الناصر الرقيق - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 7644
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
مساكين هؤلاء الذين يعتقدون أن لديهم من القوة ما يكفي للوقوف في وجه الدولة و التغول عليها و فرض ما يرونه صالحا من أفكار و ممارسات و نمط عيش معين فمهما عظم شأن هذه المجموعات فإنها لن تستطيع بحال من الأحوال مجابهة الدولة التي لديها من الإمكانيات الردعية ما يكفي لإيقاف ما يحصل من مهازل إضافة للشعب الذي عادة ما يلتف حول مؤسسات دولته للدفاع عنها في وجه كل تهديد من شأنه أن يمس من أمنها و أمنه على حد السواء.
صحيح أن ما جرى من أحداث غاية في الخطورة لكن لازالت طلاسم ما حدث لم تفك بعد و في إعتقادي أن هذا سيأخذ بعض الوقت لكن من خلال بعض المؤشرات يمكن أن نستشف ما يريد هؤلاء من هذا الوطن و من هذا الشعب فرغم إداناتنا الواضحة و المبدئية لما تم عرضه من لوحات بفضاء العبدلية بالمرسى تضمنت إساءة واضحة للمقدسات الإسلامية و إهانتة لمشاعرنا جميعا لكن هل يبرر هذا الفعل المشين كل هذه الأعمال الإجرامية التخريبية التي طالت مؤسسسات الدولة؟
دعونا نبدأ "بتفريك الرمانة" كما يقال في أمثالنا الشعبية فبداية نضع علامة إستفهام كبرى حول هذه الأعمال الإرهابية و الجهة التي تقف وراءها فحين يتواجد السلفي المتدين و بائع الخمر في نفس الخندق و يتوجه كلاهما لحرق و نهب و تخريب مؤسسات سيادية هنا لا يمكن إلا أن نقول أن كلاهما مجرم أذنب في حق الوطن و المواطن و هما سواء أمام القانون الذي لا يميز بين الناس إلا على أساس أفعالهم.
سوف لن أتحدث على عصابات الإجرام و محترفي قطع الطرق و السلب و النهب لان ذلك متجذر في صميم ثقافتهم و ما فعلوه ليس بغريب عليهم لكن العجيب أن تأتى هذه الأفعال ممن يرون في أنفسهم هداة مهديين ( بعض غلاة السلفيين ) فأين بالله عليكم الأمر بالمعروف و النهي عن النكر فيما فعلتموه و فهل حرق محكمة أو مركز أمن أو قطع الطرق و ترويع الناس من الدين في شيء و هل نصرتم الله و رسوله بهذه الأفعال و بماذا أفدتم الأمة و دينها فيما قمتم به لقد شوهتم للأسف الشديد ديننا الحنيف و لم تتركوا أي مجال للدفاع عنكم لقد بحت حناجرنا و نحن نجد لكم الأعذار في كثيرا من الأفعال الرعناء لكن اليوم لم يعد كما الأمس و كل من أجرم يجب أن يتحمل نتيجة أفعاله.
إن هذه الأفعال الإجرامية الذي قام بجزء منها للأسف الشديد بعض من الشباب المحسوب على التيار السلفي الذين أعتقد جازما أنهم ليسوا الأغلبية في هذا التيار بل هم قلة لكن هم يريدون من جهة تزعم التيار السلفي و من جهة أخرى فرض أفكارهم بقوة اليد لا بقوة الفكرة و الحجة فكثيرا من هؤلاء الذين أعرف العديد منهم كانوا من ذوي السوابق العدلية ( باندية ) و هذا ليس تشويها بل حقيقة تقال و أيضا لتحليل أفعالهم ثم تاب الله عليهم فرجعوا إلى الصراط المستقيم و بإعتبار ثقافة العنف و عدم الحوار المتجذرة أصلا في شخصية هؤلاء فإنهم بقوا على نفس هذه الحالة حتى بعد أن تغير نمط عيشهم لذلك تراهم يبادرون إلى إستعمال القوة في فرض أراءهم بعد أن كانت هذه القوة مسخرة في السابق للإعتداء على الناس لكن تحت عناوين أخرى على عكس بعض الشباب السلفي الأخر الذي كان بعيدا عن الطريق المستقيمة لكن مع ذلك لم يكن ( باندي ) في السابق و مع رجوعه إلى جادة الصواب بقي مسالما كما في الماضي فقد أدرك انه لم يخلق للهو بل للعبادة و طلب العلم و هذا هو تماما الفرق بين الإثنين.
من أعظم المصائب التي أبتلينا بها في هذا البلد الحبيب ثلاثة الأولى كثرة الذين يدعون العلم و كلهم يقول "مني ترجع" و هو لا يحترفون إلا صب الزيت على النار فلم أقرأ في حياتي عن عالم حرض الناس على التكسير و التدمير و إلا يكونوا من الذين ينطبق عليهم قول الله تعالى في سورة البقرة الأية 11 " و إذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون" أما الثانية فهم بعض النكرات الذين يدعون الفن و الإبداع دون وجه حق و لا نر منهم إلا كل قبيح لا يرقى حتى إلى مستوى الإنحطاط فهم دون ذلك و نراهم يزايدون على شعبنا في الحرية التي أهداها لهم و لغيرهم أما الثالثة فهم بعض الساسة الذين خسروا و بدأت تنكشف عوراتهم السياسية أمام هذا الشعب فهم لا يفوتون كل حدث من شأنه الإساءة للشعب و مقدساته إلا و دعموا بالقول أو الفعل أصحاب هذه الأفعال فإن يذهب في ظنهم أنهم بفعلهم هذا سيظهرون بمظهر المدافع عن الحريات و الإبداع فإنهم واهمون لأنه ببساطة سيعاقبهم هذا الشعب كما في السابق و سيبقون خارج دائرة حساباته ثم سيردون إلى مربعهم الأول مربع الخسارة و العار الذي سيجله لهم التاريخ.
أرجوا أن يلتف جميع أبناء الشعب التونسي حول دولتهم و ووطنهم و مؤسساته و أن لا يسمحوا لبعض الأيادي الخبيثة التي تريد العبث بأمننا و أمن بلدنا أن تنجح في ذلك فأعداءنا و أعداء ثورتنا بدأت تكشفهم الأيام تباعا و هم ثلاثة أطراف الأول علمناه منذ البداية و هم أزلام النظام السابق أما الطرفان الأخران فهم متطرفو اليسار و اليمين الذين يريدون صرفنا عن معاركنا الحقيقية ضد الفقر و الجهل إلى معارك أخرى و همية و مصطنعة لن يكون الرابح منها إلا أعداء هذا الوطن و أعداء الثورة من أزلام النظام البائد المقبور لكن حتما لن نمكنهم من ذلك اليوم و لو أبادونا الواحد تلو الأخر فلنمت جميعا و لتحيا تونس و لتحيا الثورة.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: