د. أحمد إبراهيم خضر - مصر
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 5744
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
1- "الأناركية" أو "الفوضوية"، أحدث حلقات صلات المسلمين بالغرب، وهى صلات تميزت عن الصلات الأخرى التى تمت من قبل - كما يقول الدكتور "محمد محمد حسين" - بطابع معين، يرجع إلى ظروف هذا الاتصال التى تغاير كل ما سبقها من ظروف وملابسات. كان اتصال الإسلام بغيره من الحضارات والثقافات دائما اتصال الغالب بالمغلوب، أو اتصال الند بالند، أما اتصاله بالغرب فى هذه الفترة الأخيرة، فقد كان اتصال المغلوب بالغالب. والمغلوب "مولع أبدا بالاقتداء بالغالب فى شعاره، وزيه، وبخلقه، وسائر أحواله وعوائده " كما يقول ابن خلدون " ونضيف إليها، مولع به حتى فى تدمير دينه وعقيدته ونفسه، وكيانه، ونظامه، ومؤسساته، كما يبدو ذلك بوضوح فيما ظهرعلى السطح اليوم ويسمى بالأناركية.
2- يقول أحد اليساريين فى مقالة له بعنوان : دور الأناركيين فى الثورة المصرية وإعادة إنتاج فشلهم التاريخى ": ".....الوجه الثالث الذى شكل مفاجأة سارة لى هو استمرار اكتشافى عبر الخمس شهور الماضية لأعداد متزايدة من الأناركيين فى مصر، لم اتعرف عليهم من قبل، مبعثرين عبر محافظاتها المختلفة، ومنتمين لاتجاهاتها المتنوعة، يعملون فى شكل جماعات صغيرة أو كأفراد، هم دائما فى فعاليات الثورة و تنظيماتها المختلفة، كمجرد أفراد مشاركين، ولكنهم غير متمايزين عن باقى من فى الحشود، و هم غالبا ما لا يعلنون عن أنفسهم، ولا يفصحون عن انتمائهم الفكرى والسياسى على نحو صريح، ليست لهم مطبوعات ورقية، أو رموز معلنة غير أن مجموعة صغيرة منهم رفعت العلم الأناركى فى عيد العمال بميدان التحرير، ذلك لأن الأناركيين فى الممارسة عالميا ينقسمون إلى اتجاهين : منهم من يفضلون العمل الدعائى فى مجموعات منظمة، تشكل اتحادات محلية واقليمية وعالمية فيما بينها، ومنهم من يفضلون التأثير الفردى عن طريق الانخراط فى الأعمال الاحتجاجية أو المنظمات الاجتماعية كالنقابات العمالية والمهنية واللجان الشعبية والتعاونيات وغيرها، أى ملاحين غير مرئيين للسفينة الثورية. وهناك من الأناركيين فى مصر من ينتمون إلى جيل أكبر سنا، من ذوى الانتماءات الماركسية الفكرية والحزبية القديمة ، بعضهم يفصح عن تحوله الفكرى، والبعض الآخر لا يفصح عن انتمائه، فضلا عن القريبين من الأناركية فكريا وعمليا والمتأثرين بها من اليسار الراديكالى. غير أن هناك جيلا أصغر غالبا ما يكون فى العشرينات من عمره، لم يتكون فى منظمات ما، ولم يتبن أيديولوجيات سابقة، عبر عمليات تجنيد وتثقيف أيديولوجى، ولكنهم ونظرا لإجادتهم كل من الإنجليزية والتعامل مع الانترنت، تأثروا بتلك الرؤية للعالم، وهؤلاء تتكاثر مدوناتهم و تتنوع صفحاتهم على الفيس بوك، وأحد أكثر صفحاتهم شهرة هى الأناركية المصرية التى بلغ اصدقاءها ما يقرب من 400.............
تجد فى كل هؤلاء تنوعات بتنوعات من يطلقون على أنفسهم أناركيين فى العالم، فهناك قلة ينتمون لما يسمى باليمين الأناركى وهم رأسماليون ليبراليون متطرفون لا أكثر،وهناك طبعا الفرديون، وهناك من يتخذون الأناركية كنوع من الموضة التى تبرر تمردهم الفردى وتحللهم الاجتماعى لا أكثر، وهناك من لايعنيهم التغيير الثورى للعالم بقدر ما يعنيهم تحرير أنفسهم والمجموعات الصغيرة التى ينتمون إليها داخل المجتمع القائم......"
3- الأناركيون أو الفوضويون هم جماعة من الناس يؤمنون بالأناركية أو الفوضوية كفكر سياسى واجتماعى يتمحور حول الآتى :
أ- رفض أى شكل من أشكال السلطة السياسية.
ب- تشجيع الفوضى والاضطراب السياسى.
ت- رفض أى مبادئ من شأنها أن تعمل على تماسك الناس مثل المعايير أو الأهداف المشتركة
4- تعرف " الأناركية أو الفوضوية " على أنها : فكر يقوم على تحرر العقل البشرى من سيادة الدين، وتحرير الجسد من هيمنة التملك، والتحرر من قيود وأصفاد الحكومة، وهى نظام يضمن لكل كائن بشرى من أن يدنو من الأرض ويستمتع استمتاعا كاملا بكل ضروريات الحياة حسب أهواء ورغبات وميول الناس .
5- جاء فى تعريف ثالث للأناركية أنها : " حالة مجتمع يعيش فى فوضى اجتماعية وسياسية وفكرية وأخلاقية، وارتباك واضطراب حيث لا حكومة ولا قانون ".
6- وجاء فى تعريف رابع للأناركية أو الفوضوية أنها هى حالة تغيب فيها سلطة الحكومة فتكون الدولة بلا قانون ويسود فيها الاضطراب السياسى، ويكون هناك مجتمع طوباوى يستمتع فيه الأفراد بكل أشكال الحرية نتيجة لغياب أى نظام أوسلطة تنظم أمور الدولة.
7- تعرف الموسوعة البريطانية فى عام 1910 الأناركية أو الفوضوية بأنها مبدأ أو نظام أو طريقة حياة يكون فيها المجتمع بلا حكومة، ويعيش الناس فى حالة من التناغم لا يعود إلى الخضوع لسلطة القانون، ولكن بالاتفاق الحر الذى يتم التوصل إليه بين الجماعات المختلفة.
8- وجاء فى تعريف أخير للأناركية أو الفوضوية أنها : " أية علاقة اجتماعية لا تقوم على الهيمنة أو التبعية، حيث يغيب الترتيب الاجتماعى بين الناس، ولا يستطيع أحد أن يفرض إرادته على الآخر لا بالقوة ولا بالتهديد بالعقاب. وتعنى أيضا "دولة بلا حاكم وبلا حكومة "..
9- يعتبر " وليام جودوين" أول منظر لأفكار الأناركية واول من كتب فى أفكارها. ولد "جودوين " فى عام 1756فى "ويزبك" عاصمة "شمال كامبردشاير"، وتزوج من إحدى رائدات الحركة النسوية وهى "مارى وولستونكرافت" وله ابنة تدعى "مارى شيللر" التى ألفت رواية "فرانكشتاين". ألف "جودوين" كتابه عن العدالة السياسية فى عام 1793وهو أول مؤلف يحوى الأفكار الرئيسة فى الأناركية. وجاء بعده "بيير جوزيف برودون" وهو الرائد القائد للأناركية فى العالم، وهو الذى أذاع المصطلح عالميا، ليشير إلى رفض الدولة ورفض تملك الأراضى، والتملك عامة، وكل أشكال السيطرة والرقابة.
10- انتشرت الحركات الفوضوية عبر العالم، فى أوربا، وروسيا، والصين، واليابان، وكوريا، والفيليبين، واستراليا، والولايات المتحدة. وكان أبرز نشاط الحركة الأناركية والفوضوية فى باريس. وتردد صداها اليوم فى الحركات التى انتشرت فى البرازيل، وأسبانيا، وتركيا، واليونان، وإيطاليا، وفى أجزاء أخرى من العالم، وفى أجزاء من أفريقيا، وأخيرا فى مصر.
11- والأناركيون من حيث غايتهم النهائية "متطرفون " يسعون إلى تغيير النظام العالمي "التقليدي" جذريا ً وتحقيق إنقلاب تاريخي وجذري في الحياة الإنسانية لإقامة مجتمعات بلا سلطات مركزية ولا حكومات،.. وأما من حيث أسلوبهم في التطبيق وفي منهح الوصول إلى هدفهم الإستراتيجي وهو التخلص من الدولة والحكومة والسلطة والمجتمع التقليدي وإقامة المجتمع الفوضوي اللاسلطوي "الأناركي"المنظم الجديد (الحر السعيد) ينقسمون إلى فريقين : فريق يناهض العنف.. وفريق ثوري يؤمن بالعنف الثوري كطريق لهدم المجتمع التقليدي وتعريضه لهزات عنيفة تؤدي إلى إنهياره بالكامل .
12- وعن موقف الأناركيين من "الدين" فإن معظمهم معاد للدين ولكنهم يختلفون من حيث شدة هذا العداء، فمن كان منهم يعتنق الفكر الشيوعي يعتبر أن "الدين" مؤسسة سلطوية رجعية متخلفة جاءت كنتاج للفكر السلطوي والرأسمالي والخرافي غير العلمي.. لذا فهم يحلمون بوجود مجتمع إنساني خال من لوثات وتسلطات الدين حسب إعتقادهم. وهناك بعضهم ليس ضد وجود الدين من حيث المبدأ، ولكنهم يرون ضرورة إصلاح الديانات لتلائم الحياة الأناركية الإشتراكية اللاسلطوية الجديدة أي تنقية الأديان من التعاليم السلطوية والرأسمالية والعدوانية.
هذه هى خلاصة الفكر الأناركى : لا سلطة..لا حكومة...لا حاكم...لا دين...لا مجتمع بالمعانى التى تعارفت عليها البشرية عبر تاريخها الطويل، انما هى فوضى وارتباك واضطراب. لا تشعر وأنت تتعامل معها إلا وكأنك تتعامل مع مخطط الماسونية ونظرية الفوضى الخلاقة بصورة أو بأخرى تحت شعار " الهدم طريق للبناء ".
""""""""
المصادر :
1- انظر بموقع بوابتى،أحمد إبراهيم خضر، الإسلام بين الماسونية ونظرية الفوضى الخلاقة، الماسونية والدين، قراءة فى فتاوى الأزهر والمجمع الفقهى والللجنة الدائمة.
2- محمد محمد حسين، الإسلام والحضارة الغربية، دار الرسالة، الرياض، 1993 ص 8
3- سامح سعيد عبود، دور الأناركيين فى الثورة المصرية وإعادة إنتاج فشلهم التاريخى، موقع الحوار المتمدن،
www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=259098
4- ماهى الأناركية
www.abrrar.net/vb/showthread.php?p=790935
5-
Disillusions of Anarchy: The Common Perception of Anarchy in Modern Day Society.
dwardmac.pitzer.edu/dward/classes/anarchy/.../flores/anarchy.html
6-انظر تعريفات الأناركية فى :
anarchy - definition of anarchy by the Free Online Dictionary...
www.thefreedictionary.com/anarchy
The Emma Goldman Papers Curriculum: Definition of Anarchism
sunsite.berkeley.edu/goldman/Curricula.../definition.h.
Defining Anarchism By Jason Justice
www.lucyparsonsproject.org/anarchism/defininganarchism.html
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: