د- هاني ابوالفتوح - مصر / الكويت
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 5102
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
الخلاف في الرأي سنة من سنن الحياة في الكون حتى في وجود الأنبياء بين الخلق جميعا فلم نجد البشر أجمعوا على رسالة سماوية في حياة الرسل أنفسهم ,
والخلاف أنواع فمنه خلاف الشقاق والعناد والكبر كالخلاف القائم حاليا في مصر حول وثيقة الدستور و الإستفتاء عليها , والخلاف الغائب عنا المطلوب حاليا هو خلاف الرحمة خلاف الإتفاق على الأصول والإختلاف في كيفية الوصول لهدف واحد هو الحفاظ على وطن ,
فلابد أن نتفق جميعا أن مصر وطن الجميع وأنها ليست حكرا على جماعة أو طائفة وأن هناك فرق شاسع بين حق النظام الحاكم كسلطة تنفيذيه في الطريقة التي يدير بها الدولة وفقا لبرنامجه المعلن ويتحمل المسؤولية بموجب إنتخابه بإرادة شعبية لمدة زمنية محددة وبين حقه المطلق في وضع نظام دائم للدولة بكل ما فيها من مؤيد ومعارض بموجب إنتخابه ,
لأن هذا الحق لا يعطي أبدا لنظام حاكم في فترة إنتقالية بعد ثورة ناصعة قام بها جموع وأطياف الشعب المختلفة ولم يقم بها هذا النظام وحده ليستخدمه في إرساء قواعد ثابتة دائمة ليبسط يده على كل مفاصل الدولة وكأن الشعب قام بثورته ليبدل نظام حكم شمولي مستبد جسم على قلب الشعب عقود طويلة ليأتي بنظام حكم آخر شمولي ولكن في ثوب جديد وهذه هي الخطيئة الكبرى لأن من لم يتعلم من أخطاء الماضي لن يستفيد في بناء المستقبل ,
المشهد الحالي يقول أن مصر في مفترق طرق بها أغلبية حاكمة تسير في طريق الإستبداد السياسي لا تقتنع إلا برأيها ولا تناقش الآخر ولا تحتويه بل الأخطر من ذلك أنها تدعم سريعا صناعة فرعون آخر في كرسي الحكم بتأييد كل قرار دون مناقشة والضغط على كافة الفئات المعارضة فلا تترك لها منفذا للقاء أو إلتقاء بل تتجاهلها و تنزع عنها ثوب الوطنية والشرف وتتهمها بالخيانة والعمالة وتنقص من قدرها وقدراتها ,
كما أن المعارضة نفسها مستبدة بآرائها ولا تريد أن تصل لنقطة إلتقاء كأن التصعيد الدائم المستمر هو الحل إعتمادا على محاولة تكرار تجربة خلع النظام السابق بينما الظروف تختلف كليا عما سبق ولا يجب المقارنة بين النظام السابق و الحالي وإن تشابهت الأساليب ,
لم ينظر أيا من الطرفين لمصلحة عليا لوطن ولا لحقوق مواطن بسيط و لو عرض عليهما صراحة لإستقل كل منهما بقطعة من الوطن المتنازع عليه حسبما تستطيع يده أن تصل إليه بعيدا عن الشعارات الرنانة بالحرص على الوطن و مصالحه العليا ,
للأسف في وسط هذا الصراع لم أجد بعد صوتا عاقلا واحدا يمد يده لوطن غال يستحق أن نحرص على وحدته بكل أطيافه فلم يأت هذا الصوت من مؤسسة الرئاسة المسؤولة أمام الله عن كل أبناء الوطن الواحد معارضيه قبل مؤيديه لأن رأس النظام الحاكم يجمع حوله قائمة لا تنتهي من مستشارين يزينون كل فعل ولا ينصحون لله قبل الوطن و للشعب قبل الجماعة وكل تفكيرهم ينصب في الصراع والحرب مع طوائف متعددة من الشعب وسلطاته المختلفة بدأوها بالإعلام ثم إنقضوا على القضاء والمعارضة وللأسف لم أجد تصريحا واحدا متزنا يؤلف ولا ينفر ولا وجها واحدا تسعد بحديثه بل أن المتحدث الرسمي للرئاسة بات مقرر يومي نعاني منه أكثر مما كنا نعاني من الوريث مع إختلاف الأدوار ,
كما لم يأت هذا الصوت من الجماعة الحاكمة فلم نسمع صوتا واحدا متزنا معتدلا فيها وهي الأغلبية الحاكمة التي لم تصدق في كل أحاديث المشاركة لا المغالبة و كل الإتفاقيات التي تمت للحصول على النتائج وهي تعلم كل العلم أنها بمفردها لا يمكن أن تصل لمقعد الحكم الوثير , و المعارضة بكافة أطيافها لم يخرج منها صوت واحد متزن يمد يده بل هي إنتهازية الإستفادة من أخطاء قصر الرئاسة و من حوله ,
حتى رجال الدين كانوا وقودا للفتنة وإشعال الحرائق سواءا المتشدد منهم بطبعه أو المعروف عنه الإعتدال فلما إحتاج الوطن لإعتداله وعدله تناسى كل ذلك أمام الرغبة في المداهنة والملاءمة والمواءمة رغم محاولات يائسة بائسة مشكورة وضرورية من مؤسسة الأزهر الشريف , و الشعب ذاته لا يوجد لديه الصبر ليحصد النتائج وبات منقسما بين مؤيد على طول الخط ومخالف خائف على خط آخر ,
هكذا تضيع مصر لغياب العقل والحكمة وهي تئن وتنادي الجميع يا أيها الحريصون على مصالحكم قبل الوطن إتقوا الله قبل أن أضيع بين أيديكم وخلافاتكم بالله عليكم أليس فيكم رجل رشيد ؟ .
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: