د. أحمد بشير - مصر
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 5184
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
حول مناسبة التفكير في إنجاز هذا البحث :
لعل من أطرف ما وقع لكاتب هذه السطور – وكان السبب الرئيس في قيامه بإنجاز هذا البحث – أنه وفي شهر سبتمبر من نهاية صيف عام 2000م وكان ذلك يوم الجمعة 28/9/2000م، شاءت الأقدار أن أسافر للعمل كأستاذ زائر بالجامعة الإسلامية بقطاع غزة، وما أن وصلت إلى مطار غزة، وأنهيت إجراءات الخروج من المطار، وجدت سيارة الجامعة في الانتظار وبها إثنين من الأساتذة في استقبالي، وانطلقت بنا السيارة إلى شمال قطاع غزة ( منطقة الرمال ) حيث يوجد مقر الجامعة، وكانت تلك هي المرة الأولى التي أرى فيها قطاع غزة، وفي الطريق من جنوب غزة إلى شمالها حان وقت صلاة الجمعة وأثناء الصلاة سمعت الخطيب وهو يذكر أن شارون دنس المسجد الأقصى، وبعد الصلاة علمت – ويا للعجب – باندلاع الإنتفاضة الثانية في هذا اليوم ( إنتفاضة الأقصى )، وما أن وصلنا إلى مقر الجامعة حتى علمنا أن إتحاد طلاب الجامعة أصدر قرارا بتعليق الدراسة لمدة أسبوعين، وهكذا إندلعت الإنتفاضة المباركة، وكم كانت سعادتي بالغة أن كان لي الشرف أن أشهد اللحظات الأولى لاندلاعها، والتي استمرت طول الارعة أشهر التي أمضيتها في العمل بالجامعة بين فترات عمل، وفترات انقطاع بحسب سير الأحداث، وهناك كان تفكير الباحث في موضوع هذه الدراسة، وكانت تجربة في غاية الثراء،
ولقد نشأت فكرة هذه الدراسة من خلال حلقات النقاش التي كانت تتم مع العديد من شباب وفتيات الجامعة سواء كان ذلك في قاعات الدراسة أم خارجها، وكانت هذه الدراسة ثمرة يانعة لتلك النقاشات والمحاورات،
وفي السطور التالية ملخص للدراسة
إنطلاقا من معايشة الباحث لوقائع وأحداث إنتفاضة الأقصى المباركة (1) أثناء تواجده بقطاع غزة التي اندلعت في أواخر سبتمبر 2000م، وما نجم عن إندلاعها وتصاعدها وتطوراتها من نتائج وآثار على الحياة في قطاع غزة، في مختلف المجالات، وعلى مختلف الصعد والمستويات، وإستنادا إلى إفتراض صحة توصيفها بأنها تعد - في المسار التاريخي للصراع العربي/ الصهيوني - حدثاً ذا خصوصية متميزة... ولعل من أهم جوانب هذه الخصوصية، وأكثرها بروزاً، هو استمرارية هذه الثورة (الإنتفاضة ) بزخم متصاعد، على الرغم من كثرة التحديات التي واجهتها، وضخامتها وعنفها، وعلى الرغم من الثمن الباهظ جداً الذي كلفته مواجهة هذه التحديات، جاءت فكرة هذا البحث الذي يهدف الى دراسة موقف الشباب الجامعي الفلسطيني بقطاع غزة نحو إنتفاضة الأقصى، واتجاهاتهم نحو المشاركة في العمل على مواجهة و/أو التخفبف من الآثار الاقتصادية والاجتماعية والنفسية التي نجمت عنها، في مختلف نواحي الحياة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وبخاصة في قطاع غزة، وذلك بغرض التوصل إلى بعض المؤشرات التخطيطية التي يمكن ان تعد أساسا للتخطيط لتنمية تلك الاتجاهات وتدعيمها ، وتفعيل دور الشباب الجامعي في تلك المواجهة للتخفيف من حدة تلك الآثار السلبية، وذلك سعيا نحو بلورة نماذج وأدوار أكثر فاعلية لمهنة الخدمة الاجتماعية في مواجهة تللك الأزمة، ودعم الإنتفاضة الشعبية في إطار من التعاون والتكامل والتنسيق مع غيرها من المهن والتخصصات العلمية المتنوعة من خلال خطة متكاملة لتحقيق هذا الهدف، وكان الدافع لإجراء تلك الدراسة يتمثل في :
- ما لاحظه الباحث من انخراط جموع الشباب الجامعي، بكافة فئاته العمرية والنوعية والتخصصية في فعاليات الإنتفاضة، وتساؤلاتهم المستمرة عن كيفية تفعيل مساهماتهم في تحقيق أهداف الإنتفاضة، ومواجهة آثارها السلبية على الإنسان والمجتمع،
- ما لمسه الباحث من التداعيات والآثار السلبية التي تحدث يوميا وتلحق بالافراد ( بكافة الفئات العمرية ) والجماعات والمجتمع ككل سواء كان ذلك في الجوانب الصحية، أوالنفسية، أوالاقتصادية أوالتعليمية، أو الإجتماعية ( العلاقات والأدوار الاجتماعية )،
- الحاجة الماسة لمساهمة كافة التخصصات العلمية، وبخاصة العلوم الاجتماعية ومهن المساعدة الإنسانية في الدراسة العلمية لتداعيات الإنتفاضة، ووضع الخطط والسياسات والبرامج العلمية التي تكفل التدخل للحد من تلك الأثار والتداعيات،
هذا وانطلقت الدراسة من مجموعة من الفروض التي تحاول اختبارها تمثلت فيما يلي :
1- من المتوقع وجود فروق دالة احصائيا بين الذكور والاناث في الإتجاه نحو المشاركة فيما يتعلق بالأبعاد التالية :
* العمل الجمعي والتعاوني،
* التطوع للعمل من خلال منظمات المجتمع المدني، *المشاركة الفعلية في الجهود التنفيذية
* ادراك المشكلات المترتبة على الإنتفاضة ،
* الشعور بالمسؤلية الإجتماعية،
* الإتجاه نحو المشاركة في العمليات التخطيطية
2- من المتوقع وجود علاقة إرتباطية موجبة وقوية بين مجموعة من المتغيرات الشخصية للمبحوثين، والاتجاه نحو المشاركة في مواجهة مشكلات وآثار الانتفاضة،
وتتمثل تلك المتغيرات الشخصية في :
* السن (العمر )،
* نوع التعليم (التخصص العلمي )،
* الموطن الأصلي للطالب،
* درجة النضج العلمي،
* المشاركة في الأنشطة الطلابية،
* عضوية المنظمات الأهلية،
*عضوية المجالس الطلابية،
*المشاركة في المواجاهات الميدانية مع العدو الصهيوني،
والدراسة من النوع الوصفي التحليلي، التي تقوم على تقرير خصائص مشكلة أو ظاهرة معينة، أو موقف تغلب عليه صفة التحديد، وتعتمد على جمع البيانات والحقائق من الواقع الميداني وتحليلها وتفسيرها واستخلاص دلالاتها، الأمر الذي يؤدي إلى التوصل إلى إصدار تعميمات بشأن الموقف أو الظاهرة محل الدراسة (2)
واعتمدت الدراسة استراتيجية منهجية Methodological Strategy تقوم على المنهج الوصفي باستخدام المسح الإجتماعي Social Survey بطريق العينة،
ولقد أجريت الدراسة على عينة عشوائية من طلاب كليتي الآداب، والهندسة بالجامعة الإسلامية بقطاع غزة، قوامها (400) طالبا وطالبة، واستخدم الباحث أداة " الإستبار " و " المقابلات المفتوحة " لجمع البيانات من الميدان، والتي يمكن بموجبها إختبار الفروض التي انطلقت منها الدراسة، وذلك في الفترة من 12/11 إلى 8/12/ 2000م،
هذا وأسفرت الدراسة عن مجموعة من النتائج أهمها :
- وجود اتجاهات إيجابية قوية لدى المبحوثين نحو المشاركة في التعامل مع الأزمات الناجمة عن الإنتفاضة ،
- ان هناك فروقا جوهرية ودالة احصائيا بين الذكور والإناث في الإتجاه نحو المشاركة فيما يتعلق بأبعاد : العمل الجمعي والتعاوني، والتطوع للعمل من خلال منظمات المجتمع المدني، المشاركة الفعلية في الجهود التنفيذية، بينما لا توجد أية فروق بين الجنسين فيما يتعلق بأبعاد : إدراك المشكلات، الشعور بالمسؤلية الإجتماعية، الإتجاه نحو المشاركة في العمليات التخطيطية،
- وجود علاقة إرتباطية موجبة وقوية بين متغير ( السن، ونوع التعليم، والموطن الأصلي للطالب، ودرجة النضج العلمي، المشاركة في الأنشطة الطلابية،عضوية المنظمات الأهلية، عضوية المجالس الطلابية، المشاركة في المواجهات الميدانية ) والإتجاه نحو المشاركة في مواجهة مشكلات وآثار الإنتفاضة،
وانتهي البحث إلى مجموعة من المؤشرات التخطيطية لتفعيل دور الشباب في هذا الصدد في ضوء ما أسفرت عنه الدراسة من نتائج،
====================
(1) – " انتفاضة الاقصى" : هي عبارة عن هبة وحركة جماهيرية فلسطينية شعبية بدأت في 28/9/2000م، واستمرت عدة أعوام وذلك كردة فعل جماهيرية نتيجة اقتحام زعيم الحرب الإسرائيلي " إريئيل شارون " لساحات المسجد الأقصى المقدس، وعمت الإنتفاضة جميع المدن والبلدات والقرى والمخيمات الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، ضد سياسة القمع الإسرائيلية، وطلبًا للحرية والإستقلال بدولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشريف "
(2) – راجع :
- عبد الباسط محمد حسن : " أصول البحث الاجتماعي "، الطبعة الخامسة، مكتبة وهبة، القاهرة، 1976م، ص : 195
- عبد الحليم رضا عبد العال، أحمد يوسف بشير : " تطبيقات البحث في الخدمة الاجتماعية "، عمان للخدمات العلمية، القاهرة ط2، 1999م، ص ص : 32-33
---------
د.أحمد يوسف محمد بشير
أستاذ مساعد بكلية الخدمة الاجتماعية، حلوان
------------
(*) وقع اختصار العنوان الأصلي كما وردنا وذلك لطوله، والعنوان هو:
ملخص البحث نحو مؤشرات تخطيطية لزيادة فعالية دور الشباب الجامعي الفلسطيني في مواجهة الآثار المترتبة على انتفاضة الأقصى - دراسة ميدانية على طلاب الجامعة الإسلامية بغــزة
محرر موقع بوابتي
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: