مجدي داود - مصر
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 5557 Mdaoud_88@hotmail.com
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
منذ أن انخرط التيار الإسلامي بكافة فصائله في العمل السياسي منذ اندلاع الثورة المصرية في يناير 2011، وهو يعاني من نقاط ضعف كثيرة، ويقابل عقبات ومشاكل كثيرة، يشعر بذلك كافة المراقبين والمتابعين، بل وحتى عامة الناس من الذين باتوا يهتمون بشكل كبير بالحراك السياسي الدائر في المجتمع المصري.
أجرى موقع "مفكرة الإسلام" استطلاعا للرأي على صفحته الرئيسية، حول نقطة الضعف الأخطر لدى الإسلاميين، بلغ عدد المصوتين نحو 1560 شخصا، وكانت النتيجة كالتالي (الإعلام 42.55% ، البرامج السياسية 3.79% ، عدم التنسيق بين فصائلهم 43.97% ، التمويل 3.15% ، عدم بريق النموذج حتى الآن 6.55% ).
حول هذه النتيجة، توجهنا إلى عدد من قادة العمل الإسلامي، وسألناهم عن رأيهم في نقاط الضعف الخطيرة لدى التيار الإسلامي، وعن مدى اتفاقهم مع هذه النتيجة ومدى تعبيرها عن الواقع، وأهمية آراء القراء بالنسبة لهم.
مشكلة القيادة والتفكير
أكد محمد نور المتحدث الرسمي باسم حزب النور السلفي في تصريحات خاصة لـ"مفكرة الإسلام"، أن التيار الإسلامي يعاني من غياب القيادة ذات الخبرة، فقيادات التيار الإسلامي خرجت من تضييق وقهر، لم تتمكن من الإدارة والقيادة لفترات طويلة، وغياب هذه القيادة ذات خبرة تمثل مشكلة كبيرة جدا، وكذلك غياب المعايير والخطط الواضحة المبنية على أرقام، وغموض الأهداف وعدم وضوحها.
وقال "أنا أعتقد أن مشكلتنا الكبرى تتعلق بغياب القيادات التي تتمتع بالكفاءة والإخلاص، والرؤية العميقة، والأهم من هذا هو غياب المشروع الحقيقي، فنحن نتكلم عن مشاريع يغلب عليها السطحية، فمثلا الإخوان المسلمين تحدثوا قبل الانتخابات عن مشروع النهضة، وأشعروا الناس أو أوهموهم أن مشروع النهضة سيحل مشاكلهم وأنهم قادرون على تنفيذه، والآن هناك تنصل حقيقي من هذا المشروع وغياب للحديث عنه، والكلام أن هذا المشروع لن يكون إلا بالتفاف شعبي و..إلخ، وهذا تنصل من المسئولية".
وأضاف "كما تكلم التيار السلفي عن تطبيق الشريعة، ثم نجد غياب حقيقي عن العمق والرؤية المتعلقة بكيفية هذا التطبيق، وما ندع وما نذر من أمور متعلقة ببناء الدولة، وكذلك غياب تأصيل شرعي حقيقي، حول مفهوم الدولة الحديثة وآليات إدارتها والموقف الشرعي منها، بشكل حقيقي ومدروس".
وأكد نور أنه لهذه الأسباب نجد الكثير من الناس، يتهمون الإسلاميين بأنهم يتحدثون عن الشريعة كثيرا، ولكن عند التطبيق غاب هذا المفهوم، ولهذا خرجت الكثير من الأصوات تقول بأنهم لن يستطيعوا أن يطبقوا الشريعة وعليهم أن يتركوا العمل بالسياسة.
واتفق معه في الرأي الكاتب الصحفي والقيادي البارز بحزب الإصلاح والنهضة، عصام زيدان، حيث قال في تصريحات خاصة لـ"مفكرة الإسلام": "هناك عدة نقاط تمثل حلقات ضعف متراكبة لدى الإسلاميين, يأتي في مقدمتها معوقات الانتقال بطريقة الأداء والتفكير والممارسة من مرحلة رجال الحركات والجماعات والتنظيمات إلى رجال الدولة الذي يفكر باتساع أفق وينظر إلى مرحلة ابعد من مصلحة التنظيم الذي ينتمي إليه".
وأوضح أن من أبرز تلك المعوقات "قلة الخبرة بالعمل داخل دولاب الدولة, ومنها الإفراط في الولاء للتنظيم على حساب الانتماء الأكبر للوطن، ثم تأتي الحلقة الأخرى ممثلة في الضعف الإعلامي, فإعلام الإسلاميين ما زال في مرحلة بدائية جدا إذا ما قورن بالإعلام المضاد الذي يشن حملات منظمة ودقيقة هادفة لشيطنة الإسلاميين وخندقتهم".
وأشار إلى أن "الإعلام الوعظي الخطابي ما زال هو السمت الغالب في هذا الإعلام, وهو على الرغم من أهميته, لا يصمد أمام موجات الإعلام المضاد التي تستخدم كافة وسائل الإعلام المتاحة للوصول إلى المشاهد والتأثير في العقل الجمعي للمجتمع".
ويرى زيدان أن "نقطة الضعف الأبرز هي في طريقة التفكير الآبائي, كما ذكره القرآن, نسبة إلى الآباء, فلكل حقبة ظروفها التي تفرض نمطا من التفكير والإبداع قد لا تناسب مرحلة سابقة, وقد لا تصلح لمرحلة لاحقة، وإذا ما نصلح الفكر والتفكير ذابت نقاط الضعف التي يعاني منها الإسلاميون".
الجماهير ترصد الظاهرة لا الأسباب
رأى محمد نور أن هذا الاستطلاع غير معبر عن الواقع، مبررا ذلك بأنه مفتوح للجماهير، والجماهير دائما تتأثر بالضغط الواقع عليها، سواء ضغط الأثر الإعلامي، أو الوضع الحركي أو المسائل المتحققة على الأرض، كما أنها تتميز بقلة الخبرة والعمق في النظرة، فالجماهير دائما قادرة على رصد الظواهر، لكنها تقابل عقبات كبرى عندما تأتي إلى مسألة رصد العمق أو التحليل.
وأشار إلى أن الاستطلاع أغفل عوامل كثيرة قد تكون هي الأهم، مثل غياب القيادات السياسية ذات الخبرة.
وقال "دائما ما نعلق مشاكلنا على الإعلام، ولكن نتناسى أننا قصرنا في التعامل معه أو فهم طبيعته، أو محاولة امتلاك الآليات المناسبة للسيطرة عليه، فمن السهل دائما أن نلقي المشاكل على الآخرين أو على الظروف الخارجية، وهذا ما شاب الاستطلاع حيث أن معظم الأسباب الموجودة، تبدو وكأنها خارجة عن إرادة التيار الإسلامي، وتجاهلنا الأسباب الداخلية".
نتيجة معبرة
أما عصام زيدان فقد رأى أن هذه النتيجة التي خرج بها استطلاع الرأي "تعبر عن رغبة عارمة في الشارع العربي لإيجاد تنسيق فاعل بين الفصائل الإسلامية, لاسيما في الحقل السياسي, الذي يشهد تكتلات بين أحزاب مختلفة في الفكر والتوجه ولا يجمعها إلا محاولة التصدي للأحزاب الإسلامية التي أظهرت تفوقا واضحا في الانتخابات السابقة، فحتى اللحظة الشارع مضطرب من كثرة الأحزاب الإسلامية وتنافسها, فهو يراها بمنظور اكبر من نظرتها لنفسها, فهو يراها كلها معبرة عن المشروع الإسلامي, وهي ما زالت تتراوح بين جدران التنظيمات الضيقة والتنافسية غير المجدية".
وأضاف "ثم يأتي الإعلام في المرتبة الثانية, من حيث نقاط الضعف التي يرها الشارع العربي في الإسلاميين, وهو كما أسلفنا القول, سلاح شديد الخطورة ما زال يملك مفاتيحه غير الإسلاميين, الذين لا يقدر بعضهم هذا السلاح قدره.
واتفق معه في الرأي الباحث الشرعي والداعية الإسلامي الدكتور محمد علي يوسف، حيث قال في تصريحات خاصة لـ"مفكرة الإسلام": "النتيجة من حيث المفردات و تنوع الأسباب مقبولة لدى و إن كان هناك أسباب أخرى أما النسب فلا أتفق معها بالكامل لا بأس عندي بنسبة الإعلام لكنني أرى نقصا شديدا في نسبة البرامج و اعتقد أن نقص الحلول التفصيلية يعد نقطة ضعف مهمة تتجاوز نسبتها النسبة المذكورة"
وأضاف "أعتقد أن هناك جوانب في الاستبيان غائبة بشكل واضح عن قيادة العمل الإسلامي خصوصا الإعلام"، وتابع "هناك نقاط ضعف أخرى أرى من أهمها مركزية الإدارة في بعض التيارات وعدم تفعيل دور الشباب بشكل كاف وغياب المبادرة واستباق الفعل والاكتفاء برد الفعل وموقف الدفاع".
آراء القراء مهمة
وعن أهمية استطلاعات الرأي هذه لدى قادة العمل الإسلامي، قال المتحدث باسم حزب النور ثاني أهم الأحزاب السياسية الإسلامية "لا شك أن قياس اتجاهات الرأي العام لها درجة من الأهمية، وإن كنا لم نصل إلى قياس هذا الرأي بشكل احترافي، فما زال الأمر متعلق بعمل أقرب إلى عمل الهواة، أو الإحساس المباشر بالشارع، لكن لا يوجد لدينا حتى الآن آلية منظمة لقياس توجهات الرأي العام والاستفادة منها".
ومن جانبه شدد القيادي في حزب الإصلاح والنهضة مرة أخرى على أن النتيجة, كما جاءت في الاستبيان المشار إليه, إلى حد كبير معبرة تعبيرا قريبا من واقع الحركات والأحزاب الإسلامية, لاسيما في الدول الثورية, وليست ببعيدة عن رؤية قادة العمل الإسلامي, وتنم عن فهم جيد من قبل الشارع لواقع هذه الحركات وما تمر به من أزمات في هذا الوقت.
وقال "وأتصور أن مثل هذه الاستبيانات, متى توافرت فيها الشروط العلمية, وكذا الأبحاث والدراسات التي تعالج واقع الحركات الإسلامية, خاصة في دول الربيع العربي, لابد وان تؤخذ بجدية من قبل قادة الحركات الإسلامية والأحزاب التي نرى ضرورة ملحة في أن تنتقل من مرحلة التفكير التنظيمي العشوائي إلى رحابة التفكير المخطط المنبثق من دراسات علمية محكمة".
خاتمة
ينبغي على التيار الإسلامي بصفة عامة أن يبذل جهودا كبيرة في دراسة واستكشاف نقاط الضعف التي تواجهه ومدى خطورتها وكيفية علاجها، كما أن على كل فصيل أو حزب على حدة، أن يدرس ما يخصه من هذه النقاط، ويستعين بالخبراء والمتخصصين، حتى يستطيع أن يواصل مسيرته ويؤدي الأمانة التي اختاره الشعب لحملها، وإلا فإنه سيخسر الكثير من شعبيته في الشارع، وهو ما لن يكون له أي قيمة بدونها.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: