الناصر الرقيق - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 6248
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
هذه السؤال كنت قد طرحته في المقال السابق على لسان مواطني المناطق التي تعاني إنقطاعا مستمرا للماء الصالح للشراب منذ أكثر من ثلاث أسابيع و لا من مجيب رغم النداءات المتكررة بضرورة التدخل لحل هذه الأزمة التي فاقمت الوضع المزري الذي تعيشه تلك المناطق منذ زمن بعيد فرغم صبرنا على الفقر و البطالة و التهميش و غياب المشاريع التنموية ها أن دولتنا و حكومتنا تضيف لنا إنجازا جديدا و هو " العطش " و إذا سألت عن السبب يجيبونك بكل بساطة " أصبر " أما إذا ألححت في معرفة الحل لهذه المشكلة يجيبونك " دبر رأسك ".
إذن المعاناة تتفاقم يوما بعد يوم و لا أحد سمع نداء الإستغاثة الذي وججهته للمسؤولين الذين لم يكلف أي منه نفسه حتى عناء الإتصال بي و أنا صاحب النداء حتى يعرف حقيقة ما يجري و هو ما جعلني أفترض إحدى فرضيتين إما أن هؤلاء المسؤولين ملمين بحقيقة الأوضاع وهذا لا أعتقده و إلا لبادروا بحل المشكل و إما أننا كمواطنين درجة ثانية لا تعنيهم حياتنا في شيء فالمهم أنه يجب علينا نصفق لهم كلما نطقوا بقول إن أمر هذه البلاد عجيب جدا فكل الأوطان ترتقي من الأسوأ إلى الأفضل إلا عندنا في تونس الأمور معكوسة كل شيء يتراجع إلى الخلف حتى أننا بدأنا نتنازل عن أشياء مهمة في سبيل الحصول على ما هو أهم منها فقد تنازلنا منذ زمن عن حقنا في الشغل بعد أن فقدنا الأمل في سبيل الحصول على حق الحياة لكن يبدو أن للمسؤولين في بلدي رأي أخر حتى في هذا.
الحكومة ساكتة و عاجزة عن التدخل لحل هذا المشكلة التي حلت بنا أما المعارضة فهي بدورها تغط في نوم عميق و لم يبادر أي من السياسيين حاكما كان أو معارضا بالذهاب للمناطق التي تعاني إنقطاعا متواصلا للماء الصالح للشراب و معاينة الأوضاع هناك و الأثار المترتبة عليها و صدقوني حين أقول لكم أن مشاهد الناس و هو تقوم بجلب المياه من البرك الغير صالحة للشراب تجعل من يشاهدها يخال نفسه في بلد إفريقي و ليس في تونس التي تنافس على الدخول في مجموعة البلدان الأكثر نموا و المؤهلة لتصبح خلال بضع سنوات من البلدان المقدمة لكن مع هذا الوضع لا أظن أن ذلك سيحدث و لو بعد ألف سنة قادمة و ندعو الله أن لا تسوء أمورنا أكثر من ذلك و يا عالم ماذا تخبئ لنا الأقدار ربما نصحو في يوم من الأيام على إنقطاع الكهرباء إضافة لإنقطاع الماء و هكذا نعود إلى سنوات ما قبل الحضارة إنه أمر محزن للغاية.
و الأكثر إيلاما من ذلك أن أشاهد السيد وزير الفلاحة في برنامج تلفزي يناقش موضوع الهيئة العليا المستقلة للإنتخابات في حين أن الناس الذين من المفترض أن وزارته مسؤولة عن توفير الماء الصالح للشراب لهم يموتون عطشا و لا يجدون هذا الحق فبالله عليك يا سيادة الوزير هل تعلم ما يحصل في المناطق التي إنقطع عليها الماء لماذا لا تخرج في التلفزة و توضح لنا حقيقة ما يجري؟ لماذ لم تأتي لمعاينة الأوضاع الكارثية التي أصبحت تهدد حياة الناس؟ إن من لا يهتم بحياة من هم تحت مسؤوليته فلا يصلح أن يكون مسؤولا عنهم و أذكرك بقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه إذ يقول " و الله لو عثرت بغلة في العراق لسئلت عنها " هذه بغلة يا سيادة الوزير فما بالك بألاف الناس الذين سيقتلهم العطش.
و مع تواصل هذه المعاناة تكرمت علينا الشركة الوطنية لإستغلال و توزيع المياه بإصدار بيان قالت فيه أن بعض المناطق تعاني من إضطرابات في توزيع المياه في حين أن الحقيقة هي أن كثير من هذه المناطق تعاني من إنقطاع متواصل و ليس إضطراب كما أن الشركة لم توضح أسباب هذه المشكلة و أكتفت بالقول أن إنقطاع التيار الكهربائي هو السبب الرئيسي لكن أنا أؤكد أن التيار الكهربائي لم ينقطع عن منطقتي و لو لدقيقة واحدة في حين أن الماء الصالح للشراب منقطع منذ أكثر من ثلاث أسابيع و في نهاية بيانها ذكرت الشركة للوطنية لإستغلال و توزيع المياه أن هذه الإضطرابات ستتواصل خلال الأيام القادمة و هذه من المضحكات المبكيات حيث جاء التعبير مطلقا و لم تقل متى تنتهي هذه المشكلة فكلمة " الأيام القادمة " ربما قد تمتد لسنين ربما.
يبدو أن الأحزاب التي ستتقدم في الإنتخابات القادمة التي لا يعد تفصلنا عنها إلا شهورا قليلة سيكون من أبرز وعودها الإنتخابية " توفير الماء الصالح للشراب " و قد يكون أحد شعارات حملاتها الإنتخابية " صوتك يضمن لك شربة ماء " أو " صوت لمن سيسقيك " إن كل شيء أصبح ممكنا في تونس اليوم فبعد أن وعدونا في السابق بالشغل و التنمية الذين لم نر منهم شيء إلى اليوم ربما يعودون لنا لكن بأي وعود و هو لم يوفروا ما وعدوا به بل أنهم عجزوا حتى على المحافظة على ما وجدوه و مرة أخرى أكرر نفس النداء السابق لرئيس الجمهورية و رئيس الحكومة و رئيس المجلس التأسيسي أن يبادروا بالتدخل لحل هذه المشكلة.
كلمة أخيرة أوجهها لنوابنا بالمجلس التأسيسي الذين أقول لهم " خاب ظننا فيكم جميعا " و دون إستثناء فلماذا لم يدعو أي منكم لجلسة عامة طارئة تناقش هذا الوضع المزري الذي نعيشه؟ لماذا هب البعض منكم للدعوة لمناقشة مسألة تسليم البغدادي المحمودي في حين لم نسمع لكم صوتا أمام هذه الكارثة التي ألمت بنا عجيب أمركم تهتمون بكل شيء إلا بهذا الشعب المسكين الذي يعاني من أجل الحفاظ على حياته.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: