ملخص بحث التأصيل الإسلامي ومستقبل تعليم الخدمة الاجتماعية في المجتمع السعودي
د. أحمد يوسف محمد بشير - مصر
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 10589
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
في إطار ما يعرف بحركة " إسلامية المعرفة " Knowledge Islamization أو " التأصيل الإسلامي للعلوم والمعرفة العلمية "، برز في العقد الأخير من القرن العشرين وأوائل القرن الحادي والعشرين إتجاه " التأصيل الإسلامي للخدمة الاجتماعية " في عالمنا العربي والإسلامي باعتباره أحد الإتجاهات العلمية الحديثة المطروحة على مائدة البحث والحوار بين المهتمين والمشتغلين بالخدمة الاجتماعية في عالمنا العرب الإسلامي، تلك الإتجاهات التي تتوخى تحقيق المزيد من الفعالية لمهنة الخدمة الاجتماعية في تعاملها مع مشكلات وقضايا واقعنا العربي المعاصر،
ولما كانت وضعية الخدمة الاجتماعية ومكانتها ودرجة فعاليتها، ونجاح دورها المهني في أي مجتمع إنما يتوقف على ما يتم إحرازه من تقدم مطرد على صعيد مكونات المنظومة المهنية للخدمة الاجتماعية بمحاورها الثلاث : التعليم والإعداد Education And Preparation، التنظير Theroization ، الممارسات العملية Practices ، مع ما بينهما من ترابط عضوي وثيق، وتأثير متبادل، فإن جوهر هذه الورقة يتعلق بقضية التأصيل الإسلامي وعلاقته بتعليم الخدمة الاجتماعية في الجامعات العربية، باعتبار أن عملية التعليم والإعداد تمثل بيت القصيد في إحداث التغيير المنشود لمهنة نعتقد أنها من أوثق المهن إتصالا بالإنسان، فنحن على قناعة تامة بأن عملية التعليم والإعداد للكوادر المهنية المتخصصة في الخدمة الاجتماعية تمثل محور الإرتكاز الذي عليه تتوقف صورة المهنة ومكانتها في المجتمع، ودرجة فعاليتها في تحقيق الأهداف التي أوكل إليها المجتمع مهمة تحقيقها من خلال الممارسة المهنية عالية الجودة في شتى مجالات وميادين الحياة الإنسانية،
وتنطلق هذه الورقة من تساؤل رئيسي مؤداه : كيف يمكن أن تنعكس جهود التأصيل الإسلامي للخدمة الاجتماعية على عملية تعليم وإعداد الأخصائيين الاجتماعيين في المجتمع السعودي ؟ وذلك في ضوء ما تحقق من إنجازات فيما يتعلق بقضية التأصيل الإسلامي للخدمة الاجتماعية خلال الفترة القريبة الماضية،
هذا ونتناول هذا الموضوع من خلال العناصر التالية :
- واقع الخدمة الاجتماعية في مجتمعاتنا العربي والإسلامية – معالم الأزمة واتجاهات التغيير، ( وتتثل هذه الإتجاهات في : التوطين – تأصيل الخدمة الاجتماعية في الدول النامية – الخدمة الاجتماعية الإسلامية – التأصيل الاسلامي للخدمة الاجتماعية )،
- التأصيل الإسلامي للخدمة الاجتماعية هل هو البديل الأنسب ؟،
- التأصيل الإسلامي ومنظومة الخدمة الاجتماعية ( التعليم والإعداد، التنظير، الممارسات )،
- التأصيل الإسلامي وتعليم الخدمة الاجتماعية في المملكة السعودية، عرض موجز لجهود جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في مجال التأصيل الإسلامي للخدمة الاجتماعية،
- التصورات المستقبلية :
ولقد خلص الباحث من مناقشته للعناصر السالفة الذكر وفي ضوء مجموعة من القضايا والاعتبارات الواقعية والمهنية، إلى طرح تصور مقترح لمسيرة تعليم الخدمة الاجتماعية في المجتمع السعودي في المستقبل في إطار حركة التأصيل الإسلامي للخدمة الاجتماعية، وذلك من خلال ثلاثة محاور أساسية تتم من خلالها عملية تعليم الخدمة الاجتماعية وهي :
- محور إختيار الطلاب للإلتحاق بمؤسسات تعليم الخدمة الاجتماعية :
ويعني تلك العملية التي تهدف إلى إختيار عناصر بشرية من نوعيات خاصة، وذات سمات وخصائص تؤهلها للتخصص في مجال المهنة، لينخرطوا بعد إعدادهم مهنيا داخل مؤسسات المجتمع لممارسة المهنة، وتؤكد الورقة على أن يكون هؤلاء الطلاب من أهل السلامة في الاعتقاد، والحياة في القلب، والاستقامة في السلوك،
محور الإعداد النظري :
- الإستعانة في تدريس المواد المهنية بالحالات الواقعية ( الميدانية ) المستمدة من الميدان، والتي تم انجازها في إطار التأصيل الإسلامي للخدمة الاجتماعية،
- توجيه الأساتذة إلى أهمية الإستفادة من البحوث العلمية النظرية والميدانية التي أجريت في إطار حركة التأصيل الإسلامي في تدريسهم للمقررات الدراسية وعدم الإقتصادر على المصادر النظرية والأجنبية فقط،
- تزويد مكتبات أقسام الخدمة الاجتماعية بكافة الكتب والمراجع والدراسات والبحوث التي صدرت في مجال التأصيل الإسلامي للعلوم الإجتماعية بوجه عام، وفي الخدمة الاجتماعية بوجه خاص، وخاصة الأعمال الكاملة لندوات ومؤتمرات التأصيل الإسلامي،
- إعادة النظر في الخطط الدراسية بحيث تنطلق من التصور الإسلامي للإنسان والكون والحياة والمجتمع،
محور التدريب الميداني :
حيث يهدف التدريب الميداني في الخدمة الاجتماعية إلى إكساب الطلاب مجموعة المعارف والخبرات والمهارات والقيم المهنية اللازمة للممارسة المهنية من خلال برنامج تطبيقي وتحت إشراف متخصص في مؤسسات مهنية،
وانتهي البحث الى التأكيد على أن مستقبل تعليم الخدمة الاجتماعية المؤصلة اسلاميا يتوقف بدرجة كبيرة على توثيق العلاقة بين المعلم والممارس في الميدان، حيث يحتاج الممارسون الى نتائج فعلية منطقية لبرامج تعليم الخدمة الاجتماعية، والمؤسسة على التصور الإسلامي ليمكنوا من خلاله من تحقيق أهدافهم المهنية وأهداف المجتمع الذي يعملون فيه، وذلك من خلال مشاركة الفريقين في تصميم البرامج التي تحقق لهم مزيدا من المعارف والمهارات، والربط بين النظرية والتطبيق في ضوء متطلبات المجتمع .
وأخيرا
فإن أية حركة إصلاح ناجحة إنما تمر بثلاث مراحل مترابطة أولها مرحلة الإنتقال من الغياب إلى الحس والشعور، وثانيها : الإنتقال من الحس إلى الوعي، وأخيرا الإنتقال من الوعي إلى التطبيق الفعلي والإنجاز الحقيق على أرض الواقع، وتأسيسا على ذلك يمكن القول – فيما يتعلق بحركة التأصيل الإسلامي للخدمة الاجتماعية – بأننا اليوم في مرحلة الوعي، وننتظر الإنتقال الحقيقي إلى مرحلة التطبيق والإنجاز الذي ينبغي أن يتأسس على مباديء التدرج والتخصص وتوزيع الأدوار لتحقيق ما نصبو إليه في المستقبل القريب بإذن الله تعالى،
د. أحمد يوسف محمد بشير
جامعة حلوان
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: