د.الضاوي خوالدية - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 4362 Dr_khoualdia@yahoo.fr
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
أنا أمقت المستعمر على جرائمه في حق الشعوب لكني شديد الإعجاب بذكائه و مخططاته الإستراتيجية " ووطنيته" إذ ما اغتصب بلد شعب بائس (و أحيانا قبل أن يغتصب) حتى يشرع في تأسيس طبقة متعاملة معه اقتصاديا موالية له مولعة بثقافته كافرة بهويتها الأم، وظيفتها دعم حضور المحتل و الدعاية له و تبرير سلوكه و الوشاية "بالأهالي" / أبناء الوطن الأقحاح و مراقبتهم و قهرهم عند التمرد ، هذه الطبقة التي يدخل المستعمر عبرها و يتعاون معها و يوظفها و يمكنها من بعض ما يسلبه من "الأهالي" هي التي تتسلم سلطة "بلادها " يوم يصبح بقاء سيدها المستعمر غير ممكن نتيجة لمقاومة داخلية أو تحولات سياسية عالمية فتعيث في البلاد و العباد فسادا غير مسبوق قد يصعب على المستعمر ولي نعمتها فعله
و لعل طبقة الحكم في تونس أنصع مثال في الفساد لزميلاتها العربيات التي كان حكمها للدول العربية السفيهة العظروطة تدميرا ممنهجا.و لا تكتفي طبقة الحكم التونسية ( و العربية ) بالسرقة و النهب و المحسوبية و التهريب و الاتجار في البشر و الدعارة و الجلد ...و إنما تتعداه إلى تسميم " بلادها" بمواد ملوثة مبيدة للنبات و الإنسان و مياه البحار و الحيوان ... و المؤكد أن طبقة الحكم في تونس تميزت عن غيرها العربيات باعتبارها تدمير البيئة بالملوثات مساعدة سخية للمستثمرين أبناء الطبقة و الأجانب و تنمية اقتصادية ناجحة ، على علمها الثابت أن سياستها البيئية سياسة إبادة متعمدة ، لأنه لا يوجد في العالم نظام سياسي يجعل من بحر بلاده و أنهارها و وديانها و شواطئها و صحاريها و بحيراتها مصبات لمياه الصرف الصحي و نفايات المعامل السائلة و الصلبة المشبعة بالمواد الكيمياوية السامة القاتلة .إن كانت حقيقة هذه السياسة البيئية التدميرية غير مستوعبة من قبل جل التونسيين فان مجلس الآمن و الجمعية العامة للأمم المتحدة و المنظمات العالمية الإنسانية و الرأي العام العالمي مطالبة بل مجبورة على التدخل لإنقاذ ما بقي من هذه البلاد و هو قليل خاصة بعد الثورة الفاشلة التي جعلت الطبقة الحاكمة تسرع في النهب و التدمير.
و ليس المرض الثالث /العنصرية مقطوع الصلة بالمرضين السابقين إذ العنصرية ( العرقية ، المصلحية ، الجهوية ) إحدى تجليات فساد الحكم السياسي ( العسف و الطغيان) و الاقتصادي ( التمييز بين الجهات في كل شئ) و العنصرية في تونس زادتها اشتعالا طبقة الحكم الفاسد لحماية نفسها من رياح الثورات المجهضة و كان نجاحها باهرا إذ كل من حلم من " الأهالي " / أصيلي البلاد بالمشاركة في الحكم جعلته وسائل إعلامها الجبارة المأجورة معتوها و مريضا نفسيا و جلفا و راعيا و متخلفا و إرهابيا! و ليست هذه العنصرية المتخلفة نتاجا لنظام الحكم السفيه المعاصر و دولته العظروطة و إنما هي ذات جذور في تاريخ بلادنا فالمؤكد أن كل من ينبغ من داخل تونس ( أعماق تونس) في العلم بجامع الزيتونة (و جوامع ساحلية أخرى) يلقب بآفاقي و يضيق عليه بل يطرد من مدينة "البلدية" و وظيفته و يهان و الجميع يتذكر ما تعرض إليه كبار علماء تونس و مفكريها و مصلحيها أصيلي المناطق الداخلية ك: ابن العرفة الورغمي و ابن حسين الكافي و الأخضر بن حسين النفطي و الطاهر الحداد الحامي و الشابي التوزري و محمد على الحامي... و القائمة تطول عبر الزمن.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: