يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
تألمت كثيراً حين قراءتي أمس لخبر إلقاء القبض على طالب جامعي -عمره 21 عاماً- وزميلته- والتي عمرها 20 عاماً- في وضع الزوجية بمسكن الطالب بعد إبلاغ جاره -عمره 51 عاماً- عنهما، وحزني كان مرده إلى وصم شاب مسلم وفتاة مسلمة بهذه الجريمة التي رُفع فيها ستر الله من عليهما فكانت الفضيحة لكلا الطرفين وأهلهما.
بعيداً عن تبرير جريمة الزنا التي وقع فيها الشاب والفتاة دعونا نفكر بمنطق الاحتياج الجسدي لا بنظرتنا نحن لهذا الاحتياج بعد أن ذقنا عسيلته وهدأت عاصفته وأصبح سبيله ميسوراً، ولكن بنظرتنا لهذا الاحتياج عندما كنا في سن هذا الشاب وتلك الفتاة وعليه نقيس الاحتياج الفعلي الراهن لهذا الجيل من الشباب.
إنها رغبة حقيقية ملحة بحاجة إلى الإشباع؛ والإسلام تكفل لنا بالإشباع التام لتلك الرغبة عبر قناته الشرعية المتمثلة في الزواج، والشارع الكريم وضع الضوابط الشرعية التي بها تتيسر منافذ الزواج، وكذلك الأحكام والحدود الشرعية التي تتعسر بها تماماً أبواب الزنا.
لكن! ما هو واقع المجتمع الآن مع تلك الرغبات الملحة؟ وهل ساهم هذا الواقع في جريمة هذا الشاب وتلك الفتاة؟
إن القاعدة الرئيسية والغالبة في المجتمع الآن هي تعسير الزواج وتيسير الزنا، والغالبية مشتركة في ذلك لا محالة إلا من رحم ربي.
فالعري في الشوارع والناتج عن دياثة الآباء والأزواج يدعو إلى الزنا، والمشاهد والأحداث الفاضحة في التليفزيون والسينما والمتهاون فيها تحت بند الإبداع المزيف يدعوان إلى الزنا، ومحتويات الإنترنت المتساهل في رقابتها من قبل المسئولين والآباء تدعو إلى الزنا، والاختلاط غير المبرر تماماً تحت بند التنوير والاقتداء بالغرب في المدارس والجامعات يدعو إلى الزنا رغم أن هذا الغرب المقتدى به بدأ يراجع نفسه في مسألة الاختلاط ويحمله مسئولية تفشي الزنا بين الطلاب، ومجهودات ناشطات المنظمات النسوية المتبنية لأجندات مشبوهة ومدفوعة بالتمويل الأجنبي لرفع سن الزواج وتضييق الخناق عليه تدعو بلا شك إلى الزنا، وتغييب العقوبات الشرعية الرادعة للمجتمع يدعو بدوره إلى الزنا، وإهمال الحكومة لخيرات البلاد من نيل وصحراء خصبة وعدم تبنيها لاستراتيجية عامة لتزويج الشباب يدعوان بدورهما إلى الزنا، وغياب دور الأغنياء في تزويج غير المقتدرين يدعو إلى الزنا، والتعنت الأحمق الناتج عن الكبر أو البخل أو الفهم الخاطئ لفقه الرزق من قبل الآباء في زيجات الأبناء بنين وبنات يدعو إلى الزنا، وانتشار المال الحرام بين الآباء وإطعام الأبناء منه بدوره يدعو إلى الزنا،
أبعد كل هذه الدعوات للزنا نقول للسمن بعد وضعه على النار لا تسيح؟!.
لو يعلم أي شاب وفتاة أن الطريق إلى الزواج ميسور وأن الفترة الزمنية بين إلحاح الاحتياج والإشباع الشرعي له وجيزة لهدأت النفوس واستقرت، لكن القلق وانحراف الضعفاء ناتج عن غياب الأمل القريب في رؤية يوم الارتواء.
رحم الله الأجداد كان العرف عندهم ينكر على من يؤخر زواج ابنه وليس ابنته لبعد البلوغ ببضع سنوات، ولا مجال لحجة التعليم الذي قدم الفقهاء الزواج عليه.
ليس هناك لمن يسير على الأشواك من الشباب إلا الالتجاء إلى الله سبحانه وتعالى لطلب العون في المنفذ الشرعي وهو الزواج؛ أما عن كلفة الزواج فليعلم يقينا أنه حق على الله عونه بنص حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليدعوا ربه بدعاء سيدنا موسى " فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ" تيمناً بما حدث بعد ذلك، وعن أخلاق الزوجة فأينما تكون أنت ستكون زوجتك بإذن الله ففتش في نفسك قبل أن تفتش عن الزوجة، وعن المعيشة بعد الزواج فلا تسأل عنها لأن الله سبحانه وتعالى يعدنا بالغني مع الزواج بقوله "وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ "، وكبار السن يؤكدون بالتجربة أنه كلما تقدم العمر وزاد عدد الأسرة اتسعت المعيشة وتحقق الغنى، نسأل الله أن تيسر أبواب الزواج وتعسر أبواب الزنا.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: