مجدي داود - مصر
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 5361 Mdaoud_88@hotmail.com
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
تشكل حقوق المرأة مادة إعلامية قوية، يستغلها التجار والمرتزقة استغلالا رائعا، في تحقيق أهدافهم وملء بطونهم بالأموال الطائلة، والظهور القوي على الشاشات، وهؤلاء التجار هم مدعي الدفاع عن حقوق المرأة، من المنظمات النسوية والنشطاء "النسويين"، ومن يدور في فلكهم من العلمانيين والليبراليين، ومحبي الشهرة والأضواء.
ولأن التجارة لها مواسم تنشط فيها، ويزداد فيها نشاط التجار بشكل ملحوظ، فقد وجد هؤلاء التجار في فترة إعداد الدستور المصري الجديد، موسما مهما لترويج بضاعتهم، والتكسب منها، وبيع الناس الفسق والفجور، وما فسد من أفكار ومذاهب هدامة، باسم حقوق المرأة وإنسانيتها، وهم عن الإنسانية أبعد، وبحقوقها يأكلون.
منذ أن أرسل الله -عز وجل- نبيه محمد -صلى الله عليه وسلم- والمسلمون يتحاكمون إلى الشريعة الإسلامية، ورغم الانحراف التشريعي في القرنين الأخيرين في مصر وغيرها من البلاد التي تعرضت للاستعمار العسكري والفكري، إلا أن أحكام الشريعة الإسلامية، كانت هي المصدر الوحيد والحصري للتشريع فيما يخص الأحوال الشخصية وما يتعلق بالنساء عموما.
وكان الدستور المصري المعطل "دستور 1971" ينص في مادته 11 على أن "تكفل الدولة التوفيق بين واجبات المرأة نحو الأسرة وعملها في المجتمع، ومساواتها بالرجل في ميادين الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية، دون إخلال بأحكام الشريعة الإسلامية".
وعندما حاول النظام السابق إلغاء الاحتكام إلى الشريعة الإسلامية في الأحوال 2008 ، بسبب ضغوط الحركة النسوية، وفي محاولة لإظهار نفسه كنظام متفتح ديمقراطي وليحظي بدعم التيار الليبرالي، لم تخرج التعديلات التي أرادها للعلن، فبمجرد تسريب أخبار حول نواياهم، قام علماء ودعاة وكتاب إسلاميون بإعلان رفض أي محاولة للنيل من الشريعة أو إبعادها عن الأحوال الشخصية، وهو ما خشي النظام أن يمتد أثره ويحشد رأيًا عامًا قويًّا ضده، خصوصا أن شخصيات كبيرة في الأزهر والأوقاف قد شاركت في تلك الحملة.
اليوم يعاود تجار حقوق المرأة من المنظمات النسوية والمتسلقين وطالبي الأضواء والشهرة، دعوتهم القبيحة للفسق والفجور، ويرفضون ما استقر عليه العقل والعرف في المجتمع المصري منذ أكثر من ألف وأربعمائة عام، يريدون أن يبعدوا أحكام الشريعة الإسلام عن كل ما يتعلق بالمرأة وحقوقها وواجباتها.
وتنص المادة التي تواجه أكبر قدر من الاعتراض من قبل هؤلاء على ما يلي:
(تلتزم الدولة باتخاذ كافة التدابير التى ترسخ مساواة المرأة مع الرجل في مجالات الحياة السياسية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية وسائر المجالات الأخرى دون إخلال بأحكام الشريعة الإسلامية. وتوفر الدولة خدمات الأمومة والطفولة بالمجان، وتكفل للمرأة الرعاية الصحية والاجتماعية والاقتصادية وحق الإرث، والتوفيق بين واجباتها نحو الأسرة وعملها في المجتمع. وتولى الدولة حماية وعناية خاصة للمرأة المُعيلة والمطلقة والأرملة وغيرهن من النساء الأكثر احتياجاً).
لا يمكن فصل هذه المحاولات المستمرة لإقصاء الشريعة الإسلامية نهائيا، عن كل ما يتعلق بالمرأة، عن الخلفيات والقناعات الفكرية والسياسية والأهواء الشخصية، عن هؤلاء الداعين لذلك.
بعض هؤلاء لديه خصومة مع الدين، فهو يرى نفسه قادرا على التمييز بين الخير والشر، وبين الصواب والخطأ، هكذا لمجرد أن لديه عقل، دون ضوابط ولا قواعد علمية، رغم ادعائه بأنه شخص مستنير متعلم، ويطالب بالتخصص العلمي، ثم إذا تحدث في علوم الشرع، ضرب بكل القواعد الفقهية وما استقر عليه العلماء على مدار أربعة عشر قرنا من الزمان عرض الحائط، وهذا لن يهدأ له بال حتى يخرج الناس من دينهم، ويصيروا مثله.
وبعضهم لم تكن لديه خصومة مع الدين بالأساس، لكنهم فشلوا في أن يجدوا لهم مكانة محترمة في المجتمع، لأمور يعرفونها جيدا، وهؤلاء وجدوا أن أفضل وأسهل طريقة للشهرة هي أن يسيروا عكس الاتجاه، وأن يجاهروا برفض الأعراف والتقاليد المتفق عليها، وأن يرفضوا الأحكام والمبادئ الدينية الثابتة، فيثور الناس ويستنكروا حديثهم، ويتناقلونه فيما بينهم، ثم تتلقفه الفضائيات والصحف ويصير بطلا يواجه قوى الظلام والرجعية.
وهناك فريق منهم عبيد شهواتهم ونزواتهم، وهؤلاء يريدون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا، حتى يكون الطريق إلى ما يريدونه سهلا ميسرا، وقبل عدة سنوات، قام أحد الصحفيين بتأليف كتاب عن المثقفين الداعين لحقوق المرأة، أكد فيه أنهم قوم لا أخلاق لديهم ولا قيم ولا مبادئ، إرواء شهواتهم لديهم هو ما يشغل تفكيرهم ليل نهار وأن ما يطالبون به من تحرير المرأة وما إلى ذلك، ليس إلا لتحقيق هذه الغاية الدنيئة، وقد تحدث هذا الصحفي عن كتابه في لقاء مع برنامج "صباح دريم" مع الإعلامية دينا عبد الرحمن، مشددا على أنه صدم في هؤلاء صدمة كبيرة.
أما الفريق الرابع، وهم مبعوثو مراكز الأبحاث الغربية، مثل مركز كارنيجي وغيره، ومن على شاكلتهم ممن بهر بالعالم الغربي وصار عبدا لكل أفكاره ومذاهبه، وهؤلاء يمثلون وجها جديدا من أوجه العلمانية والليبرالية القبيحة، جاؤوا ليمسكوا بزمام الأمور بعد سقوط نظام مبارك، وصنع الإعلام حولهم هالة من التقديس والمكانة الكبيرة، وهؤلاء لن يتورعوا عن المطالبة بكل ما يعرض هوية هذه الدولة للخطر، ويؤدي إلى تفكك أوصالها وتهتك أنسجتها، وسيسعون بكل ما أوتوا من قوة، لفرض مطالبهم أو قلب الطاولة على الجميع، كما فعل صاحبهم وطلب من الغرب الضغط على الدولة بسلاح الاقتصاد، للخضوع لمطالبه وتحقيق أهدافه، ثم هاجم منتقديه بعد ذلك بكل بجاحة.
الدوافع الحقيقية للمتاجرين بـ"حقوق المرأة"
وهؤلاء يشنون الآن هجوما شديدا على كل من يقف ضدهم، فهذه المعركة مصيرية بالنسبة لهم، فالفريق الأول يحارب كي يبعد كل ما يخص الدين عن الدستور، ويخشى إن خرج الدستور بشكل يتوافق مع الشريعة الإسلامية، ومع رؤية الإسلاميين، أن يزداد الفكر الإسلامي انتشارا، وتفتح المجالات والساحات لأبناء التيار الإسلامي والدعاة، وبذلك يموت كمدا ونكدا وحسرة وندامة، ولكي يمنع ذلك، لابد أن يكون هناك لافتة يرفعها وشعار ينادي به، وأفضل هذه الشعارات واللافتات هو ما يسمونها "حقوق المرأة"، فيعمل على إثارة الرعب لدى الناس من الإسلاميين، ويبعدهم عنهم.
أما الفريق الثاني فهو يرى أن هذا "الموسم" هو أفضل المواسم على الإطلاق لكي يتكسب ويملأ بطنه بأموال حرام، لأن الناس مهتمة بالدستور وتتساءل عنه، وتتابع الإعلام لتعرف منه أحوال البلاد في تلك المرحلة الحرجة، وفي ظل هذا الوقت، يكون المقابل المادي في الفضائيات والصحف كبيرًا، خصوصا أنهم يتنقلون من فضائية لأخرى على مدار الساعة، وكذلك الندوات التي تنظمها المنظمات النسوية المشبوهة وكلها مشبوهة، والفريق الثالث فهو يحب أن تشيع الفاحشة، يدافع عنها دوما ويدعو لها، ويهاجم من يحاربها ويقاومها.
الفريق الرابع خسر الانتخابات البرلمانية، ولم يحصل على النسبة التي كان يتمناها ولا التي كان يتوقعها من خلال مراكز الأبحاث والمنظمات التي أرسلته وتدعمه، بمعني أنه خسارة دفة القيادة السياسية، وإذا خسر دفة التوجيه الفكري، فسيكون قد انتهى دوره تماما، ولا قيمة له عند من يغدقون عليه ولأجله الأموال الطائلة، وهؤلاء إن خسروا أعمالهم بهذه المراكز والمنظمات التي يدينون لها ولمن وراءها بالولاء والطاعة، فسوف يظهرون على حقيقتهم، ويظهر فشلهم وضحالة تفكيرهم، وهو ما يعني خسارتهم كل شئ.
هذا عرض سريع لحقيقة المتاجرين بحقوق المرأة، مما يوجب علينا أن نكون أشد إصرارا على الحق، دفاعا عنه، استنكارا للباطل، وتبيانا له؛ حتى يعرف الناس الحقيقة، ويدركون خطورة الأمر، وإن هذه المعركة مجالها الأساسي هو الإعلام، المقروء منه والمسموع، الفضائيات والصحف ومواقع الانترنت، وخطب الجمعة ودروس المساجد والمدارس، والمجالس ووسائل المواصلات، فهل نثبت أمام الهجوم القذر من هؤلاء التجار، أم نتراجع؟!
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: