الناصر الرقيق - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 8394
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
لطالما ذكرت كتب التاريخ في صفحاتها قصصا لكثيرين من الذين جنت عليهم قراباتهم من الملوك و الأمراء و السلاطين و الرؤساء حيث أدت بهم إما للتصفية أو للنفي رغم عدم تورطهم في جرائم كان قد إقترفها هؤلاء المساكين بالسلطة و الأمثلة كثيرة في هذا المجال لعل أبرزها ما حصل لعائلة القيصر الروسي نيكولاي الثاني على يد البلاشفة الذين قاموا بتصفية جميع أفراد العائلة حتى الأطفال منهم رغم أنه لم يكن لهم يد فيما أتهم به القيصر الروسي.
أردت إستحضار هذه المقدمة في بداية حديثي عن الحوار الذي أدلى به السيد سليم شيبوب لقناة التونسية الذي يستنتج كل من يستمع لهذا الحوار أن الرجل لم يكن له أي مشكل مع أي كان و أنه لم يرتكب أي فعل مجرّم و أن جرمه الوحيد يتمثل في مصاهرته للرئيس السابق و قد بدا واثقا مما يقول حيث أكد أنه سيعود إلى تونس بمجرد حصوله على جواز سفره و هو لا يخشى مواجهة القضاء لأنه لم يرتكب ما يخالف القانون على حدّ زعمه و أنه لم يستفد من النظام أكثر مما إستفاد منه غيره.
و حقيقة كل هذا الكلام قد يجد ما يدعمه على أرض الواقع حيث أنه لا توجد قضايا من النوع الثقيل التي من شأنها أن تورط صهر الرئيس السابق و القضية الوحيدة التي حوكم من أجلها كانت التهمة فيها مسك سلاح دون رخصة و ربما يسقط هذا الحكم بمجرد الإعتراض عليه لأنه حكم غيابي و بالتالي ستعاد المحاكمة لكن في إعتقادي أنه ليس من مهمتي تبرئة أو إدانة السيد شيبوب لأن ذلك من مهام القضاء بل لقد سعيت لمتابعة حواره علّي أظفر بما هو جديد لكنه كان شحيحا و حذرا في تصريحاته حيث تجنب الحديث بشكل مباشر عن عديد الحقائق التي يعرفها جيدا و هذا ما يطرح أكثر من سؤال عن أسباب هذا التكتم لكن أظن أن حديثه كان يحتوي بعض الإشارات أو كما يقال الشيفرات التي من الممكن أن نفهم من خلالها بعض الحقائق.
فعند بداية الحوار تحدث السيد سليم شيبوب عن مليشيات منظمة إقتحمت بيته يوم 12 جانفي 2011 لكنه لم يفصح عن هوية الأطراف التي تقف وراءها و لا أظن أنه قصور في المعرفة بقدر ما هو تجنب للخوض في تفاصيل قد تكشف حقائق مثيرة عما جرى في تلك الفترة من تاريخ تونس و التي ربما يقع الكشف عنها مستقبلا لأن حديث صهر الرئيس المخلوع عن المليشيات المنظمة إذا ما قرنّاه بما سبق الحديث عنه في الصحف التونسية عن مجموعات منظمة كانت تنطلق من مدينة سوسة بالإضافة لمثيلاتها في العاصمة و بعض المدن الأخرى بداية من يوم 10 جانفي 2011 و كانت مهمتها الرئيسية مهاجمة مراكز الأمن و أماكن معينة ثم تنسحب لتترك المجال للمواطنين و التي تؤكد بعض المصادر أنها كانت تتحرك تحت إمرة الرجل القوي أنذاك السيد كمال لطيف الذي أكاد أجزم أن السيد شيبوب تجنب الحديث عنه و عن تبعية تلك المليشيات له ربما تجنبا لمزيد توتير الأجواء أو لحسابات معينة لأني لا أعتقد أن من قاموا بإقتحام بيت سليم شيبوب و غيرها من بيوت عائلة المخلوع للمرة الأولى مواطنين عاديين و إلا بماذا يفسر إستهداف بيوت بعينها دون غيرها و أغلب هذه البيوت أصحابها في عداء مع السيد كمال لطيف.
ثم أشار السيد سليم شيبوب في جزء أخر من حديثه إلى معطى مهم وهو أنه الوحيد من بين أصهار المخلوع من زوجته الأولى الموجود خارج الوطن و الذي تلاحقه التهم و تساءل لماذا لم يقع التعرض لباقي الأصهار من عائلة زروق و عائلة المبروك و هو ما يطرح فعلا التساؤل فإذا ما إفترضنا جدلا أن سليم شيبوب مجرم أليس من المفروض أن يكون باقي الأصهار مجرمين و أنهم يجب أن يكونوا في مواجهة القضاء لكن لم نسمع بأي منهم وجهت له أي تهمة بل أنهم يمارسون حياتهم خاصة المهنية منها بشكل طبيعي دون مشاكل و هنا أستحضر أيضا ما كشف عنه في الصحافة التونسية خلال تولي السيد الباجي قائد السبسي لرئاسة الحكومة من قيام هذه الأخير بطريقة ما بتسوية وضعية كل مروان المبروك و سليم زروق صهري المخلوع و نشرات الرائد الرسمي شاهدة على ذلك و هنا أجد نفسي مضطرا للعودة إلي ذكر التأثير القوي للسيد كمال لطيف في هذه الملفات لعدة أسباب قد يكون أهمها الإنتماء الجهوي و ما يدعم هذا الرأي أنه قرابة الــ95 % من رجال الأعمال الذين وقع تحجير السفر عليهم من طرف حكومة السيد السبسي هم من جهة صفاقس و هنا تبرز الجهوية المقيتة في أبرز تجلياتها.
هذه بعض الإشارات التي تمكنت من إلتقاطها من حديث السيد سليم شيبوب الذي أظن أنه أرسل العديد منها و هو ما يجبرنا على الغوص أكثر في تفاصيل ما حدث خلال الثورة التونسية لمعرفة المجرمين الحقيقيين و رغم أني لا أدفع ببراءة أو إتهام السيد شيبوب لكن أظن أنه لم يجرم أكثر من الذين هم موجودون الآن داخل تونس و يسرحون و يمرحون دون رقيب أو حسيب كما أظن أن رجوعه إلى تونس و مواجهة القضاء مفيد له و لتونس أفضل من بقاءه هناك و هنا ربما سأكون متخوفا من ردة فعل بعض الأطراف التي تسعى جاهدة لكي لا يتكلم أحد خصوصا من أعمدة النظام السابق أو من الفاعلين الرئيسيين فيه و ذلك لمداراة حقائق معينة لا يراد لها الظهور كما أعتقد أن السيد شيبوب و أمثاله أغلب ما فعلوه معلوم لشق كبير من الشعب التونسي لكن يبقى ما فعله رجال الظل مجهول إلى الآن و نحن نريد معرفته إن عاجلا أم آجلا.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: