د- هاني ابوالفتوح - مصر / الكويت
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 5508
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
في مثل هذه الأيام من أوائل شهر رمضان المبارك كانت مصر تعيش حالة متباينة فعامة الشعب منقسم بين مستسلم لواقع مر من احتلال العدو الصهيوني لأرض سيناء الغالية وفئة أخرى لا ثقة لديها نهائيا في إمكانية رد العدوان والإستعداد للحرب لإعادة الهيبة والكرامة ,
وفريق حالم ينتظر تلك اللحظة لكنه لا يعلم متى هي , و هناك اهالي سيناء جميعا من يعيشون تحت الاحتلال وفيهم من تأقلم واعتاد الحياة ومنهم من ينتظر لحظة الخلاص ,
وبين هؤلاء جميعا كان هناك على الجانب الآخر فريق متباين أيضا بين قادة العزة والشموخ من علموا بساعة الصفر ويتأهبون للغد وأحلامه وقلوبهم معلقة برب العرش أن ينصرهم ويرد كيد أعدائهم وبين ظباط وجنود استعدوا وينتظرون تلك اللحظة الحاسمة فمنهم من يتعجلها حتى لو افتدى وطنه بروحه ومنهم من أصابه بعض اليأس من طول الإنتظار لست سنوات رآها عار لا يمحوه إلا الثأر ,
وفي تلك الليلة الحاسمة التاسع من رمضان كان هناك رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه تسللوا في جنح الظلام ليعبروا مياه القناة الى الجانب الآخر ليسدوا فتحات النابلم التي انشأها العدو ليحيل مياه القناة الى لهيب من الجحيم لو حاول رجال مصر البواسل أن يعبروها وكان نجاحهم الفذ إيذانا بأن الله معنا ,
وسط كل هذه التباينات كان هناك قادة آمنوا بربهم حملوا أرواحهم على أكفهم والوطن في قلوبهم و عقولهم وقد اجتهدوا وأعدوا العدة واستعدوا وما بقي لهم إلا توفيق الله ومدده , ولا أدري كيف مرت عليهم تلك الليلة وهم يعلمون أنهم خلال ساعات فقط إما أن يكتبوا تاريخا جديدا يعيد الحياة لأمة عربية كاملة عاشت الذل و قاست نار الهزيمة وإما ان يكتبوا وفاة أمة بأسرها ولا تقوم لها قائمة لسنوات لا يعلم مداها إلا الله ,
كان شعار الله أكبر هو شعار المعركة وهو صيحة النصر و باب الفجر الذي اختارته قيادة رشيدة استعانت بالله و زادها الصوم عزما واليقين بالله أملا فكان النصر المبهر هو نتيجة جهدهم وعنائهم وكانت دماء الشهداء وأرواحهم الذكية التي روت أرض سيناء الطاهرة هي باب النصر والشموخ للأمة بأسرها لتستعيد عزها وكرامتها وقامتها بين الأمم وتمحو عار الذل والهزيمة لتلحق الخزي والعار بالعدو الصهيوني ,
من خاضوا هذه الحرب نيابة عن أمة بأسرها كان إسمهم الغالي رجال القوات المسلحة المصرية البواسل من قادة وضباط وجنود بمختلف أفرع القوات هؤلاء الرجال منهم من لقى وجه ربه راضيا مرضيا ومنهم من لا زال على قيد الحياة فمنهم من نسيناه ونسينا تاريخا صنع أمة ومنهم من نذكره بالكاد ونحن نعيش على شرف تضحياته وعرقه ,
واليوم بعد أربعين عاما من من تاريخ الشرف والعزة تعاقبت أجيال عدة منها من لا زال يذكر تلك الأيام بالفخر والسعادة وأجيال نست تماما ما سطره التاريخ وأجيال أخرى ربما لم تسمع شيئا عن هذه اللحظات الخالدة وربما لم تمنح نفسها مجرد شرف القراءة عنها ,
وفريق آخر من بين أبناء نفس الوطن هانت عليهم تلك اللحظات الخالدة في حياة الأمة فبدلوا الإحترام والتقدير والحب الواجب لهؤلاء الرجال الى كراهية مطلقة و حقد دفين وحرب لا هوادة فيها فبدلوا اسم القوات المسلحة الخالدة الى اسم العسكر و لم يكتفوا بكراهيتهم فبثوها في نفوس أجيال أخرى تسير خلفهم ولا تعرف غاياتهم ولم تسألهم يوما أين تضحياتهم لهذا الوطن وماذا فعلوا له وهل ساهموا ولو بلبنة واحدة في رفعته ,
اليوم نرى الوطن منقسما بين فريق يحتفل تحت عنوان ذكرى العبور وهو يرفع صور قادة القوات المسلحة حاليا ويفرح بهم ويذكر لهم ماضيهم الملىء بالعزة والفخر وفريق آخر يعاديهم ويصب عليهم جم غضبه ولعناته مدعيا انه يتمسك بالدين ويدافع عنه وعن الشريعة والأعجب أنه يحشد الحشود ويدعو للنفير تحت عنوان العبور الثاني فأي صلة بينه وبين العبور الخالد و ما ساهم فيه ولو بكلمة طيبة و ما قدم للوطن شيئا يفخر به ,
عجبا لهؤلاء من يتمنوا سقوط عمود الوطن وعماده قواتنا المسلحة الأبيه في عيدها الأربعين ويتمنى كسرها في يوم عبورها الأول مدعيا مطالبته بعبور ثان وما أشبهم اليوم بفعل نفر آخر كان يلبس نفس الثياب ويدعي حب الوطن والدين فقتل قائد هذا العبور في نفس يوم عبوره وفخره بين قادته وجنوده ,
إنما هي لحظات من عمر الزمان سيذكرها التاريخ لكل فريق ولن ينساها الشعب فاللهم احفظ مصر بمن أراد الخير لها ولكل أبنائها واحفظ قواتنا المسلحة المظفرة لتحمي الوطن بأرواحها ونعيش بتضحياتها آمنين مطمئنين لنبني الوطن ونحفظ جبهته الداخلية ونعبر الى أيام أفضل و فجر أشرق بلا تحكم في بعضنا البعض وبلا سفك لأرواح أبنائه ولا هدما لجيشه العظيم التي قال فيها رب العرش إدخلوا مصر إن شاء الله آمنين وقال في جنودها رسوله الكريم أنهم خير أجناد الأرض .
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: