د- هاني ابوالفتوح - مصر / الكويت
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 5034
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
نعم الصبر جميل ونعم إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب و لكن ايضا للصبر حدود , فللوطن صبر على الشعوب ولأبناء الأوطان صبر على حكامهم , وهناك صبر بين أبناء الوطن وبعضهم البعض ,
وهناك صبر على المآسي والمحن والابتلاءات , صبر على الفقر وضيق العيش , وكما أن هناك رضا وهناك قناعة, هناك أيضا ضجر وإحباط ويأس وقنوط , وبين كل هذا تتولد المشاعر والتفاعلات المتناقضة فتأتي الأفعال وردودها ,
ولا اتمنى أبدا أن ينفذ الصبر منا أو كما يقال فلم يعد في قوس الصبر منزع , فالوطن المثخن بصراعات حكم أشعلت الساحة بصوت البارود و سيل الدماء وحصد الأرواح وتعطيل المصالح و التأثير على اقتصاد وطن تفرغ أبناؤه للحرب والاقتتال وتناسوا العمل والإنتاج ,
نعم لكل فرد منا مطالب اختلفت فيما بيننا إلا المطالب الثابتة و هي حق للجميع , كحق الحرية وحق العيش في أمن وأمان وحق الاطمئنان للمستقبل وحق العمل كل هذا وأكثر هو أقل حقوق الحياة الواجب أن يجدها الشعب من حكامه شريطة أن يتعاون أبناء الوطن الواحد لتحقيق هذا المطلب بدلا من أن يظل حلما أبديا ,
ولا حرية بلا مسؤولية ولا تنمية بدون أمن وأمان ولا إنتاج بلا هدوء نفس وسكينة وراحة بال وعجبا لشعب يطالب بكل هذا وأكثر , ثم يخرج قطاع من أبنائه كثروا أم قلوا عددا وعدة ليعلنوا حب الوطن وصدق الانتماء له ثم يشعلون النار في الهشيم ويريدونها فتنة لا تنتهي ,
وأخطر الفتن هي ما جاءت باسم الدين لتدغدغ المشاعر وتتلاعب بوجدان الأمم وتستهدف أبنائها بكل أطيافهم وأعمارهم ,
وفتنة اليوم التي تطل برأسها هي فتنة قسمة الوطن نصفين فيما بين الإخوان وجماعتهم وحزبهم ومن والاهم ومن أسموا أنفسهم التيار الإسلامي وكأن الإسلام وحبه والزود عنه قد نزع من قلوب مخالفيهم وقد رأوا في أنفسهم قطاع عريض من هذا الشعب يستحق وحده الحياة لما لا وقد ساقت اليهم الأقدار لحظات حية من التاريخ فما حافظوا عليها وما صانوها وما تعلموا من حكم الله في عباده وحكم التاريخ في حكامه وقادته ,
وهكذا أراد الله تعالى فينا ولا راد لمشيئته وقدره فيمن لم يحفظ النعمة ويتعلم من خطأ غيره , فالدنيا كالهشيم تأكل فينا فمن احترمها احترمته ومن أساء وتجنى ضحكت عليه وقالت له ما أسرع الدنيا وأهونها على بارئها ,
أكتب اليوم بقلم الحزن والضيق فلا زال الوطن يعاني ولا يجد طريقا لأن يتعافى ولا يجد يدا تمتد وعقول تبصر لنصنع المستقبل كما نحب ونتمنى ,
نعم مرة أخرى للصبر حدود ....
صبر الوطن على دعوات المظاهرات والفتن وإشعال النار ودغدغة المشاعر بلا تعلم من تجارب سابقة أو إخفاقات وأخطاء متتالية ,
صبر الشعب على بعضه البعض وحقه في أن يعيش بلا منغصات وحقه في الحياة الكاملة بعد ثورتين متتاليتين في ثلاث سنوات فقط خرج فيهما الملايين في الشوارع ولابد لخروجهم من حصاد ,
صبر الشعب على حكومات تصدت للعمل العام وتحمل المسؤولية ووجب عليها أن ترد بأفعال لا شعارات وأقوال وأن يكون هناك نتائج ملموسة لا مجرد أرقام مدروسة بدءا من إنهاء حالة تدني الخدمات وجشع التجار ونار الأسعار وتوفير الاحتياجات اللازمة لحياة كريمة
صبر الوطن على أمنه المفقود ولابد له أن يعود ليفرش الأرض والوجود ويمهدها لحياة اعتادها وقدر قدره الله تعالى فيها في وطن قال عنه رب العرش والسماوات ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين ,
صبر على كل ضياع الفكر وانهيار الثقافة بين وسائل الإعلام المرئية والمقروءة والمسموعة التي تحولت لأبواق فتن ومعاول هدم وسكب الزيت على النار بدلا من إخمادها ونشر روح الحب والتسامح والود
صبر على توقف الحاضر وانعدام المستقبل وإهانة الماضي ونزع كل جميل عنه وكأنه خرج لنا زرعا شيطانيا ما صنعناه يوما بأيدينا وحصدناه بحلوه ومره
صبر على كل الطبائع البالية والقيم المتدنية من انهيار الأخلاق وعدم الإحساس بالمسؤولية وضياع الحس القومي في حرمة المال العام والمحافظة عليه لكل الأجيال بدلا من هذا السلوك الفظ بدءا من انتشار الضوضاء والتلوث في كل مكان والسباق الأعمى في تشويه الجدران والتخلف في كتابة الآراء والشعارات مرورا بعدم احترام الآخر وإهدار حريته وحقه أيضا في الحياة فنشرنا الإهمال في كل مكان وعشنا وسط القمامة ولم نجد لها حلا وكأنها خرجت للدنيا رغما عنا ونزعنا قيم الفضيلة فرأينا التعدي على بعضنا البعض من الخطف للسلب والنهب وعدم صيانة الأعراض وفهم الحقوق والواجبات,
قائمة الصبر علينا لا حد و لا نهاية لها وأكبر صبر هو صبر الخالق جل في علاه على ما يراه منا ونفعله بأنفسنا وأوطاننا ,
فاللهم اهدنا صبرا جميلا واهدنا صراطا مستقيما واهدنا لخير نصنع فيه وطن نحبه ويحبنا و نحفظه ويحفظنا واهد لنا قادة نستحقهم ويستحقوننا ولا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا , وكن لنا ولا تكن علينا واكتب لنا طريقا للنجاة وبابا للحياة نحفظ فيه الوطن حيا في قلوبنا و يقينا في صدورنا واحفظ أمتنا من كل الفتن ومن كل من أراد بها سوءا الى يوم الدين .
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: