الأغلبية التونسية تطالب بحقها المشروع في ممارسة الحريات و المحافظة على مقومي هويتها:العروبة و الإسلام
د. الضاوى خوالدية - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 6919 dr_khoualdia@yahoo.fr
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
قد يستغرب القراء طرح قضية الأغلبية التونسية الشاكية من هضم حقوقها و الحقيقة أن الأغلبية في تونس كانت و مازالت مهدورة الحقوق الدنيا ، و إن كان الميز بين الطبقات و بين الجهات و بين المدن وبين الأفراد بيَنا في تونس أيام المحتلين الحسينيين و الفرنسيين فإن المسألة قد اتخذت شكلا جديدا أيام بورقيبة و خلفه فدولة بورقيبة قامت أساسا على أقلية قليلة احتكرت الرئاسة و الوزارة و الإدارة و المؤسسات و عقارات المعمرين و ثروات البلاد... و سنت قوانين تُحكم قبضة الأقلية على الأغلبية ووضعت خططا تربوية و أمنية و ثقافية و إعلامية لتدمير هوية الشعب التونسي العربية الإسلامية هادفة من ذلك جعله شعبا منبتا مشوَها ضائعا وصمدت الأغلبية أمام شراسة النظام وعسفه و استهانته بثقافة البلاد و دينها الأصيلين لكن أسلحة النظام المذكورة استطاعت أن تسلخ نسبة من شباب دولة بورقيبة و خلفه و نسبة أقل من كهولها عن هويتهم فظهر في تونس منذ السبعينيات من القرن الماضي ما ظهر فيها في العشريتين الأوليين من القرن العشرين خاصة وهو ظاهرة التعلق بثقافة فرنسا في المرتبة الأولى أوروبا في المرتبة الثانية تعلقا مرضيا يفوق تعلق الفرنسيين بثقافتهم ووطنهم تمثل لدى البعض في اللغة و الأدب و الحضارة و التاريخ و اللائكية... و لدى البعض الآخر، وهم كثر، في اللباس والطعام و السكن و القيم والإلحاد و السياسة و الرطانة بلغة مفبركة من لهجتين عاميتين تونسية و فرنسية وتفويق حب فرنسا على غيره. هذه الأجيال المفرنسة أفرزت في مطلع الثلاثينيات جماعة افتكت بالقوة و الحيل مقاليد الحركة الوطنية من أيدي التونسيين المتجذرين في حضارتهم العربية الإسلامية و المنفتحين على حضارات العالم محتكرة النشاط السياسي حتى عام 1955 عام إبعاد بقية التونسيين الاقحاح من الحركة التحريرية و تصفيتهم بالمشانق و الرصاص و المنافي والتنازلات المعروفة لفرنسا، و دعم تسليم فرنسا تونس لعاشقيها فحكم بورقيبة و صحبه البلاد، كما ألممنا، دولة على قياس الأقلية و استمرت سياسة تجفيف الينابيع فكان الإلحاد عن الدين: الإفطار في رمضان (خطاب بورقيبة في 5-28/2/1960 ) إبطال الحج و الأضحية ( خطاب بورقيبة في 19/4/1964 )، تناقض القرآن و خرافة أهل الكهف و عصا موسى( جريدة الصباح 20-21/مارس 1974 و الشهاب اللبنانية 1 مارس 1974 ) و منع الكتب الدينية من دخول البلاد و منع الحجاب واللحى و فتح المساجد في غير أوقات الصلاة ( و منع حتى من كانت في حالة مخاض من دخول المستشفى ...)
و كانت الاستهانة بدروس التربية الإسلامية و التفكير الإسلامي من حيث الوقت المخصص و المدرس الكفء، و بهذا كان جيل السبعينيات في شطرٍ منه خير خلف لجيل الثلاثينيات متجاوزا أباه بنشر مئات الأحزاب الغربية الموردة إلى البلاد كاليمين و اليسار و الماركسي ( الشيوعي، العامل التونسي، الوطد...) و القومي و الأخضر و الاشتراكي و الحرَ... "ضربها" النظامان مرة و استعانا بها مرات في ضرب التأصيليين ضرب تلفٍ لكن عندما سقط رأس النظام بن علي تحت جحافل ثورة شباب تونس الأعماق الأقحاح أصاب الرعب القاتل كل مؤمن بان وجوده في تونس ليس غير عقد تعاون فنى يجني به منها ما يجعله في حالة رفاه و بذخ و عوض الدفاع السلمي عن هذه المصالح هبوا مهاجمين الأغلبية الأصيلة مهاجمة عنيفة استهدفت كل حقوقها المشروعة المنصوص عليها في المواثيق الدولية: المادة 18 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمادة 2 و 9 من ميثاق رابطة حقوق الإنسان التونسية...، و هذه بعض مراكز اهتمام هذه الهجومات :
* تشكيك التونسيين في هويتهم العربية الإسلامية التي عاشوا عليها 14 قرنا طارحين بدلها : المتوسطية والأمازيغية والبربرية ( و ربما الرومانية كما دعا منظرو الفكر البورقيبي)
* احتقار مقدسات الشعب التونسي بدءا بالخالق عز و جل في فلمين عُرض أحدهما ( لا ربي ولا سيدي) في قاعة سينمائية و بث الآخر(بلاد فارس، PERSOPOLIS) في فضائية خاصة معروفة بحداثويتها الجارحة خليط لهجتين و مضامين برامج و مشاهد سينمائية... وتثنية بالتشكيك في النبوة و الوحي والقرآن ( تاريخية الدعوة المحمدية في مكة للدكتور هشام جعيد، ج2 -2007 و سبقه ج1 : الوحي و القرآن و النبوة 1999 ) و تثليثا بالقدح في سيرة الصحابة ( عائشة و عمر ...) والتشكيك في بعض أحكام الشريعة ( د.محمد الطالبي و مؤيدوه ) و تربيعا بإنشاد النشيد الوطني الرسمي التونسي بلحن وصوت فرنسيين على شاكلة :la marseillaise . إن محاربة هوية التونسيين المستمرة لدليل على خوف الفئة المتغربة المتفرنسة اللائكية الفرنكفونية من استرجاع، بفضل الثورة المباركة، الأغلبية الساحقة حقها المشروع في الحكم و قدرتها على الإبداع السياسي و الاقتصادي والثقافي و الديمقراطي أما النواحون الأقزام على لائكية بورقيبة ( و إيمانه رغم ذلك بأنه منة الاهية أو رسول) وخرفه السياسي و أزمات عهده الاقتصادية و السياسية... و "عضرطة" بن علي و اعتباره وأصهاره أن تونس ملكية خاصة أو لقطة وهبتها الأقدار لهم ...
فعليهم وان "يخرجوا" كما قالوا في شعرهم المساوي بدقة لمستواهم التعليمي و الأخلاقي.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: