أسباب انسحاب الأحزاب الإسلامية من التحالف الديمقراطي
مجدي داود - مصر
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 5404 Mdaoud_88@hotmail.com
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
كان خروج حزب النور من التحالف الديمقراطي مبكرا، ولم يثر ضجة بسبب انسحابه حينها، كما أن انسحاب حزب الوسط جاء اعتراضا على توقيع الأحزاب على وثيقة المجلس العسكري، إلا أن انسحاب الأحزاب الإسلامية الأخرى من التحالف مثل العمل والأصالة وحزب الجماعة الإسلامية أثار ضجة، حيث وجهوا انتقادات حادة للتحالف، الذي يمثل حزب الحرية والعدالة التابع لجماعة الإخوان المسلمين القوة الكبرى فيه، وقد انسحب حزب الوفد منه أيضا، وقرر النزول بقائمة منفردة.
حزب العمل انسحب من التحالف اعتراضا على النسب المطروحة من قبل التحالف، حيث رأى الحزب أنها لا تتناسب مع قيمة حزب العمل السياسية والتاريخية والجماهيرية , كما أنها لا تتناسب مع مجموع ما قدمه الحزب من مرشحين، وكان الأخبار قد تحدثت عن تقديم الحزب حوالي 96 مرشحا، وأن التحالف كان سيقبل بعضهم فقط، وكان ترتيبهم في القوائم متأخرا.
لم تكن أسباب انسحاب حزب الأصالة السلفي من التحالف مختلفة كثيرا، حيث أرجع ممدوح اسماعيل نائب رئيس الحزب انسحابه إلى أن التحالف لم يحقق الحد الأدنى لمطالب الحزب، وأن عملية إعداد القوائم شابها انعدام الوضوح والشفافية، وأن بها انحيزات كبيرة، ولفت إسماعيل إلى أن الأصالة تلقى وعودًا بترشيح 100 عضو على قوائم التحالف، وهذا ما تراجع عنه أعضاء اللجنة التنسيقية لإعداد القوائم برئاسة الدكتور وحيد عبد المجيد.
كذلك انسحب حزب البناء والتنمية التابع للجماعة الإسلامية اعتراضًا على النسبة التي تم تخصيصها لمرشحي الجماعة، وترتيب أسمائهم في القوائم، وقال صفوت عبد الغني وكيل مؤسسي الحزب إن "الجماعة كانت تتكلم عن 150 مرشحًا في التحالف وصلت إلى 70 أو 80 فقط وقبلت الجماعة انطلاقًا من أن ذلك أفضل من أجل الاستمرار.. إلا أننا فوجئنا بالحديث عن 20 مرشحًا فقط إضافة إلى الترتيب الذي لا نرضى عنه".
اتهام جماعة الإخوان بمحاولة السيطرة على التحالف وفرض مرشحيها ووضعهم على رأس القوائم، أمر اتهمها به بعض القوى اليسارية والعلمانية، لكن عندما يأتي هذا الاتهام من الأحزاب الإسلامية صراحة أو ضمنا فهو يضع علامات استفهام كبيرة حول هذا الموضوع.
في الوقت الذي تتهم فيه كل القوى التي انسحبت مؤخرا من التحالف بمحاولة الإخوان السيطرة على القوائم، فإن الجماعة تؤكد أن هناك من يرغب في التواجد بأكبر من حجمه الطبيعي في الشارع وهو إحساس ينتاب البعض على غير الحقيقة، وأن مناخ الحريات الجديد سمح بتساوى صاحب الخبرة مع من يخوض العمل السياسى لأول مرة.
هذا ما أكده جمال حشمت القيادي بحزب العدالة والحرية في تصريحات خاصة، وأوضح حشمت أن الإخوان فى التحالف الأول مع حزب الوفد عام 1984 رشحوا ثلاثين شخصا ونجح منهم 8 أشخاص حتى نجح بعد أكثر من عشرين عاما للحصول على 88 مقعد وأسقطوا – يقصد النظام السابق - أربعين أخرين.
كما أوضح حشمت أن هناك معايير تم الاتفاق عليها أراد الكثيرين القفز عليها، مشددا على أن التحالف من أجل انتخابات نزيهة هو الأول من نوعه فى تاريخ مصر الحديث، وأن التجربة لو نجحت بنسبة 50% فإن هذا يعتبر إنجازا، مشيرا إلى أن الترتيب في قائمة الحزب الواحد يؤدى إلى تفرق ويسبب خلافات شديدة أكثر مما حدث فى التحالف، وما حدث في حزب الوفد نموذجا، مطالبا الجميع بالتحلي بالصبر والتحمل لإنجاح التجربة.
تصريحات الدكتور جمال حشمت لم تكن بخصوص الأحزاب الإسلامية فقط، بل كل الأحزاب التي انسحبت بسبب النسب في القائمة، ولكنها أزالت كثيرا من اللغط، وأوضحت بعض النقاط المهمة والضرورية أيضا التي تغافلتها الأحزاب التي انسحبت من التحالف، خصوصا وأن هذا التحالف هو الأول من نوعه بين هذا الكم الهائل من الأحزاب والقوى السياسية.
فحزب الحرية والعدالة الجناح السياسي للإخوان المسلمين وفقا لكلام جمال حشمت ينظر إلى الخبرة والشعبية كمعيار أساسي، فهو يعلم أن هناك معركة انتخابية شديدة على الأبواب وبالتالي توزيع القوائم والنسب في التحالف، يأتي بناء على تحديد الأقوى والأكفأ، ويعطي الفرصة الأكبر لصاحب الخبرة الأكثر في العمل السياسي حتى يستطيع أن يحقق بهم أكبر نسبة نجاح ممكنة.
إنه من الطبيعي أن تكون هناك خلافات على الترتيب في المقاعد، فإذا كان الترتيب في قائمة الحزب الواحد يسبب خلافات فإنها تكون ظاهرة بشكل أوضح في التحالف الذي يضم أحزابا شتى.
وبالرغم من انسحاب هذه الأحزاب الإسلامية، فإن حزب الإصلاح، تمسك بالبقاء في التحالف الديمقراطي، حيث يرى الحزب أن حزب "الحرية والعدالة" هو القوة السياسية الأكبر في الشارع المصري، وينبغي على كل حزب أن يعرف حجمه الحقيقي، لأنهم في طور "التلمذة السياسية" بخلاف حزب "الحرية والعدالة" الذي نزل المعترك السياسي منذ عقود طويلة ولدي لديه كوادر وخبرة تراكمية في العمل الحزبي والرؤية السياسية.
فما حدث إذن لا يعدو كونه اختلافا في الرؤى السياسية، لكن الأهم ألا يؤثر ذلك على التعاون بين الأحزاب الإسلامية والاحتفاظ بنقاط التوافق المشتركة قبل الانتخابات وأثنائها وبعدها، وصولا إلى تحقيق التنمية والتقدم وتحقيق الهدف المنشود.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: