تقويم تجربة برنامج الخدمة الاجتماعية بجامعة صنعاء(1)
د. احمد بشير - مصر
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 5721
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
تطبيقا للإتفاقية العلمية الثلاثية الموقعة بين كل من : منظمة الأمم المتحدة للطفولة ( مكتب الجمهورية اليمنية ) ، وجامعة حلوان بالقاهرة ، وجامعة صنعاء، لتأسيس برنامج الخدمة الإجتماعية بكلية الآداب، جامعة صنعاء، والتي بدأت في العام الجامعي 2001/ 2002م، حيث تم الإتفاق بين تلك الأطراف على الإستعانة بمجموعة من الخبراء في الخدمة الاجتماعية من جامعة حلوان لإنجاز تلك المهمة، وشاء الله تعالى لكاتب هذه السطور أن يكون واحدا من هؤلاء الخبراء، وانتقلت إلى جامعة صنعاء في العام الجامعي 2005/2006م ٍ، للإشراف على شعبة الخدمة الاجتماعية بقسم علم الاجتماع، جامعة صنعاء والعمل على تطويرها لتصبح قسما علميا قائما بذاته، وأمضى الكاتب أربع سنوات حيث تم تطوير الشعبة وتحويلها إلى قسم مستقل برئاسته، بدءا من العام الجامعي 2007/2008م، وفيما يلي نظرة تقويمية لتلك التجربة في محاولة منا لرصد الجوانب الإيجابية والسلبية للتجربة، واستخلاص بعض الدروس التي نحسب أنها مهمة بالنسبة لكل مهتم ومتابع لوضعية الخدمة الاجتماعية في عالمنا العربي،
أولا : مهنة الخدمة الاجتماعية والمجتمع المعاصر
- تعتبر الخدمة الاجتماعية Social Work مهنة إنسانية حديثة نسبيا بالقياس لغيرها من المهن الإنسانية Human Professions العريقة كالطب والمحاماة والتربية والإرشاد النفسي، حيث نشأت رسميا مع البدايات الأولى للقرن العشرين، وهي نشأت – شأنها في ذلك شأن كل المهن – كاستجابة لاحتياجات مجتمعية ملحة، وكنتيجة طبيعية لتطور الرعاية الإجتماعية في المجتمعات الغربية بعامة والولايات المتحدة الأمريكية بوجه خاص، ولقد نشأت المهنة – رسميا - أول ما نشأت في المجتمع الأمريكي ومنه انتقلت فيما بعد إلى كافة المجتمعات الأخرى تقريبا المتقدمة منها والنامية على السواء، وذلك لحاجة المجتمعات الإنسانية عموما إلى جهود المهنة ووظائفها ودورها الحيوي والهام مع الإنسان في شتى صور تواجده في الحياة،
- ولقد دخلت الخدمة الإجتماعية مجتمعاتنا العربية منذ العقود الأولى من القرن العشرين، وكانت أول دولة دخلتها هي جمهورية مصر العربية عام 1935م، بمساهمة الجاليات الأجنبية من ناحية، ومجموعة من الرواد الأوائل للخدمة الاجتماعية من ناحية أخرى، فتم إنشاء مدرسة الخدمة الإجتماعية Social Work School Of بالإسكندرية، وتطورت المهنة وانتشرت في ربوع مصر تعليما وممارسة، حتى بلغت كليات الخدمة الإجتماعية في مصر اليوم أربع كليات، هذا فضلا عن معاهد الخدمة الإجتماعية ( نظام الأربع سنوات )، والتي أصبح عددها يزيد عن عشرة معاهد منتشرة في معظم محافظات مصر، هذا بالإضافة إلى عدد كبير من المعاهد الخاصة ( نظام السنتين بعد الثانوية العامة )، ومن مصر إنتشرت الخدمة الإجتماعية في العديد من الدول العربية كالسعودية، ودولة قطر، والإمارات العربية المتحدة، والكويت، والبحرين، وسلطنة عمان، وسوريا ولبنان والأردن والعراق وفلسطين المحتلة وليبيا ..................وغيرها،
- وتنبثق أهمية الخدمة الإجتماعية، ومحورية دورها في المجتمعات الإنسانية المعاصرة من حقيقة هامة مفادها : أنه لا يمكن تصور مجتمع إنساني بدون معاناة أو بدون مشكلات اجتماعية متنوعة تتطلب حلولا ومواجهة، أو احتياجات إنسانية متعددة تتطلب إشباعا، والخدمة الإجتماعية كمهنة إنما هي معنية – في المقام الأول - بإعداد الكوادر المهنية والفنية المتخصصة علميا وعمليا لمساعدة غيرهم من الناس على مقابلة إحتياجاتهم وحل مشكلاتهم والوقاية منها، وتنمية قدراتهم وطاقاتهم، وتحسين نوعية حياتهم، والإستجابة لمطالب الحياة المعقدة والمتطورة والمتغيرة في المجتمع المعاصر سريع التغير، هذا وأصبحت الخدمة الاجتماعية تشتمل على مجموعة من الأنشطة والجهود المهنية للعمل مع كافة الوحدات الإنسانية، ( الأفراد والأسر والجماعات والمنظمات والمجتمعات المحلية والقومية، بل والمجتمع الدولي من خلال المنظمات الدولية )، لتعزيز أو إستعادة قدرة الإنسان على الأداء الإجتماعي Social Performance الأفضل، ولتحقيق الرعاية الإجتماعية Social Welfare ، والتنمية الاجتماعية Social Development في شتى مجالات الحياة الإنسانية المتنوعة،
- وتتسم الخدمة الاجتماعية كمهنة بدرجة عالية من المرونة بما يسمح لها بتطوير نفسها باستمرار – نظرية وممارسة تطبيقية – لتواكب كافة التطورات والتغيرات التي تطرأ على المجتمع البشري والحياة الإنسانية، وتركز الإتجاهات الحديثة لممارسة الخدمة الإجتماعية في المجتمعات المعاصرة على التفاعل المستمر بين الإنسان والبيئة بمفهومها الشامل، ( الإنسان في بيئة )، قالناس – في أي مجتمع – هم في حالة تفاعل مستمر مع البيئة Environment التي يوجدون بها، ويتم ذلك التفاعل من خلال قيام الناس بأدوارهم الاجتماعية، وممارستهم للعلاقات فيما بينهم، ذلك حتى يتم تبادل متوازن بين هذه العلاقات الاجتماعية Social Relations وبين متطلبات البيئة، ولذلك تهتم الخدمة الاجتماعية بالأنشطة والجهود والممارسات المهنية المخططة لتحسين نوعية الحياة للإنسان، ووتغيير الأوضاع الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية، وتخفيف الآلام الإنسانية والمشكلات والصعوبات الاجتماعية وذلك من خلال :
* مساعدة الناس على إطلاق كفاءاتهم وزيادة قدراتهم في التغلب على مشكلاتهم ومعاناتهم في الحياة،
* مساعدة الناس في الحصول على الموارد التي يحتاجونها،
* إقامة منظمات تستجيب لحاجات الناس المتغيرة والمتجددة والمتطورة والمتنوعة،
* تسهيل التفاعل الاجتماعي الإيجابي والبناء بين الفرد والآخرين في بيئته التي يعيش فيها،
* التاثير في التفاعلات بين مختلف المنظمات والنظم الاجتماعية القائمة في المجتمع،
( يتبع )
===========
مصادر للاستزادة حول الموضوع :
- عبد الحليم رضا عبد العال : " الخدمة الاجتماعية المعاصرة "، دار النهضة العربية، القاهرة، 1998م
- عفاف بنت إبراهيم الدباغ : " المنظور الإسلامي لممارسة الخدمة الاجتماعية "، مكتبة المؤيد، الرياض، 1994م
- Harriet M. Bartltt, " The Common Base Of Social Work Practice ", ( N.Y. : NASW, 1970) ,
أ.د / أحمد بشير
أستاذ التخطيط الاجتماعي بجامعة حلوان – القاهرة
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: