صيدلية القرآن – ما شاء الله لا قوة إلا بالله (5-3)
د. أحمد يوسف محمد بشير - مصر
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 4748
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
الحمد لله رب العالمين ، القائل جل جلاله : {وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ }( النمل : 93 ) ، أمر من الله تعالى أن نحمده ونثني بالحمد والثناء الجميل على عظيم نعمه وكريم نواله ، قل - أيها الرسول وليقل كل من آمن من أتباعك الحمد لله ، والثناء الجميل لله عز وجل , سيريكم آياته في أنفسكم وفي السماء والأرض , فتعرفونها معرفة تدلكم على الحق ، وتبيِّن لكم الباطل, وما ربك بغافل عما تعملون , وسيجازيكم على ذلك ،
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، أكمل لنا ديننا ، وأتم علينا نعمته ، ورضي لنا الإسلام دينا ، عزتنا بالإسلام ، كرامتنا في الإسلام ، رفعتنا بالإسلام ، واسمع إلى الفاروق عمر رضي الله عنه وهو يعلنها عالية مدوية في سمع الدنيا بأسرها حين يقول: " نحن قوم أعزنا الله بالإسلام ومهما ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله".
الله أكبر إن دين محمد ** وكتابه أقوى وأقوم قيلا
لا تذكروا الكتب السوالف عنده ** طلع الصباح فأطفئوا القنديلا
وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله ، عن حذيفة رضي الله عنه قال: " أسندت النبي صلى الله عليه وآله إلى صدري فقال " من قال: لا إله إلا الله ابتغاء وجه الله ختم له بها دخل الجنة ، ومن صام يوما ابتغاء وجه الله ختم له بها دخل الجنة ، ومن تصدق بصدقة ابتغاء وجه الله ختم له بها دخل الجنة " ( أخرجه أحمد (5 / 391) ، قال الألباني رحمه الله : وإسناده صحيح، قال المنذري (2 / 61) " لا بأس به" ) ،
يا سيدي يا رسول الله معذرةً ** يا من أقمت لنا بالعز بنيانا
وقد سلكت بنا درباً معبدة ** تهدي إلى خير دنيانا وأخرانا
وقد طلبت إلينا أن نسير على ... تلك السبيل زرافات ووحدانا
أمــــا بعد :
أيها الإخوة الأحباب
أوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل في السر والعلانية ، قال تعالى مخاطبا إيانا : {وَاتَّقُواْ يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلاَ يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ }( البقرة : 48 ) ، أي استعدوا ليوم القيامة وخافوه واحذروه فإنه يوم عصيب , يوم لا يغني أحد عن أحد شيئًا , ولا يقبل الله شفاعة في الكافرين , ولا يقبل منهم فدية , ولو كانت أموال الأرض جميعًا , ولا يملك أحد في هذا اليوم أن يتقدم لنصرتهم وإنقاذهم من عذاب الله الذي حق عليهم ،
أخا الإيمان :
عَلَيْكَ بِتَقْوى اللهِ يِا نَفْسُ سَرْمَدَا **وَلاَ تُلْحِقِي بِالخَلْقِ ضُرّاً تَعَمُّدَا
وَلاَ تَحْسِدِي حَيّاً وَلَوْ جَارَ واعْتَدَى **عَلَيْكَ فَمَا يَحْيَى البُغَاةُ مُخَلَّدَا
تَدُوْرُ عَلَى البَاغِي الدَّوَائِرُ عنوةً **وَيَحْيَى سَعِيْدَ ذُوْ الفَضِيْلَةِ أَمْجَدَا
وَكُلُّ حَسُودٍ يَنْخَرُ الحِقْدُ قَلْبَهُ **يَذُوْبُ كَشَمْعٍ فِي سَعِيْرٍ تَوَقَّدَا
يَعِيْشُ وَنَارُ الغَيْضِ تُحْرِقُ كَبِدَهُ **وَإِنْ مَاتَ أَضْحَى الجَمْرُ فِيه مُجَدَّدَا
فَجَازِ أَخَا فَضْلٍ وَرَاعِ ذِمَامَهُ ** وَسَامِحْ عَدُواً إِنْ قَلاَكَ وَنَدَّدَا
فَإِنّي رَأَيْتُ الفَضْلَ خَيْرَ ذَخِيْرَةٍ ** لِمَنْ رَامَ قَبْلَ المَوْتِ أَنْ يَتَزَوَّدَا
إخوة الإيمان :
توقفنا في اللقاء السابق ونحن بصدد الحديث عن قصة صاحب الجنتين في سورة الكهف من كتاب الله عند قول الله تعالى حكاية عن صاحب الجنتين : } وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَذِهِ أَبَداً{35} وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْراً مِّنْهَا مُنقَلَباً{36}( الكهف ) ،
كان هذا موقف الكافر الغني الذي غره ماله وثروته فوقع في عدة مزالق جعلت عاقبته وخيمة ومن تلك المزالق التي وقع فيها :
- أنه تعالى على صاحبه المؤمن ، وتكبر عليه ، واغتر بماله وثروته والمحيطين به والسائرين في ركابه ، فتوهم أولا أنه أفضل منه فقال له : أنا أكثر مناك مالا ونفرا ،
- وتوهم ثانيا أن جنتيه باقيتان خالدتان لن تهلكا ولن تبيدا ولن تفنيا أبدا ، ( ما أظن أن تبيد هذه أبدا ) ،
- وتوهم ثالثا أن الساعة لن تقوم أبدا ، وأن القيامة لن تأتي ، فكفر باليوم الآخر ، وكفر بالعرض على الله قائلا ( وما أظن الساعة قائمة ) ،
- وتوهم رابعا - وهو يتهكم على صاحبه الفقير ويسخر منه ، ويهزأ به ، توهم أنه إن كان هناك بعث ونشور وقيامة وعرض فإن الله تعالى سيكرمه كما أكرمه في الدنيا وسيعطية في الآخرة خيرا مما أعطاه في الدنيا ( ولئن رددت إلى ربي لأجدن خيرا منها منقلبا ) ،
أيها الإخوة الأحباب :
والآن تعالوا إلى موقف الإيمان واليقين ، تعالوا إلى التوحيد والإخلاص ، تعالوا لنرى كيف يكون الإيمان الحق ، وكيف تكون العبودية عندما تتحقق في عبد من عباد الله فتنير بصيرته ، وتجعله يرى الأشياء على حقيقتها ، تعالوا إلى صنيع الإيمان وعجائبه ،
إلى الرجل المؤمن الفقير بعدما سمع من صاحبه ما سمع ، وبعدما رأي من الكفر الظاهر ، والتعالي المقيت ، والكبر والغرور والغطرسة ، فماذا كان تعليق الرجل المؤمن على ما سمع ، هذا ما سنعيش معه اليوم ، وأسأل الله تعالى أن يجعلنا من أولئك {الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ }( الزمر18 ) ،
فماذا كان جواب المؤمن على صاحبه ، قال تعالى { قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً{37} لَّكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَداً{38} وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاء اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ إِن تُرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنكَ مَالاً وَوَلَداً{39} فَعَسَى رَبِّي أَن يُؤْتِيَنِ خَيْراً مِّن جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَاناً مِّنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً{40} أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْراً فَلَن تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَباً{41}( الكهف ) ،
أراد المؤمن أن يلقن الكافر درسا لا ينساه في التوحيد الذي غفل عنه ، درس في العبودية لرافع السماء بلا عمد ، وأنه مهما علا شأنه ، وزادت شهرته ، وقويت شكيمته ، وكثر ماله ، تجمع الناس من حوله ، فهو في نهاية المطاف عبد لله ، مخلوق لله ، وأن العز كل العز في توحيد الله وطاعته ، وأن الذل كل الذل في التمرد على الله ومعصيته ، إن الكفر والإعراض والمعاصي تورث الذل والمهانة والخسران المبين ، قال تعالى: { مَن كَانَ يُرِيدُ العِزَّةَ فَلِلَّهِ العِزَّةُ جَمِيعًا } أي فليطلبها بطاعة الله ، فإنه لا يجدها إلا في توحيد الله وطاعة وامتثال أمره ، ولذلك كان من دعاء بعض السلف : اللهم أعزني بطاعتك، ولا تذلني بمعصيتك ،
إلهي
لا عاش قلبٌ لستَ منه ولا اهتدى ** إن ضل غير سبيل حبك حائرُ
خسر الذي ينساك طيبَ حياته ** ومن استعز بغير عزك خاسر
ابن آدم
واجعل بربك كل عزك يستقر ويثبت.
هكذا إخوة الإيمان كان الدرس الأول من المؤمن للكافر أن قال له : ( أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلا ) ، أنكرعليه كفره وذكره بفضل الله عليه ، وبين له أصل خلقته ، فبين له من أين جاء ، وكيف أن الله تعالى خلقه من تراب ( أي أبيه آدم ) ثم من نطفة ، ثم سواه رجلا ، إن ذلك يقتضي منه أن يؤمن بخالقه الذي أبرزه من العدم إلى الوجود، وجعله بشراً سوياً، قال " صاحب أضواء البيان " (1) : " ....وهذا المعنى المبين هنا بينه الحق جل جلاله في مواضع أخرمن القرآن الكريم ، كقوله تعالى : {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتاً فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} ( البقرة : 28 ) ، وقوله تعالى : {وَمَا لِىَ لاَ أَعْبُدُ الَّذِى فَطَرَنِى وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} ( يس : 22 ) ، وقوله تعالى : {قَالَ أَفَرَءَيْتُمْ مَّا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِى إِلاَّ رَبَّ الْعَالَمِينَ الَّذِى خَلَقَنِى فَهُوَ يَهْدِينِ وَالَّذِى هُوَ يُطْعِمُنِى وَيَسْقِينِ وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ وَالَّذِى يُمِيتُنِى ثُمَّ يُحْيِينِ...}الآية ( الشعراء : 76-79 ) ، وقوله تعالى : {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ} ( الزخرف 26- 27 ) ،... إلى غير ذلك من الآيات ،
وقوله : ( أكفرت ... ) ، فالاستفهام للتوبيخ ، أي ما كان له أن يكفر بالذي أنعم عليه وأوجده من العدم ، وسواه وصوره في أحسن صورة ، وأفضل تقويم ،
وقوله : ( خلقك من تراب ) : أي خلق آدم الذي هو أصله من التراب ، كما قال تعالى: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ...}الآية ( آل عمران : 59 ) ونظير الآية التي نحن بصددها قوله تعالى : {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ...}الآية ( الحج : 5 ) ،
وقوله: {ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ} أي بعد أن خلق آدم من التراب ، وخلق حواء من ضلعه ، وجعلها زوجاً له ـ كانت طريق إيجاد الإنسان بالتناسل. ، فبعد طور التراب طور النطفة، ثم طور العلقة إلى آخر أطواره المذكورة في قوله تعالى : {وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَاراً} ( نوح : 14 ) ، وقوله تعالى: {يَخْلُقُكُمْ فِى بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقاً مِّن بَعْدِ خَلْقٍ فِى ظُلُمَاتٍ ثَلاثٍ} ( الزمر : 6 ) ، وقد أوضحها تعالى إيضاحاً تاماً في قوله تعالى : {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْأِنْسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} ( المؤمنون : 12-13 ) ، ومما يبين خلق الإنسان من تراب، ثم من نطفة، قوله تعالى في السجدة : {ذَلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْأِنْسَانِ مِنْ طِينٍ ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَا تَشْكُرُونَ} ( السجدة : 6-9 ) ، وقال قال تعالى : {خَلَقَ الإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ }النحل4 ) ، وقال عز من قائل : {أَوَلَمْ يَرَ الْإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ }يس77 ) ، أي بعد أن كان نطفة صار إنساناً خصيماً شديد الخصومة في توحيد ربه ومولاه ،
وقوله: {سَوَّاكَ}، أي خلقك مستوي الأجزاء، معتدل القامة والخلق، صحيح الأعضاء في أكمل صورة، وأحسن تقويم ، كقوله تعالى: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْأِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} ( التين : 4 ) ، وقوله تعالى : {وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ} (غافر : 40 ) ، وقوله تعالى : {يا أَيُّهَا الْأِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ} ( الانفطار : 6 ) ، وقوله تعالى : {رجلاً} أي ذكراً بالغاً مبلغ الرجال ، وربما قالت العرب للمرأة : رجلة ،
أيها الإخوة الأعزاء :
كان هذا هو الدرس الأول من الدروس التي قدمها ذلكم الفقير المؤمن لمن كفر بالله وتكبر على خلق الله ، درس يعالج به داء الغرور والكبر الذي ما كان لإنسان يعرف حقيقة نفسه أن ينزلق إليه ، وهو درس لو تعلمون عظيم كلنا في أمس الحاجة إليه ،
نعم رأينا كيف يكون الغرور البشري ، عندما ينسى الإنسان نفسه وأصله ، ويغفل عن ربه ومولاه الذي خلقه فسواه ، وعلى موائد كرمه رباه ، فيملؤه الغرور والتعالي وينسى أنه حفنة من التراب تداس بالأقدام ، فعلام التعالي والغرور ، وعلام الكبر والبطر ،
الناس من جهة التصوير أكفاء ** أبوهموا آدم والأم حواء
فإن يكن لهموا من أصلهم شرف ** يتفاخرون به فالطين والماء
إن الذي خلق من التراب لا ينبغي له أن يغتر وأن يتكبر ، نعم من كان أصله من التراب عليه ألا تغيب عنه هذه الحقيقة ، وأن يضعها أمامه وهو يتحرك في الحياة ويتعامل مع الناس ،
هَلْ فِي ابْنِ آدَمَ مِثْلُ الرَّأْسِ مَكْرُمَةً --- وَهُوَ بِخَمْسٍ مِنْ الْأَقْذَارِ مَضْـرُوبُ
أَنْفٌ يَسِيلُ وَأُذْنٌ رِيحُهَا سَهِــكٌ --- وَالْعَيْنُ مُرمَصَةٌ وَالثَّغْرُ مَلْعُــوبُ
يَا ابْنَ التُّرَابِ وَمَأْكُولَ التُّرَابِ غَدًا --- أَقْصِرْ فَإِنَّك مَأْكُولٌ وَمَشْــرُوبُ
مرمصة: الرَّمَص: وسخ جامد في العين، فإن سال فهو غَمَص.
والسَّهَكُ ريح كريهة تجدها من الإنسان إذا عَرِقَ، تقول: إنه لَسَهِكُ الريح، وقد سَهِكَ سَهَكاً، وهو سَهِكٌ.
واسمع هذا الموقف النافع من مواقف السلف الصالح ، حيث يروى أن مطرف بن عبد الله بن الشخير رأى يوما المهلب بن أبي صفرة يتبختر في مشيته معجبا بنفسه ، وهو يمشي في جبة خز ، فأراد أن يعظه فقال له : يا عبد الله ، ما هذه المشية التي يبغضها الله تعالى؟ فقال له المهلب : أو ما تعرف من أنا ؟ أما أتعرفني؟ قال: بلى والله إني لأعرفك حق المعرفة ، أنت بشر ، أنت أولك نطفة مذرة ، وآخرك جيفة قذرة ، وأنت بين هذا وذاك تحمل في بطنك العذرة أي الخلاء ، قال المهلب وهو يظهر الانكسار خجلا : الآن عرفتني حق المعرفة ، ثم مضى المهلب وترك مشيته التي كان يمشيها ،
نفس الكلمة تروى عن مالك بن دينار أنه قال يوما : كيف يتيه ( أي يتكبر ) من أوله نطفة مذرة ، وآخره جيفة قذرة ، وهو فيما بين ذلك حاملٌ عذرة ،
وتروى من طريق ثالث أَن المنصور ( الخليفة ) لما دخل الكعبة رأَى رجلا قد سبقه بالدخول، وقد كان أَمر أَلا يدخل إِليها أَحد قبله من العامة ، فقال له : أَما سمعت النداءَ؟ ( أي النداء بألا يدخل أحد قبل الأمير ) فقال : بلى ! فقال: أَو ما تعرفني؟ فقال بلى ، فقال له : فكيف تجاسرت وتجرأت ؟ فقال له الرجل : وكيف لا أَتجاسر عليك؟ ! وهل أَنت في أَول أَمرك إِلا نطفة مذرة؟ وفي آخر أَمرك إِلا جيفة قذرة ، وأَنت فيما بين هذين تحمل العذرة؟! فخلى عنه ، إِذ صغرت بهذا القول عنده نفسه،
وأخذه أبو العتاهية الشاعر العربي فقال :
ما بال من أوّله نطفةٌ ** وجيفة آخره يفخر
أصبح لا يملك تقديم ما**يرجو ولا تأخير ما يحذر
وأصبح الأمر إلى غيره**في كل ما يقضى وما يقدر
وقيل أيضا :
تتيه وجسمك من نطفة ** وأنت وعاءٌ لما تعلم
وقيل :
قولوا لزوّار الكنف **والمنشئين من نطف
يا جيفاً من الجيف ** ما لكم وللصّلف
يامظهر الكبر إعجاباً بصورته ** أبصر خلاءك إنّ المين تثريب
لو فكر النّاس فيما في بطونهم ** ما استشعر الكبر شبّانٌ ولا شيب
يروى أنه قيل لنبي الله عيسى عليه السلام : طوبى لبطن حملك ، فقال : طوبى لمن علمه اللّه كتابه ، ولم يكن جباراً،
وفي الحديث : " لا يزال الرّجل يذهب بنفسه في التّيه ( أي الكبر ) حتى يكتب في الجبّارين ، فيصيبه ما أصابهم " ( رواه الترمذي ) ،. وكان يقال : " لولا ثلاثٌ سلم النّاس : شحّ مطاع ، وهوى متّبع ، وإعجاب المرء بنفسه " ،
وقال أحد السلف لرجل رآه يتكبر على عباد الله ، يا هذا كيف تتكبر وأنت من أنت ، يا من تؤذيك بقة ، وتنتك عرقة ، وتميتك شرقة ،
علام الكبر والغرور ، وعلام الظلم والجبروت ، إذا رأيت متكبرا أو متعاليا يظلم العباد ، ويجور على حقوقهم ، ويسعى في الأرض فسادا ، ويهلك الحرث والنسل ، فقل له ما قاله الرجل المؤمن لصحابه المتكبر ، أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سوالك رجلا ، نعم إخوة إلايمان قولوها لكل متكبر يتعالى على عباد الله ، ويظن نفسه من طينة خاصة ، لايرقب في مؤمن إلا ولا ذمة ، قولوها للمفسدين في الأرض ، قولوها للبلطجية ، قولوها للمخربين ، قولوها لمن يشعلون الحرائق ، ويسعون في خراب البلد وكأنها ليست بلدهم ، قولوها للذين ينشرون الفوضى في كل مكان ،
نعم ما أحوجنا اليوم أن يكون هذا شعارنا الذي نرفعه أمام كل متكبر جبار ، أن نقول له ماقاله المؤمن للمغتر بماله وعشرته : أكفرت بالذي خلقك من تراب ،
إلى كل قوي غرته قوته وفتوته وشبابه ، فراح يروع الآمنين والمستضعفين وينشر الرعب والذعر في كل مكان ، أين تذهب من القوي المتين ،
إلى كل سياسي قاده هواه ، فضل وأضل ، أين تذهب ممن لا يغفل ولا ينام ، أولم تسمع قول الله تعالى : {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ }( الجاثية : 23 ) ،
إلى كل إعلامي ينشر الأكاذيب والشائعات ، ماذا ستقول لربك غدا عندما يوقفك أمامه للعرض والحساب ، يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية ،
إلى كل كاتب ينفث سمه ليل نهار يسود صفحات أعماله بالزور والبهتان ، ستلقى كل ذلك في كتابك غدا ، وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ، ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا ، إقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا ،
كم من الناس غرته أمواله وما يملك من عقارات وسيارات وأموال فظن أنها خالدة له وغَفِل عن أمثلة عديدة ذكرها الله لنا في كتابه وعلى رأسها قارون الذي يصف لنا الكريم ثروته بقوله :{ إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآَتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ }(القصص:76).فركن إلى ماله وظن أنه خالد له فطغى وتجبر وأفسد فماذا كانت العاقبة ذهب هو وماله أخذهم قاصم الجبابرة جل في علاه وأخبرنا عن ذلك بقوله:{ فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ }(القصص:81).كم من الناس غرته قوته البدنية وصحة جسده فمضي يبطش بالناس،ويزني ويهتك الأعراض..ويفعل..ويفعل...غره ما آتاه الله من نعمته فنقول لمثل هذا: كان هناك من هو أقوى منك عاد أخبرنا الله العليم عنهم بقوله:{ فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآَيَاتِنَا يَجْحَدُونَ }(فصلت:15).فماذا فعل القوي المقتدر بهم اسمع لربك يخبرك عن ذلك بقوله:{ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآَخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنْصَرُونَ }(فصلت:16)
عباد الله :
من الدروس التي نأخذها من هذه القصة القرآنية أن الغَفْلَة عن الله مصيبة عظيمة ، وخطر داهم ، وداء عضال ، واعلموا أن من نسي الله أنساه نفسه والعياذ بالله ، وهكذا فالجزاء من جنس العمل ، قال تعالى محذرا إيانا من الغفلة عنه والإعراض عن منهجه : {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ }الحشر19 ) ، فمن غفل عن ذكر الله وألهته الدُّنْيَا عن الْعَمَل للدار الآخرة أنساه الْعَمَل لمصالح نَفْسه فلا يسعي لها بما فِيه نفعها ولا يأخذ فِي أسباب سعادتها وإصلاحها وما يكملها ، وينسي كَذَلِكَ أمراض نَفْسه وقَلْبه وآلامَه فلا يخطر بباله معالجتها ، ولا السعي فِي إِزَالَة عللها وأمراضها التي تؤل إلي الهلاك والدمار ، وهَذَا من أعظم العقوبات فأي عقوبة أعظم من عقوبة من أهمل نَفْسهُ وضيعها ونسي مصالحها وداءها ودواءها وأسباب سعادتها وفلاحها وحياتها الأبدية فِي النَّعِيم الْمُقِيم ومن تأمل هَذَا الموضع تبين لَهُ أن كثيراً من الخلق قَدْ نسوا أنفسهم وضيعوها وأضاعوا حظها وباعوها بثمن بخس بيع المغبون ، ويظهر ذَلِكَ عِنْدَ الموت ويتجلي ذَلِكَ كله يوم التغابن ? يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ إلا من أتى الله بقلب سليم ، يوم يفر المرء من أخيه ، وأمه وأبيه ، وصاحبته وبنيه ، لكل امريء منهم شأن يغنيه ،
فهل آن لنا أن نفيق من غفلتنا ، وننتبه من غفوتنا ، إن القرآن الكريم يعلمنا أيضا أن من نسي الله نسيه الله تعالى ، وهذا صنيع المنافقين أجارنا الله وإياكم من النفاق ، قال سبحانه : {الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُواْ اللّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ }( التوبة : 67 ) ، نسوا الله فلا يذكرونه, فنسيهم من رحمته, فلم يوفقهم إلى خير ،
إذا ما دعتك نفسك إلى الكبر والغرور والاستعلاء على الناس فأدبها بأدب القرآن ، وروضها بقيم الاسلام ، وأنبها إن استشعرت يوما أنها من طينة أخرى ، وأنها فوق الآخرين ، لذلك قالوا : ينبغي لمن رآي نفسه تسكن إلى الدنيا ، و تتعرض بالدناءة من الأخلاق أن يعرفها تعظيم خالقها لها فيقول : ألست التي قال فيك خالقك : " خلقتك بيدي " ، و أسجدت لك ملائكتي ، و ارتضاك للخلافة في أرضه ، و راسلك ( أي أرسل إليك رسله ) ، وكاتبك ( أي جاءتك كتبه ) واقترض منك ( يعني قوله من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا ) واشترى ( يعني قوله تعالى : ( إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة ) ، أما إذا رآها تغتر وتتكبر ، قال لها : هل أنت إلا قطرة من ماء مهين ، تقتلك شرقة ، وتؤلمك بقة ؟ ، و إن رأى تقصيرها عرفها حق الموالي على العبيد ، و أن توانت عن العمل ، حدثها بجزيل الأجر، و إن مالت إلى الهوى ، خوفها عظيم الوزر ، ثم يحذرها عاجل العقوبة الحسية ، كقوله تعالى : {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَى قُلُوبِكُم مَّنْ إِلَـهٌ غَيْرُ اللّهِ يَأْتِيكُم بِهِ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ } ( الأنعام : 46 ) ، والعقوبة المعنوية كقوله تعالى : {سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِن يَرَوْاْ كُلَّ آيَةٍ لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ الرُّشْدِ لاَ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَكَانُواْ عَنْهَا غَافِلِينَ }( الأعراف : 146 ) (2) ،
أخوة الإيمان :
مرة أخرى أذكر نفسي وإياكم حتى لا ننسى ولا نغفل ، فإن الذكرى تنفع المؤمنين ،
عليك أن تتذكر يا ابن آدم دوما تلك الحقيقة التي لا فكاك لك منها ، وهي أنك : تنتنك عرقة ، وتؤذيك بقة ، وتقتلك شرقة ، فكيف تتكبر وهذا حالك؟!
وأذكرني وإياكم بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ومن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه» [مسلم].
واسمع أخا الإيمان إلى سيد الخلق وحبيب الحق صلى الله عليه وسلم وهو يعلمنا فضيلة التواضع ، وخطورة الكبر ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسّم: " احتجّت النار والجنة فقالت هذه ( أي النار ) : يدخلني الجبارون والمتكبرون ، وقالت هذه ( الجنة ) : يدخلني الضعفاء والمساكين ، فقال الله عز وجل لهذه ( أي للنار ) : أنت عذابي أعذّب بك من أشاء ، وقال لهذه ( أي للجنة ) : أنت رحمتي أرحم بك من أشاء ، ولكلّ واحدة منكما ملؤها " ( البخاري ومسلم ) ،
إعلم أن المتكبرين توعدهم القرآن الكريم بالنار والعذاب الإليم ، وإلا فاقرأ قول الله تعالى : {وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَراً حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ }( الزمر71 ) ،
(1) - محمد الأمين الشنقيطي : " أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن " ، الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد ، الرياض ، 1983م ، ج19 ، ص 161 ،
(2) - عبد الرحمن ابن الجوزي : صيد الخاطر ، المصدر : شبكة مشكاة الإسلامية ،
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: