الناصر الرقيق - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 7202
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
السيدة مية الجريبي الأمينة العامة للحزب الجمهوري حاليا و الديمقراطي التقدمي سابقا أصبحت نجمة بلا منازع خصوصا بعد الثورة كيف لا و هي المرأة التي تحدت المخلوع فرغم نحالة جسمها و صغر حجمها إلا أن هذه المرأة كانت معارضة شرسة و كان تحديها يجعلنا نصطف وراءها للدفاع عن حقوق مشروعة و هنا أعترف أني كنت من المعجبين بها و بنضالها مما جعلني أحترمها كثيرا و أكن لها حبا كبيرا نظرا لما كانت تمثله لدي من صمود في وجه الديكتاتورية و أذكر أني كنت أحرص على إقتناء جريدة الموقف بحثا عن إطفاء ظمأ باحث عن الحرية لكن كل هذه المشاعر أصبحت مجرد ذكرى جميلة بعد أن سقطت الأقنعة عن الجميع عقب الثورة فأول الصدمات التي تلقيتها كانت يوم 13 جانفي 2011 و أنا أستمع لموقف الحزب الديمقراطي التقدمي الذي كانت تضطلع بأمانته العامة السيدة مية الجريبي حين دعا على لسان السيد نجيب الشابي إلى حكومة إنقاذ وطني التي لم تكن في واقع الأمر إلا محاولة لإنقاذ بن علي الأيل للسقوط ثم تلتها سلسلة أخرى من الصدمات نتيجة الأخطاء المتكررة التي يعرفها الجميع.
فكم كنت أمني النفس بأن تبقى السيدة مية الجريبي بنفس الروح و العقلية و المبادئ التي كانت تناضل من أجلها حتى لا تخسر مكانتها التي كانت تحتلها في قلوبنا فرغم إختلافي السياسي معها إلا أني تمنيت أن تظل كما عرفتها أيام الجمر لكن ما كل ما يتمناه المرء يدركه فالأمينة العامة سرعان ما أنساقت وراء مسلسل حبكت خيوطه من قبل أناس حرصوا على إستغلال صورة النضال التي تتميز بها لمحاولة إنتاج القديم و هو ربما ما أغرى السيدة مية عن قصد أو عن غير قصد فأعجبت بما رسم أمامها من طريق ظنا منها أنه الطريق الأسلم لكن لم تكن تعلم أنها تراهن على الحصان الخاسر و هو ما تبين عقب إنتخابات المجلس التأسيسي التي أرسلت رسالة واضحة أنه من يراهن على غير الشعب فسيكون مصيره الخسران المبين.
خسارة أخرى للسيدة مية الجريبي وهو أنها من حيث لا تعلم إسهلكت إعلاميا حيث أنها أصبحت دائمة الحضور في جميع المنابر الإعلامية و هذا ربما قد تراه يخدم صورتها لكن يجب أن لا تنسى أن كثير الكلام كثير الخطأ و الظهور المكثف له سلبيات عديدة كأن تصبح صورتها نمطية لا تثير لدى الرأي العام أي شيء و هذا فعلا ما سقطت فيه الأمينة العامة حيث أصبح كلامها ضربا على اليمين و اليسار فمرة ضد الإعتصام ( القصبة 3 ) و مرة مع الإعتصام ( إعتصام الملاحة و غيره ) و مرة مشاركة في حكومة محمد الغنوشي التجمعية و مرة رافضة للمشاركة في حكومة الثورة و مرة ضد إسقاط الحكومة الغير شرعية ( جكومة السبسي ) و مرة مع إسقاط الحكومة الشرعية ( الحكومة الحالية ) هذه عينة من تقلب المواقف للسيدة مية الجريبي التي أفقدتها الكثير من بريقها النضالي و الثوري فمتى تستفيق من هذا الإصرار على الذهاب إلى العدم و تثوب إلى رشدها السياسي.
أخر الزلات السياسية للسيدة الأمينة العامة دعوتها لإسقاط الحكومة المنتخبة و الدعوة لتشكيل حكومة خارج صناديق الإقتراع هذه الدعوة التي قوبلت بدهشة من قبل الجزأ الكبير من الرأي العام لأن الجميع يعلم أن السيدة مية الجريبي عبرت منذ البداية أنها و حزبها لن تشارك في حكومة تكون فيها حركة النهضة طرفا فعلى أي أساس إذن ستشكل هذه الحكومة التي دعت إليها ثم قالت أنها لو كانت و رفاقها في السلطة لكانت أمور البلاد أفضل حالا مما هي عليه الآن لكني لا أعتقد ذلك خصوصا عندما أستمع لحديث السيد محمد الحامدي عن الطريقة التي جرت بها الإنتخابات في المؤتمر التوحيدي بين الديمقراطي التقدمي و أفاق فمن لا يؤمن بالديمقراطية و لا يمارسها داخل حزبه لا يمكن أن يكون مصلحا لبلد و لشعب باحث عن التغيير.
يقول الأديب الروسي مكسيم غوركي " جئت إلى العالم لكي أحتج " و أنا أقول للسيدة مية الجريبي "جاءت الثورة لكي تحتجي " فعوض أن تستغل تلك التراكمات النضالية في مسيرتها لتقوية موقعها داخل المشهد السياسي إلا أنها أكثرت من الإحتجاج على كل شيء مما جعلها تخسر العديد من النقاط في رصيدها النضالي خصوصا و هي تعبر عن معارضتها لإقصاء أزلام النظام البائد و خوفي كل الخوف أن تجيبها الثورة عقب الإنتخابات القادمة لتقول لها أسف رصيدكم غير كافي.
ختاما أهمس في أذن السيدة مية الجريبي لأقول لها بكل حب صحيح أني أختلف معك تماما من حيث التوجه السياسي لكن أرجو أن تعودي كما كنت قبل 14 جانفي لأننا لا نريد أن نخسر إمرأة مثلك في هذه البلاد التي في حاجة لجميع أبناءها خاصة و أنه بإمكانك أن تلعبي دورا مهما لو أنك راجعت مواقفك و حاولي أن تستمعي لقواعدك التي لا أراها تشاطرك الكثير من توجهاتك فرجاء حاولي نفض الغبار الذي راكمه البعض حولك و إنفضيه عنك قبل فوات الأوان لانه مازال بعض الوقت إن أردت ذلك.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: