير الدولية لحقوق الإنسان هو – في حقيقة الأمر - تمييز ينتهك حقوق الإنسان.
3- المشاركة والتضمين: Participation And Inclusion
أن كل شخص له الحق أن يشارك في الوصول إلى المعلومات المتصلة بعمليات صنع القرار ، والتي من شأنها أن تؤثر على حياة الأشخاص ورفاهيتهم. إن المنهجيات المبنية على الحقوق تتطلب مشاركة عالية من التجمعات والمجتمع المدني ، والأقليات والنساء والشباب والمواطنين الأصليين والجماعات الأخرى المحددة.
4- المساءلة وحكم القانون: Accountability
أن الدول أو المكلفون بالواجبات المتعلقة بحماية واحترام حقوق الإنسان مسئولون عن مراقبة حقوق الإنسان ، ولذا فان عليهم الالتزام بالقواعد والمعايير القانونية المنصوص عليها في الأدوات الدولية لحقوق الإنسان ، وإذا ما أخفقوا في القيام بهذا الدور المنوط بهم ، فإن أصحاب الحقوق المسلوبة يحق لهم إتخاذ الإجراءات القانونية وإقامة دعاوى قضائية من أجل الحصول على تعويض مناسب أمام محكمة مختصة ، أو جهة قضائية أخرى طبقا للقواعد والإجراءات التي ينص عليها القانون ، ويلعب الأفراد ووسائل الإعلام والمجتمع المدني والمجتمع الدولي أدوارا هامة في مسائلة الحكومات حول التزاماتها بالتمسك بحقوق الإنسان ، (4)
تدريبات على الوحدة
(1) – ناقش تفصيلا أهم الخصائص العامة والسمات المميزة لحقوق الإنسان والتي يُستشهد بها أكثر من غيرها في المحافل الدولية ؟
(2) – علل صحة أو خطأ العبارات التالية :
- تعتبر حقوق الإنسان موجودة حكما ، لا موجب لإقرارها من قبل سلطة تشريعية أو دستورية أو أية سلطة أخرى ،
- من سمات حقوق الإنسان أنها عامة لا تختلف في أشكالها وفي صورها وفي طبيعة فهمها من مجتمع لأخر وفقا للظروف السائدة في هذا المجتمع ،
- إن حقوق الإنسان التي يقرها الشرع أحيانا قد لا تتفق مع العقل ،
(3) – أكمل الفراغات في العبارات التالية بما يناسبها :
- الحق الطبيعي في أدبيات حقوق الإنسان يعني ...........................................................................................................
- القول بأن حقوق الإنسان هي حقوق فطرية يعني .............
...........................................................
- يترتب على القول بان حقوق الإنسان هي حقوق طبيعية – فطرية عدة نتائج هامة منها :
- ...................................................
- .....................................................
- ........................................................
- تتنوع وتعدد الأنواع والأشكال التي تظهر بها حقوق الإنسان ، وهذا التنوع يأتي من ..................................................................
- يمكن تقسيم حقوق الإنسان إلى ثلاثة أجيال هي :
- ............................................................................
- ............................................................................
- .....................................................................
(3) – قارن بين :
- الحق الطبيعي والحق المكتسب فيما يتعلق بحقوق الإنسان ؟
- الحقوق الفردية والحقوق الجماعية ،
- الحقوق السياسية والحقوق المدنية ،
(4) – أذكر أهم المباديء التي ترتكز عليها منظومة حقوق الإنسان ،
===============
الهوامش والإحالات :
===========
(1) – راجع كلا من :
- هيثم مناع : " الأصوليات الإسلامية وحقوق الإنسان، في الإيديولوجية المودودية " ، مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، 1999، ص 31-32-33.
- جاك دونللى : " حقوق الإنسان العالمية بين النظرية والتطبيق " ، ترجمة : مبارك عثمان ، مراجعة : محمد فرحان ، المكتبة الأكاديمية ، القاهرة ، 1998 .
- محمد السيد سعيد : " نحو استراتيجية جديدة للحركة العربية لحقوق الانسان " ، نشرة سواسية ، مركز القاهرة لدراسات حقوق الانسان ، يناير 1996
(2) - هي حقوق لا تثبت إلا لمن يتوفر له سبب خاص لكسبه كحق ملكية عين أو حق إقتضاء دين أو سلطة الأب على إبنه و حقوق الزوج على الزوجة و غيرها . . .
(3) – " المبدأ " Princeple في اللغة مصدر ميمي من بدا يبدأ بدءاً ومبدأ ، وفي اصطلاح الناس جميعاً هو الفكر الأساسي الذي تبنى عليه أفكار فيقول الشخص مبدئي هو الصدق ، ويقصد أن يقول أن الأساس الذي أقيم عليه تصرفاتي هو الصدق ، ويعرف المبدأ بأنه عقيدة عقلية ينبثق عنها نظام ، ومن هنا قالوا مبادئ الأخلاق ، ومبادئ الأقتصاد ، ومبادئ القانون ، ومبادئ الإجتماع وهكذا : وأرادوا أفكاراً معينة من الأقتصاد تبنى عليها أفكار منبثقة عنها ، وأفكاراً معينة من القانون تبنى عليها أفكاراً منبثقة عنها ، قالوا عنها أنها مبادئ اقتصادية ومبادئ قانونية ، وهكذا
- أنظر :
http://swmsa.net/forum/archive/index.php/t-11588.html
(4) – راجع كلا من :
Flowers, N. (2000). " The Human Rights Education Handbook" : Effective Practices For Learning, Action, and Change. Minneapolis, MN: University of Minnesota.
Ravindran, D. J. (1998). " Human Rights Praxis ": A Resource Book for Study, Action and Reflection. Bangkok, Thailand: The Asia Forum for Human Rights and Development.
Mertus, J. et al. (1999). " Local Action/Global Change ": Learning About the Human Rights of Women and Girls. UNIFEM.
*********
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: