د- هاني ابوالفتوح - مصر / الكويت
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 5993
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
قد تتفق رؤيتنا للأحداث وقد نختلف ومن الصعوبة بمكان أن يكون هناك إجماع تام على أمر ما، لكن هناك دائما حداً أدنى نستطيع أن نفكر فيه معا بصوت عال وربما إلتقينا أكثر وربما أيضا زادت هوة الخلاف، لكن كما يقال دائماً الخلاف في الرأي لايفسد للود قضية، وطالما أن القضية تتعلق بوطن لنا جميعا كل الحق فيه والحقوق متساوية، لذا فهناك ضرورة لوجود حد أدنى من الرؤية التي يجب أن نلتقي عندها فالحقائق لايمكن تزييفها والوقائع الثابتة أيضا لا يختلف عليها إثنان، ومع تطور الأحداث وصاعقة إستاد الموت في بورسعيد ومايحدث حاليا من حصار لمبنى وزارة الداخلية وفتنة كانت نائمة باتت مشتعلة قائمة من الممكن أن تحصد الأخضر واليابس فينا،
تعالوا نرصد معا بعض النقاط الهامة بواقعية ولا نهرب من الحقيقة :
1- هناك قصور أمني واضح جدا جدا سواء كان هذا بمؤامرة أو غير، ونحن والإعلام الفاسد أول من أضعف وأراد أن يهين ويكسر شوكة جميع أجهزة الشرطة انتقاما لفساد وعنف قيادات الشرطة السابقة، وكانت إهانة أي عسكري في الشارع لفترة ما بعد الثورة متعة لدى البعض منا، هذا القصور أضاع هيبة جهاز بأكمله أمام الجميع وأمام البلطجية، ومن الواضح أن هناك خلل كامل في قدرات هذا الجهاز تجهيزيا ونفسيا وقيادة وأفراد، نعلم جميعا أن جهاز الشرطة كأي جهاز فيه فاسدون لأخمص أقدامهم وفيه أيضا شرفاء أحرار ضحوا بأرواحهم ويعشقون الوطن أكثر منا ونحن لم نفرق بين هذا وذاك فلا نحن شجعنا الصالح منهم ولا غاب عنا شهوة الانتقام والخلط بين الجميع ووضعهم كلهم في خانة الخيانة سواء بسواء
2 - أداء المجلس العسكري ضعيف ومهزوز منذ البداية ويخضع للضغوط والإبتزاز وهو أشبه بلاعب الملاكمة الذي وجد نفسه فجأة في الحلبة ولم يتدرب ولا يجيد فن اللعب، ولو كان حر قراره ويعين ويرشح بالكفاءة والخبرة ما وافق على أن يفرض عليه الميدان ومن فيه رئاسة الدكتور عصام شرف للحكومة ولم يكن هو الأفضل ولا رجل المرحلة ،
كما أن المجلس لم يحسن التصرف في كثير من الأمور وبدا تردده في إتخاذ القرار أحيانا ولم يبد حزما تجاه أمور أخرى عطلت إقتصاد الوطن وقيدت حركته، وكذلك وضع نفسه موضع المشكوك فيه أحيانا أخرى، فلم يستطع التصرف بحكمة الكبير في إحتواء الصغير في كثير من الأمور، يجتهد وفقا لما لديه من خبرات لكنه لا يستطيع أن يجمع الشتات، فضلا عن تعيين جميع قياداته خلال نظام الحكم السابق فجعل هناك ربط دائم بينهم وبين وجود مصالح مشتركة وضعته دائما موضع الشبهات، لذا فهو يقع حاليا بين فكي الرحى بالخوف من ترك الحكم فورا سواءا استجابة للضغوط الواضحة أو زهقا من الإستمرار في الحكم وبين الخوف من المصير بعد تسليم الحكم والرغبة في ألا يلقى مصير سابقة خاصة والمرحلة تتسم بمنتهى الضبابية وضياع الحكمة،
3 – هناك مطامع ثابتة في مصر وهناك تدخلات أجنبية فعلية ودعم لجهات معينة وتشجيع لأشخاص محددين أيا كانت الدوافع ولكنها جميعا لا تسلم من الشك والريبة ولا تبرأ من سوء الظن في وسيلة تدخلها ودعمها وأهدافها، هذه المطامع لا تقتصر فقط على مصر الثورة بل هي واقع حقيقي قائم منذ فترة طويلة ولا يمكن تجاهلها ويرتبط بخطط معدة مسبقا لتفتيت وحدة الشعب الواحد بشتى الطرق وتلعب تارة على وتر الطائفية وتارة على إستمرا صراع بين السلطة بكافة مؤسساتها وأطياف من الشعب لكسر هيبة الدولة وتفتيتها وربما نتائج التحقيق الجاري حاليا عن هذه القضية قد تظهر الكثير من الحقائق الخافية عنا،
4 – الشعب ليس جميعه المدينة الفاضلة ولا شعب الملائكة ففينا من هم أسوأ البشر وفينا من يخون الوطن وفينا من باعوا الوطن وباعوا ضمائرهم وفينا الفاسدون وفينا البلطجية ممن لا قلب لديهم ولا رحمة في صدورهم، ليسوا منا ولا ننتمي لهم لكن هؤلاء جميعا مصريون، فمن في طره مصري و من يسمى بالفلول مصري ومن قتل الشباب في الإستاد أمس أيضا مصري ومن حرق المجمع العلمي مصري ومن يحرق اليوم مصري ومن قد يحرقنا غدا أيضا مصري، ونظرية المؤامرة قائمة ومفتوحة على مصراعيها طالما أن قضايا مثل الفلول والثورة المضادة وقضايا نظام الحكم السابق لم تحسم بعد،
5 – الثقة المفقودة بيننا جميعا وغياب القدوة وغياب الكبير فالصوت العالي الآن هو سلاح الجميع فمصر حاليا فيها 85 مليون حكيم و85 مليون زعيم، ولا يقبل ولا يتقبل أن يفرض عليه رأي ولايناقش ولا يستمع للآخر ولا يحرص حتى على القراءة ورؤية الأحداث بل لا يحرص على التلاقي للوصول إلى نقطة منتصف الطريق، والحقيقة الأخرى الهامة رغم أن كثيرين منا فيهم خير إلا أن غالبية عظمى من الشعب تفتقد ثقافات وسلوكيات كثيرة يجب أن تنمى في أي شعب متحضر كما اننا نكتسب أيضا الكثير من العادات السيئة التي باتت صفة ملاصقة لنا، بعض الأمثلة منها غياب مفهمونا للديموقراطية وحرية الرأي والتعبير ومفهومنا لحرمة المال العام ومفهومنا للواسطة وانتشارها ومفهومنا للصوت العالي في الشارع وكيفية الوقوف في صف منظم بل و حتى عدم احترام الطريق والحرص على النظافة
6 – هناك انفصام كامل بين الأجيال ولا يوجد تواصل ولا فهم وكأننا إكتشفنا فجأة أن هناك جيل للشباب له فكره وأساليبه وإهتماماته ولكن هذا الجيل لم يعد يهتم بمن هو أكبر سنا أو خبرة بل ينظر له أنه يجب أن يترك الساحة الآن فليس هو رجل الساعة وإنتهى دوره، ولا سيطرة ولا سطوة لأحد علي هذا الجيل فقراره من رأسه حتى لو كان لايزال يحصل على معيشته وقوت يومه من تعب وعرق الجيل الأكبر منه،
7 – الممارسة الديمقراطية والتجربة الوليدة هي مجرد بداية لطريق طويل يجب أن ينزرع في النفوس وتكون ثقافة وفكر شعب لأن يعي أهمية المشاركة وأهمية الإختيار ولا يبيع صوته بمال ولا يتم تزوير إرادته بتقديم خدمات لأن الإختيار أمانة ومتى فهمنا ذلك لا يمكن أن ننخدع ونتحمل نتائج إختياراتنا ونحترم معنى كلمة أغلبية،
8 – في الصراع على كرسي الحكم لا يوجد حتى الحظة مترشح واحد عليه إجماع واضح من الجميع أو مايسمى بالرئيس التوافقي من واقع فعلي لما يمكن أن يكون لديه من قدرات أو خبرات أو فهم لخطورة الدور والمرحلة وجميعها مجرد رغبات ترشيح، ولازال الرئيس الحلم لم يظهر بعد خاصة بعد نتائج إنتخابات مجلس الشعب وسيطرة الصوت الإسلامي، لذا أصبحت حالة الترقب والتحفز قائمة بين الخوف من وصول هذا الوجه أيضا لسدة الحكم أو وصول وجوه سابقة تواجدت على الساحة وارتبطت بنظام الحكم السابق، أما دعوة إنهاء حكم العسكر ومدنية الدولة فهي كلمة حق واجبه لكن آلية تنفيذها فورا كلمة باطله فحتى الآن لم يتفق عليها أحد كيف تتم ولمن،
9 – لدينا إعلام في مجمله وغالبه يستفيد ولا يفيد إعلام ضار لا يستطيع أن يفرق بين أمانة الرسالة في أن يشجع على البناء لا أن يهيج المشاعر ولا يفرق بين الإعلام الواجب لتقديم المعرفة والمعلومة وبين إعلام الفساد الذي همه الأكبر هو تغطية النفقات وتحقيق الأرباح فيدين بالولاء للمادة قبل الوطن،
10 – البعض يستخدم أسلحة غير شريفة بالمرة وتتنافى مع كل خلق ودين ليحقق أهدافه أيا كانت مال أو شهرة أو منصب و غيرها، فالكثيرون منا ورثوا دم الشهداء وتاجروا بهم والشهداء منهم براء وإتخذوا من شعار الثورة وأعلامها سقفا يأوون إليه ويتاجرون به فهم صورة أخرى لما كان من نفاق قبل الثورة، كلٌ يفسد الحياة العامة
- هذه الأرض الخصبة للصراع التي نتحرك عليها الآن كانت الواقع المؤلم الذي حصد أرواح الشباب بالأمس وسيستمر مالم ننتبه ونفكر بوعي وحرص بدلا من أن نستمر في رغبات الإنتقام وعدم نزع فتيل الأحقاد في النفوس،
الواجب علينا أن نتساءل معا لو إستمر هذا الحال مصر إلى أين ؟
من السهل أن نحلل موقفا ما، ولكن الأهم على الإطلاق الآن هو أن نقول ما الحل و ماذا تحتاج مصر حاليا وما هي خريطة الطريق . ( هذا هو موضوع المقال القادم )
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: