د- هاني ابوالفتوح - مصر / الكويت
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 5343
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
صوتك أمانة سيحاسبك الله عليها يوم القيامة، لماذا أعطيته صوتك، هكذا سألت نفسي وأنا أضع أمامي قائمة من إحدى عشر مرشحا بعد أن تنازل إثنين، وكان بعض الأصدقاء يسألني نفس السؤال صوتك لمن ؟، كلما إقترب الموعد كلما زادت حيرتي فإنتمائي الدينى يحكمني وإنتمائي لوطني يحكمني، والخيارات المتاحة تحكمني فهذه بضاعتكم ردت إليكم وهذا طرحكم منكم وفيكم والمرشحون مختلفون جميعا فمنهم ثلاثة ينتمون للتيار الديني
( مرسي – أبوالفتوح – العوا ) وإثنان من منظومة النظام السابق وعملوا فيه وتشربوا منه ( موسى – شفيق ) وأربعة ينتمون للتيار اليساري أيا كانت مسمياتهم ( حمدين – الحريري – البسطويسي – خالد علي ) وإثنان آخران ضيفا شرف لهم كل الإحترام والتقدير،
فإذا عدت للتيار الديني فمنطق الأحداث يقول أن هناك فرصة لإثنين فقط ( مرسي – أبوالفتوح ) ومن رجال النظام السابق ( موسى – شفيق ) وعن اليسار ( حمدين )،
خمسة مرشحين إذاً الله وحده يعلم من منهم سيتصدر المشهد إما مباشرة بعد يوم 25 مايو وهذا صعب جدا أو إثنان منهما سيخضعان لشوط إضافي يوم 17 من الشهر القادم،
من من هؤلاء أقنعك أنه يستحق أن يكون صانع نهضة مصر الحديثة في الجمهورية الثانية وربان السفينة بعد الثورة وقائد وطن يحتوي الجميع حتى من إختلفوا معه ؟،
وهل صوتي يمكن أن يكون ذا أهمية حتى أحرص على أن أنتخب أحد هؤلاء الخمسة فقط ؟
أم أنتخب الأفضل حتى لو لم يكن منهم وليس لديه أية فرصة ؟ كان هذا السؤال يدور في رأسي حين ذهبت لفراشي وكانت الإجابة بداخلي تقول لن أنتخب من وأنتخب من،
لن أنتخب كل من تخلت عنه الحكمة فهي هبة من الله تعالي" يؤتي الحكمة من يشاء ومن أوتي الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا" فمن من هؤلاء تعتقده حكيما يجيد تقييم الأمور وحسن التصرف فلا هو بالمتعجل ولا هو بالضعيف ولا هو صانع للأزمات ؟ وقد مررنا خلال المرحلة الإنتقالية بأزمات عديدة فمن منهم كان ينزع فتيل المعارك ليحفظ الأرواح،
لن أنتخب من كان محبا لذاته مغرورا تملأه الأنا يمجد نفسه دائما أنا وأنا وأنا وفعلت وكنت فمثل هذا لن يرى إلا نفسه وذاته لأن حلم الزعامة بداخله سيجعله طاووسا فيما بعد،
لن أنتخب من كان لا مبدأ له ومصلحته فوق كل إعتبار يتلون مع كل ألوان الطيف حرصا على نفسه فقط، يتنكر لماضيه إعتقادا أنه يصنع مستقبلا زائفا، مثل هذا النوع الإنتهازي لا خير فيه فلن يكون من حوله في المستقبل أقرب إليه ممن داس عليهم في الماضي،
لن أنتخب من ينتمي لمدرسة حكمتنا سابقا وعانينا منها أو أثبتت التجربة فشلها فهو لن يتغير قيد شعرة عما يدور في رأسه مهما حاول أن يتجمل فمن شب على شيء شاب عليه،
لن أنتخب من كان يقاد ولا يقود ويحركه غيره لا يدير نفسه ومن معه ومن ينتظر مد يد العون والمساعدة له في كل كبيرة وصغيرة ومن كانت له مرجعية يعود لها قبل أن يتحرك قيد خطوة لأن الولاء سيظل دائما سيفا مسلطا عليه وحين تختلف الرؤى لن يرى غيرهم،
لن أنتخب من تشرب من منظومة الفساد في حكم أسقطناه وكان فيها، فلا هو إستقال منها ليرفع عن نفسه عار الإنتماء لها أو هو ممن عارضها فكسب نفسه ودينه والمجتمع بأسره،
لن أنتخب من أكل الدهر عليه و شرب وشاب فترهقه أعباء الحكم وهو من يحتاج للرعاية والمساعدة فكيف سيساعد أمة بأسرها أثقلها الزمان بهمومه وآلامه وأحكامه،
عاودني السؤال وأنا في حلمي ومنامي، سأنتخب من إذاً طالما كل هذه الشروط تحكمني ؟
سأنتخب الأبي الحر الذي لا يخشى في الله لومة لائم ولا ينافق هذا ويماري هذا ويتملق هذا ويمجد اليوم في هذا وربما بالأمس كان يدعو عليه دبر كل صلاة وحين إحتاج صوته باع المبدأ وضاعت القيم فالمهم هي اللحظة وهي الصوت في الصندوق،
سأنتخب من عرف عنه الورع والتقوى والدين والضمير الحي ومخافة الله في السر والعلن،
سأنتخب العادل المتواضع الذي لا كبر فيه فإذا أخطأ إعترف وتاب وأناب لله وإذا وضع الناس أمام عينيه تساووا في الحقوق والواجبات فلا يميل بهوى ولا يحيد في جهالة،
سأنتخب القوي الأمين طاهر اليد عف اللسان فلا هو سريع الغضب ولا سريع الخطأ لا يملك عليه لسانه فلو أتته السلطة لم تكن سيفا في يده ينبهر بها ويظل عبدا لها،
سأنتخب القوي الصادق الذي لم نعهد عليه كذبا الذي إذا قال فعل وإذا وعد أوفى،
سأنتخب العالِم المطلع المثقف الفاهم الحريص ومن كان ذو خبرة فالجهل آفة وإدعاء العلم
والمعرفة جهالة وعدم الخبرة علما أو دراسة أو ممارسة تحتاج للوقت والتدريب،
سأنتخب الواقعي الذي لا يصنع الأحلام بالكلمات والبرامج فإذا تمكن من الحكم نزل إلى أرض الواقع وقال هذا ما لدي لكم وتلك بضاعتكم وحالكم وورثته عن من جاء قبلي،
إستيقظت من حلمي على إجاباتي ووجدتنى أفكر فيها مليا فلم أجد من الخمسة أسماء واحدا قد تنطبق عليه تمنياتي لأمنحه صوتي وأؤدي الأمانة، وربما ذهب صوتي لواحد فقط من خارجها لكن لا أمل ولا حظوة له لأنه لم يجيد التخطيط لذاته ولم يحسن عرض ما لديه،
بل أكثر من ذلك ربما فكرت ألا أذهب للإنتخابات كلية ولكن بعد أن راجعت نفسي مليا قلت كيف أحرم نفسي من هذه الفرصة وتلك الفرحة أنك لازلت حيا وأن صوتك له قيمة وأنك تصنع مستقبل وطنك مع غيرك وأنه مهما كان الإختيار فهي أول مرة بعد عقود طويلة تشعر أنك حر وأنك تحيا وأن صوتك مع غيرك هو من يختار بالفعل لا أن يفرض عليك الإختيار، وجميع من ترشح مهما كانت أخطاؤهم وسلبياتهم ففى النهاية هم مصريون قرروا أن يتصدوا لهذا المنصب مهما كانت تبعاته ومسؤولياتهم ومهما كانت مطامعهم وأهدافهم فهم جميعا بشر خطاؤون فلنترك التجربة تحكم عليهم فربما غيرت فيهم ليرتفعوا معها،
ها هو العرس الديمقراطي يبدأ لابد إذاً أن نشارك فيه جميعا لنصنع مستقبلنا بأيدينا أيا كانت إنتماءاتنا فمصر تستحق منا أن نحرص عليها لذا قررت أن أكون إيجابيا وأشارك وأن أحيا مع غيري وأن أدعو الجميع للمشاركة ولا نحرم أنفسنا فرصة لم يحرمنا منها القدر ولا ندري أعمارنا وأقدرانا لننتظر هل تأتينا فرصة أخرى وفرحة أخرى أم لا،
المهم أن أختار بضمير وأضع مصر فقط أمام عيني وان أتجرد من كل إنتماء غير إنتمائي لله تعالى ثم وطني، ودعوت ربي أن يغفر لي لو لم أحسن إختياري وأن ييسر لغيري حسن الإختيار والتدبر لنرضى بما قسمه الله لنا وما إرتضى أن يوليه علينا، لا أن تكون نتائج الإنتخابات ساحة لأحقاد ونزاع وتهديد ووعيد بحروب ومعارك جديدة تزهق فيها أرواح بريئة من أجل دنيا زائلة لا تساوي عند الله جناح بعوضة .
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: