د- هاني ابوالفتوح - مصر / الكويت
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 5182
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
جميعنا يدعي حب الوطن و الكل يكتب في حبه و يتغنى بأغانيه و لياليه و كل يحبه على طريقته الخاصة فهناك من يحب في الوطن كرسي الحكم وهناك من يحب في الوطن التجارة بالحب و هناك من يتاجر بتأييد السلطة و هناك من يتاجر بالمعارضة و كله يا وطن في حبك يهون , وصلتني رسالة صديق على صفحتي بالفيس بوك عن حب الوطن وضرورة المشاركة فيه بإيجابية بعد إعتراضي على فيديو منشور للمناضل العمدة و المناضل نبيه الوحش وهما في وصلة ردح و سب علني بالأب و الكلب و على كل لون على قناة الحافظ اللهم احفظنا ,
بعد أن صنفني جزاه الله خيرا أني من النخبة رضي الله عنهم و طالبني بان أكون من نخبة المعارضة الإيجابية التي تبني وليست المفلسة التي تبكي ليل نهار و رددت عليه مرحبا بكل نصيحة ورأي فلا خير فيمن لا يقبل نصيحة محب يراها ترمي لصالح الوطن وليس مجرد صالح فرد أو جماعة , الفكرة ذاتها طيبة وضرورية ليس لشخصي لكن للجميع و لربما التبس عليه أمر أني من المعارضة لمجرد معارضة الجالسين على عرش السلطة طمعا في مقاعدهم أو استكثارها عليهم لأنه في جميع الاوطان لابد أن يكون هناك نظام حكم و نظام معارض لفكره الايديولوجي إذا آمنا بمبدأ صراع الأحزاب والتحزب و لابد من تداول للسلطة بإيجابية وفقا لآلية اختيار حر لصندوق يعرف بالفعل الديمقراطية الصحيحة ويتفق فيها الجميع على الثوابت الأساسية لمصالح عليا لوطن ويختلفون فقط في آلية إدارة البلاد ,
هناك الكثيرين من النخب الإسلامية المعارضين للسلطة الحاكمة الان كالدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح و حزبه مصر القوية هو خارج من رحم الإخوان وحزبه لديه رؤيتة وفكره فهل هناك من يستمع إليه او يقبل بمجرد النقاش معه وهناك أيضا الداعية الاستاذ عمرو خالد وحزب مصر له كوادر أخذت باعا في خدمة الناس والعمل وسط الجماهير فهل من الممكن لمثقف واع من الجماعة أن ينضم له و يشارك معه طالما اقتنع بدور النخب و أهمية مشاركتها في الحياة , العيب ليس في وجود نخب معارضة إيجابية أو نخب حكم سلبية بل المعيب أصلا هو وجود فكر متسلط يحب نفسه قبل كل شيء ويحرص على الدنيا ومقاعدها وعرشها وسلطانها كمن يترك رسالة دينية دعوية وسطيه رائعة في سبيل التلاعب بعقول المنتمين له انتماءا أعمى بلا روية ولا مجرد تفكير في قيمة الرسالة الأساسية التى نشأت منذ سنين طوال ,
هذا الفكر السياسي هو المسيطر على المجموعة الحاكمة الآن وهي لا تقبل رأيا حتى ممن كانوا معها عقودا طويلة واختلفوا في الفكر والرؤية فخرج عنها أمثال الدكتور الهلباوي والدكتور ابوالفتوح و حبيب والخرباوي وغيرهم كثيرون , رغم انهم نهلوا جميعا من وعاء واحد فلما لا يستمعون لبعضهم البعض أليس من خرجوا أيضا نخباً ,
إن الخلاف الفكري هو الأساس لا الخلاف العقائدي ولا حب الوطن ولا الدور الواجب او الرسالة المطلوبة منا جميعا , الفريق الحاكم الآن لا يتسع صدره لنقد رغم أن من صلب الدين أن أعظم الجهاد هو كلمة حق تقال عند سلطان جائر , فالكلمة أمانة ورسالة ودور رقيبها هو مخافة الله والصدق مع النفس والحرص على الأهم وهو الوطن قبل الحرص على النفس والروح , والكاتب مرآة أمة و ضمير وطن إن نصح لله و أحب في الله و أبغض في الله , ولكل دوره ورسالته في الحياة لذا ربما أختلف مع من يجلس في الحكم في موقف ما اليوم لأني أرى استبداده فيه فلا أداهنه ولا أماريه وأعلن رأيي صراحة فيه و كذلك ربما أتفق مع موقف آخر له غدا فأؤيده وأدعمه ولقد كتبت خلال عام ونصف كم هائل من مقالات وأشعار ودعوات مستمرة للعمل و النهوض بالوطن و الحرص على مصير أمة لا الحرص على فرد , بل أكثر من ذلك بعد أن فاز الدكتور مرسي بالرئاسة توسمنا أن يجعل الله الخير على يديه وطالبنا بضرورة منحه الفرصة حتى يتحسس موضع قدمه في كرسي الحكم ويحصل على حقه كاملا , لكن لو نظرنا بحيادية مطلقة وتخلينا بعض الشيء عن التأييد المطلق له و الدفاع عن كل فعل أو رأي وكأن مجلس الحكم لا يأتيه الباطل من بين يديه و يحكم بوحي السماء , هل كل ما تم فعله في ستة شهور هو لبناء وطن أم توريث وطن وبناء جماعة و تدعيم أركانها في كل مكان ,
أين كانت دعاوي العمل والإنتاج و نصائح الجماعة للمعارضة قبل الثورة , ألم تكن مؤيدة لكل من علا صوته وارتفع بالقدح والذم في نظام مبارك البائد والخروج عليه , هل كان يرضيها أداء النخب المعارضة حينذاك و تتمنى على النخب المعارضة للحكم الآن أن تنحو نحوهم ,
أين الرسائل ايضا لنخب الجماعة الحاكمة كخيرت الشاطر و حسن مالك وغيرهم ممن أنعم الله عليهم بمليارات من المال ماذا فعلوا بها لصالح الوطن والناس والعامة وقد جمعوا المال من تجارتهم و بيعهم و شرائهم حتى في وجود نظام الحكم البائد ولم تسقط الثروات عليهم من السماء او ورثوها كابرا عن كابر فأين مشاريع الوطن و مساكن الفقراء و مدارس التعليم والمستشفيات المجانية من اموالهم وتجارتهم , أليسوا نخبا أيضا لديهم دور و رسالة واجبة بما من الله عليهم و جعل الحكم بين أيديهم بدلا من أن يسيروا في الأرض والحراس حولهم من كل صوب وحدب ,
ليس الأمر هو دور أو رسالة فرد أو نخبة أو معارضة لكنه عدم الرغبة في وجود أي دور أو رسالة لكل من لديه الجرأة أن يكتب كلمة يعارض فيها موقفا لأشخاص عشقهم آخرون على استعداد أن يموتوا دونهم ولا يرون فيهم عيبا أبدا كأنهم ملائكة الزمان وليسوا بشرا خطائين , هذه آفة كل أمة و جريمة الجرائم لأنها تصنع الفراعنة و تؤصل للإستبداد الفكري و حب السيطرة و الإستحواذ , من يضجر بمن يعارض لن يستمع لغيره ومن يحب السلطة ويحرص عليها لن يحب الوطن أكثر منها ولن يفعل له قدر ما يفعل لنفسه هذا هو العيب وعين الغباء و من فقد اليوم مؤيدا سيفقد غدا محبا وكم من كثيرين معتدلين كانوا بالأمس مؤيدين و داعمين باتوا اليوم إما على حياد كارهين أو معارضين فالعيب فيمن لم يستطع أن يجمع الشتات وفرق المؤيد قبل المحب ,
هي اختلاف سياسات ورؤى لا اختلاف على حب وطن نتناصح فيه كيف نبنيه وننميه سواءا كنا أفراداً عامة أو نخب معروفه يشار لها بالبنان ولا يتقاعس أحد فينا عن واجب لوطن لو كان فيه ذرة حب صادق , العيب ليس في دور نخب ولا أداء معارضة أو حكم بل العيب في إصلاح نفوس و ضمائر ماتت و قلوب عشقت فعمت فما رأت إلا ما تحب و ترضى و صمت الآذان فلن تسمع و لن ترى إلا ما تريد و تبقى مصر في النهاية لها الله ويبقى فقراؤها المعدمين لا يجدون قوت يومهم ويوجد فقط من يتغذي على دمائهم و يتلاعب بعقول البسطاء منهم ويحرص على أصوات العامة والفقراء حرصه على الحياة وفي سبيل ذلك يضحي بالغال والنفيس حتى لو كانت قيمه و مبادؤه ,
لست من هؤلاء النخب ولا إلى هؤلاء أتمنى الإنتماء ولا أحب أن أكون ممن يعتقد فيهم انهم النخب التي تمتص دم الوطن و أحب أن أكون من عامة الشعب الطيب المحب لوطنه الحالم بمستقبل أفضل ليس تقاعسا عن دور وطني واجب ولا انحرافا بفكر فلست من عاشقي المناصب ولا الدنيا ولكن تعودت أن أكون حرا في رأيي فلا أتركه لغيري يتلاعب به كيف يشاء ولا أكون وسط الناس إمعة يسير في الركاب بلا عقل و لا هوية ولقد سألت نفسي من النخبة حقا ومن نخبها هل هي من تحمي حمى الوطن و تسهر عليه في حدوده و شوارعه وميادينه ومستشفياته لننام نحن آمنين مطمئنين أم هي التي لم نشرف أن نكون منها و قد ضحت بأرواحها لينال الوطن حريته و يخرج من يغتسل بدمائهم ليجلس على كرسي الحكم لا يدري من أمره شيئا هانئا مطمئنا أنه حقق مجمل الآمال و منتهى الأحلام ,
أم أن النخبة بعد لازالوا هؤلاء الشرفاء الأوفياء لهذا الوطن من لم يستفيدوا منه و لم يتاجروا بإسمه و مناصبة ولا زالو يتغنون ويحلمون بعيش حرية عدالة إجتماعية , نعم هو وطنهم ولن يكون يوما وطن النخبة المؤيدة لتستفيد أو تعارض فقط لتستفيد و ما كان الوطن يوما و طن الجماعة فقط و لن يكون .
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: