د- هاني ابوالفتوح - مصر / الكويت
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 5863
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
بداية من الإسلام هو الحل و انتهاءاً بنحمل الخير لمصر ومعا نبني مصر مرورا بالنهضة إرادة شعب , كانت الشعارات المدوية التي أطلقتها الجماعة لجذب القلوب والأفئدة لشعب طيب أكلت الأمية والجهل والفقر والمرض أكثر من نصفه و ما تبقى منه بين من تنقصه الثقافة وبين من تخدعه الشعارات وبين من تجذبه المظاهر البادية على بعض الوجوه , ومثلي كالكثيرين ممن يعشقون الانتماء الإسلامي كفكر ويعشقون وسطيته وعدله فيغلب عليه محبته تلك لما سواها وتطغى المحبة على العقل أحيانا فينجذب تلقائيا لكل ما كان ظاهره إسلاميا دون تدقيق واجب للبحث أولا عن الجوهر قبل المظهر وصدق من قال أن الدين أفيون الشعوب ,
وهكذا لعب قادة جماعة الإخوان ومفكروها ومنظروها على هذا الوتر جيدا وتغلغلوا بحنكة ودهاء بين الجموع المختلفة مثقفين وأميين رجالا ونساء شبابا وكبار حتى الأطفال فكانت الآلة الدعائية في انتخابات الرئاسة واستغلال كافة القنوات الفضائية ومقدمي البرامج وادعاء الثورية واللعب على فزاعة الفلول وعودة النظام السابق لترهيب كل من كان مترددا بين عدم التصويت او معارضة فكر الإخوان وهكذا بين غفلة العقول والرهبة من الفلول وبدعوى النهضة إرادة شعب جاء مرشح الجماعة فاتحا مبشرا ونصيرا ولم يسلم هو نفسه من فتنة الشعارات دون فهم الحقائق والواقع فكانت فرية المائة يوم وخديعة ال200 مليار وشعارات القصاص وعالقدس رايحين شهداء بالملايين وهكذا شربنا جميعا شئنا أم أبينا الكأس حتى الثمالة والآن نتجرع مر الحقيقة بعد عام مضى فأين الحصاد أو تباشيره او إشراقاته وأين طريق النهضة وإرادتها التي تلاعبت بعقول الناس وأفئدتهم فلا هم نهضوا ولا هم حصدوا ,
الحقيقة المرة أن البرنامج الرئاسي الخادع لم يكن له صلة بأي واقع ولم يكن إلا سطورا في كتاب خداع استمر و سيستمر حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا فالعبارات الإنشائية والكلمات الرنانة بداية من نظام الحكم وادعاء الشورى و إنتهاءاً بمحاربة الغلاء والفقر و الحديث عن الدولة العصرية التي تعمل على احترام أحكام القضاء وضرورة تنفيذها وعزل من يخرج عليها وغيرها من كلمات هي أبعد ما تكون عن واقع السنة الأولى فلا نتائج ولا حصاد دون احترام فكر واضح بناء يرتبط بالواقع ولا أمل في تغيير دون بذل جهد وعناء حقيقي ودون استفادة فعلية بكافة الكفاءات في وطن واحد ينتمي إليه الجميع ,
الخديعة الكبرى لم تكن إلا الاستيلاء على السلطة وفقط وبسط النفوذ على جميع السلطات تنفيذية وتشريعية وقضائية دون الاهتمام بمعاناة الشعب الحقيقية ودون خوض في أسباب اندلاع الثورة ومتطلباتها الفعلية والبدء في تحقيقها في خطوات واضحة ملموسة ومنذ البداية لم تكن هناك أي محاولة لرأب الصدع في قلب الوطن وجداره بين جميع طوائفه وابنائه ومختلف فئاته حتى بين أبناء التيار الإسلامي بعضهم البعض حتى رأينا الاستقالات المتتالية من مساعدي الرئيس ومستشاريه وراينا الخلاف مع حزب النور ورأينا استعلاء من أبناء الجماعة وقادتها ومن ينتمي اليها على الجميع وكأن مصر ميراثهم الحقيقي وهكذا زادت الفجوات وانقسم الوطن وتباعدت اوصاله فهنا على غيرنا وباتت الدماء المصرية أهون مما نتخيل وباتت كرامة الوطن على المحك وأصبح الأمن القومي مطاردا و ها هي أزمة المياه ألقت بظلالها في ثوب سد النهضة وما يليه من سدود فلم يعد للوطن درع وسيف يحميه وصوت يصونه ويصد عنه ,
حصاد سنة أولى نهضة مر بمرارة العلقم أشاح بوجهه الكالح بالمصائب والابتلاءات واحدة تلو الأخرى بدءا من حصد أرواح الجنود في رفح وأرواح الأطفال على القضبان وحصد أرواح الثوار والنشطاء على عتبات قصر الاتحادية وعادت مرة أخرى آلة الأمن لسابق عهدها في كبت الحريات والتعدي على الحقوق ومرورا بأزمات لم تنتهي من نقص للكهرباء والسولار والبنزين ورغيف العيش وغلاء لم يسبق له مثيل وانهيار لقيمة الجنيه المصري والعيش على القروض و التهليل والفرح بالاستدانة من قطر وليبيا وتركيا والسعودية وصندوق النقد الدولي ,
ولا أدري لما كل هذا الاستعلاء والكبر والمكابرة وادعاء المعرفة التامة ببواطن الأمور وموضع الجراح حتى وصل بنا الحال اليوم للاقتتال بين تمرد من عانى وتجرد من استفاد وصار انتظار الأيام القادمة أشبه بطبول الحرب التي تقرع كل يوم وصولا ليوم الثلاثين من يونيو الذي أدعو الله تعالى أن يلطف بمصر فيه فليست الليلة كالبارحة ولا من بالقصر كسابقة الذي آثر السلامة والبعد بعد أن تخلى عنه الجيش ,
أخشى أن نكون امام بحر من الدماء فالعنف في النفوس لا نهاية له والغل المتقد يشتعل في الصدور والعقل في أجازه والحكمة ضائعة والقيادة هشة طائشة والقلوب مشتتة والوطن ينزف اللهم الطف بمصر فيما تبقى من هذا الشهر وسلمنا فيه من شرور أنفسنا ولا نقول الا ما يرضيك ربنا فاللهم سلم سلم وإنا لله وإنا إليه راجعون .
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: